IMLebanon

مظاهرات في 200 مدينة أمريكية لرفع الأجور إلى 15 دولارا في الساعة

AmericanStrike2
جاري سيلفرمان

مع خطط لإضرابات على مستوى الولايات المتحدة، أصبحت وسائل الإعلام الاجتماعية هي ساحة الحرب الجديدة في المعركة القائمة بين الاتحادات وأرباب العمل، حول رفع الأجور لملايين العمال من ذوي الدخل المنخفض.

لقد دخل الصراع الطبقي إلى هذه المعركة: منظمة الضغط الرائدة في الولايات المتحدة التي تعمل لصالح الشركات، تستعد الآن لتصعيد تدقيقها على التغريدات والصور الذاتية التي يلتقطها الأشخاص لأنفسهم، التي تقدم من قبل العاملين في قطاع الوجبات السريعة في جميع أنحاء أمريكا.

زخم المراقبة يأتي من الاحتجاجات المقررة اليوم في أكثر من 200 مدينة من قبل نشطاء يسعون للحصول على زيادة في الأجور تصل إلى 15 دولارا في الساعة للعاملين من ذوي الدخل المنخفض في مطاعم ماكدونالدز وغيره.

وبتمويل من الاتحاد الدولي لموظفي الخدمات، وهي مجموعة تعرف باسم “النضال من أجل الحصول على أجر 15 دولارا”، التي تعد “أكبر حشد من العمال من ذوي الأجور المتدنية في تاريخ الولايات المتحدة”– يجري استكمال الإضرابات ليوم واحد و”محاكاة الموت”- بتهويل محنة الأمريكيين الذين يكافحون من أجل تغطية نفقاتهم حول الحد الأدنى للأجور المقرر من الحكومة الفيدرالية الاتحادية، والبالغ 7.25 دولار في الساعة.

غرفة التجارة الأمريكية ستراقب وسائل الإعلام الاجتماعية حتى تتمكن من الرد على أي صور أو حسابات على شبكة الإنترنت لهذا الإجراء، الذي تعتقد بأنه أمر مبالغ فيه. وما يثير القلق بشكل خاص، كما يقول جلين سبنسر، نائب رئيس مبادرة حرية القوى العاملة في الغرفة، هو احتمال أن النشطاء النقابيين سيتحركون بسرعة من مناسبة إلى مناسبة، ما يخلق انطباعا بوجود انتفاضة شعبية جماعية بالنسبة للمراقبين العاديين الذين يتتبعون الإجراء على شبكة الإنترنت.

وكما يقول سبنسر: “نحن نولي اهتماما للتغريدات والصور التي يضعها الجانب الآخر”. وأضاف: “عليك أن تكون أكثر انتباها إلى ما يجري على الإنترنت. إذا كانوا يدعون أنهم حشدوا 200 مدينة لذلك، فإننا نبدأ في النظر من خلال تعليقاتهم على تويتر، ونجد أن العدد هو أقرب إلى 60 مدينة. هناك بعض الأشخاص يمكن أن يدركوا بمنتهى الوضوح أنهم 10 رجال بعصا سيلفي”.

مهما كان الواقع خارج الإنترنت، فإن المعركة الإلكترونية لكسب التأييد من الشعب الأمريكي تشير إلى واحد من التطورات الأكثر إثارة للدهشة في تاريخ العمل الأمريكي الحديث.

بعد عقود من التدهور المتواصل الذي لا يكل ولا يمل، بدأ الضغط من قبل النقابات لرفع الحد الأدنى للأجور يكتسب زخما. واستخدامهم لوسائل الإعلام الاجتماعية لحشد قواتهم وكسب الرأي العام يؤتي ثماره.

المعركة لرفع الأجر إلى 15 دولارا للساعة يعتبر جهدا تعود جذوره إلى تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 2012، عندما نظم 200 عامل للوجبات السريعة في نيويورك – بمساعدة، ولكن ليس بتمثيل، من مليوني عضو في الاتحاد الدولي لموظفي الخدمات – إضرابات ليوم واحد لدعم زيادة الأجور.

في الوقت نفسه، كان متجر التجزئة وول مارت غير النقابي قد تم استهدافه من قبل جهد مماثل، بدعم من جماعة “أور وول مارت”، المؤلفة من 1.3 مليون عضو في اتحاد عمال الطعام والتجارة.

