IMLebanon

مواقف تتبدّل لمصلحة “ردم الحوض الرابع” وإعادة دراسة الجدوى الإقتصادية وآلية لدعم المشروع

BeirutPortFourthHarbor
موريس متى

لأشهر عدة، شغلت قضية ردم الحوض الرابع في مرفأ بيروت الرأي العام اللبناني عموماً والمسيحي خصوصاً، بعد ربط بعض الاطراف السياسيين هذه القضية بالوجود المسيحي في لبنان، ووصفها بالقضية الاجتماعية والعابرة للطوائف، وصولاً الى اعتبارها مسألة سيادية بامتياز تهدد الكيان اللبناني وما يُعرف بقدسية “العيش المشترك”. وبعدما أعادت هذه القضية الى المسامع عبارة “المنطقة الشرقية”، والتهديد الذي تشكله عملية ردم الحوض للحركة الاقتصادية في هذه المنطقة، عبر الغاء الدور الاستراتيجي للمرفأ وتغيير وجهاته الى مناطق أخرى تحظى بغالبية “غير مسيحية”، يبدو ان الامر انقلب رأساً على عقب، وتبدلت مواقف بعض الكتل السياسية المسيحية الاساسية، بسحر ساحر، من الرفض المطلق للمشروع الى مناصر لأهمية اتمامه لما يحمله من ايجابية.

تبدل المواقف
بعد أشهر من الاتهامات والانتقادات المتبادلة بين الاطراف السياسيين في ما يتعلق بردم الحوض، والتوقف المتكرر للمشروع، تارة بطلب من رئاسة الحكومة، وطوراً بتمنٍ من “بكركي” نتيجة اضراب بعض سائقي الشاحنات العاملة في المرفأ، يبدو ان الامور تصب في مصلحة السير بالردم، بعد نيل رضى أطراف سياسيين من المسيحيين كانوا في طليعة الرافضين للمشروع. وتشير أوساط متابعة للملف، أن عدداً من هذه الأطراف اضطلع عن كثب على المشروع، وطلب الحصول على دراسات جدوى مفصلة لما سينتج من عملية الردم، في وقت قامت شخصيات مسيحية بنفسها بجولات ميدانية في المرفأ للاضطلاع على سُبُل سير العمل فيه، واستمعت الى شرح مفصل من القيمين عليه عن أهمية اتمام التوسعة، وما ستحمله من ايجابية لحركة المرفأ عبر تحسين الإنتاجية ورفع ساعات العمل في الرصيف الجديد، اضافة الى توسيع دوره اقليمياً وعالمياً بعد اعتماده المعايير الدولية التي تضاهي تلك المتبعة في المرافئ العالمية.
وفي سياق متصل، تشير هذه الأوساط، الى ان الأطراف الذين كانوت يعارضون اتمام عملية الردم تراجعوا عن مواقفهم بعد الدراسات التي قدمت اليهم وتأكدهم بالارقام ان هذا المشروع لا يهدد مستقبل المسيحيين العاملين في المرفأ، ولا يؤدي الى تغيير وجهة العمل فيه، بل يساهم في تعزيز دوره الذي سيصبّ في نهاية الامر في مصلحة الاقتصاد الوطني عموماً. وتتابع بالاشارة الى ان عدم صدور موقف رسمي واضح من بعض الاطراف المسيحيين الرافضين للمشروع خلال الاشهر الماضية، كان نتيجة عدم اضطلاعهم على كل التفاصيل العلمية والاقتصادية المتعلقة بالمشروع، ففضلوا التريث في اعلان الرفض “رسميا”، وقرروا تشكيل ما يعرف بـ”لجنة متابعة موضوع الحوض الرابع ” برئاسة النائب البطريركي العام المطران بولس صياح. وفي هذا السياق، تؤكد مصادر مضطلعة على القضية، ان آلية تحرك جديدة قد بدأ العمل بها وشملت عدداً من القيادات المسيحية وذلك بعد تأكد بكركي ان مصالح المسيحيين ليست مهددة في حال اتمام عملية الردم. وعلى رغم هذا التطور في المواقف، ما زال بعض الاطراف مصرّ على اعتبار أن تطوير مرفأ بيروت والاستثمار فيه امران ضروريان لكن ضمن خطة متكاملة لتطوير كل اجزاء المرفأ، اضافة الى انهاء الوضع الموقّت للجنة ادارة واستثمار مرفأ بيروت، ووضع اسس قانونية واضحة لإدارة المرفق تتزامن مع انشاء هيئة تنظم عمل المرافئ اللبنانية ضمن خطة شاملة للنقل البحري من خلال مجلس الوزراء. وهذا البعض لا يزال يطرح تساؤلات عن عملية التلزيم التي تمت بالتراضي لمصلحة شركة “حورية” وليس عبر استدراج عروض، ضمن صفقة قيمتها 129 مليون دولار. علماً أن التلزيم بالتراضي وفق قانون المحاسبة العمومية جائر في حالة ردم الحوض الرابع لأنه جزء من مشروع أكبر لتوسيع المرفأ والذي تم عبر مناقصة عالمية رست على “حورية” وهي الشركة التي بدأت مشروع التوسعة. أما اصدار مرسوم جديد بردم الحوض الرابع فليس ضروريا باعتبار أن المرسوم 9040 الصادر بتاريخ 29-08-1996 وسّع النطاق الجغرافي لمرفأ بيروت الى حدود مصب نهر بيروت، كما اعتبر جميع الاراضي الداخلة ضمنه من الاملاك العمومية للدولة الملحقة بادارة واستثمار المرفأ.

أهمية المشروع
وفي التفاصيل، يهدف المشروع الى انشاء محطة مرفئية جديدة متعددة الاستعمال تجمع ما بين حركة البضائع العامة وحركة المستوعبات معاً، عبر استحداث رصيف متطور بطول 500 متر وبعمق 15,5 متراً ليحل مكان الرصيفين 13 و 14 اللذين يبلغ عمقهما 11 متراً فقط، كذلك سيكون لهذا الرصيف الجديد باحة خلفية اضافية للتخزين تصل مساحتها الى نحو 130000 متر مربع، وهي المساحة التي ستنتج من ردم الحوض الرابع، كذلك سيمكّن المشروع السفن التي تدخل الى المرفأ من العمل ليلا ونهاراً في تفريغ وتحميل حمولتها، كما سيؤول تالياً الى استيعاب حركة البضائع في المرفأ مهما ارتفعت خلال السنوات المقبلة، سواء كانت بضائع شحن عام أو ضمن مستوعبات. واستحداث محطة جديدة للمرفأ من المنتظر ان يرفع ساعات عمل المحطة الى 24 ساعة مع الابقاء على عمل الشاحنات على مدار 9 ساعات يوميا، ما يساهم أيضاً في توفير مزيد من الوظائف في المرفأ.

أرقام المرفأ
ارتفعت حركة مرفأ بيروت من استقبال 266 الف حاوية عام 2000 الى مليون و200 الف عام 2014، كما ارتفع حجم البضائع من 4٫8 ملايين طن الى 8٫2 ملايين خلال هذه الفترة. أما إيرادات المرفأ فقد وصلت الى نحو 219 مليون دولار عام 2014 مقارنة بـ 67 مليونا عام 2002 نتيجة التطوير الذي شهده.