IMLebanon

“ندوة عن رسالة الراعي بعنوان “مذكرة اقتصادية: إقتصاد لمستقبل لبنان

patriarche-raii-new
عقدت قبل ظهر اليوم ندوة صحافية في المركز الكاثوليكي للإعلام، بدعوة من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام عنوانها: “مذكرة اقتصادية: إقتصاد لمستقبل لبنان”، الرسالة العامة الرابعة للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، شارك فيها رئيس أساقفة بيروت للموارنة ورئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر، مدير المركز الكاثوليكي للاعلام الخوري عبده أبو كسم، رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين السابق نعمت افرام، والخبيران الإقتصاديان الدكتوران غازي وزني ايلي يشوعي، في حضور الدكتور أنيس مسلم، الأب ايلي أبراهام وعدد من الإعلاميين والمهتمين.

مطر
ترأس الندوة المطران بولس مطر وقال في مداخلته: “الرِسالة الوطنية التي نحن اليوم في صددها في هذا اللقاء الصحافي اليوم وجهها غبطته في مناسبة السنة الرابعة لانتخابه بطريركا وعالج فيها موضوعا من أهم المواضيع وأخطرها في حياة لبنان اليوم، ألا وهو موضوع الاقتصاد، المتعلق بحياة الناس اليومية، وبسعيهم إلى الرغيف وإلى تأمين المسكن والعمل وتعليم الأولاد، وإلى تطوير مجتمعهم نحو الأفضل على غير صعيد. ويأتي طرح هذا الموضوع بعد أن وجه غبطته في العام الماضي وفي المناسبة عينها رسالة وطنية تتعلق بمصير لبنان السياسي وبكيفية العمل من أجل ضمان هذا المصير. وفي الحقيقة، فإن هذين الموضوعين، موضوع السياسة وموضوع الاقتصاد، يكملان بعضهما بعضا، بحيث لا يمكن فصل أي منهما عن الآخر، ولا تفضيل أي منهما على الآخر في أولويات الناس، حكاما ومحكومين. إذْ لا يمكن حل مشكلة سياسية أو معضلة وطنية لها علاقة بالسياسة دون التطرق إلى الوضع الاقتصادي الذي يسير مع الوضع السياسي في خط مواز له، ومرتبط به على الدوام”.

وأضاف: “لكننا قبل الاستماع إلى محاضرينا الأعزاء يقدمون الينا مضامين رسالة غبطته في الاقتصاد الوطني، نلفت إلى حراجة هذا الموضوع في الزمن الحاضر، وإلى أننا لا نتطرق معه إلى بحث أكاديمي هادئ يطلق في بلد مستقر تحكمه العقلانية الصرفة، بل إلى صرخة من السيد البطريرك، يريد أن يهز بها الضمائر في وطن يسير فوق هاوية مخيفة وعلينا جميعا إنقاذه مما يتخبط فيه. فيشير غبطته في مطلع رسالته إلى فداحة الدين العام الذي يسارع نحو بلوغ مئة مليار دولار، ما يكبل أجيالنا الطالعة ويضع ثقلا غير مسبوق على كواهلها. يذكرنا بالشلل الاقتصادي الناجم في بلادنا عن الأزمات السياسية المتلاحقة. فالاقتصاد صعب المعالجة حتى في الدول المستقرة فكم بالحري يصعب حل مشاكله في الدول المهتزة أمنيا وغير المستقرة مثل دولتنا؟ أضف إلى ذلك موضوع النازحين السوريين وغيرهم الذين يفوق عددهم نصف عدد سكان لبنان. وهم يلجأون إلى هذه البلاد التي تضيق آفاقها بأبنائها الأصليين الذين يهاجرون إلى بلدان الدنيا لتوفير عيشهم، فكيف يوفر لهم لبنان حاجاتهم وهو قصير اليد حتى تجاه أبنائه بالذات. كما يلفت غبطته أيضا إلى أوضاع العمال والموظفين وذوي الدخل المحدود الذين يطالبون بحقوقهم المشروعة فيما البلاد تنزف وكأنها تمثل أبا مقصرا تجاه أولاده الصارخين من جوعهم فيما هو مفلس أو مشارف على الإفلاس”.

