IMLebanon

«سد جنّة» و«بسري» و«الليطاني» إهدار للمال العام …الحل بتزويد بيروت بمياه الدامور

water

يحتل موضوع ري مدينة بيروت حيزاً مهماً من النقاشات والمشاريع الموضوعة والعالقة في أدراج مجلس النواب حتى اللحظة ولكن في المقابل هناك الكثير من علامات الاستفهام والملاحظات على طريقة الري والتكلفة المالية.
وانطلاقاً من المساعي الرسمية مؤخراً الى إقرار مشروع ري بيروت من سد بسري رأى الخبير الهيدروجيولوجي فتحي شاتيلا أن هذا المشروع غير بنّاء وغير منطقي تقنياً وجيولوجياً.
وعلّق شاتيلا على مشروع ري بيروت بالقول إن تزويد بيروت الكبرى بالمياه من سد جنّة وسد بسري ونهر الليطاني ما هو إلا إهدار للمال العام ولمئات الملايين من الدولارات، معتبراً أن الري الأمثل لبيروت يكون من خلال سد الدامور.

منظومة مائية
وشرح شاتيلا المنظومة المائية لتزويد بيروت الكبرى بالمياه، فمنذ عام 2010، قررت وزارة الطاقة والمياه تنفيذ منظومة مائية لتزويد بيروت الكبرى بالمياه وذلك بواسطة سد جنة على نهر ابراهيم وجر مياه نهر الليطاني وسد بسري على نهر الأولي.
فيما خص سد جنة عند نهر ابراهيم، بتاريخ 8/4/2013، صرح وزير الطاقة والمياه خلال تدشينه المرحلة الأولى لسد جنة على نهر ابراهيم، انه سيتم انشاء سد علوه 165 متراً لتخزين 38 مليون متر مكعب ثابت و95 مليون متر مكعب متحرك لتخزين بيروت الكبرى وقضاء جبيل بالمياه. وان اكلاف بناء السد فقط تبلغ 250 مليون دولار أميركي وأمواله مؤمنة في مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان.
غير ان دراسات وضعتها الوكالة الألمانية الرسمية «BGR» بتاريخ 30/04/2012، تفيد ان التخزين الفعلي لسد جنة يبلغ 7-8 ملايين متر مكعب فقط وليس ثلاثين مليون متر مكعب كما هو مشاع. وينصح التقرير في خلاصاته، عدم الإستمرار في بناء سد جنة بكلفته المقدرة بنحو 800 مليون دولار لتخزين وهمي لنحو 30 مليون متر مكعب من المياه يبقى ربعه فقط ويتسرب الباقي.
وبتاريخ 22 اذار 2013، وجه المدير العام للموارد المائية والكهربائية كتاباً الى وزير الطاقة والمياه أطلعه فيه على الثغرات التي تعتري تنفيذ سد جنة وانه يتعذر على المديرية العامة الموافقة عليه وتمريره لأن طبيعة الأرض غير ملائمة. كما أشار الى ان كمية المياه التي يمكن تخزينها لا تتجاوز 7 ملايين متر مكعب وليس 30 مليون متر مكعب.
والجدير ذكره أن أكثر من 200 مليون دولار من الأموال التي قررت مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان تقديمها لتنفيذ سد جنة، تم جبايتها من سكان واهالي بيروت الكبرى. وحيث ان كمية المياه التي سيتم تخزينها لا تتجاوز 7-8 ملايين متر مكعب. وهي كمية لا تكفي لتلبية احتياجات بلدات قضاء جبيل والبترون، فإن الأموال التي قامت المصلحة بجبايتها من سكان واهالي بيروت سيتم استعمالها لتحسين الأوضاع المائية لقرى وبلدات جبيل والبترون!! ويشكل عمل المصلحة هذا، سوء أمانة وطعنة بحق سكان واهالي بيروت الكبرى.
وبالنسبة إلى جر مياه نهر الليطاني لبيروت، بتاريخ 16/05/1970، قرر مجلس الوزراء وبموجب المرسوم رقم 14522 جر 50 مليون متر مكعب سنويا من مياه نهر الليطاني المخزونة في بحيرة القرعون والمحولة الى نهر الأولي لتزويد بيروت الكبرى بالمياه. وقد استند هذا المرسوم على دراسات اجرتها وزارة الموارد المائية والكهربائية تبين بنتيجتها ان الأوضاع الجيولوجية عند نهر الأولي ونهر الدامور لا تسمح بتخزين المياه وقررت صرف النظر عنهما!!
