IMLebanon

عائدات الغاز والنفط متى وكيف تُستعمل؟

OilSea2
مروان اسكندر

السؤال المطروح عموماً وفي اذهان المواطنين العاديين هو مدى الاستفادة من عائدات النفط والغاز بعد تطويرها وكيف سيكون الوضع في لبنان؟
على المستوى المبسط، يبدو السؤال منطقياً لكن الامور المتعلقة بانتاج النفط والغاز متعددة ومن أهمها حجم الثروات الباطنية اذا وجدت، تكاليف التنقيب والانتاج، شروط اطفاء تكاليف البحث والتنقيب والانتاج، أسعار المنتجات المتوقعة في تاريخ بدء الانتاج اذا أمكن تحديدها، ومستويات العائدات والضرائب التي تفرض على الانتاج.
نقول فوراً إن الاجابة عن جميع هذه الاسئلة غير ممكنة بدقة. التقديرات الجيولوجية لاحتياطات شرق المتوسط تولت تقديرها هيئات اختصاصية أميركية، أي مكتب الاستقصاءات الجيولوجية، ومنذ عام 2010 هنالك تأكيد لوجود كميات وافرة تحت اعماق رقعة تبلغ مساحتها 80 الف كيلومتر مربع تمتد قبالة اسرائيل، ولبنان، وسوريا، وقبرص، وجنوب تركيا، والمساحة الاقتصادية الخاصة بلبنان في مياه المتوسط المشار اليها هي 20 الف كيلومتر مربع، أي ضعفي مساحة لبنان، وهنالك اختلاف بين اسرائيل ولبنان على طريقة رسم الحدود البحرية يتناول 870 كيلومتراً مربعاً.
اكتشافات لحقول الغاز قبالة اسرائيل، ومنذ عام 2000 قبالة غزة، على أيدي شركة CCC والمجلس الوطني الفلسطيني وشركة الغازية البريطانية British Gas التي اندمجت بشركة شل حديثاً، قبالة قبرص اليونانية وتحقق الاكتشافات في غالبية الآبار التي حفرت ترجح وجود كميات من النفط والغاز في المياه اللبنانية.
استناداً الى الدراسات والمسوحات الجيولوجية الزلزالية التي نفذت حتى تاريخه بشقيها الثنائي والثلاثي الابعاد، وعلى رغم عدم امكان تقديرات الجزم بالكميات الممكن توافرها، قدم مسؤولو هيئة ادارة شؤون النفط في مؤتمر انعقد في مركز الابحاث والدراسات بوزارة الدفاع اللبنانية في ايلول 2014 تغطي ثلاث مناطق استكشاف من عشر تحددت معالمها النهائية باستثناء منطقتين هما 9 و10 اللتين يشملهما الخلاف مع اسرائيل.
المنطقة رقم 1 في اقصى الشمال الشرقي من المياه اللبنانية والرقم 4 في الوسط والرقم 9 في الجنوب قدرت ثروات الغاز والنفط في كل منها بالكميات الآتية:
الرقعة رقم 1: 14,9 تريليون قدم مكعب من الغاز و440 مليون برميل من النفط
الرقعة رقم 4: 13 تريليون قدم مكعب من الغاز و425 مليون برميل من النفط
الرقعة رقم9: 15,2 تريليون قدم مكعب من الغاز.
واذا تحققت هذه التقديرات وحدها في الرقع الثلاث، يظهر ان احتياطات لبنان تفوق ما اكتشف في اسرائيل حتى تاريخه في ثمانية حقول، اكبرها حقل ليفياتان، أي العملاق، الذي يبلغ احتياطه 18 تريليون قدم مكعب من الغاز، في حين ان حقل تمار الذي هو قريب من الحدود البحرية اللبنانية يحتوي على 10 تريليون قدم مكعب.
الاسرائيليون قرروا تخصيص 60 في المئة من ثروتهم من الغاز لتزويد محطات الكهرباء هذه المادة، وربما محطات لتحلية المياه، وقد عقدوا حديثا اتفاقاً بواسطة شركة غير الشركة المستغلة لغالبية حقول اسرائيل – اي شركة “نوبل” التي هي أميركية الجنسية لانها تأسست في تكساس، لكن غالبية اسهمها يملكها اسرائيليون – مع مصر لتصدير ما قيمته مليار دولار من الغاز سنوياً لتغذية محطات الكهرباء في مصر والتي واجهت مصاعب في تأمين الحاجات لنقص إمدادات الغاز المحلي، بفعل سوء الادارة.
بالطبع لا نستطيع الاسترخاء حيال الثروة الباطنية والانقاذ المنتظر بلهفة من اللبنانيين لإنعاش النمو وفرص العمل. فأعمال البحث والتنقيب ومن ثم الانتاج تحتاج الى سبع او ثماني سنوات كما كان الوضع في اسرائيل، التي تحوز تقنيات متطورة، وعلى افتراض تلزيم البحث والتنقيب خلال الاشهر الستة المتبقية من هذه السنة، يصير السؤال الجوهري الذي لا يطرح، كيف ستكون أوضاع الاقتصاد والدين العام في السنوات التي يفترض انقضاؤها ما بين 2016 و2024 قبل حصول نتائج البحث والتنقيب؟
الامر الاكيد ان علينا بذل الجهود لضبط عجز الموازنة وتضخم الادارات العامة ونفقاتها، وتحسين الانتاجية في التشريع، والقضاء، وتطوير قانون الانتخابات ليصير بالفعل تمثيلياً لآمال اللبنانيين. ان جميع هذه الاهداف متفق عليها، لكن العمل على تحقيقها أو تحقيق جزء منها لم يظهر، كما ان النتائج في تدهور مستمر، ولولا انخفاض أسعار النفط والوفورات المتحققة لمصلحة كهرباء لبنان، وانخفاض عجزها على الاقل 800 مليون دولار، وانخفاض عجز ميزان المدفوعات أكثر من ملياري دولار، لكانت هذه السنة أصعب سنة على الاقتصاد والمواطنين اللبنانيين.
مطلوب تحقيق برنامج تحفيزي لنمو الاقتصاد واصلاحي تشريعي واداري لتشجيع الاستثمار، ومن الخطوات المطلوبة في أسرع وقت لان تراكم الدين العام في حال تأثير مشاريع التطوير وتحقيق الوفورات يعني تزايد الدين العام مدى ثماني سنوات نحتاج اليها للتحقق من كميات النفط المتوافرة وامكانات الانتاج بـ25 مليار دولار على الاقل، وتالياً يتجاوز الدين العام 93 مليار دولار. وبحسب الاسعار السائدة للغاز والنفط في 2024، ربما نتآكل نصف العائدات التي نرجو تحقيقها أو أكثر في ضوء أرقام الثروات الغازية والنفطية والاسعار السائدة وتكاليف الانتاج، ومعدلات الضريبة على ارباح شركات النفط والغاز.