IMLebanon

قانون السير الجديد ثقل الغرامات على المواطنين

traffic-law-isf-beirut

سامر زعيتر

فترة جسّ نبض، تترافق مع توعية لأهمية الالتزام بالقوانين، أعطت ثمارها على أكثر من صعيد، ولكن في الوقت نفسه تكبر معها المخاوف من الأعباء المادية على كاهل المواطنين…
إنه قانون السير الجديد، الذي بدأ تطبيقه في نسخته التمهيدية، التي تعطي مهلة تترافق مع التوعية للناس، ولكنها لقّنت السائقين درساً بدأ مشهده بخلو الطرقات والشوارع من السيارات المخالفة، الأمر الذي خفّف ازدحام السير…
مشهد يترافق مع الالتزام بوضع حزام الأمان في السيارات الخاصة والعمومية ومعها «الفانات»، ولكن في الوقت نفسه تتعالى أصوات السائقين خشية بدء المرحلة الفعلية ومعها غرامات السير…
كل ذلك يترافق، مع منع إدارة النافعة تسجيل الباصات ما لم تكن ببابين، الأمر الذي يعني خروج شريحة كبيرة من الباصات عن مسار العمل، على غرار تجربة باصات الـ 24 راكباً، ومعها تتراكم الخسائر على السائقين، فضلاً عن عدم وجود نِمَر عمومية في التداول…
«لـواء صيدا والجنوب» واكب مطالب سائقي السيارات والباصات العمومية، والمخاوف بفعل تطبيق قانون السير الجديد، فعاد بهذه الانطباعات…