جاء المردود الكبير للنشطاء في شباط (فبراير) الماضي، عندما قالت سلسلة متاجر وول مارت إنها ستنفق مبلغ مليار دولار، من أجل رفع الحد الأدنى للأجور لديها إلى تسعة دولارات هذا العام، ما يؤدي إلى استفادة نحو نصف مليون شخص من العاملين لديها. وقالت سلسلة مطاعم ماكدونالدز بعد ذلك هذا الشهر إنها قد ترفع الحد الأدنى للأجور لديها في حدود دولار واحد، وزيادة على المعيار المحلي لنحو 90 ألف عامل في 1500 مطعم مملوك للشركة.

إلا أن هذه الخطوة لم تؤثر في العمال في 90 في المائة من منافذها المملوكة من قبل أصحاب الامتياز.

وعلى الرغم من دعوة الرئيس باراك أوباما، لرفع الحد الأدنى للأجور في الحكومة الفيدرالية إلى 10.10 دولار في الساعة، ليست لديها فرصة تذكر للنجاح في الكونجرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون، فقد وافقت المزيد من المدن التي تميل لليسار مثل سان فرانسيسكو وسياتل، على تدابير من شأنها رفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 دولارا في وقت لاحق من هذا العقد.

نضالات نقابية

هذه النجاحات تعتبر شاذة بالنسبة للحركة العمالية في الولايات المتحدة، فقد تراجعت معدلات التنظيم النقابي من نحو 35 في المائة لأصحاب الأجور والمرتبات في الخمسينيات إلى 11.3 في المائة في العام الماضي.

هناك 6.6 في المائة من العاملين في القطاع الخاص ينتمون إلى أحد الاتحادات حتى في الغرب الأوسط الصناعي القديم، تفقد الحركة جاذبيتها.

في آذار (مارس) أصبحت وسكونسن الولاية 25 التي تسن قانون “حق العمل”، ما يجعل من الصعب على النقابات التفاوض حول عقود تطالب جميع العاملين بالانتماء إلى نقابة أو سداد مستحقات النقابة كشرط للتوظيف.

ومع ذلك، فإن حملات الحد الأدنى للأجور تبين لنا أن النقابات الأمريكية تعتبر قادرة على التغلب على المواقف، والاستفادة مما بين يديها من إمكانات.

بدلا من مجرد حماية امتيازات الصفوف المنكمشة لديها، فإنها تسعى إلى منافع لعمال لا تمثلهم. إنها استراتيجية محفوفة بالمخاطر، لأنه لا يوجد أي ضمان أن العمال الذين تجري مساعدتهم، سينتهي بهم الحال في أي وقت إلى دفع اشتراكات أي اتحاد. الإنجاز في هذه المرحلة، وفقا لأحد مهندسي حملة ناجحة للحد الأدنى للأجور في سياتل، هو بداية لإصلاح الصورة العامة للحركة العمالية التي فقدت بريقها.

وكما يقول ديفيد رولف، رئيس الاتحاد الدولي لموظفي الخدمات المحلية 775، وهو ما يمثل 43 ألف عامل في الرعاية الصحية على المدى الطويل في واشنطن ومونتانا: “نحن لا نفوز بمستحقات، نحن نفوز بالعمال”.

وأضاف: “أحد الانتقادات التي أشعر بها حول الحركة العمالية الحالية، هي أنها كانت في كثير من الأحيان تشعر بالقلق إزاء الأعضاء أولا وليست عادلة للجميع. إذا كنا نريد إعادة بناء العلامة التجارية، علينا أن نجعل الواقع مختلفا. هناك عدد كبير يفوق الحد من النقابات، كل همها هو توقيع عقد مكون من 400 صفحة لأعضائها ولا تهتم بأي شخص آخر”.

حجة الاتحاد اليوم هي أن الحد الأدنى للأجور لا يرتقي لأجور المعيشة

هناك دراسة صدرت هذا الأسبوع من قبل مركز بحوث العمل والتعليم في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، وجدت أن الحكومة الأمريكية تنفق 153 مليار دولار سنويا على كوبونات الطعام وغيرها من المساعدات للعمال من ذوي الأجور المتدنية، وكثير منهم من البالغين الذين يمتهنون تربية الأطفال.

جيسيكا ديفيز (26 عاما)، التي تربي ابنها من أجر يبلغ 9.28 دولار في الساعة تكسبه في “ماكدونالدز” في شيكاغو، تقول إنها انضمت للكفاح من أجل رفع الأجر إلى 15 دولارا، بعد أن أطلعها على ذلك أحد المنظمين في المطعم الذي تعمل فيه.

وكما تقول: “على الرغم من أنني أعتقد دائما بأنني أستحق الأفضل كموظفة، لم أكن أعرف أن الآخرين يشعرون بنفس الطريقة، ذهبت إلى الاجتماع ووجدت أن كثيرا من الناس يشعرون بنفس الطريقة”.

