IMLebanon

دروز سوريا يعيشون خطراً وجودياً يقلق دروز لبنان!

dourouz

ذكرت صحيفة “الديار” ان الدروز في لبنان وسوريا والاردن وفلسطين يعيشون قلق شامل جراء الاحداث السورية، لأن الدروز “كطبق النحاس” فان ضربته في اي جانب تتأثر كل جوانبه. وهذا هو حال الدروز، فاذا اصيبوا في سوريا سيصابون في لبنان وفلسطين والاردن. كما ان الدروز يتوحدون في “زمن” الشدة ويتناسون كل خلافاتهم من اجل خدمة الطائفة ووجودها الذي يتقدم على كل شيء عندهم. وهذا ما حصل في حرب الجبل عام 1982 حيث توحد الدروز عن “بكرة ابيهم” لمواجهة الخطر الاسرائيلي حفاظاً على الوجود والكرامة، وناصرهم دروز فلسطين بالمال ودروز سوريا بالرجال وسقط أكثر من 150 شهيداً من جبل العرب في حرب الجبل وباع دروز الاردن، “الذهب” لحماية دروز لبنان. وكم كان صادقاً الرئيس الراحل كميل شمعون عندما قال لقادة “القوات اللبنانية” “ما فعلته بـ50 سنة لتقسيم الدروز طار في 5 دقائق جراء افعالكم في الجبل، ولن تستطيعوا هزيمة الدروز طالما هم موحدون”.

واللافت، وحسب مصادر درزية، فان ما يعيشه دروز سوريا حالياً يقلق كل الدروز الذين ايضاً يجمعون التبرعات في لبنان وفلسطين والاردن ويرسلونها الى دروز سوريا، وتفوق ملايين الدولارات لعائلات الشهداء والمعوزين ويتولى مشايخ العقل في سوريا استلام المساعدات وتوزيعها في جبل العرب، هذا بالاضافة الى تواصل يومي، ساعة بساعة، بين دروز لبنان وفلسطين والاردن مع دورز سوريا عن احوال جبل العرب، وتحديداً الاوضاع العسكرية هذه الايام، حيث يشكل المشايخ الدروز اكبر “لوبي” بفرض شروطه على وليد جنبلاط وطلال ارسلان للعمل من اجل حماية الدروز في سوريا. ولذلك فان المشايخ الدروز راضون عن سياسات جنبلاط وارسلان حتى المتناقضة، لان هدفها في النهاية حماية الدروز عبر اتصالات وعلاقات مع النظام السوري لطلال ارسلان ووئام وهاب وفيصل الداود وغيرهم، وعبر جنبلاط مع “داعش” و”النصرة” وكلها تصب في حماية الاقلية الدرزية في زمن الصراع الكبير في المنطقة، خصوصاً ان الدروز، وتحديداً في حلب وادلب دفعوا في الماضي ثمن الخلافات في هذه المنطقة وفقدوا الكثير من شبابهم، ويبدو ان التاريخ يعيد نفسه.

وحسب المصادر الدرزية، فان دروز سوريا، كسائر الاقليات، وقفوا مع النظام السوري في كل مناطق تواجدهم. وفي المقابل مدهم النظام بكل الخدمات. ولذلك قدموا خيرة شبابهم، إذ يفوق عدد الشهداء الدروز في الجيش العربي السوري الـ 2500 شهيد من مختلف الرتب، كما يمتازون بصلابتهم في القتال. في حين ان المعارضين في جبل العرب هم “قلة بسيطة” من بقايا الحزب الشيوعي السوري ومعظمهم مع التغيير الديموقراطي وضد العنف والنصرة وداعش.

وتشير المصادر الدرزية الى انه مع تقدم جبهة النصرة وداعش في الحرب السورية، تغيرت المعاملة تجاه الدروز كلياً، وبدأت الحرب عليهم، ومارس “داعش” و”النصرة” ابشع الممارسات ضد دروز ادلب الذين غادروا بنسبة 75% بلدانهم الى مناطق اخرى تحت سيطرة النظام. كما لجأ العديد الى لبنان، ولم تنفع كل محاولات جنبلاط مع “النصرة” لتغيير المعاملة، فقد تم هدم المقامات الدينية ومنع الدروز من ممارسة طقوسهم وفرض عليهم اللباس الاسلامي. حتى ان “النصرة” فرضت على العديد من الفاعليات الدرزية التخلي عن دينهم الدرزي واعتناق الاسلام السني، علماً أن عدد الدروز في منطقة ادلب كان في حدود الـ35 الف مواطن واصبح عددهم الآن ما بين 7 آلاف الى عشرة آلاف رغم “التستر بالمألوف”.

