IMLebanon

العقارات أحد ممكّنات منظومة التميز الحكومي

DubaiRealEstate
هشام عبدالله القاسم
في الأسبوع الأول من شهر مارس/آذار، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الجيل الرابع من منظومة التميز الحكومي التي تعد الأولى من نوعها في العالم .
عند النظر في عجالة إلى التركيب اللغوي لهذا المفهوم، يبدو بسيطاً ولا يستعصي على الفهم، فكل حكومة تسعى إلى التميز في عملياتها وأدائها، لكن إمعان النظر فيه يقودنا إلى جملة من الاستنتاجات والتساؤلات في سبيل استيضاح أبعاده، والغوص في مكنوناته وأهدافه، والغايات القصوى المرجوة منه بما يعود بالنفع على الفرد والمجتمع .
وكما جاء في الإعلان الصادر عن تدشين هذه المنظومة، فإن هدفها ينصب على “الارتقاء بالعمل الحكومي على أسس ومعايير مبتكرة ترتكز على النتائج المحققة كأساس للتميز في الخدمات الحكومية، ضمن ثلاثة محاور رئيسية هي: تحقيق الرؤية، والابتكار، والممكّنات، بما يحقق أعلى معدلات رضا وسعادة الناس” .
إذاً هي مرحلة جديدة من رحلتنا نحو التميز والتي وصفها سموه بأنها “ترسم نهجاً استباقياً لحكومات المستقبل لخدمة شعبنا ودولتنا”، لتكمل مسيرة التميز التي تم تدشينها قبل 21 عاماً بالتزامن مع إطلاق جائزة دبي للجودة .
بطبيعة الحال . . هذه المنظومة ستبقى نظرية مجردة بانتظار “الممكّنات”، أي تلك العناصر التي تبث الروح في أوصالها لتجسيد نتائجها واقعاً معاشاً، يمكن لكل واحد منا أن يلمسه في مختلف مجريات حياته، بغض النظر عن فئاتنا العمرية ومستوياتنا المعيشية ودرجاتنا الوظيفية .
وبالعودة إلى المصطلح السابق “الممكّنات”، لا أراني مبالغاً إذا ما زعمت أن كل فرد في المجتمع يمكنه أن يلعب دور الممكّن لترجمة الجيل الرابع من منظومة التميز الحكومية . وإذا كانت هذه حال الأفراد، فماذا يمكننا أن ننتظر من مؤسساتنا في القطاع الخاص؟ وكيف يمكن لشركات التطوير العقاري على وجه التحديد أن تسهم في رفد الجيل الرابع من المنظومة بالأفكار الإبداعية والمشاريع المبتكرة التي تمثل حلولاً عقارية استباقية لمشهد التنمية المستدامة وتناغمه التام مع خطة دبي الاستراتيجية 2021؟
لقد تمكن القطاع العقاري خلال العقدين الماضيين من تحقيق قفزات نوعية من حيث طرح المشاريع المتميزة التي أسهمت في ترسيخ مكانة دبي والإمارات عموماً، وكنّا روّاداً عالميين في فئات عديدة، وظهرت إنجازات كانت مصدر فخر لنا، وتطول القائمة لو حاولنا سردها في هذا المقام، ومنها على سبيل المثال لا الحصر جزر النخلة وبرج خليفة وتطوير التجمعات السكنية العملاقة في كل أرجاء دبي، لتقودنا إلى حقبة من التميز، ولتدشن عصراً جديداً يبشر بالمزيد من الإنجازات .
واستلهاماً من نهج سموه، ستكون المرحلة المقبلة مملوءة بالتحديات بعد أن أصبحت أنظار العالم تترقب ما ستطرحه دبي، وما قد تشتمل عليه جعبتها من مفاجآت مبهرة . وهذا يعني أن المأمول منا لا يقتصر على ملء مساحات الأراضي المنتشرة هنا وهناك بمبانٍ ومشاريع وتجمعات تفتقر إلى الهوية الثقافية والمنظور الحضري المعاصر .
لذا . . يتعيّن علينا أن نطلق العنان لمخيلاتنا، وأن نجلس سوياً لتبادل الأفكار وتمحيصها، مع إجراء البحوث المعمقة للتعرف إلى تجارب الشعوب والأمم التي سبقتنا في التأسيس لحضارات راسخة، والنزول إلى الشارع لمعرفة آراء الناس من مختلف فئاتهم ومشاربهم، للوقوف على احتياجاتهم وتطلعاتهم لضمان توفير سبل العيش الرغيد .
إننا هنا أمام معادلة من النوع السهل الممتنع إذا جاز التعبير، لأننا عن طريق اتباع وتطبيق أعلى المعايير وأفضل الممارسات يمكننا تذليل الصعاب، خاصة إذا ما اقترن ذلك مع الإرادة الصلبة التي لا يعرف اليأس ولا الكلل سبيلاً إليها، وهذا هو دأب قيادتنا الحكيمة التي آمنت بالقدرات الوطنية الفذّة، وأوكلت لها المهام، لتضعها أمام مسؤولياتها الجسام .