ان المياه المنوي جرها من نهر الليطاني هي ملوثة كيميائياً وصناعياً وجرثومياً بمعدلات قياسية وأن معالجتها تتطلب تكنولوجيا متطورة ليست متوفرة في لبنان. وان اي خطأ بشري او تقني يحصل عند معالجة المياه، سيؤدي الى اصابة سكان واهالي بيروت بأمراض خبيثة منها مرض السرطان. ومما يؤكد صحة ما أشرت اليه، دراسات قام بها البروفسور عارف ضيا، الخبير بشؤون البيئة وتلوث المياه.
وقد باشر مجلس الإنماء والإعمار بتنفيذ بعض مكونات جر مياه نهر الليطاني لبيروت، وذلك كما ورد في تقرير وضعه البنك الدولي بتاريخ 30/05/ 2014، ورد فيه بأن المجلس باشر بتنفيذ اعمال بلغت اكلافها 2.66 مليون دولار أميركي.
وبتاريخ 21/05/2015، قام المجلس بتلزيم نفق بطول 24 كيلومترا يمتد ما بين نهر الأولي وبلدة خلدة تبلغ اكلافه 191 مليون دولار أميركي. وقد تم تلزيم المشروع الى شركة «CMC Di Ravenna» الأيطالية.
أما بالنسبة لمشروع سد بسري على نهر الأولي، يقع سد بسري فوق طبقات رملية وصلصالية غير متماسكة. وعند تشبعها بالمياه، تصبح لزجة. كما وأن هذا السد يبعد كيلومترين فقط شرقي فالق روم الذي ما زال ناشطاً زلزالياً.
تبلغ اكلاف انشاء السد، بما فيه الإستملاكات ومحطة لتكرير المياه وغيرها من المنشآت، 617 مليون دولار أميركي كما ورد في كتاب وضعه مجلس الإنماء والإعمار بتاريخ 27/12/2014.
وحيث ان النفق الذي سيتم بواسطته جر مياه نهر الليطاني لبيروت، سيتم ايضا استعماله لجر مياه نهر الأولي ، فإن مجموع اكلاف مشروع الليطاني /الأولي تبلغ 808 ملايين دولار أميركي. وقد تم تأمين هذا المبلغ بواسطة قروض من البنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية.
تخزين مياه الدامور
وبعد ان تخلت الوزارة عام 1970 عن تخزين مياه نهر الدامور قام شاتيلا عام 1996 بوضع دراسات على هذا النهر تبين بنتيجتها ان الأوضاع هي مثالية وفريدة من نوعها لتخزين وجر اكثر من 150 مليون متر مكعب سنوياً بواسطة سد يبعد كيلومترين شرقي ملتقى النهرين. وخوفا من انكشاف الأخطاء التي وقعت فيها الوزارة لتخزين مياه نهرالدامور منذ العام 1970، والى تصدع مصداقية مشاريع مائية على وشك التلزيم تزيد اكلافها عن 2500 مليون دولار أميركي، قامت وبالتعاون مع مجلس الإنماء والإعمار بارتكاب العديد من المخالفات لطمس وطي الدراسة التي وضعها فتحي شاتيلا، وذلك بوضع دراسات ملفقة ومحورة، وتوجيه تهديدات واتهامات وتعديات لثنيه عن متابعة المطالبة بتخزين مياه نهر الدامور. ومن بعض هذه المخالفات، كتاب وضعته الوزارة تسجل تحت الرقم 4264/98 تاريخ 17/8/1998 حورت وحرفت فيه دراسات قامت بها في اوائل السبعينات لإنشاء سد السمقانية عند اعلى مجرى نهر الدامور ونسبتها الى السد الذي حدد موقعه فتحي شاتيلا عام 1996. ويعتبر عمل الوزارة من تحريف وتحوير، عملا يعاقب عليه القانون بالسجن.