وتابع: هذه الرسالة إذا هي رسالة توجه إلى الضمائر الوطنية المخلصة قبل العقول، لعلها تتحرك بإخلاص وبتضامن بين أهلها وصولا إلى انتشال لبنان من المأزق الذي يهدده بشر كبير. لذلك فإن غبطته يطرح في هذه الرسالة أمور الاقتصاد اللبناني في العمق داعيا إلى حلول جذرية لها ناجعة. فيذكر اللبنانيين أن هناك خللا أساسيا في طرحهم لقضايا الاقتصاد الوطني ينجم عن موقفهم التاريخي من دولتهم ومن دور هذه الدولة في خدمة اقتصاد شعبها. فلبنان يبدو إلى الآن وكأنه يحيا زمن الحرية الفردية المتفلتة من قيود المسؤوليات المترتبة عليها في الحياة الاجتماعية وفي التضامن بين الناس من أجل سد عوز أهل المجتمع الواحد والمصير الواحد. لذلك وجب على لبنان أن يتخطى فكرة الحرية المتوحشة، ودولة “البوليس” التي لا تتدخل في شؤون الاقتصاد، ولا بعمل السوق وتقلباته، ليصل بسرعة إلى الدولة المعتنية بشعبها والمؤتمنة على تضامنه وتطوره في آن معا”.

وقال: “الموضوع الثاني الذي يدعو غبطته إلى معالجته معالجة حقيقية هو موضوع دور لبنان الاقتصادي بالذات. فهل يبنى اقتصادنا على الريع وحده، أو على الخدمات نؤديها بين شرق وغرب أو على التجارة والعمولات؟ أو أننا نطور إنتاجنا صناعيا لنصبح دولة قادرة على إيجاد فرص عمل لأبنائها داخل حدودها بدلا من إرسالهم إلى الخارج ليسهموا في تطوير كل بلدان العالم ما عدا بلدهم بالذات؟ وهل نذكر في هذه المناسبة قول جبران ابن لبنان القائل: “ويل لأمة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تغزل”. فأين الشعور بالسيادة الوطنية أو بالهوية الذاتية عندما نصبح مجرد خدام للآخرين أو عند الآخرين؟”.

واضاف: “الموضوع الثالث الذي يلفت إليه غبطته هو موضوع النظام الضرائبي في لبنان. نحن نعلم أن بعض الإعفاءات في الضرائب تحفز الاستثمار في وطن يحتاج إلى مستثمرين. لكننا لا نقبل أن تغيب عن لبنان فكرة التضامن بين فئات شعبه، غيابا ساحقا ومخجلا. إذ كيف يبقى لنا وطن موحد عندما تنفصل الفئات الوطنية بعضها عن بعض فلا يفيد فقير من غنى مواطنه الآخر في توفير المستلزمات الأولية لعيشه؟ فهل يعقل أن يكون عندنا دولة لا تستطيع أن تطعم أيتامها وتلبسهم إلا بما هو تحت خط الفقر وفي جو من الإذلال الفاقع؟”.

وتابع: “يذكر غبطته جميع القيمين على الوطن سياسيا واقتصاديا أن عليهم مسؤولية كبيرة في فتح الأبواب أمام المستقبل لجيل كامل من اللبنانيين. فيدعو إلى ضرورة سد النقص في أبسط الأمور، ومنها أمور البنى التحتية التي بدونها لا صناعة ولا إنتاج. إذا نحن في حاجة إلى تأمين المياه أولا عبر إنشاء السدود الضرورية. وقد رأينا كيف أن سنة واحدة من الجفاف وتناقص الأمطار وضعت لبنان في موضع لا يحسد عليه. ونحن في حاجة أيضا إلى طرقات تضمن حركة الناس والبضائع، وإلى موانئ نبنيها ولا نردمها، وإلى معالجة شؤون الكهرباء والنفط بضمير وطني حي، وإلى خلق صندوق يدعم الأجيال ويوفي ديونها المتراكمة.”

وختم: “نحن نشعر بأن الوقت يضيق بنا، وأن المسؤولين يتصرفون بمعظمهم وكأن لا مشاكل مطروحة ولا أزمات تخنق الناس، أو كأن الأوطان توضع في الجيوب وتباع وتشرى بغير دم القلب وعرق الجبين. فيا أهل الاقتصاد ويا أهل الضمائر الحية ها نحن نصغي إليكم ونترك لكم الكلام ونقول لكم باسمنا وباسم جميع المشاهدين والمستمعين: شكرا لما به تتفضلون”.

افرام
وقال افرام: “أفتخر كثيرا بصرخة البطريرك وهذا يدل على دور الكنيسة المارونية التي تعي مسؤولياتها اليوم والوضع الحرج ألذي يمر به لبنان، وكلنا نعلم وضعنا السياسي والأمني الحرج الذي تمر فيه المنطقة”.

