IMLebanon

هيئة التنسيق مهددة بالانفراط: من ألغى الاضراب؟

demonstration-hay2at-tansik-nikabiya-new-
خضر حسان

رفض كثيرون عملية الربط بين نتائج إنتخابات رابطة أساتذة التعليم الثانوي، وبين القضاء على هيئة التنسيق النقابية، وبالتالي على سلسلة الرتب والرواتب. حتى ان بعض الأساتذة في الرابطة “هلّلوا” للنتائج على اعتبار انها “حرّرت” الرابطة وهيئة التنسيق من قيادة حنّا غريب الذي “يستفيد” من التحركات لبناء قاعدة شعبية له. وأبعد من ذلك، رجّح البعض ان غريب سيوظّف “نجوميته” في الترشح لمنصب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، وذهبوا الى اعتبار ان “الشيوعي” يخوض معركة السلسلة عبر غريب، ضد أحزاب السلطة التي تدعو الى التريّث، وتعِد جمهورها بإقرار السلسلة.
“حُررت” الرابطة من “مآرب” غريب، ويفترض أن الأجواء خلت لمن يريد عملاً نقابياً بعيداً عن المصالح الضيّقة. مرّت هيئة التنسيق ومعها رابطة الأساتذة بفترة ثباتٍ قيل انها فترة تحضير لتحركات مقبلة، ستبرهن ان لا تسييس ولا نية لضرب الهيئة من خلال انتخابات الرابطة. دعت هيئة التنسيق الى اضراب عام واعتصامات في بيروت والمناطق في 23 نيسان الفائت، اعتصم الأساتذة قبالة مجلس النواب في وسط بيروت، واطلقوا شعاراتهم المعهودة، و”علّوا السقف” بالإعلان عن اعتصام في 6 أيار الجاري، وبتحذير أهل السلطة من تعطيل العام الدراسي ما لم تُقر السلسلة، وبالتأكيد على وحدة مكونات هيئة التنسيق.
فجأة، ألغي الإعتصام، وبات تعطيل العام الدراسي مرفوضاً، فالأساتذة لا يريدون “بهدلة التربية أكثر مما تبهدلت. فالعام الماضي نَحَرَت الدولة الشهادة الرسمية عبر قرار إعطاء الإفادات، وهذا العام لا نريد نحرها نحن”، على حد تعبير رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي عبدو خاطر، الذي أكّد لـ “المدن” أن “هناك إمتحانات رسمية، أما التصحيح، فنتحدث عنه لاحقاً”. أما سبب الإلغاء، فهو “التطورات السياسية المتسارعة”، التي عرقلت إقرار السلسلة، ومنها بحسب خاطر “عدم وجود مؤسسات دستورية فاعلة، وبالتالي فإننا أمام سلطة تشبه الهيكل العظمي، وإذا طالبناها بالسلسلة سيضحكون علينا، فهل يطلب أحدٌ شيئاً من جثة هامدة؟ فلماذا علينا المطالبة إذاً؟”. والحل برأي خاطر “منرجع للمدارس ومنعلّم… ومنشوف شو بيصير”. وفي موازاة العودة الى المدارس، طالب خاطر رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ “الدعوة الى جلسة تشريعية ببند واحد، وهو تعديل وإقرار السلسة، لنرى من سيعارض ومن سيحضر من النواب”.
حطّ خاطر ومؤيّدوه رحالهم، وعزموا على العودة الى مدارسهم وإنتظار ان يأتيهم الفرج من أرباب نظام لم يُنتج سوى الأزمات. فأي فرج ينتظره المستسلمون لسلطة لم تخفِ تشويهها لملف السلسلة، ولا نيّتها ضرب العمل النقابي، وتحويل هيئة التنسيق الى إتحاد عمالي عام جديد؟ وأبعد من ذلك، كيف توصف السلطة بأنها هيكل عظمي وجثة هامدة، ثُم يُطلب منها النزول الى مجلس النواب وتعديل وإقرار السلسلة؟
