IMLebanon

الصين تطمح إلى جعل باكستان «ممراً اقتصادياً» يربطها بالشرق الأوسط

china-president

أشاد الرئيس الصيني شي جينبينغ أمس بـ «الثقة المتبادلة» بين بكين وإسلام آباد، وذلك خلال مداخلة نادرة لرئيس دولة أجنبي أمام البرلمان الباكستاني في اليوم الأخير من زيارته هذا البلد. وكان مسؤولون صينيون وباكستانيون وقعوا أمس الأول 50 اتفاقاً مبدئياً لتطوير مشاريع طاقة وبنى تحتية بقيمة 46 بليون دولار لإقامة «ممر اقتصادي» بين الصين والشرق الأوسط يشمل باكستان.

وأعلن شي أمام النواب والديبلوماسيين والجنرالات المجتمعين في البرلمان، أن «أمام باكستان فرصة تاريخية للتطور»، مشدداً على أهمية «الصداقة» بين باكستان والصين البلدين المجاورين اللذين تعود العلاقات الديبلوماسية بينهما إلى خمسينات القرن العشرين. ويندرج الممر الاقتصادي الذي يربط غرب الصين بميناء جوادور على بحر العرب، ضمن خطة أكبر لتوسيع التجارة الصينية ونفوذها في آسيا الوسطى وجنوب غربي آسيا مع تسهيل وصولها إلى موارد النفط في الشرق الأوسط، والحد من اعتمادها على النقل البحري.

وصرح شي بأن «إحدى النقاط التي تحدّد علاقاتنا هي الثقة السياسية العميقة المتبادلة التي تجعلنا نضع أنفسنا في موقع الآخر عندما يتعلق الأمر بمواجهة تحديات مهمة»، مشدداً على «القيم المشتركة» التي يتقاسمها البلدان و «تضحيات» باكستان «في الحرب على الإرهاب». وباكستان إحدى الدول الحليفة المهمة للولايات المتحدة في «الحرب على الإرهاب»، إلا أن العلاقات بين البلدين لا تزال مشوبة بالريب، إذ غالباً ما اتهم نواب أميركيون إسلام آباد بدعم بعض المجموعات الجهادية ومحاربة أخرى.

وتشمل الاتفاقات الموقعة تزويد الصين باكستان ثماني غواصات حديثة تصل قيمتها إلى خمسة بلايين دولار، فيما يشكل خط الحرير الجديد بين الصين وميناء جوادور على بحر العرب عصب الاستثمارات الصينية المتدفقة على باكستان. وأصدر الجانبان بياناً مشتركاً عن الزيارة أكد فيه الجانبان إنشاء تحالف وشراكة استراتيجية في كل الظروف والأحوال وفي كل الأصعدة، الأمر الذي قد يثير حفيظة الهند الخصم التقليدي لكلا البلدين، كما قد يثير مخاوف أميركية.

ومن المتوقع أن يكلف خط الحرير الواصل من كاشغر في الصين إلى ميناء جوادور الباكستاني 28 بليون دولار، حيث تقيم الصين خطاً برياً دولياً بين البلدين، إضافة إلى سكة حديد لنقل البضائع الصينية لتمكينها من الوصول إلى الشرق الأوسط وأفريقيا بالسرعة المطلوبة، فضلاً عن عدد من الاستثمارات الصينية في مجال الطاقة والتعدين والتصنيع في باكستان.

وكانت زيارة الرئيس الصيني إسلام آباد مقررة في أيلول (سبتمبر) الماضي، لكنها أجلت بسبب الاعتصام الذي قاده كل من عمران خان وطاهر القادري أمام البرلمان الباكستاني، والقول بوجود أخطار أمنية في حال قيام الرئيس الصيني بزيارته في ذلك الوقت. وتولى الجيش الباكستاني الإشراف على أمن زيارة الرئيس الصيني فيما انتشرت الشرطة في أنحاء العاصمة إسلام آباد وأغلق الحي الديبلوماسي ومجمع الرئاسة والبرلمان والوزارات أمام الحركة العادية اليومية.

وحرص الرئيس الصيني على اللقاء مع قادة الأحزاب والكتل البرلمانية الباكستانية الموالية للحكومة والمعارضة لها في إشارة إلى أن الصين لا تفرق بين الباكستانيين، وأنها تقف إلى جانبهم أجمعين. وحظي باستقبال حافل، إذ خرج للمرة الأولى كل من الرئيس الباكستاني ممنون حسين ورئيس الوزراء نواز شريف وقادة الجيش والبحرية وسلاح الجو الباكستاني وأعضاء الحكومة المركزية كافة للاصطفاف في استقباله في قاعدة نور خان الجوية القريبة من إسلام آباد، وهو تعبير عما تعول عليه باكستان من علاقاتها بالصين.

وكانت مصادر باكستانية في وزارة الطاقة أشارت إلى إمكان تمويل الصين مشروعَ خط أنابيب الغاز الإيراني – الباكستاني الذي تسعى باكستان إلى إكماله بعد إنهاء العقوبات الدولية المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي.

لكن بلوشستان تقع في قلب استراتيجية بكين لإقامة «الممر الاقتصادي» إلا أن خطتها تصطدم بالمتمردين الانفصاليين في هذا الإقليم الباكستاني الذين يرفضون في الوقت الحالي أي حوار سلام. ويقع ميناء جوادور وقسم من الممر الاقتصادي الذي تخطط له الصين في إقليم بلوشستان الأكبر مساحة والأقل تقدماً في باكستان على رغم موارده الهائلة من الغاز والمناجم. ومنذ استقلال باكستان في 1947، شهد إقليم بلوشستان أربع مراحل تمرد بدأ آخرها وأطولها قبل عشر سنوات. ويعارض المتمردون تطوير ميناء جوادور ويشترطون لذلك «استقلال» الإقليم، ولم يترددوا في الماضي بتفجير أنابيب أو قطارات وحتى قتل مهندسين صينيين.

وفي مطلع نيسان (أبريل) تبنت جبهة تحرير بلوشستان، إحدى أبرز حركات التمرد، هجوماً راح ضحيته 20 شخصاً هم عمال من إقليمي السند والبنجاب المجاورين. وعلى الفور عمدت قوات الأمن الباكستانية، المتهمة بخطف أنصار مفترضين لـ «قضية البلوش» وقتلهم قبل أن تعلنهم «في عداد المفقودين»، بعملية عسكرية انتقامية.