ورأى أن “هناك سباقا بين قطارين، الاثنين إلى الجهيم، قطار أمني عسكري، وقطار اقتصادي اجتماعي وهو سيصل اولا إلى الجحيم بحسب المؤشر منذ 3 أشهر”.

واضاف: “هذه الصرخة هي النمو الفائق البنوة في العجز والدين العام، الدين العام ينمو 8 في المئة في السنة اما الإقتصاد ينمو 2 في المئة، فعلينا التوقف هنا وهذا آخر مراحل الإنهيار الإقتصادي. من هذه الصرخة ومن هذا الواقع نقرأ هذا النداء ونرى فيه أملا، لأننا نحن كنيسة الأمل والرجاء، وبقلب هذه الصرخة خريطة طريق للنهوض الرؤيوي في رؤية بنيوية للإقتصاد اللبناني”.

وتابع: “أقتصادنا يجب أن يكون اقتصاد منتج ليس فقط للقيمة المضافة بل ايضا لفرص العمل والتي هي صلب الموضوع في استقرار الدول وهي العصا السحري لحل كل المشاكل الأقتصادية والأجتماعية والسياسية وتوازن الطوائف، وهي المؤشر الأول لسياسة السياسيين الناجحة. هدفنا 20 و30 ألف فرصة عمل في السنة. وغبطته يعتمد على حداثة كبيرة (تطوير المفهوم الاقتصادي) الاقتصاد المتضمن إي ادخال أكبر فئة من المجتمع في الاقتصاد”.

وقال: “الكنيسة التي هي خبيرة الإنسانية – التي عمرها 2000 عام – تعتبر معنية كثيرا بالإقتصاد المتضمن وتوفير فرص عمل للجميع ومساعدة الإنسان بأفضل الطرق، والذي لا يرغب في العمل يجب العمل عليه”.

أضاف: “يجب التطور الى الاقتصاد الجامع اين أننا كلنا معنيين وكلنا علينا واجبات وهذا يشمل كل الطوائف والأحزاب والسياسات وكل الأفرقاء اللبنانيين”.

وتابع: “خارطة الطريق التي وضعها غبطته العلاقة بين القطاع الخاص والعام والقطاع المدني يجب تطويرها، وعلى الدولة أولا تحديث القوانين لتستقطب رؤوس أموال، وثانيا توظيف البنى التحتية، من هنا حتمية الشراكة بين مختلف القطاعات والتي تطرقت إليه هذه الصرخة”.

واعتبر “هذه الصرخة لم تقف على وصف الوضع وعلى وضع رؤوس أقلام، بل دخلت في التفاصيل، ووضعت مشروعا لإقتصاد لبنان المستقبل والكنيسة تعتبر همها الإنسان والإنسانية ورؤية لبنان المستقبل إقتصاديا”.

وزني
وقال الدكتور وزني في مداخلته “اقتصاد السوق ومبادئ العدالة وكرامة الانسان”،
“تعتري اقتصاد السوق في لبنان شوائب وتشوهات اذ لا يتوازن مع العدالة الاجتماعية والتنمية البشرية ولا يوفر مبادئ الكرامة ومستلزمات العيش الكريم كما انه لا يحقق الانماء المتوازن ولا يحد من الفقر المتصاعد والبطالة المستشرية، وأبرز أخطاره:

1- تحكم الاحتكارات والتكتلات بالاسعار: بحيث يعاني المواطن الاسعار المرتفعة والعشوائية للسلع والخدمات اذ لا يفيد من مبادئ العرض والطلب بسبب تحكم الكارتيلات والاحتكارات وتركز المؤسسات المالية بالاسعار. وينعكس ارتفاع الاسعار على الفئات المحدودة الدخل ويزيد من حدة الفقر ويؤثر سلبا على النمو الاقتصادي.

2 – تهميش القطاعات الانتاجية الذي أدى الى اقفال مئات المصانع وافلاس العديد من المزارعين وصرف الاف من العمال، اضافة الى اضعاف حجم الصادرات اللبنانية والاعتماد على الاستيراد لتغطية المتطلبات الداخلية ما تسبب بتسجيل الميزان التجاري عجزا مزمنا ومتصاعدا. في المقابل نما قطاع الخدمات ذات المردود المالي العالي بشكل ملموس ليمثل حوالي 75 في المئة من الاقتصاد وقد سجل النمو الاكبر في القطاع المصرفي الذي زادت موجوداته في العقدين الاخيرين حوالي 16 ضعف وأرباحه نحو 18 ضعف من 105 ملايين دولار الى 1865 مليون دولار.