حجة الشركات ضد رفع الحد الأدنى للأجور تتلخص في رياضيات بسيطة

رفع أجور العمال الموجودين في أدنى درجة يعني تراجع عدد العمال الذين يمكن توظيفهم. حجج الاتحاد يجري دعمها من قبل اقتصاديين يقولون إن دفع المزيد من الأجر يمكن أن يقلل من معدلات خروج القوة العاملة وزيادة الإنتاجية وجذب العمال المحبطين مرة أخرى إلى الوظائف.

قضية الحد الأدنى للأجور تكتسب أيضا مكانة بارزة في الاقتصادات المتقدمة الأخرى، في الوقت الذي تكافح فيه مع نمو متوسط الأجور الضعيف الذي أعقب الأزمة المالية. وقد أدخلت ألمانيا أول حد وطني أدنى للأجور استجابة لارتفاع الأجور في وظائف منخفضة الأجر على مدى العقد الماضي. في المملكة المتحدة، سيكون موضوع الأجور المنخفضة قضية رئيسية في الانتخابات العامة الشهر المقبل.

ديمقراطية الهاتف الذكي

من الواضح أن الحملة الأمريكية لزيادة الحد الأدنى للأجور تستفيد من ظهور وسائل الإعلام الاجتماعية. حتى مع تآكل تأثير الحركة العمالية المؤسسية، العاملون بأجر اليوم في حاجة فقط إلى الهاتف الذكي لتشكيل التاريخ – وهز الغرفة التجارية.

دون وسيلة الاتصال هذه، على سبيل المثال، فإنه سيكون من الصعب تنظيم الموظفين من ذوي الأجور المتدنية. يعمل عديد منهم في نوبات عمل غير منتظمة ويفتقر بعضهم إلى عنوان ثابت، حيث يشارك بعضهم الأصدقاء أو الأقارب في النوم على الأريكة أو النوم في الملاجئ أو في الشوارع.

وفقا لكيندال فيلس، مدير تنظيم الكفاح من أجل 15 دولارا، ولكن مع الهاتف المحمول، يمكن لهؤلاء الموظفين البقاء على اتصال مع بعضهم بعضا والتأثير على أشخاص في أماكن لا يمكنهم أبدا تحمل تكاليف زيارتها.

ويقول كين جاكوبس، رئيس مركز بحوث العمل والتعليم في جامعة كاليفورنيا في بيركلي: “لقد فتنت برؤية العمال وهم ينخرطون بشكل عفوي في حركات عمالية في أجزاء مختلفة من البلاد لأنهم يرون العمال يفعلون أشياء”. وقال: “هناك بعض الأماكن التي لم يكن فيها أي منظمين”.

تحول العمال هذا إلى صائغين للرأي يمكن أيضا أن يضرب الشركات في المكان الذي يوجعها. ولت الأيام التي كان من الممكن فيها لشركات مثل وول مارت أو ماكدونالدز أن تهيمن على النقاش حول علاماتها التجارية، مع سيل من الإعلانات التي لا تتجاوز مدتها 30 ثانية على عدد صغير من شبكات التلفزيون.

المستهلكون، خاصة من فئة الألفية، يعتمدون على الاتصالات عبر وسائل الإعلام الاجتماعية للحصول على معلومات حول العلامات التجارية، وهذا يزيد من حوافز أرباب العمل لبقاء عمالهم بعيدين عن التذمر حول حياتهم، سواء في العمل أو على تويتر أو فيسبوك. الأمر المهم بالنسبة للعلاقات العامة في الشركات اليوم هو أن ينظر إليها على أنها “صاحب عمل تقدمي”، على حد تعبير ماريان سولزمان، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة Havas PR North America. إن رفع الحد الأدنى للأجور أو منح العمال منافع أخرى يجعل من غير المرجح أن يلتحق العمال بإحدى النقابات، ويجعلهم أقرب إلى التغني في مديح الشركة التي يعملون بها. وتقول: “هذا يشبه قولك إن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم”.

جيم ستنجل، مسوؤل التسويق العالمي السابق في شركة بروكتور آند جامبل، الذي يعمل الآن في منصب الرئيس التنفيذي في شركة الاستشارات التي تحمل اسمه، يقول إن العلامات التجارية تستفيد من الموظفين “المدافعين”.