اما في جبل العرب، حيث الثقل الاساسي للدروز، فان اوضاع المنطقة تبدلت على الصعيد العسكري كلياً، ورغم انه لم تسقط حتى الآن اي قرية درزية في يد “داعش” و”النصرة”، لكن الاشتباكات بدأت تلامس منطقة السويداء، مع سقوط بصرى الشام في يد “النصرة” والتي تبعد 6 كلم عن السويداء، ومحاولة “النصرة” قطع طريق السويداء ـ دمشق خلال الاسبوع الماضي عبر هجوم كبير صده الجيش السوري، كما تعرضت بلدة بكا القريبة من السويداء لقصف مدفعي ادى الى سقوط 9 شهداء، و15 جريحاً، بالاضافة الى توترات دائمة في داما ادت الى سقوط شهداء.

ـ دور مشايخ العقل في سوريا ـ

واللافت وحسب المصادر الدرزية، فان دروز الجبل قسم منهم مع النظام وقسم على الحياد والبعض مع المعارضة لكنهم ما زالوا موحدين، خلف مشايخ العقل الدروز الثلاثة في الجبل. لكن اقتراب المعارك العسكرية من السويداء زاد القلق الدرزي وظهرت اصوات يقودها الشيخ وحيد بلعوس تنتقد تقصير النظام في تسليح دروز سوريا، لأن النظام السوري ما زال مصراً على أن يكون العمل ضمن الجيش السوري ووحدات الدفاع الشعبي، مع رفض منطق “الجماعات الطائفية المسلحة”. كما صدرت اصوات درزية تنتقد تجاوزات الامن السوري، واصوات تتهم الجيش بالتقصير في الدفاع عن بصرى الشام.

هذه التطورات، وحسب المصادر الدرزية، تمت معالجتها من قبل مشايخ العقل في سوريا الذين يمثلون المرجعية الاولى. وتم استيعاب كل هذه الانتقادات من اجل حماية جبل العرب، وحصلت اجتماعات بين المشايخ الدروز وفاعليات الجبل، مع قادة النظام السوري، ترجمت بعملية واسعة للجيش السوري، ادت الى السيطرة على معظم التلال التي تشكل خطراً على الاهالي، لكن الابرز ان الاهالي حصلوا على ما كانوا يطالبون به لجهة التسلح وتأمين كل حاجات المعركة.

ودعا شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري كل الشباب الدروز الى التسلح وتشكيل مجموعات مسلحة للدفاع عن القرى الدرزية. وهذا ما حصل.

وارتاحت الاوضاع بعد ان حصل الدروز على السلاح. لكن هذا الامر ادى الى زيادة التوترات مع “النصرة” و”داعش”، إذ اصبحت الاشتباكات على ابواب الجبل.

 

وللمرة الاولى منذ الاحداث السورية تشكلت مجموعات درزية باسم “مجموعات سلمان” نسبة الى سلمان الفارسي، وهو اكبر مرجع ديني عند الدروز الذين يفتخرون بنسبهم الى “سليمان الفارسي” “قدس الله سره”. وقد وصلت هذه المعلومات الى جنبلاط، فاعتبر ان هذه المجموعات تنتمي الى “الحرس الثوري الايراني”، بينما هي مجموعات درزية يقوم بتمويلها دروز جبل العرب، لكن الدعم الايراني لدروز الجبل واضح ومعروف ويأتي من ضمن الدعم للشعب السوري، خصوصاً ان حزب الله وايران حريصان ايضاً مع النظام على عدم سقوط اي قرية درزية.

 

 

وحسب المصادر الدرزية، فان الاوضاع في منطقة القنيطرة، حيث للدروز وجود كبير ايضاً في هذه المنطقة المحاذية للحدود اللبنانية ـ السورية، شهدت اعنف المعارك، لكن الدروز في هذه المنطقة لديهم كل انواع الاسلحة ويشاركون في القتال الى جانب مقاتلي حزب الله والجيش العربي السوري ويتولون الدفاع عن مناطقهم، وهم في استنفار دائم وسقط في صفوفهم اكثر من 100 شهيد. الا ان اوضاعهم حاليا افضل من الاشهر الماضية، بعد ان نفذ الجيش السوري وحزب الله العملية الكبيرة في المنطقة وأبعدا “داعش” و”النصرة” عن تخوم القرى الدرزية، لكن الدروز في استنفار كامل والى جانب النظام السوري ويدافعون عن قراهم بكل ميولهم.

 

دور القيادات الدرزية

وتشير المصادر الدرزية الى ان للنائب وليد جنبلاط مناصرين في جبل العرب، لكن رغم موقفه المؤيد لـ”النصرة” ولـ”الجيش الحر” فإن اتباع جنبلاط في هذه القرى، ملتزمون مع الاهالي في الدفاع عن قرى الجبل وملتزمون بالقرار الدرزي العام في سوريا، حتى ان جنبلاط لم يطلب منهم مواقف داعمة لـ”النصرة” و”الجيش الحر”، وكل ما يطلبه منهم تجنب الخلافات وتحييد الجبل، لكن مع المحافظة على وحدة القرار الدرزي ومنع الانقسام، لان مصلحة الدروز هي الاساس.