3 – خضوع النمو الاقتصادي للعوامل الخارجية: تهميش القطاعات الانتاجية ونمو قطاع الخدمات الى اعتماد الاقتصاد الوطني كليا على العوامل الخارجية لنموه: التطورات السياسية والاقتصادية والامنية الخارجية، تقلبات اسعار النفط واسعار العملات، تحويلات المغتربين (احتل لبنان المرتبة الثانية في المنطقة في العام 2014 بحصوله على 9 مليارات دولار)، الاستثمارات الاجنبية المباشرة خصوصا العربية (تراجعت في السنوات الاخيرة من 4.9 مليارات دولار الى أقل من 2.8 مليارات دولار )، السياحة خصوصا من المنطقة العربية (نحو 34 في المئة من اجمالي السياح )، الحظر، العقوبات الدولية، الاستقرار للتصدير

4 – يعاني الاقتصاد اللبناني توسع ظاهرة البطالة وارتفاع معدلاتها بسبب الخلل في العرض والطلب اذ تتجاوز حاليا 21 في المئة من القوى العاملة وتصل الى 34 في المئة لدى الشباب و 18 في المئة لدى النساء حسب البنك الدولي بسبب تأثيرات النازحين السوريين على سوق العمل. ويتطلب من الاقتصاد اللبناني استحداث 23 الف فرصة عمل سنويا لاستيعاب الوافدين الجدد بينما يوفر الاقتصاد فقط بين 5 و 6 الاف فرصة عمل سنويا ما دفع العديد من أصحاب المهارات وخريجي الجامعات الى الهجرة بحثا عن فرص عمل في الخارج. يصل عدد المهاجرين سنويا الى زهاء 13500 شخص وقارب في ال 25 عاما الماضي عدد المهاجرين المليون نسمة.

5 – تفاقم ظاهرة الفقرة: أدى النظام الاقتصادي القائم الى زيادة انعدام المساواة بين الطبقات الاجتماعية اذ تسبب بزيادة واضحة لنسبة الفقر واتساع الهوة بين الاغنياء والفقراء كما أدى الى زيادة التفاوت من حيث الفقر مناطقيا (البقاع، الشمال) وقطاعيا ( العمال في القطاع الزراعي يحصلون على الاجور الاكثر تدنيـا ). ويعتبر مستوى الاجور منخفضا نسبة الى كلفة المعيشة اذ تحتاج الاسرة الى 800 دولار شهريا للعيش الكريم وتمثل الاجور في لبنان نسبة 35 % من الناتج المحلي بينما تصل الى 70 % في الدول المتطورة . وتجدر الاشارة الى عدم وجود سياسة شفافة للدولة لمساعدة الاسر الفقيرة أو لمكافحة الفقر المتنامي، فان موازنة وزارة الشؤون الاجتماعية لا تتجاوز 1 في المئة من اجمالي الانفاق وأقل من 0.4 في المئة من الناتج المحلي.

6 – ارتفاع كلفة التقديمات الاجتماعية: أ)على صعيد الصحة ينفق القطاعان العام والخاص على الصحة بين 10 و 12 في المئة من الناتج المحلي مقابل 6 او 7 في المئة في معظم بلدان المنطقة، وينفق الفرد على صحته نحو أربعة أضعاف ما ينفقه الفرد في تونس والاردن.

ب – على صعيد التعليم: يبلغ اجمالي الانفاق على التعليم الرسمي والخاص في لبنان نحو 11,5 في من الناتج المحلي وتتحمل الاسر 7 فيالمئة منه وتعد هذه المساهمة من بين الاعلى في المنطقة. وقد ارتفعت كلفة التعليم في العقدين الاخيرين بسبب زيادة عدد التلاميذ والطلاب اكثر من 30 % وباتت تمثل أكثر من 8 % من اجمالي انفاق الاسرة. ويتميز النظام التربوي في لبنان بضعف الانفاق الحكومي على التعليم وتدني فعاليته وجودته اذ يشكل حوالي 4.5 % من الناتج المحلي ومنها اكثر من 75 % مخصصة للاجور والرواتب وملحقاتها .”

7 – ارتفاع تكلفة السكن، ويقتضي على الحكومة التدخل لاستقرار قطاع السكن عبر التشريعات القانونية (الايجار التملكي وقانون الايجار الجديد) وعبر اجراءات ضريبية (الضريبة على الاباح العقارية) وعبر زيادة عامل الاستثمار في بعض المناطق او عبر وضع مشاعاتها في تصرف القطاع الخاص.

