IMLebanon

نتائج غير صديقة للأسواق في انتخابات بريطانيا

BritishEcon2
جون أوثرز

المخاطر السياسية نادرا ما تأتي أعلى مما هي عليه في الانتخابات العامة المقررة في المملكة المتحدة الشهر المقبل. ومجموعة الخيارات التي تواجه الناخبين نادرا ما تكون واسعة إلى هذا الحد الكبير.

من بين النتائج المحتملة للانتخابات ما يلي: التزام بالاستفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، الذي من الممكن تماما أن يؤدي إلى التصويت لصالح خروج المملكة المتحدة؛ رئيس وزراء جديد (زعيم حزب العمال إد ميليباند) يمثل أكبر خروج منذ عقود عن الاجماع الاقتصادي في مرحلة ما بعد التاتشرية؛ دور محوري في الحكومة لحزب (القوميين الاسكتلنديين) مكرس نفسه لتقسيم المملكة المتحدة؛ حكومة أقلية فوضوية تحاول أن تحكم البلاد من خلال تصويت بعد تصويت، وتواجه دائما خطر الانهيار وإجراء انتخابات مبكرة.

لم يتم تصميم النظام السياسي في المملكة المتحدة للتعامل مع مثل هذه المجموعة من الخيارات. على مدى قرنين من الزمان تمتع النظام دون انقطاع تقريبا، بحكومات الأغلبية ونظام الحزبين. هذا الوضع غير مسبوق. هناك عدد قليل من النتائج “الصديقة للسوق”، إن كان لها وجود أصلا. والكليشيه القديم محق تماما في أن الأسواق لا تكره شيئا مثل عدم اليقين.

لماذا، إذن، يسود جو من الهدوء الواضح؟ لم تعمل الحملة الانتخابية على إثارة حماس الناخبين كثيرا حتى الآن (خارج اسكتلندا على الأقل). وبالنسبة لأسواق الأسهم كان مؤشر فاينانشيال تايمز 100 يسجل أعلى مستوياته على الإطلاق. بالتالي، للوهلة الأولى يبدو أن المستثمرين في المملكة المتحدة غير مبالين بصورة مثيرة للقلق.

وإذا ما أمعنا النظر يتكشف لنا أن جانبا من عدم اليقين تم احتسابه الآن في الأسعار. تهيمن الشركات متعددة الجنسيات على مؤشر فاينانشيال تايمز 100. ويعتبر مؤشر فاينانشيال تايمز 250 للشركات الصغيرة أكثر حساسية تجاه وستمنستر، وهو أقل بنسبة 5 في المائة عن مستواه قبل عام. وبالمقارنة ببلدان أخرى، يبين إيان هارنيت، من شركة أبسوليوت ستراتيجي ريسيرش، أن أسهم المملكة المتحدة ـ وفقا لمؤشرات داتاستريم ـ هي الأرخص نسبة إلى بقية العالم منذ 25 عاما. وهذا يشير إلى أن المملكة المتحدة لديها بعض عوامل الحماية ضد صدمات الأسعار، في حال أن سياستها فقدت صوابها.

ثم، لننظر إلى العملة. تمتع الاسترليني بفترة قوة في بيئة التسهيل الكمي ما بعد الأزمة، مدفوعا بالفروق في العوائد. ويتوقع المحللون أن يكون بنك إنجلترا من بين البنوك المركزية الأولى التي ستبدأ في رفع أسعار الفائدة مرة أخرى، وهذا يدعم الاسترليني.

ولفترة من الوقت تحرك الاسترليني مباشرة على نحو ينسجم مع فروق الأسعار، لكنه في الأسابيع القليلة الماضية انحرف بشكل حاد عن هذا الطريق. ويقدر ديفيد بلوم، رئيس قسم أبحاث الصرف الأجنبي في HSBC، “الخصم” الانتخابي بنحو 6 في المائة. ومن دون هموم سياسية، يغلب على ظنه أن الجنيه الاسترليني قد يتداول عند 1.55 دولار ـ حاليا أقل من 1.50 دولار.

