IMLebanon

مصادر فرنسية لـ”الشرق الأوسط”: اتفاقيات تسليح الجيش اللبناني تمتد إلى 48 شهرًا

lebanese-army

في زيارة تدوم ثلاثة أيام وستدور في جزء كبير منها على موضوع الإرهاب ومواجهته وما تستطيع باريس القيام به لمساعدة شركائها وأصدقائها في المنطقة، يحط وزير الدفاع جان إيف لو دريان رحاله في مدينة العقبة الأردنية حيث تلتئم قمة مخصصة للإرهاب في شرق أفريقيا أولا ثم ينتقل إلى بيروت للاحتفال بوصول أول دفعة من الأسلحة الفرنسية إلى لبنان.

وما بين الأردن، حيث سيزور لو دريان القاعدة العسكرية التي تأوي سرب طائرات الميراج الفرنسية المشاركة في العمليات الجوية ضد “داعش” في العراق وقاعدة بيروت الجوية العسكرية القريبة من المطار الدولي، تركز باريس على تنوع دورها في محاربة الإرهاب إن مباشرة كما في بلدان الساحل والعراق، أو من خلال مساعدة أصدقائها كما في الأردن حيث تقوم بتدريب القوات الخاصة، وفي لبنان لجهة تسليح الجيش اللبناني باعتبار الدور الأول الذي يلعبه في المحافظة على الأمن والاستقرار. واستباقا لجولة لو دريان، رأت مصادر فرنسية دفاعية أن برنامج المليارات الثلاثة التي منحتها السعودية لتطوير الجيش اللبناني وتجهيزه بأسلحة فرنسية “لا مثيل له بين الدول” وأن غرضه “ليس فقط التسليح والتجهيز بل إحداث تحول حقيقي في الجيش اللبناني” الذي هو “عماد الاستقرار” بالنظر للدور الذي يقوم به وبالنظر لبنيته وتعدديته.

ولكن ما تفاصيل هذا البرنامج؟

لن يقتصر الدور الفرنسي على التسليح والتجهيز، بل يشتمل أيضا على التأهيل والتدريب إن في لبنان أو في المدارس الحربية الفرنسية. ولذا سترسل باريس بشكل خاص عشرات الضباط الفرنسيين لهذا الغرض إلى لبنان بحيث يتمكن الجيش اللبناني من “الاستخدام الأمثل” للأسلحة الجديدة التي سيتسلمها، والتي تشمل تسليح القوات البرية بالمدرعات وناقلات الجنود والعربات اللوجيستية والمدفعية “من طراز سيزار” وأجهزة الرؤية الليلية ووسائل الاتصال والاستعلام. ويبلغ مجموع العربات 250 عربة يضاف إليها عربات الدعم. يأتي عقب ذلك تسليم لبنان سبع طوافات من طراز كوغار مسلحة بصواريخ بغرض زيادة حركية الجيش اللبناني وقدرته على الرد السريع.

بيد أن لبنان لن يتسلم أولى الطوافات إلا بعد عامين ونصف. وستتسلم البحرية اللبنانية ثلاثة زوارق مسلحة بطول خمسين مترا لخفر الشواطئ أولها بعد ثلاثين شهرا. يضاف إلى ذلك كله صواريخ ميلان “ضد الدبابات” وصواريخ ميسترال للطوافات وعتاد وأسلحة لمحاربة الإرهاب والاتصال والرقابة على شبكة الإنترنت التي تستخدمها التنظيمات الإرهابية. وبحسب المصادر الدفاعية الفرنسية، فإن كل هذه الأسلحة والتجهيزات ستصل لبنان تباعا وسيستغرق تسليمها 48 شهرا فيما عمليات التأهيل ستستمر لسبع سنوات. أما الصيانة فهي لعشر سنوات.

وتؤكد باريس أن برنامج التسلح أعده الجانب اللبناني وأن باريس جهدت في الاستجابة للحاجات اللبنانية. وردا على التساؤلات التي تسمع هنا وهناك بشأن التطمينات التي حصلت عليها فرنسا حول بقاء الأسلحة، خصوصا الحديثة منها، في أيدي الجيش اللبناني ولن تصل إلى أياد أخرى، تقول المصادر الفرنسية لـ”الشرق الأوسط” إنها حصلت على “ضمانات” من السلطات اللبنانية وأن ما تقوم به باريس “فعل إيمان بقدرة الجيش اللبناني بالمحافظة على معداته وأسلحته”. وفي أي حال، فإن لم يقم الجيش بدوره، فإن “المهمة ستعود لأطراف أخرى” في إشارة ضمنية إلى حزب الله.

في الأشهر الماضية، جاء في بعض الصحف اللبنانية أن فرنسا ستتخلص من أسلحتها وعتادها القديم وترسله إلى لبنان. وردا على ذلك، قالت المصادر الدفاعية الفرنسية إن هذا النوع من الأسلحة والعتاد سيؤخذ من مخازن الجيش الفرنسي للإسراع في الاستجابة لما يريده لبنان وأن مجمل ذلك لن يزيد على 3 في المائة، وأن قيمته لن تتعدى الأربعين مليون يورو. أما “مضمون” الشحنة الأولى فهي صواريخ ميلان وعددها 48 صاروخا. وستلي ذلك شحنات أخرى الشهر القادم وستحمل معدات الرؤية الليلية التي يحتاج إليها الجيش اللبناني.

يبدو أن باريس ترى في “النموذج اللبناني” الذي وفر تعاونا ثلاثيا “فرنسا والمملكة العربية السعودية ولبنان” يمكن أن يحتذى به مع بلدان أخرى تحتاج للتسليح والتدريب ولكن تعوزها الوسائل. وبحسب مصادر فرنسية وعربية، فإن الهدف الآخر هو توفير تعاون ثلاثي جديد بين تونس وفرنسا والإمارات العربية المتحدة، من أجل مساعدة تونس على مواجهة الإرهاب الذي يضرب على حدودها الخارجية وفي الداخل. بيد أن المسؤولين الفرنسيين يريدون التعتيم على هذه المسألة بانتظار أن تنضج الأمور.

يذكر أن وزير الخارجية لوران فابيوس اجتمع بولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد في الرياض خلال زيارته نهاية الأسبوع الماضي للسعودية. وخرج فابيوس مرتاحا من اللقاء ولمح أكثر من مرة إلى احتمال أن تعمد أبوظبي إلى شراء طائرات رافال القتالية الفرنسية، لكنه لم يأت على ذكر التعاون “الثلاثي”.