IMLebanon

هل “يخنق” باسيل الديبلوماسيين المقاطعين لـ”قطاره الاغترابي”؟

gebran-bassil

 

وسّع مؤتمر الطاقة الاغترابية الذي افتتحه، الخميس، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، الفجوة بينه وبين عدد كبير من الطاقم الديبلوماسي والإداري في الوزارة وخارجها.

ولم تستطع الصورة الإعلاميّة البرّاقة لافتتاح المؤتمر الذي أعلن باسيل أنه ضمّ 1200 مشارك جاؤوا من 73 بلدا حجب الثغرة التنظيميّة وتبديد الانزعاج الذي ظهّره عدد كبير من المغتربين المشاركين الذين صعقوا بالخلاف المستجدّ بين الوزير والإدارة الداخلية في الوزارة.
لكنّ العارفين بالأمور والضالعين بشؤون الاغتراب رصدوا مقاطعة كثيفة للسفراء ورؤساء البعثات الديبلوماسية من طائفة معينة، وسجّلوا مقاطعة للاغتراب الشيعي من الدول الإفريقية ودول رئيسيّة في أميركا اللاتينية ومن أوروبا الشرقية، ومن الأسباب، عدم دعوة أيّ منهم للمشاركة في برنامج المؤتمر الممتدّ على مدى 4 أيام، كذلك سجّلت مقاطعة للاغتراب المسيحي من الخليج.

وبرغم التلبية اليتيمة لأحد السفراء في الخليج من لون طائفي معين، الا أن السفير المعني لم يحظ بكرسي خاص للاتكاء عليه فآثر المشاركة واقفا، ومثله فعل السفراء القلّة الذين شاركوا من الوزارة إذ لم تخصص لهم أماكن للجلوس وغادر أحدهم وهو سفير إداري غاضبا، ولعلّ أبرز الأمثلة على التنظيم العشوائي أيضا هو جلوس الأمين العام لوزارة الخارجيّة السفير وفيق رحيمي في صفوف السفراء الأجانب!

وتنبّه عدد من المغتربين المشاركين الى الخلل الحاصل في المؤتمر، وخصوصا أنّ عددا كبيرا منهم قام بزيارات بروتوكولية لسياسيين ولأصدقاء وعلى عدد ممّن اطلعوا على المناخ السلبي الذي نقل إليهم العزم على اختصار حضورهم بجلسة الافتتاح فقط.

وإذا كان التخطي المقصود للإدارة ومديريّة المغتربين والدوائر المختصة بتنظيم المؤتمرات ومنها «دائرة المؤتمرات» هي ثغرة اساسيّة، فإنّ المنظمين من فريق عمل باسيل يصرّون على القول إنّ «للمقاطعة طعم سياسي بحت» واضعين اللائمة على أهل الوزارة ومصوّبين السّهام تحديدا على مدير عام المغتربين هيثم جمعة.

في هذا الإطار، سألت “السفير” مسؤولاً إدارياً بارزاً في وزارة الخارجية عن سبب مقاطعة المؤتمر من الطاقم الإداري والديبلوماسي التابع لطائفة معينة، فقال: “إنّ هذا المؤتمر “غير شرعي وغير قانوني لأنّه نظّم بطريقة بعيدة من الإدارة، والجهة التي نظّمته هي جمعيّة يرعاها الوزير تخطّت الدوائر المعنية في الوزارة ومنها دائرة تنظيم المؤتمرات ومديرية المغتربين ومن هنا لا يحق للوزير القول إن الوزارة هي التي نظّمت المؤتمر”.

وعن قول فريق عمل باسيل بأنّ سبب الهجوم على المؤتمر هو سياسي قال المصدر نفسه “ليس للخلاف السياسي أي علاقة، فالموضوع إداري بحت، ولم تقتصر النقمة على مديرية المغتربين بل إنّ التململ والاستياء يعمّ الجسم الديبلوماسي برمّته والدليل مغادرة قسم كبير من هذا الطاقم للجلسة الافتتاحية”.

وأشار الى أنّ الخلفية السياسية موجودة في تصرفات الوزير وطاقمه، وقد ظهّر المناخ السـائد بشكل واضح وزير الصحة وائل أبو فاعور حين قال: “غادرت جمهورية جبران باسيل لأعود الى الجمهورية اللبنانية، ونحن نقول هذه الوزارة هي للدولة اللبنانية وليست لجبران باسيل، وحين تستبعد الإدارة عن التنظيم فحينها لا يحق لباسيل القول إن هذا المؤتمر هو من تنظيم وزارة الخارجية”.

