IMLebanon

قيصر «يو بي إس» يتفرّغ للأسرة ويستبقي أصولا أقل

UBS

لورا نونان

تأخر أندريا أورسيل 20 دقيقة عن موعده. يبدو أن الوقت هو معركة مستمرة بالنسبة لرئيس بنك يو بي إس الاستثماري؛ حيث يستيقظ في الساعة الخامسة صباحاً وغالباً ما يعمل حتى وقت متأخر من الليل، لكنه لا يزال يلجأ إلى ممارسة الجري أعلى تلال زيورخ بدلاً من الدوران حول بحيرتها الخلابة، حتى يتمكن من ضغط 60 دقيقة من الجري الوهمي لتصبح 30 دقيقة من الممارسة الكثيفة القاسية.

في مكتبه الفسيح في لندن، المتكامل مع آلة نسبرسو وفواكه طازجة تُغذّي جدول أعماله الشاق، أورسيل البالغ من العمر 51 عاماً يعوض عن الترتيب الضعيف للوقت عن طريق تشغيل السحر الذي أسهم في جعله واحداً من المصرفيين الأكثر نجاحاً في أوروبا، وذا قيمة عالية لدرجة أن صاحب عمله السابق بنك ميريل لينش أعطاه مكافأة تزيد على 30 مليون دولار في عام 2008، في ذروة الأزمة المالية. الرجل الإيطالي، ذو الشخصية المُستقطِبة التي نجت من واحدة من الصفقات السيئة ذات السمعة الأكثر سوءاً في الذاكرة الحديثة – عملية الاستحواذ على بنك إيه بي إن أمرو في عام 2007 – لا يخلو من المنتقدين.

مع ذلك يقولون “إنه لا يوجد أي أحد يفضلون وجوده إلى جانبهم عند محاولة اجتذاب أحد العملاء”. بحسب تعبير أحد الزملاء السابقين “إنه يملك الإكس فاكتور. العملاء يحبونه”.

مهمة أورسيل في بنك يو بي إس الاستثماري، الذي انضم إليه في تموز (يوليو) من عام 2012، تتجاوز الحصول على أعمال جديدة.

إنه يتولى عملية إعادة تشكيل البنك الاستثماري الذي كان ذات مرة ساما جداً إلى درجة أنه هدد استمرار وبقاء أكبر بنك في سويسرا. وتُظهر نتائج بنك يو بي إس الأخيرة أن أرباح الربع الأول في البنك الاستثماري ارتفعت بنسبة 66 في المائة على أساس سنوي، لكن الندوب ما زالت عميقة.

اليوم، رجل الاستعراض يواجه زلاّت لحظية عندما يتحوّل ضوء تسجيل الصوت إلى اللون الأحمر. يقول “هذا أمر رسمي جداً”، وهو يتململ بقلم دعاية من مجموعة يونيكريديت.

بعد ذلك يعود إلى وضعه الطبيعي. لمدة دقيقتين ونصف بدون انقطاع، يُخبرني كيف أن الخدمات المصرفية الاستثمارية كانت موضوع أطروحته في الجامعة وأنه كل ما كان يحلُم القيام به؛ ومن ثم يتذكر حقبة ما بعد الحرب الأهلية في الولايات المتحدة، عندما موّلت المصارف الاستثمارية خطوط السكك الحديدية، ليُدافع عن قيمة القطاع بالنسبة للاقتصاد.

شيء واحد لم يتطرق إليه في حواره هو السؤال الذي في الواقع تم سؤاله إياه: إلى متى يرى نفسه مديراً لمصرف استثماري بحيث إنه لحماية مجموعة يو بي إس الأوسع، جعل أصوله الممولة تصل ذروتها إلى قيمة 200 مليار فرنك سويسري (140 مليار جنيه) – أي أقل من نصف ما كان يتعامل معه في بنك أمريكا ميريل لينش؟

سبق أن أشيرَ إليه كرئيس تنفيذي مُحتمل لبنك مونتي دي باشي، البنك الإيطالي الذي قدّم له المشورة للقيام بعدة زيادات لرأس المال. ويعتقد آخرون أن عينه على إدارة مجموعة يو بي إس.