ويضيف: “الشركات ذات النمو العالي تنظر إلى العاملين لديها بطريقة مختلفة – باعتبارهم امتدادا لعلامتها التجارية. حملات الدفاع رائعة للتسويق. الآن، حيث من الصعب إلى حد كبير الحصول على جمهور كبير، هذا مهم للغاية”.

رفع “وول مارت” الحد الأدنى للأجور لأنه كان يشعر بالقلق حول مستوى الخدمة في متاجر الشركة، كما يرى بريان ياربورو، وهو محل في شركة الوساطة “إدوارد جونز”.

ويضيف: “أخذوا يدركون أنهم حين يجعلون موظفيهم أسعد وأكثر انخراطا، فإن هذا سيؤدي إلى تقديم خدمة أفضل للعملاء، وتقليل عدد العمال المغادرين، وتقليل تكاليف التدريب”.

حملة على نطاق أوسع

المسألة التي تواجهها النقابات هي ماذا ستجني من الفرص التي خلقها إغراء حملة الحد الأدنى من الأجور.

فيلس – “المعار” من الاتحاد الدولي لموظفي الخدمات، كما يقول، لمساعدة الكفاح من أجل 15 دولارا – يؤكد أن لهذا الجهد هدفين: زيادة أجور العاملين ذوي الدخل المنخفض؛ وضمان حقوق مثل هؤلاء الأشخاص “بتشكيل نقابة دون مواجهة الانتقام من أصحاب عملهم”.

تعتقد غرفة التجارة الأمريكية أن السبب الأخير هو الهدف الحقيقي للحركة

وأضاف سبنسر إن الاحتجاجات هي “فرع من العلاقات العامة” من حملة على نطاق وسع لإنهاء الانفصال القانوني الحالي، بين امتيازات مطاعم الوجبات السريعة وشركاتها الأم ودفعها للتفاوض مع الاتحاد الدولي لموظفي الخدمات. يقول: “أود أن أشير إلى أن هذه الاحتجاجات الجديدة ليست حركة جديدة. إنها وسيلة لتحقيق غاية، وتلك الغاية هي أن يحصل الاتحاد الدولي لموظفي الخدمات على حقوق المفاوضة الجماعية لمصلحة العاملين في مطاعم الوجبات السريعة”.

مع ذلك، المراقبون الأكثر تعاطفا يتمسكون بالاحتمال أن حركة العمال تتطور، لتصبح أكثر بمنزلة حركة اجتماعية قد تقوم يوما ما بتوحيد العاملين ذوي الأجور المتدنية من مختلف القطاعات ضمن قوة موحدة.

نيلسون ليختنشتاين، أستاذ التاريخ في جامعة كاليفورنيا، سانتا باربرا، يرى أوجه شبه مع استراتيجية النقابات في العصر التقدمي في مطلع القرن العشرين، قبل أن ينص التشريع في الثلاثينيات على جعل ضمان حقوق المفاوضة الجماعية أسهل بالنسبة لها.

يقول: “نحن نتعامل مع سوق عمل واحدة الآن. إذا حسنت النقابات سوق العمل في الجزء الأدنى، سيكون من السهل أكثر التفاوض على عقودهم المقبلة في بعض المستشفيات، أو تنظيم عمال النظافة في أماكن أخرى. تلك كانت فكرة العصر التقدمي – دعونا نحيي الوضع للطبقة العاملة برمتها”.

ويضيف أن التحدي هو العثور على إطار عمل مؤسسي يدعم مثل هذا النشاط الجديد، وتقييم يتشاركه رولف من الاتحاد الدولي لموظفي الخدمات في سياتل، فهو يعتقد أن النقابات بحاجة إلى المشاركة بشكل عاجل في مجموعة متنوعة من التجارب – يدعوها، “نماذج أولية سريعة” – للعثور على طرق جديدة لزيادة الإيرادات الآن، بعد أن فقدت وحدات المفاوضة الجماعية كثيرا من نفوذها.

يقول رولف: “بإمكاننا الجدال ما إذا كان قد تم اغتيال حركة العمال أم أنها انتحرت. ربما كانت بعض المزيج من الاثنين، لكننا بحاجة إلى نماذج جديدة”.

يمكن أن يتبين أن هذا حلم مستحيل. قد تراوغ نماذج الأعمال الجديدة رولف وزملاءه المشاركين في الحملة، والتراجع طويل الأجل لحركة العمال في الولايات المتحدة قد يكسب نسبة تقدم.

إلى أن يصبح مصيرهم أكثر وضوحا، من المفيد الرهان أن هؤلاء النقابيين الناشطين سيحتفظون بأتباعهم على توتير في أماكن عالية. ربما هم في سبيلهم إلى النجاح في شيء ما.