وإذا كان التطور بشقيه الكمّي والنوعي السمة الأساسية لمشاريعنا العقارية خلال العقدين الماضيين، يمكننا تعزيز أبعادٍ أخرى في المشهد العقاري، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، ضمان تحقيق التناغم بين الإنسان وبيئته، وتوفير احتياجاته من خلال توظيف الحلول الذكية، من مختلف الجوانب البيئية والتقنية والحضرية .
وعلى سبيل المثال، يمكننا في مشاريعنا الاعتماد على أفضل السبل لترشيد الإنفاق في استهلاك الماء والكهرباء والصيانة، والحرص على سلامة القاطنين من مختلف أشكال المخاطر التي تهدد صحتهم وحياتهم، وتوفير المرافق الضرورية التي تتيح لهم العيش والعمل في بيئة مريحة وملهمة من خلال المقومات العصرية، وأن يكون كل ذلك في بوتقة من الجمال المعماري المستوحى من تاريخنا العريق والمعزز بأرقى ما توصلت إليه تقنيات العصر من أنماط وخطوط تناسب بيئتنا المحلية والأنماط المعيشية للمقيمين والزوار .
إن نهجاً من هذا النوع يؤكد نظرتنا العالمية بطابعها الشمولي الذي يحفزنا على احترام آدمية الإنسان، وتقدير احتياجاته وظروفه المعيشية لتبقى دولتنا من أفضل دول العالم، وشعبنا من أسعد الشعوب، و”لتظل الإمارات السباقة والأكثر تقدماً وابتكاراً في العمل الحكومي والمشاريع الخاصة على مستوى العالم”، كما قال سموه .
وبما أن مضمون الجيل الرابع من منظومة التميز الحكومي يركز على النتائج، يتعين علينا في القطاع العقاري تقييم مشاريعنا أولاً بأول للتأكد من نجاعة الحلول المقدمة، ليكون ذلك بمثابة حافز لنا على التطوير المستمر في أنظمة العمل بما يتناسب مع متطلبات القاطنين والمستفيدين النهائيين في المستقبل، والقدرة على فهم احتياجاتهم وتطلعاتهم وتلبيتها، وبهذه الطريقة يكون كل مشروع نموذجاً يحتذى به إقليمياً وعالمياً .
وينسجم هذا التوجه أيضاً مع الاستراتيجية الوطنية بعيدة المدى التي تتخذ من راحة المواطن وسعادته ركيزة أساسية في رسم السياسات ووضع الخطط وتطبيقها في مختلف المجالات . وبهذه الطريقة أيضاً، سيحافظ القطاع على زخمه من خلال دخول أطراف اللعبة خضم المنافسة لوضع الحلول المبتكرة ذات الصبغة الاستباقية لاستشراف آفاق المستقبل .
وفي هذا الإطار، أبدى القطاع أفضل درجات التعاون مع الجهات الحكومية لتطبيق معايير المباني الخضر على كافة المباني والمنشآت وفق أفضل المعايير العالمية الصديقة للبيئة، لتبقى دبي مدينة صحية تتبع أعلى معايير التنمية المستدامة وذات بيئة نظيفة خالية من الملوثات، مع تطبيق شروط ومواصفات المباني الخضر على جميع المباني .
هذه هي الصورة التي تبدو أمامي لعقارات المستقبل في دبي، إنها صورة مشرقة لعقارات متطورة ذات خدمات ومرافق مريحة، ومواصفات عالية تنسجم مع الاحتياجات وأوجه الاستخدامات، وتواكب آمال وطموحات الأطراف ذات الصلة بها، كما يمكن للقائمين عليها تقديم الحلول الاستباقية حتى قبل ظهور المشاكل والمصاعب .
وفي إطار استعداداتنا لاستقبال العالم على أرض دبي الخلاقة خلال السنوات المقبلة قبل وفي أثناء معرض “إكسبو الدولي 2020″، لا مناص أمامنا سوى تحقيق النجاح بأبهى صورة له، ليكون ذلك بمثابة نقطة انطلاق متجددة نحو آفاق عالمية جديدة نحتل فيها أعلى المراتب وأسماها . وعندما يرى العالم بأم عينيه ما وصلنا إليه، ستظل دبي قبلة المستثمرين الذين يبحثون عن ملاذات مثالية آمنة لأموالهم، والسياح الذين يتطلعون لقضاء إجازات خالية من المنغصات، وحتى للفئات الأخرى التي تأمل في العيش والعمل في بلد يوفر أجود الخدمات .
إن هذا لا يندرج في إطار الأحلام على أي حال، لاسيما وأن إنجازاتنا السابقة باتت تتحدث عن نفسها، ويمكننا اتخاذها أساساً صلباً لتحقيق كل ما نصبو إليه .