هل يريد أورسيل، الذي كان صاحب أعلى أجر في بنك يو بي إس في عام 2013 مع حزمة تبلغ 11.4 مليون فرنك سويسري (8 ملايين جنيه)، أن يدير مصرفاً خاصاً به؟

يقول “بالطبع أريد ذلك”. ويعتقد البعض أن “يو بي إس” يحتاج إلى أن يكون رئيسه التنفيذي سويسرياً، مثل الرئيس الحالي سيرجيو إرموتي. يبدو أن أورسيل مستعد لمحاولة دحض هذه النظرية. “إذا كنت سأكون رئيساً تنفيذياً لأي مصرف في العالم، فإن “يو بي إس” سيكون مكاناً جيداً لأبدأ منه. أنا أعتقد أن هذه المجموعة استثنائية”.

البعض يُشكك في قدرات أورسيل كمدير، مستشهدين بوجود ميل للاتصال بالزملاء في منتصف الليل. منذ وصوله، كثير من المصرفيين الاستثماريين غادروا بنك يو بي إس، لكن تم تعيين آخرين.

يقول أورسيل “نعم أنا لست سهلاً، نعم أنا مُتطلب جداً. ما أحاول فعله هو ألا أطلب شيئاً لا أفعله بنفسي”.

أحدثُ جيل من مصرفيي بنك يو بي إس يملكون توقعات مختلفة. كثير من المصارف أدخلت سياسات لتخفيف العبء على المبتدئين، بعد وفاة أحد المتدربين في بنك أمريكا في عام 2013. يقول أورسيل “إن الموظفين الجُدد يسألونه ما إذا كان سيمنعهم من العمل خلال عطلات نهاية الأسبوع، أو يفرض عليهم أخد الحد الأدنى لعدد أيام العطل كما تفعل المصارف الأخرى”. “وجوابي على هذا كان لا”.

يُصرّ أورسيل على أنه لم يستدع أي شخص خلال أيام العطل أو يطلب من أحد إلغاء إجازته. إذا أراد المصرفيون إلغاء عطلاتهم بأنفسهم حتى يتمكنوا من البقاء في المكتب للمساعدة في إحدى الصفقات، يقول “فأنا أحترم ذلك الخيار”.

منذ ولادة ابنته قبل أربعة أعوام، كان أورسيل يتخذ خيارات جديدة بشأن الموازنة بين حياته العملية والشخصية. يقول “أنا أحمي وقتي كأب”. هذا يعني أنه أحياناً يعود إلى المنزل لتناول العشاء ووقت النوم، ومن ثم يعود مرة أخرى في وقت متأخر من المساء. لا يزال يُسافر كثيراً، لكن في بعض الأحيان يُحضِر ابنته معه.

وجد الصفقة الأولى المهمة أقرب إلى الوطن. كان ذلك في عام 1998 وكان “يونيكريديتو” قد تعاقد مع مصرف منافس لتقديم المشورة بشأن إحدى عمليات التعويم في البورصة. اتصل مع “يونيكريديتو” ونما إلى علمه بعض الاستياء بشأن تقييم عملية الاكتتاب العام الأولي.

كان يقول في نفسه “هذا الموضوع لم يكتمل بعد”، وسأل ما إذا كان بإمكانه البحث عن بدائل. بعد أسبوع، اقترح دمج بنك يونيكريدتو مع بنك كريديت إيطاليانو المنافس. وسرعان ما تمت هذه الصفقة الأكثر ربحاً (في النهاية المجموعة المُندمجة أصبحت يونيكريديت). “بقي بنك يونيكريديتو لفترة طويلة جداً، واحداً من أفضل عملائي”.