هل يصمد القانون؟
* منسق العلاقات في «نقابة سائقي الفانات والباصات» في الجنوب محمد عجمي قال: «البلد محكوم بالطائفية ولا يطبق فيه أي قانون، فيبقى القانون حبراً على ورق للنافذين، وإذا طبق على كل الناس فنحن معه، ولكن هذا البلد لم يطبق فيه أي قانون، وكل طرف يشدُّ إلى طائفته، لذلك فإن القانون الجديد لن يصمد أكثر من 6 أشهر، لأنه لن يتم تطبيقه على من يملك النفوذ، فهو يطبق على الفقراء فقط».
وأضاف: «لدينا العديد من المشاكل في قطاع النقل، وخصوصاً في الباصات و«الفانات»، فهو قطاع قائم على المافيات والتشبيح والخوات، وكل سائق يتعرّض لمشاكل عديدة، وحالياً مرحلة تطبيق القانون لا زالت في أولها، ولا نعرف خيرها من شرّها، ولكن إذا اردنا تطبيق القانون فما هو البديل الذي تقوم به الدولة؟! فهناك العديد من السائقين الذين يعملون على باصات خصوصية، حيث لا يوجد لوحات عمومية في السوق، وهنا على الدولة العمل على تأمين لوحات عمومية للسائقين، وإلا سوف يتم قطع رزق العديد من السائقين، فهناك آلاف العائلات التي تعتاش من هذا القطاع، وللأسف لا يوجد في السوق نِمَر عمومية يستطيع السائقون الحصول عليها».
قوانين جديدة من النافعة!
وأوضح عجمي أن «إدارة النافعة باتت اليوم لا تسمح بتسجيل الباصات إلا إن كان لديها بابين، فلماذا تم إستيراد «الفانات» الحالية ذات الباب الواحد؟ وماذا سوف نفعل بها؟! وهذا الأمر تكرر معنا من خلال باصات الـ 24 راكباً والـ 25 راكباً، فعاملون في قطاع النقل تخرّبت بيوتهم، ونعيش دائماً مرتهنين للبنوك، وبالتأكيد هناك مستفيدون من إقرار قوانين جديدة من خلال شراء صفقات وبيعها في السوق، ومنذ العام 2003 وحتى هذا التاريخ تضرر السائقون الذين حرموا من الاستمرار في الضمان، كما لم يتقاضوا تعويض الـ 10 ملايين ليرة، ولا يستطيعون العمل وإن عملوا يتعرّضون للملاحقة، فبات الناس يخشون من القوانين الجديدة، والدولة لم تحل أي مشكلة للسائقين، بل خلقت لهم العديد من المشاكل، وللأسف من يضع القوانين من وزراء ونواب يعيشون مرتاحين في منازلهم، ولكن نحن أمضينا حياتنا ندفع فوائد البنوك وضرائب للدولة».
* بدوره سائق أحد «الفانات» «أبو مصطفى» قال: «سواء تحدثنا في قانون السير أم لم نتحدث، فهو سوف يطبق، لأنه يأتي من الجهات العليا، وحالياً لا يزال الدرك يعطون مهلة للسائقين، ولكن بعد ذلك سوف يطبق، وغرامات السير المرتفعة لا يستطيع تحمّلها السائق العادي، فبعد دفع بدل استئجار الباص وما يتوجب عليه من نفقات، فإذا أراد السائق التوقف لنقل راكب على الطريق، فإن ذلك يعرّضه إلى المخالفة، فكيف يستطيع السائق القيام بعمله؟! خصوصاً أن المناطق التي تعدّ أماكن لنزول وصعود الركاب هي التي ينتشر بها عناصر الشرطة والدرك، وهذا ما يعرّضنا للمخالفة، فيصبح لدينا حيرة هل ننقل الركاب أم نتركهم في الطريق، وكيف سوف نسترزق؟، ولكن ليس لدينا مواقف في كل المناطق سواء في بيروت أو صيدا أو باقي مناطق الجنوب، فيجب تحديد أماكن لنقل الركاب وهذا شيء صعب، فماذا العمل؟».
ارتفاع الغرامات
أسئلة تحيّر السائقين وتجعلهم عاجزين عن تحديد نوعية المخالفات ما لم يتعرّضوا لها، وهو الأمر الذي يؤرق السائقين بسبب ارتفاع الغرامات.
* سائق آخر عرّف عن نفسه بأسم أبو محمد قال: «يوجد في كل الدول قانون يغرّم الناس عند المخالفة، لكن الغرامات في لبنان مع قانون السير أمر لا يعقل، فإن تم تطبيق القانون القديم مع المتابعة، فإن الأمر سيكون على خير ما يرام، لا أن تكون الحملة على الأحزمة موسمية وعلى فترات متباعدة، وطبعاً يجب وضع الحزام الأمامي حتى للفانات، والقانون يسمح براكب واحد بجانب السائق على عكس ما كان معتمدا في السابق من قبل سائقي الفانات».
الأمر نفسه بالنسبة إلى سائقي السيارات العمومية، حيث تراوحت الآراء بين القبول والمطالبة بتخفيف الغرامات.
* المشرف على «كراج حبلي» «أبو ياسين» قال: «كان يجب تطبيق قانون السير منذ زمن بعيد، لأن ذلك يترك ارتياحاً لدى السائقين العموميين، وفي الوقت نفسه يجعل المركبات التي تسير في الطريق مؤهّلة وليست بحاجة إلى الاصلاح، كما نشكر القائمين على تطبيق القانون الجديد، والذين يعملون على توجيه السائقين لأنواع المخالفات وبالتالي يمهلونهم مهلة قبل تطبيق القانون عليهم، ولكن إذا نظرنا إلى حجم الغرامات، فمخالفة وضع حزام الأمان تبلغ 200 ألف ليرة ومخالفة عكس السير 350 ألف ليرة، فإن هذه الغرامات هي اجراء رادع، ولكن يجب مراعاة أحوال سائقي السيارات، لأنهم من طبقة المسحوقين، فضلاً عن وجود مخالفات لا يتم متابعتها مثل سائقي السيارات الخصوصية والسيارات التي تعمل على المازوت، والسائقين غير الشرعيين».
بين السلاسة والقوة
وأضاف: «يجب تطبيق القانون بسلاسة وبقوة في نفس الوقت، وبالطبع بعد تطبيق القانون لم نعد نرَى أي من السيارات غير الشرعية التي كانت منتشرة بكثرة، مما جعل سائقي السيارات العمومية يرتاحون من مزاحمة السيارات المزوّرة، فهناك من كان يملك نمرة عمومية واحدة، ولكن يضعها على أكثر من سيارة، وهذه السيارات لم تعد موجودة بسبب الخوف من الملاحقة بعد تطبيق القانون ودفع غرامات كبيرة، حتى الفانات المخالفة أيضاً لم تعد موجودة والأمر نفسه بالنسبة للسيارات العادية، وهذا الأمر تشكر عليه الدولة».
* بدوره السائق أحمد نجم قال: «نحن مع القانون وليس ضده، ولكن يجب إيقاف السيارات الخصوصية التي تعمل على الخط وتأخذ من نصيب سائقي السيارات العمومية، ومعظمها من الشباب المتهوّر ومن المتعاطين للمخدرات، الذي لا يؤتمن على الزبائن منهم، ونحن ننصح الركاب بعدم الصعود معهم، كما أن تعرّضهم لأي حادث قد لا يتلقون على أثره العلاج في المستشفيات، إضافة إلى المخاطر الأخرى، وهنا ننصح الركاب بالتنبّه لذلك، كما نطالب الشرطة بتطبيق القانون بحق المخالفين من سائقي السيارات الخاصة، وحين تسأل قوى الأمن الداخلي عن عدم تطبيق النظام يعيدون الأمر إلى عدم وجود أوامر من قيادة السير».
ترك فترة كي يعتاد الناس على القانون، هو الأمر السائد في الطرقات، ومعها بدأ العديد من السائقين يعتادون على النظام، ولكن تبقى المخاوف من الغرامات هي الشغل الشاغل للناس.