 

لا شك في أن الدروز باتوا يعيشون اخطر مرحلة في حياتهم، وكل الدروز يعرفون ذلك، ويصلّون لكي تنتهي “محنة” دروز سوريا، لكن دروز لبنان وبكل قياداتهم وبغض النظر عن المواقف الاعلامية متفقون على ان يأخذ دروز سوريا القرار الذي يعتبرونه لمصلحتهم ويؤدي الى تخفيف خسائرهم، لان القيادات الدرزية تمارس ايضا لعبة “التستر بالمألوف” لحماية الطائفة، خصوصا ان موضوع “الوجود” عند الدروز يتقدم على كل الاعتبارات حتى الوطنية والقومية، و”الوجود” هو الاساس، ولدعم هذا الوجود والحفاظ عليه تمارس “التقيه” وتصبح كل المبررات ضرورية وهامة ما دام “البقاء” هو الاساس في منطقة تعيش اخطر مراحلها

ـ الحفاظ على الوجود ـ

 

ولا شك في ان دروز سوريا يقومون الان بالدور المحوري للحفاظ على الوجود الدرزي اينما كان، كما قام دروز لبنان بهذا الدور عام 1982 بقيادة وليد جنبلاط.

وحسب المصادر الدرزية، فان التباينات الدرزية حول الموضوع السوري واليمني ستبقى وتتطور داخل الطائفة. ولكن الامر لا يزعج الفاعليات الدرزية طالما قيادات درزية تعمل مع ايران وقيادات درزية تعمل مع السعودية. والامر في النهاية يصب لمصلحة الطائفة، رغم ان هذا الخلاف استفاد منه طلال ارسلان كثيراً الذي اعطته الصراعات موقفا متقدما اوصلته للمرة الاولى الى روسيا الاتحادية بدعوة رسمية رداً على انتقادات جنبلاط للقيادة الروسية وبوتين. وامنت له القيادة الروسية لقاءات مع محمود عباس الرئيس الفلسطيني ومسؤول الامن القومي الايراني بروجردي الذي اشاد بدور ارسلان الوطني والقومي، وهذه رسائل الى جنبلاط سيرد عليها قريبا، ربما بزيارة الى السعودية ودعم عاصفة الحزم بشكل اكبر.

ـ الخلافات تحت سقف الوحدة ـ

لكن الدروز متفقون وللمرة الاولى، انه مهما كان عمق الخلافات بينهم فان وحدة الجبل هي الاساس. وان تعليمات جنبلاط وارسلان لمناصريهما “ممنوع ضربة كفّ واحدة في الجبل”. حتى ان ارسلان بدأ يأخذ حصة الاسد في التعيينات ومواقفه لا تزعج جنبلاط، ويرفض كل منهما توجيه اي انتقاد شخصي للآخر، لان ظروف الطائفة لا تحتمل، ولادراكهما ان عمق الصراع سيطول و”الشاطر” من يحفط رأسه ورأس طائفته. وهذا الموقف جعل كل مرجعيات الطائفة مرتاحة له ان كان في فلسطين أو الاردن أو لبنان، حتى ان شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في فلسطين المحتلة موفق ظريف يؤدي دوراً اساسياً في هذا الاطار، وزار مع كبار مرجعيات الطائفة رئيس الوزراء، وابلغوه بأنه سيكون للضباط الدروز موقف في حال دخلت “النصرة” الى اي قرية درزية في القنيطرة. وقد عمل الاسرائيلي “بخيت” على هذا الموقف لمصلحته، لانه المستفيد الاول مما يجري في سوريا، وتحديداً في منطقة القنيطرة. اما على صعيد مشايخ الدين الدروز، فهم على تواصل يومي مع مشايخ العقل، ووجه لهم رئيس مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ علي زين الدين نداء “متوازنا” ضمّنه ضرورة الحفاظ على الوجود والقتال، والا يكونوا العوبة بيد احد، ودعاهم للانتماء الى الوطن والحفاظ على الوحدة الوطنية والصبر.

 

فهل يتجاوز الدروز الخطر الوجودي الذي يتهددهم، خصوصا انهم يقطنون في مناطق تعتبر استراتيجية من الناحية العسكرية؟ هذا بالاضافة الى ان الدروز يعرفون “مكامن” السر الحقيقي للخطر الذي يعيشونه، ويحاول جنبلاط تجاوزه بالتشجيع على فتح المعاهد الدينية الاسلامية في الجبل، فهل ينجحون؟