أورسيل معروف بعملائه المواليين بشدة، بما في ذلك الرئيس الكبير لمجموعة سانتاندر الراحل إميليو بوتين، الذي أرسل له رسالة شُكر مكتوبة بخط اليد بعد عديد من الصفقات التي عملوا عليها معاً.

ليس جميع العملاء حققوا نجاحاً كبيراً. أورسيل كان واحداً من مهندسي عملية الاستحواذ الكارثية على بنك إيه بي إن أمرو بقيمة 72 مليار جنيه، من خلال تقديم المشورة للمشترين آي مصارف سانتاندر، وبنك فورتيس، وبنك اسكتلندا الملكي. بعد ذلك تم تأميم مصرفي اسكتلندا الملكي وفورتيس في وقت لاحق.

يقول أورسيل “إن هناك بعض الجوانب من الصفقة كان ينبغي أن تتم بشكل مختلف”، لكنه يُصر على أن تلك كانت أوقات مختلفة، عندما كانت احتياطات المصارف من رأس المال لا تُشكّل مصدراً للقلق، ولم يتم التدقيق في جودة الأصول بعناية خلال الصفقات.

ويضيف “هل أشعر بالأسف لقيامي بهذا الأمر؟ نعم أنا كذلك، عندما تقوم بشيء ما وتكون مُقتنعاً بالفعل لكن النتائج لا تكون كما توقعتها … عندها تشعر بالأسف لأن الأمر انتهى بهذه الطريقة”.

بعد بضعة أشهر فقط من انضمام أورسيل إليه، قال بنك يو بي إس “إنه يخفّض 10 آلاف وظيفة وأكثر من نصف أصول البنك الاستثماري”. ويعلق أورسيل على ذلك قائلاً “إن الهدف الكامن هوقطع الصلة مع الماضي وبناء نموذج يمكننا من خلاله بناء مستقبل، كان عملية إعادة هيكلة ضرورية. كنت أؤمن بذلك”.

بعد ذلك بشهرين، وافق بنك يو بي إس على دفع غرامة بقيمة 1.5 مليار دولار بسبب التلاعب بأسعار فائدة ليبور، جنباً إلى جنب مع مصارف أخرى. نتيجة لذلك، أُلغِيت المكافأة السنوية لـ 40 في المائة من الأعضاء المنتدبين في “يو بي إس”.

يعتقد أورسيل أن بنك يو بي إس ينجح في إصلاح صورته العامة. يقول “إن البشر أكثر تسامحاً مما يظُن الناس”. بخصوص الجدول الزمني للاستعادة “أنا لا أعرف: هل يتطلب الأمر ثلاثة أعوام، هل يتطلب خمسة، لكن لا أعتقد أنه يتطلب عشرة أعوام”.

داخلياً يُصرّ أورسيل على أن وحدته في سبيلها إلى تعزيز المصداقية؛ وهي تفوقت على توقعات الإيرادات وأرباح ما بعد الضرائب في سبعة من الأرباع التسعة الماضية، حيث تُركّز على النشاطات التي تتطلب رأسمال أقل، مثل العمل الاستشاري.

يعتزم أورسيل زيادة الأرباح من خلال الاستثمار في المواهب والتكنولوجيا، وتحسين الكفاءة. وفي حين إن هذا ليس من أولوياته القصوى، إلا أنه قد يرغب في مرونة أكثر قليلاً على رأس المال، على الرغم من أنه يعلم أن من السابق لأوانه طلب ذلك من مجلس إدارته. الانتظار سيتطلب مهارات لذلك صقل مهارة التزلج على الماء في بحيرة زيورخ.

يقول “عندما تعبر من جانب إلى آخر، فأنت تضاعف السرعة … الأمر يتعلق كثيراً بعدم إجهاد نفسك، وإنما بالسيطرة عليها. هذا يعمل على تنظيف ذهنك تماماً”.

ماذا عن المكافأة المُضافة؟ لا يتطلب الأمر سوى 25 دقيقة، وفي حين إنه يخبو بعد ذلك، إلا أن بإمكانه إجراء المكالمات”.