وبتاريخ 1/9/1999، طلب مجلس الوزراء وبموجب القرار رقم 12/99 من مجلس الإنماء والإعمار، وضع دفتر الشروط الخاص وتلزيم مشروع دراسة جدوى تخزين مياه نهر الدامور بطريقة التراضي خلال مدة شهر واحد فقط . كما طلب المجلس بتاريخ 8/9/1999 وبموجب القرار رقم 41/99 من مجلس الإنماء والإعمار الإستعانة بكل من فتحي شاتيلا وخبير منظمة الأغذية والزراعة الهيدروجيولوجي الدكتور Alain Guerre للإستفادة من المعلومات المتوفرة لديهما. غير ان مجلس الإنماء والإعمار خالف تنفيذ هذين القرارين ولم يقم باستدعاء الخبير Guerre، ولم يضع دراسة جدوى لمشروع انشاء سد على نهر الدامور سوى بعد تأخير ومماطلة متعمدة استمرت سبع سنوات. فخلال العام 2007، قام المجلس بتكليف الإستشاري Liban Consult لوضع هذه الدراسة، بأكلاف قدرها 800,000 دولار أميركي. وقد تبين بنتيجة هذا المشروع انه بالإمكان وبواسطة سد يعلو 100 متراً فقط، تزويد مليون ونصف المليون نسمة من سكان واهالي بيروت الكبرى بمعدل 250,000 متر مكعب يوميا بحيث تبلغ حصة الفرد الواحد 175 ليتراً يومياً بأكلاف تبلغ 155 مليون دولار أميركي. وفي موعد لاحق، قام المجلس والإستشاري بتطوير دراسة الجدوى، تبين بنتيجتها انه بالإمكان وبواسطة سد يعلو 100 متر فقط، تخزين وجر 100 مليون متر مكعب سنوياً لتزويد بيروت بالمياه خلال فترة الشح.
وان اكلاف هذا المشروع، بما فيه الإستملاكات، بناء السد، بناء محطة لتكرير المياه واخرى لضخ المياه مع ناقل للمياه حتى بلدة الحدث، تبلغ 153 مليون دولار أميركي فقط .
يتبين مما تقدم، بأن وزارة الطاقة والمياه ومجلس الإنماء والإعمار باشرا بتنفيذ منظومة مائية لتزويد بيروت الكبرى بالمياه من سد جنة على نهر ابراهيم، بأكلاف تزيد عن 800 مليون دولار أميركي، وسد بسري على نهر الأولي بأكلاف تزيد عن 808 مليون دولار أميركي، بينما رفض كل من الوزارة والمجلس تزويد بيروت الكبرى بالمياه من نهر الدامور بأكلاف زهيدة تبلغ 153 مليون دولار أميركي. وهل يمكن لنا بعد الآن ان نتساءل لماذا اصبح الدين العام على لبنان يفوق السبعين مليار دولار أميركي؟
التوصيات
ورأى شاتيلا بالخلاصة بأن الأضرار والخسائر التي سوف تصيب سكان واهالي بيروت من جراء المنظومة المائية التي باشرت الوزارة ومجلس الإنماء والإعمار بتنفيذها ستؤدي الى اهدار مئات الملايين من الدولارات وسترهق كاهل ذوي الدخل المحدود والفقراء من جراء التعرفة المالية المجحفة والباهظة التي ستقوم مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان بتطبيقها. كما وأن اي خطأ يحصل عند معالجة مياه نهر الليطاني سيؤدي الى وقوع كارثة صحية لا يعلم احد مدى فداحتها بسبب الأمراض المستعصية التي ستصيب سكان واهالي بيروت. وأن الحل الوحيد لتجنب هذه الأضرار والخسائر العمل على تزويد بيروت الكبرى بالمياه من نهر الدامور.
ودعا الى اتخاذ الخطوات التالية:
1 – دعوة الهيئات المدنية والاهلية لعقد اجتماع يتم فيه مناقشة الموضوع من جميع جوانبه.
2 – تقوم كل من الهيئات والفعاليات الذين قرروا اعادة النظر لمشروع تزويد بيروت الكبرى بالمياه من سد جنه على نهر ابراهيم وسد بسري على نهر الاولي ومن نهر الليطاني ، تكليف اثنين من ممثلي الهيئة ليكونوا مواكبين للخطوات التي سيم الاتفاق عليها .