التراجع عن الإعتصام والمواقف المفاجئة، أربكا باقي مكونات هيئة التنسيق، على الرغم من أن الجميع يعلم الوضع المتأزم للهيئة، جراء مواقف رابطة الأساتذة. ولم تسعف الكلمات الإيجابية للبطريرك الماروني بشارة الراعي في توحيد جهود مكونات الهيئة للإستمرار بالإعتصامات، فالراعي “تعجّب لممارسات السلطة، ووصفها بالمستبدّة، ورفض إقرار السلطة بأحقية المطالب وامتناعها عن تحقيقها”، بحسب ما أشار إليه نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض، الذي لفت “المدن” إلى أن الخوف على مستقبل هيئة التنسيق وعلى مطلب السلسلة، دفع الى “التروّي” وعدم اتخاذ موقف حاد ضد من يريد وقف الإعتصامات، لكن “هذا التروّي له مردود سلبي”.
يتّفق محفوض مع عضو التيار النقابي المستقل بهية بعلبكي على ان من دعا الى الإعتصام هو الذي تراجع عنه. وتساءلت بعلبكي “أين أصبح من كانوا في طليعة العمل النقابي في التحركات السابقة؟، أليس غيابهم دليلاً على تسييس التحركات وعلى إيعاز السلطة بوقف الحركات!”. وإستغربت إرجاع المشاركة الضعيفة في التحركات إلى الإحباط الذي أصاب الأساتذة، رافضة ان يكون ذلك أيضاً سبباً لإلغاء الإعتصامات، مؤكدة أنّ إحباط الأساتذة سببه “تراجع القيادة النقابية، فعندما كانت القيادة قوية لم يكن هناك احباط وكانت المشاركة كبيرة، والأساتذة لا يريدون كلاماً وشعارات، بل تحركات فاعلة”. وقد عبّر التيار النقابي المستقل عن وجهة نظره في مسألة “الإحباط” عبر توجيه كلام مباشر للهيئة الإدارية في رابطة أساتذة الثانوي بالقول: “لا تتحججوا بضعف مشاركة الأساتذة لتغطية انسحابكم من التحرك بإلقاء اللوم علينا، اذ كيف للمشاركة ان تتحقق في ظل هذا التخبط والتراجع المتكرر، وفي ظل سوء التحضير. اذ لا تعلن الاعتصامات الا قبل 24 ساعة من موعدها، فمن المؤكد ان المشاركة ستكون ضعيفة. وهو ما نبهنا إليه مراراً وتكراراً، داعين الهيئة لإحترام الرأي الآخر، والاستماع لرأي القواعد بدلاً من محاولات إسكاتها”.
الإعتصامات توقفت، والتخبّط أصاب هيئة التنسيق النقابية منذ اللحظة الأولى لإعلان نتائج انتخابات رابطة الأساتذة، فهل يعني ذلك ان المشكلة في بقية مكوّنات هيئة التنسيق؟ ربما تكون النتيجة إيجابية بالنسبة للبعض، غير ان ما تقوله مصادر “المدن” في شأن القرار المسبق بوقف التحركات، يدعو الى التوقّف والتفكير بما يُشاع عن “الظروف الصعبة” التي تحيط بالملف. إذ ان المصادر تقول: “كنا نعلم بأن هناك قراراً مسبقاً بوقف التحركات، وحذّرنا من التراجع عن الإعتصام، قبل حصوله”.
ومن جهة أخرى، تتخوف المصادر من فرط عقد هيئة التنسيق، بدءاً من “إنسحاب رابطة التعليم الثانوي من الهيئة، بشكل غير معلن”. فإنسحاب الرابطة بشكل رسمي يعني عزلها والسماح لبقية مكونات هيئة التنسيق بإستمرار التحركات، لذلك سيكون الإنسحاب على شكل تعطيل للتحركات. وتدعم بعلبكي هذا الرأي، فتشير لـ “المدن” الى “وجود قرار سياسي بعدم إنفصال الرابطة عن هيئة التنسيق، لتسهل عليهم برمجة تحركات الهيئة. علماً ان التيار المستقل يرفض بتاتاً انسحاب الرابطة من الهيئة، لكن لصالح المضي بالتحركات، وليس وقفها”.