IMLebanon

الصندوق السيادي النرويجي يعزز البعد الأخلاقي في الاستثمار

Norges-Bank-Norway
قال رئيس مجلس الأخلاقيات الجديد بصندوق الثروة النرويجي يوهان أندرسن إنه يعتزم التحرك بشكل أسرع في اتخاذ إجراءات ضد الشركات السيئة السلوك في محفظته للتخلص من أشد “المخالفين” الذين لا يصوبون أوضاعهم.

وتبلغ قيمة صندوق الثروة النرويجي نحو 900 مليار دولار وهو أحد أكبر المستثمرين في العالم.

وقال أندرسن لرويترز إن الصندوق يأمل أن تحسن هذه السياسة الرامية لمحاربة الممارسات غير الأخلاقية أو غير المشروعة عوائد الاستثمار بل وأن “تجعل العالم مكانا أفضل”.

ويملك الصندوق أسهما في أكثر من 9 آلاف شركة ويملك ما يربو على واحد بالمئة من جميع الأسهم العالمية. وقد غير الصندوق الطريقة التي يتعامل بها مع القضايا الأخلاقية.

وانسحب الصندوق من بعض القطاعات مثل التبغ وقلص استثماراته كثيرا في قطاعات أخرى مثل الفحم وإنتاج زيت النخيل لأسباب بيئية بينما يجري مزيدا من الاجتماعات مع الشركات لتناول القضايا الأخلاقية.

وباع الصندوق الذي يديره البنك المركزي النرويجي أيضا عشرات الشركات خلال سنوات بينها أكبر شركات التعدين في العالم وشركات لصناعة الأسلحة النووية وأخرى تنتهك حقوق الإنسان أو تورطت في قضايا فساد.

وأكد أندرسن، الذي يدير أيضا صندوق استثمار خاصا، أن الهدف هو تحسين سلوك الشركات التي يعتبرها الصندوق أشد المخالفين عن طريق الحوار أملا في التأثير على الآخرين خلال تلك العملية. وأضاف “لا يمكننا ببساطة التعامل مع جميع المخالفين ومن ثم نحاول التركيز على أشد الشركات المخالفة التي يواجه الصندوق باستثماراته فيها خطرا واضحا يتمثل في الإسهام في ممارسات غير أخلاقية فادحة”.

وقال أندرسن في أول مقابلة له منذ تعيينه في ديسمبر الماضي إنه “باستبعاد الأسوأ يصبح الثاني هو الأسوأ وهو ما لاحظه البعض… وإذا شعروا بتهديد مصالحهم فربما يدفعهم ذلك لعمل شيء” في طريقة إدارة أعمالهم.

وفي السنوات الأخيرة بات الصندوق الذي يدير ثروة النرويج النفطية الضخمة مستثمرا أكثر نشاطا.

وتشير التقارير والبيانات إلى موجة واسعة في مواقف المستثمرين العالميين من الممارسات التجارية الضارة بالبيئة، لكن محللين يقولون إن تلك القرارات، لا يمكن أن تصدر لمجرد وازع أخلاقي، لأن رأس المال لا يمكن أن يتجاهل هدف تحقيق الأرباح مهما كان الثمن.

وتستند تلك الظاهرة إلى تزايد الجدوى الاقتصادية للمشاريع الصديقة للبيئة بسبب التطور التكنولوجي وأنظمة الضرائب والحوافز التي تضعها الحكومات لتحقيق التزاماتها بالمعاهدات العالمية لتقليص الانبعاثات المضرة بالبيئة، مما يرفع القدرة التنافسية لتلك المشاريع وعوائدها مقارنة بالأنشطة التقليدية.

كما أن تزايد وعي الزبائن، أصبح يكافئ الشركات الصديقة للبيئة من خلال الإقبال على شراء منتجاتها. وأصبحت الشركات العالمية تفاخر بانخفاض بصمتها الكاربونية، فينهمر الطلب على منتجاتها، حتى لو كانت أقل كفاءة وأغلى ثمنا، مثلما نلاحظ في زيادة الطلب على السيارات الكهربائية.

كل ذلك أحدث نقلة نوعية هائلة حين أصبحت الجدوى الاقتصادية من الاستثمارات الصديقة للبيئة تنافس بل وتتفوق على الاستثمارات في القطاعات الملوثة للبيئة.

وشهد العالم في الأشهر الماضية توجها متزايدا من قبل المستثمرين لبيع أسهم مرتبطة بالوقود الأحفوري، بينها إعلان أسرة روكفلر التي بنت ثروتها من النفط وعدد من أصدقاء البيئة من أكبر أثرياء العالم، عن تعهدهم بسحب استثمارات تبلغ نحو 50 مليار دولار من قطاع الوقود التقليدي.

وترى المنظمات البيئية أن تلك الخطوة، تعد نقطة تحول كبرى في جهود الحد من التغير المناخي، لأن وضع الأموال في هذا السياق يفوق جميع الشعارات والسياسات الحكومية.

ومع تزايد الاستثمارت المتجهة للنشاطات الاقتصادية الصديقة للبيئة، تزداد كفاءتها وقدرتها التنافسية وربحيتها، التي هي القول الفصل في تحديد توجهات الأنشطة الاقتصادية، ومن ثم عمل المختبرات والعلماء وتوجه الكفاءات والخبرات وبرامج تدريب الطلاب والأيدي العاملة.

ويمكن للتحرك الرامي لسحب الاستثماراتمن الأنشطة الملوثة للبيئة، أن يكون نواة تكتل عالمي من المستثمرين الذين لا يقتصر نشاطهم على المطالبة بوقف تدهور المناخ، بل يمتد إلى وضع أموالهم بحسب مواقفهم الأخلاقية.

وأعلن التحالف عن تعهدات بسحب الاستثمارات من كبريات شركات النفط والغاز والفحم البالغ عددها 200، وإعادة استثمار الأموال في مشاريع للطاقة المتجددة والتنمية الاقتصادية المستدامة.

ويأمل القائمون على الحملة أن تساعد آلية سحب الأموال وإعادة استثمارها في إنعاش الاستثمار في الطاقة النظيفة، الذي تراجع في السنوات الماضية بعد أن بلغت ذروته في عام 2011 حين بلغ نحو 318 مليار دولار.

وانضم إلى الحركة عدد كبير من الجامعات والكنائس والبلديات والمستشفيات وصناديق التقاعد، إضافة إلى 650 فردا من المستثمرين ورجال الأعمال والشاهير.

وفي أكبر خطوة لسحب الاستثمارات في القطاع الأكاديمي تعهدت جامعة ستانفورد في مايو 2014 بأن أموال الوقف البالغة قيمتها 18.7 مليار دولار لن تستخدم بعد الآن في الاستثمار في مجال الفحم.

ويقول مراقبون أن أحلام الطاقة النظيفة كانت تصطدم بانعدام الجدوى الاقتصادية وعدم وجود من هو مستعد لتحمل تكاليف تطوير مصادر الطاقة المتجددة.

لكن تلك المعادلة تغيرت بشكل متسارع بسبب تزايد الجدوى الاقتصادية من تلك الاستثمات وتزايد الوعي العالمي بضرورة خفض تأثيرنا السلبي على البيئة، لأننا جميعا نعيش على هذه السفينة التي يمكن أن يغرقها التلوث البيئي.