8 – يتصف النظام الضريبي في لبنان بالغبن واللاعدالة بين المواطنين لأنه يحمي الارباح ويزيد التفاوت بين المداخيل والثروات في المجتمع. ويصيب هذا النظام الاجور والاستهلاك ويتجنب زيادة معدلات الضرائب على الارباح أو تنفيذ اصلاحات ضريبية تطال القطاعات المربحة. وتمثل الضرائب المباشرة حوالي 32 في المئة من اجمالي الايرادات الضريبية مقابل نسبة 68 في المئة للضرائب غير المباشرة”.

وختم: “اقتصاد السوق، هو نظام اقتصادي قائم على الربحية والفوضى والانفلات بعيد عن الهواجس الاجتماعية والمعيشية. يقتضي على الدولة والمجتمع المدني التدخل لتنظيم هذا الاقتصاد عبر ايجاد تفاهم واندماج بين مبادئ اقتصاد السوق ومتطلبات العدالة الاجتماعية والتنمية وكرامة الانسان وذلك بهدف الحفاظ على استقرار المجتمع”.

يشوعي
وقال الدكتور يشوعي في مداخلته “المذكرة واصلاح الاقتصاد”: “أعتقد أن هذه المذكرة تشكل برنامجا إقتصاديا متكاملا لأي رئيس جمهورية للبنان، لأنها تطرقت إلى كل المشاكل الإقتصادية وابرز ما جاء فيها: “الانطلاق للخروج من الأزمة هي في الافادة من الازمة نفسها، لكي نفكر بعمق في بنيتنا الاقتصادية.
فقد الاقتصاد خصوصية الوسيط في التجارة والخدمات بين الدول العربية والغرب، وحافظ على المبادرة الفردية الخاصة التي أضعفتها الهجرة القسرية ذات الطابع الاقتصادي والاهمال الكبير للقطاعات المنتجة، والقصور في الانماء المتوازن، واعتماد الدولة التوجه الريعي، والفوائد العالية في اطار سياسة تثبيتية للنقد عالية الكلفة وصلت الى مستويات ربوية الطابع، والاقتراض الكثيف للخزينة لسد عجوزاتها.

إن تخفيف البعد الاجتماعي في اقتصاد والسوق يتم في مجالات محاربة البطالة و تحقيق الانتاجية والمنافسة والعدالة الضريبية والأخلاق المؤسساتية والتغطية الاجتماعية والهم البيئي وسلامة المنتجات، فخدمة الشأن العام تقتضي توفير جملة الظروف التي تساعد الانسان والجماعات على تحقيق ذواتهم تحقيقا افضل، والفقر طعن للعدالة الاجتماعية.

نشأت الدول حيث فشلت المبادرات الفردية في تحقيق التضامن والعدالة والتكافل بين الناس، لأنها وحدها القادرة على ايجاد الرباط بين حرية السوق وضرورات العدالة الاجتماعية في إطار القوانين. ومفاهيم الثراء والنمو والأرباح والخيرات يجب ان ترتبط بالحس الاجتماعي. فالعمال يجب ان ينعموا بثمرة عملهم واصحاب العمل باستثماراتهم والسلطات العامة ان تتجنب الاساليب الملتوية لجمع المال.”
“على الدولة في اداراتها للقطاعات المالية والاقتصادية أن تعمل على ضبط الدين العام حتى لا تتهاوى البنية الإجتماعية ويتهاوى معها مستقبل الأجيال.

إن تشكيل بيئة إنسانية في ضوء القانون الطبيعي الذي يجبر كل إنسان على التعامل مع أخيه الإنسان بمسؤولية ومحبة، يساعد على خلق بيئة اقتصادية سليمة.” “إن المجتمع الاستهلاكي الذي يكرس الثروات يجب ان يتقاسمها أو أن يستثمرها لخير الجميع.”
“المبدأ الاقتصادي الذي يحتاج اليه لبنان اقتصاد حر اجتماعي ذو بعد انتاجي اجتماعي، مستقر وفاعل وعادل. كما ان الانتقال من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد الانتاجي يقتضي تعديل سياسات الدولة النقدية والمالية والضريبية والاستثمارية والتربوية، وتقيد الاستيراد بشروط الاتفاقات الموقعة”.

ابو كسم
واختتمت الندوة بكلمة للخوري أبو كسم قال فيها: “المذكرة هي تحسس غبطة البطريرك، تحسس الكنيسة للخطر الذي يضرب الأقتصاد في لبنان، ولكنها هي ليست منزلة والمطلوب من أصحاب الشأن قراءتها وطرح بعض الأفكار لتفعيلها لنصل الى رؤية أكثر شمولا وإلى الحلول الملائمة وهذه الدعوة مفتوحة للجميع”.