وعن ترهيب مارسه اثنان من مستشاري الوزير (أحدهم ديبلوماسي والآخر موظف في فريقه) ضدّ الديبلوماسيين الذين قرروا المقاطعة عبر قوله لهم “حسابكم بعدين عند الوزير”، سأل المصدر الإداري: “ما المقصود بهذه التهديدات؟ هل سيضع باسيل الحبل في عنق هؤلاء ويخنقهم لأنهم لم يستقلوا قطاره الاغترابي”؟.

وأضاف أن هذه التصرفات “هي التي تحوّل الموضوع الى خلاف سياسي وطائفي، وأشير الى أن المقاطعة لم تكن من فئة طائفية معينة بل من معظم الطوائف، حتى المشاركة المسيحية كانت من لون معين”.

واستبعد المصدر تأثر الجسم الديبلوماسي بحدّ ذاته، لكنّه توقع أن تتأثر علاقة الديبلوماسيين بشخص الوزير، حتى أولئك الذين شاركوا انما فعلوا ذلك وهم مغلوب على أمرهم، أما الجسم الاغترابي فثقته تامّة وعميقة بمديرية المغتربين التي تجمع شمله عبر الإدارة وليس عبر الشركات الخاصّة.

ولوحظت مقاطعة رؤساء البعثات اللبنانية في إفريقيا ودول الخليج وسجّلت انتقائية في توجيه الدعوات الى البعثات الديبلوماسية والقنصلية الأجنبية المعتمدة في لبنان ومنها دول عريقة في الاغتراب اللبناني (على سبيل المثال لا الحصر ساحل العاج وهي أهم عاصمة للاغتراب في إفريقيا).

ووصف أحد المغتربين الحفل بأنه “فولكلور اغترابي”، وقال برلماني آت من البرازيل: “وجدنا فوضى تنظيمية عارمة، حتى أننا لم نجد مكانا نجلس فيه إذ وضعنا في الصفوف الخلفية”.

ولعلّ أبرز مفارقة أنّ مدراء رفيعي المستوى في الوزارة تلقّوا بطاقات دعوة لحضور المؤتمر عبر البريد كسائر الضيوف وهم لم يلبّوها بالطبع. وشهد المؤتمر أيضا مقاطعة عفوية وغير رسمية للسفراء المتقاعدين الذين لم يحضر سوى عدد ضئيل منهم في حين يتجاوز عددهم المئتي سفير.

وقسّم احد الديبلوماسيين المشاركين من المغتربين الى 3 فئات: أولى، حضرت الافتتاح وغادرت وهي من الضيوف الرسميين الذين اتوا على حساب الدولة اللبنانية ومنهم نائب وزير خارجية الأرجنتين إدوار زوين الذي حرص على زيارة رئيس المجلس النيابي نبيه بري فيما يزور قبل ظهر اليوم مدير عام المغتربين هيثم جمعة، وأيضا نائب رئيس البرلمان الروماني روديكا نصار التي ما لبثت أن انسحبت بعد حضورها الافتتاح.

والثانية، فوجئت بالخلاف الموجود ومنها أليخاندرو بيطار رئيس الجامعة اللبنانية الثقافية للانتشار، الذي ثمّن جهود جمعة في لمّ الشمل الاغترابي، الى رئيس البيت اللبناني التونسي صعب معلوف الذي زار جمعة ايضا وقدم له درعا تكريمية تقديرا لجهوده في خدمة الجالية اللبنانية في تونس.

والفئة الثالثة اعتذرت عن الحضور بعد ان اكتشفت البلبلة الموجودة في الوزارة.

ولخص أحد الدبلوماسيين “ثمار” المؤتمر الاغترابي بنسخته الثانية على الشكل الآتي:

– تأسيس مجالس لرجال الأعمال العضوية فيه محتكرة وسرية لبعض المستشارين ورجال الأعمال المقربين الذين تسخّر لهم إمكانات الدولة.

– زرع الشرخ الفئوي بين الديبلوماسيين والوزير، وخدمة مشروع فئوي يتعارض مع الدور الجامع لوزارة الخارجية.

ويختم الديبلوماسي بقوله: الجسم الديبلوماسي لن يسكت بعد اليوم على تجاوزات باسيل وفريقه للأصول في التعاطي معه ومع الوزارة، انطلاقا من قاعدة تفيد بأنّهم هم “أهل البيت” وهم من سيستمرون في الوزارة في حين سيغادرها الآخرون عاجلا أم آجلا.