IMLebanon

أرباح المدارس الخاصة.. بإنتظار “تفعيل الرقابة”

school

رولا فرحات
يندرج بعض المدارس الخاصة في لبنان ضمن المؤسسات التي تعمل لكسب الأرباح وليس للتربية والتعليم. ولأن مستوى التعليم الرسمي تراجع كثيراً، وجد اللبنانيون في المدارس الخاصة باب أمل جديداً لبناء مستقبل تعليمي مناسب لأولادهم. إلا أن قرع هذا الباب يستلزم أموالاً طائلة. اذ يتوجب على الأهل تأمين قسط المدرسة، الكتب المدرسية، النقل، الزي المدرسي.. ولا يخلو الأمر من تخصيص مبالغ تطلبها المدرسة للمشاركة في النشاطات الترفيهية.
وبهدف مضاعفة الأرباح، لجأت بعض المدارس الخاصة إلى تحصيل أموال اضافية من طريق بَدَل، هو أشبه ببدل “الفحصية” عند الأطباء، وتسميه تلك المدارس، “بدل فتح ملف”، أو “بدل اجراء امتحانات دخول”. وهذا “الملف” لا يميز بين المراحل التعليمية، فالكل يجب أن يدفع، حتى من هم في الروضة، كما حصل مع جوزيف (اسم مستعار) الذي فوجىء بأن عليه أن يدفع مبلغ 100 ألف ليرة كبدل “إجراء مقابلة”، بهدف تسجيل ابنته في مرحلة الروضة الأولى. لكن لدى اتصال “المدن” بالمدرسة المعنية، كان الجواب أن هذا المبلغ هو “كلفة إجراء فحوص الدخول المنقسمة الى فحص شفهي وآخر مكتوب”.

وفي جولة لـ”المدن” على بعض المدارس الخاصة التي تتبع هذا الإجراء، اشترط “مكتب التسجيل” في إحدى المدارس الموجودة في منطقة الشويفات – إضافة الى تأمين الأوراق الثبوتية وعلامات التلميذ – دفع مبلغ مالي (Deposit) كجزء من القسط المدرسي المحدّد بمليون و300 ألف ليرة لبنانية، لا يتضمن تكلفة النقل. علماً أن المبلغ الاجمالي للقسط السنوي للمرحلة الإبتدائية، يصل الى 8 ملايين و800 ألف ليرة. وتفيد المدرسة انه في حال رسب التلميذ في امتحان الدخول يسترد الأهل الـ “Deposit”، أما في حال نجاحه وتراجع الأهل عن رغبتهم في التسجيل، فإن المدرسة تحتفظ بالمبلغ المدفوع.
أيضاً، تتقاضى مدرسة “مرموقة” مبلغ 100 دولار كرسم امتحان دخول، علماً ان القسط السنوي للمرحلة الإبتدائية يفوق الـ10 ملايين ليرة. وأكثر من ذلك، تُلزم المدرسة الأهل بـ “التبرّع” للمدرسة بمبلغ 1500 دولار، كشرط اساسي لقبول التلميذ.
وبالاضافة الى الارقام التي وردت أعلاه، تقوم إحدى المدارس بتقاضي مبلغ 1000 دولار كتكلفة إجراء امتحان دخول، بحسب ما أشار إليه نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض، في حديث لـ”المدن”. إذ تحصّل هذه المدارس أرباحاً طائلة من دون مراعاة القوانين المنصوصة التي تمنع استيفاء كل ما لا يدخل في إطار القسط المدرسي.

ويعلّل محفوض أسباب ارتفاع الأقساط والأموال المطلوبة لقاء دخول الأولاد الى المدارس الخاصة، بتراجع التعليم الرسمي من جهة، وانصياع الأهالي لمطالب الادارات الخاصة. من دون أن ينسى توجيه اللوم إلى لجان الأهل التي تخضع لمطالب المدارس الخاصة، ولا تقوم بواجبها في رفض المبالغ الكبيرة. فاللجان لا تدرك دورها الفاعل في مواجهة شروط القطاع الخاص، مع العلم أن من حق لجنة الأهل الإطلاع على موازنة المدرسة الخاصة ورفضها او الموافقة عليها، ومراقبة اين تصرف أموال الأقساط والصيانة وما الى ذلك. ومن حقها بالتالي رفض اي زيادة على الأقساط، قد تفرضها المدارس في حال إقرار سلسلة الرتب والرواتب.

في السياق نفسه، يتفق رئيس مصلحة التعليم الخاص في لبنان عماد الأشقر، مع محفوض، على دور لجان الأهل ومسؤوليتها في عدم الموافقة على مطالب المدارس. لأن دور الدولة يأتي بعد تقديم المدارس لموازناتها المدرسية حيث تتم مساءلتها حول الأقساط المرتفعة والمبالغ المستوفاة، مشيراً إلى أن وزارة التربية تتحرّك في هذا الإطار مع هيئة التشريع والإستشارات. الأشقر أكّد في حديثه لـ”المدن” أنّ “استيفاء مبلغ مالي لقاء فتح ملف للطالب مخالف قانونياً بحسب المادة 515\96 إلا في حال إدراجه ضمن الموازنة المدرسية للمدرسة وبعد الموافقة عليه من قبل وزارة التربية. إذ أن مئة مدرسة خاصة في لبنان من أصل 1500، تستوفي ثمن فتح الملف، وقد وصل الأمر بعدد من المدارس إلى تسعير ثمن فتح ملف للطالب بـ2000 دولار، في وقت فتح ملف في مدارس خاصة أخرى مجاني”.
ولا ينتهي الأمر هنا، إذ من المتوقع قيام عدد من المدارس الخاصة بزيادة أقساطها المدرسية للعام المقبل، كما صرّح بعضها لـ”المدن”، بالرغم من عدم اقرار سلسلة الرتب والرواتب بعد. وهذا ما اعتبره الأشقر غير جائز وسيتم تفعيل الرقابة حياله. لكن على أرض الواقع، التجربة تقول بأن ارتفاع كلفة التعليم الخاص مرات ومرات، لن يستدعي تدخل الدولة، إذ ان القانون – كما أشار الأشقر- لا يمنع المدارس من استيفاء رسم فتح ملف او اي رسوم أخرى، شرط ان تكون “معقولة”، اي ان القانون لا يعترض على المبدأ، لكنه يحاول ان يكون “رحيماً” بعض الشيء.