وهناك علامات أخرى دالة على القلق. من ذلك، تظهر سوق الخيارات المستثمرين وهم يبنون الحماية ضد ارتفاع في التقلب بعد الانتخابات. في سوق السندات الحكومية البريطانية قلص المستثمروين الدوليون مقتنياتهم بمقدار 14 مليار دولار تقريبا منذ بداية العام حتى الآن. ومع العجز في الميزانية، الذي يفترض أنه مرتبط بقدرة المملكة المتحدة على سداد ديونها، وهو أحد القضايا المركزية في الحملة، هذا الأمر يبدو معقولا تماما – حتى لو أن عائدات السندات المنخفضة لا تزال توضح أن لا أحد يشكك بشكل جدي في الجدارة الائتمانية للمملكة المتحدة.

أضف هذا إلى بعضه بعضا وستجد أن عدم اليقين الكافي تم احتسابه في الأسواق على أنه يعني أن الأسهم والسندات في المملكة المتحدة لا تشكل عند هذه النقطة قرار واضحا ينصح “بالبيع”. لكن قد يكون من التهور محاولة الشراء حتى يتم حل مشكلة عدم اليقين، ربما بعد الانتخابات.

لكن عند تلك المرحلة فإن الأدلة من عام 2010 – عندما تذوقت المملكة المتحدة للمرة الأولى فترة موجزة من المساومات السياسية بعد انتخابات غير حاسمة – تشير إلى أنه قد تكون هناك فرصة لطيفة للشراء. في تلك المناسبة أطلق المحافظون والديمقراطيون الأحرار تحالفهم بحلول 11 أيار (مايو)، وهبط الجنيه الاسترليني يوم 20 من الشهر نفسه ليصبح عند 1.43 دولار، قبل بدء اندفاع أخذ الجنيه إلى مستوى 1.67 دولار. ومؤشر فاينانشال تايمز 250 هبط لفترة أطول قليلا، ليبلغ أدنى مستوى له في الأول من تموز (يوليو). وفي وقت لاحق ارتفع أكثر من الضعف (بالدولار).

ما هو بالضبط الأمر الذي يخيف السوق أكثر، وما الأمر الذي من شأنه تخفيف حالة عدم اليقين؟ بصراحة قد يشعر معظم المستثمرين براحة أكثر بكثير مع حكومة من يمين الوسط. فلغة ميليباند الخطابية ليست صديقة للسوق. ويقول كثير من المحللين إن حكومة حزب العمال مدعومة من قبل القوميين الاسكتلنديين (الذين يعارضون بشدة سياسات التقشف أكثر مما يفعل حزب العمال) في بعض الجوانب الرسمية، أو غير الرسمية ستكون أسوأ حتى من ذلك.

المشكلة مع حكومة جديدة من المحافظين هي أنها يمكن أن تأتي مع التزام بإجراء استفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وبالتالي احتمال الخروج. وهذا سيكون الحال بصفة خاصة إذا استحوذ حزب الاستقلال في المملكة المتحدة، المعارض للاتحاد الأوروبي، على ميزان القوى، الأمر الذي يمكن أن يكون ساما من وجهة نظر المستثمرين الدوليين.

وبذلك، حتى أسوأ نتائج السوق ستشهد حكومات ضعيفة تكون رهينة للأحزاب الأكثر تطرفا.

الديمقراطية تعتبر شيئا رائعا، وعلى المستثمرين التعايش معها. لكن نتيجة السوق المثالية قد تكون أمرا لا يرغب فيه الناخبون، بحسب ما تشير إليه استطلاعات الرأي: ائتلاف مستقر آخر مع الديمقراطيين الأحرار. والواضح من أرقام الاستطلاعات أن عددا قليلا من الناخبين البريطانيين يشعرون بالسعادة بنتائج السنوات الخمس الماضية، لكن تلك الفترة كانت جيدة بالنسبة للأسواق.