IMLebanon

مخاوف أمريكية من فصل جديد في دراما «ليمان برازرز» في اوروبا

LehmanBrothers

جيليان تيت

أسبوع آخر، وموجة أخرى من الدراما اليونانية. لكن بينما يطلق المستثمرون تكهنات حول إمكانية إصابة اليونان بالإعسار، ينبغي لهم الانتباه لانقسام صارخ بدأ بين أمريكا وأوروبا.

على الجانب الشرقي من المحيط الأطلسي، يحاول صناع السياسة جهدهم ليشيروا إلى أن إعسار اليونان، أو حتى الخروج من منطقة اليورو، قد لا يكون أمرا وخيما. وفي اجتماعات صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي، جادل مسؤولون ألمان بأن فرصة خروج اليونان قد تم احتسابها في الأصل في الأسواق، وأن بالإمكان احتواء الصدمات.

لكن على الجانب الغربي، المزاج غير تفاؤلي. في وقت سابق من الأسبوع الماضي، حذر جيسون فيرمان، رئيس المجلس الأمريكي للمستشارين الاقتصاديين، علنا من أن “خروج اليونان قد لا يكون سيئا فقط بالنسبة للاقتصاد اليوناني، وإنما يشكل مخاطرة كبيرة جدا وغير ضرورية على الاقتصاد العالمي تماما في الوقت الذي أخذ فيه كثير من الأمور يسير في الاتجاه الصحيح”. وفي محافلهم الخاصة، يعرب المسؤولون الأمريكيون حتى عن قلق أكبر.

لماذا هذا الفرق على جانبي الأطلسي؟ جزئيا، بسبب الحوافز. فقد أمضت دول كألمانيا الأشهر الثلاثة الماضية في مفاوضات عديمة الجدوى مع الحكومة اليونانية الجديدة، وهي الآن محبطة جدا، وتريد إيجاد سبل لإعطاء طابع عقلاني لاتخاذ موقف متصلب. أما الأمريكيون، على النقيض من ذلك، فهم بعيدون عن الموضوع.

لكن العامل الآخر هو بنك ليمان براذرز. عندما انهار هذا الوسيط المالي قبل سبع سنوات، تعلم المسؤولون الأمريكيون درسا قاسيا، هو كيف أن بإمكان الصدمات الصغيرة أن تتصاعد لتخرج عن السيطرة. لقد مر نظراؤهم الأوروبيون بتلك الأزمة أيضا. لكن المتداولين في وول ستريت والبيروقراطيين في واشنطن شهدوا انتشار العدوى بطريقة فورية، ما أثر في نفسياتهم. ويشتبه بعض المسؤولين الأمريكيين في وجود عديد من النقاط الرئيسية حول تلك الهزيمة لعام 2008 يمكن أن تكون مهمة جدا حالة اليونان.

الأولى هي أنه حتى لو تم تحليل خطر معين بشكل جيد – أو حتى تم توقع حدوثه مسبقا – فإن هذا لا يمنع حدوث عواقب سيئة وغير مقصودة. فكر فيما حدث في عام 2008. قبل انهيار بنك ليمان براذرز بستة أشهر، كانت هناك أزمة بكامل قوتها لدى بنك بير ستيرنز جعلت المنظمين والمصرفيين يستعدون لصدمة مالية أخرى ويتحسبون لمواجهتها ـ عشية إفلاس بنك ليمان، مثلا، كان المنظمون يركزون بقلق شديد على السيطرة على المخاطر التي سببتها مشتقات الائتمان.

لكن خلال هذا الحدث، غابت عن المنظمين خدعة: ما أثار اضطراب السوق عندما فشل بنك ليمان لم يكن عقود مشتقات الائتمان، بل مسألة قانونية سبق أن تم تجاهلها، هي أن قانون الإفلاس في المملكة المتحدة حاصر أصول المستثمرين بطريقة تختلف عن قانون نيويورك.

الدرس الثاني من بنك ليمان هو أنه عندما تفشل جهة من جهات الإصدار، فإن هذا يمس القناعات لدى الآخرين أيضا. هذا ليس فقط لأن المستثمرين يبدأون بالقلق بشأن العيوب الموجودة في الكيانات الأخرى، ولكن بسبب حيرة السياسة الأوسع: عندما أخفق بنك ليمان، تبين فجأة أن الأنموذج الكامل للتمويل لا يمكن التنبؤ به. لذلك انتشرت حالة من الفزع أحاطت بصناديق سوق المال، وهذا يسلط الضوء على نقطة ثالثة: أن الاضطرابات السياسية لها شأنها. ما عمل على انهيار الأسواق العالمية حقا في 2008 هو أن الكونجرس الأمريكي رفض مبدئيا، بعد فشل بنك ليمان ببضعة أيام، حزمة إنقاذ مصرفية أوصى بها هانك بولسون، وزير الخزانة الأمريكية آنذاك، ما أوجد حالة من عدم اليقين بشأن السياسة.

ربما يمكن تجنب هذه الأخطار الثلاثة مع اليونان. فقد أمضى المنظمون والمصرفيون أشهرا وهم يدرسون أوجه الترابط المالية حول اليونان ويجرون تدريبات تحسبا لخروج اليونان. تحسنت الأحوال الصحية لدول مثل إسبانيا وإيرلندا بشكل جذري، وهو أمر ينبغي “من الناحية النظرية” أن يقلل من خطر العدوى. وفيما لو حدث إعسار يوناني، أو خروج، قد يكون لبقية منطقة اليورو استجابة سياسية موحدة ومتماسكة، أو هذا ما قاله مسؤولو منطقة اليورو لنظرائهم الأمريكيين في صندوق النقد الدولي.

لكن قد تكون كل تلك الحجج الثلاث – أو الآمال – مفرطة في التفاؤل. أولا، عدم الشفافية للمؤسسات المالية لا يزال بحد ذاته يخلق مجالا واسعا لحدوث مفاجآت سوقية وقانونية سيئة. واليونان بالتأكيد ليست الدولة الوحيدة المثقلة بالديون المفرطة. وثالثا، ليس هناك أي ضمان بأن المفاجآت السياسية ستنتهي بخروج اليونان. فمثلما حدث في عام 2008، ربما تتسبب مبدئيا في خلق مزيد من حالة عدم اليقين بخصوص السياسة.

أو إذا أردنا أن نضع الأمر بطريقة أخرى، نقول على الرغم من أن مسؤولي منطقة اليورو يصرون على أن بإمكانهم التعامل مع مخاطر الدرجة الأولى لخروج اليونان، فإن مشكلات الدرجة الثانية هي التي تسبب القلق للأمريكيين “وهم محقون في ذلك إلى حد كبير”. خصوصا لأن هناك درسا رابعا تعلمناه من بنك ليمان براذرز: عندما تضرب الأزمة، تميل قيمة الكيانات المنكوبة إلى الانكماش. فقد أصبحت الفجوة في الميزانية العمومية الخاصة ببنك ليمان أكبر بكثير مما يمكن تصوره. وهذه فكرة مخيفة فيما يتعلق بأي سيناريو لخروج اليونان – ليس فقط بالنسبة لليونان، وإنما لمنطقة اليورو بأكملها.