IMLebanon

ما الاهداف التي يتوخى “داعش” تحقيقها في معاركه في سوريا؟

da3esh-news-2

 

 

أرسل الجيش السوري تعزيزات كبيرة إلى ريف حمص الشرقي للعمل على وقف تقدم تنظيم “داعش في العراق والشام” ـ “داعش” ومنعه من اقتحام مدينة تدمر.

وبالرغم من أن هجوم “داعش” على مناطق البادية السورية، وتحديداً السخنة ومحيطها، ليس جديداً، حيث سبق له القيام بعدة محاولات باءت بالفشل خلال الفترة الماضية، إلا أن الهجوم الأخير من حيث توقيته الذي يتزامن مع اقتراب شهر رمضان يعطيه دلالات أوسع وأهم، لاسيما أن قيادة التنظيم اتبعت خلال السنوات الماضية عرفاً يقضي بتوقيت الإعلان عن خططها الجديدة وخطواتها الإستراتيجية بالتزامن مع شهر رمضان، وغالباً ما يترافق ذلك مع تقدم كبير تكون قواتها قد حققته على الأرض.

وأكد مصدر ميداني مطلع على مجريات الأحداث في تدمر لـ “السفير” أن الجيش السوري استقدم تعزيزات كبيرة، وصلت صباح أمس إلى مراكز تجمع خاصة بها في حمص وريفها، ويجري العمل على توزيعها على المناطق الساخنة، وخاصة تدمر والمحطة الثالثة ومحيط بلدة السخنة. والهدف الأول لهذه التعزيزات هو وقف تقدم مسلحي «داعش»، عبر تشكيل جدار ناري، وفرض خطوط تماس جديدة، تمهيداً للقيام بهجوم معاكس ومحاولة استعادة المناطق التي سيطر عليها التنظيم في الأيام الماضية.

وتحدثت المصادر الإعلامية لتنظيم «داعش » عن تمكن مسلحيه صباح أمس من السيطرة على برج الإشارة، وهو مرتفع يطل على مدينة تدمر. وأشارت إلى أن الاشتباكات وصلت إلى مشارف مبنى سجن تدمر، كما أكدت أن عناصر التنظيم واصلوا قصف مطار تدمر العسكري وحقل الهيل بقذائف الهاون والمدفعية، كما قصفوا شركة فرقلس للغاز بالمدفعية وصواريخ «غراد»، واستهدفوا قريتي خطاب والمسعودية بالأسلحة الثقيلة، وهما قريتان تصنفان على أنهما مواليتان.

في المقابل، أكد المصدر الميداني السابق أن قوات الجيش السوري تمكنت من وقف هجوم «داعش» على الحي الشرقي في تدمر، وإبعاد كافة عناصره عن المدينة، مؤكداً أن تدمر خالية تماماً من أي مسلح وأنها تشهد، حالياً، هدوءاً نسبياً تتخلله اشتباكات متقطعة. وأكد مصدر آخر أن «وحدات من الجيش تتصدى لمحاولات داعش الإرهابي التسلل إلى بعض المواقع والنقاط العسكرية شرق مدينة تدمر، وتكبده خسائر كبيرة في محيط حليحلة وآرك والبويرة والمحطة الثالثة في ريف ‏حمص الشرقي».

وكان «داعش » سيطر فجر الأربعاء على مدينة السخنة شرق حمص، على الطريق الواصلة بين دير الزور وحمص، وعلى بلدة العامرية شمال مدينة تدمر بمسافة لا تتعدى ثلاثة كيلومترات. وشملت سيطرته نقاطاً أخرى، مثل مساكن الضباط ومكتب الدور ومحطة الخطيب المحاذية للمنطقة الصناعية في تدمر.

ويشكل هذا التقدم تهديداً مباشراً لمدينة تدمر الأثرية، خصوصاً أن عناصر التنظيم باتوا على مشارفها بعد سيطرتهم على السخنة. وليس خافياً أن «داعش» يعتبر مثل هذه المدن الأثرية من أولى الأهداف التي ينبغي تدميرها والتخلص منها، وهو ما أثار المخاوف على المدينة التاريخية من أن تلاقي مصير مدينة نمرود الأثرية في العراق التي عمد «داعش» إلى «تجريفها» وتدمير ما فيها من آثار.

وتتعدد الأهداف التي يتوخى  داعش تحقيقها من وراء هذا الهجوم، فهو أولاً يعتبر البادية السورية مجالاً استراتيجياً وحيوياً له، لذلك يعتبر أي تقدم في المنطقة من شأنه خدمة أهدافه وتأمين عمقه الاستراتيجي. وثانياً، يريد تشديد الحصار على مدينة دير الزور، ومنع الجيش السوري من فتح خطوط إمداد باتجاهها. والمعروف أن المدينة تخضع لحصار مطبق منذ حوالي خمسة أشهر، حيث يمنع «داعش» الدخول أو الخروج إلى الأحياء التي يسيطر عليها الجيش ضمن المدينة. وثالثاً، فإن عينه على حقول النفط والغاز المنتشرة في البادية.

ومن شأن السيطرة على السخنة قطع خطوط الإمداد عن منطقتي الشاعر وجزل اللتين تشهدان اشتباكات مستمرة منذ عدة أشهر، وتحتويان على العديد من حقول النفط والغاز. ورابعاً، هناك مستودعات الأسلحة التي تشكل هدفاً مهماً له، بالنظر إلى حاجته المستمرة إلى المزيد من السلاح نتيجة تعدد المعارك التي يخوضها في كل من سوريا والعراق. وفي هذا السياق أشارت المعلومات إلى أن محيط مستودعات التسليح غربي تدمر، في المنطقة الواقعة بين جبلي المزار ومربط الحصان، شهدت اشتباكات عنيفة ولكن لم يتمكن «داعش» من تحقيق أي تقدم هناك.

ولكن بعيداً عن هذه الأهداف المباشرة التي يسعى «داعش » إلى تحقيقها من وراء الهجوم في البادية السورية، فإن هناك العديد من المعطيات التي تشير إلى أن هذا الهجوم ليس سوى محاولة من عدة محاولات يبذلها «داعش»، سواء في سوريا أو العراق، من أجل تحقيق هدف مستقبلي غير مباشر قد لا يقلّ عنها أهمية.

ولم يستبعد مصدر مقرب من «داعش» أن تكون هذه المحاولات، سواء في مصفاة بيجي بالعراق أو تدمر بسوريا وغيرها من المناطق، سوى تمهيد ترتجي منه قيادة التنظيم خلق مناخ مناسب قائم على بعض الانتصارات من أجل التهيئة لاستقبال الذكرى السنوية الأولى لإعلان الخلافة في 29 حزيران المقبل، بحيث تستطيع قيادة التنظيم القول لأنصارها أن «الدولة الإسلامية قد تجاوزت العام الأول، وهو أخطر الأعوام التي يمكن أن تمر عليها، وبالتالي هي باقية وتتمدد»، بالإضافة إلى أن قيادة «داعش» اتبعت عرفاً يقضي بالإعلان في كل شهر رمضان عن خطة إستراتيجية جديدة أو حدث مهم، ففي رمضان 2012 أعلن عن خطة «هدم الأسوار» وفي رمضان 2013 عن خطة «حصاد الأجناد» وفي 2014 عن «تأسيس الخلافة وتعيين البغدادي خليفة»، فماذا ستكون خطته لشهر رمضان المقبل؟