IMLebanon

أسعار السلع.. هل نصدّق “جمعية المستهلك” أم وزارة الإقتصاد؟

FoodMarket
حنان حمدان

بلغ حجم إرتفاع أسعار السلع الإستهلاكية للفصل الأول من العام 2015 مقارنة بالربع الأخير من العام 2014 نحو 2.45 في المئة، وفق ما أظهرته نتائج تقرير مؤشر الأسعار الدوري الصادر عن “جمعية المستهلك اللبناني”، وقد شمل المؤشر 145 سلعة وخدمة تشكل أساس إستهلاك 93 في المئة من العائلات في لبنان.
يأتي هذا الإرتفاع، في وقت إنخفضت فيه أسعار المحروقات وكلفة الانتاج، وإثر إعلان وزارة الإقتصاد عن إتخاذ العديد من الإجراءات لحماية المستهلك اللبناني، كتفعيل المجلس الوطني لسياسة الأسعار، ووسائل تقديم الشكاوى، وإصدار تقارير أسبوعية عن أسعار السلع. إلا أن هذه التقارير غابت عنها مثل هذه الإرتفاعات! فما هو سبب إرتفاع الأسعار إذاً؟ وما هو سبب التباين الحاصل بين تقارير الوزارة من جهة وجمعية المستهلك من جهة أخرى؟
تؤكد مسؤولة قسم سلامة الغذاء في جمعية المستهلك اللبنانية ندى نعمة أنّ سبب إرتفاع الأسعار يعود إلى “حال الفلتان التي يعيشها السوق في لبنان والإحتكارات التي تحميها الطبقة السياسية”. وتشير الى أن “الجمعية تقوم منذ العام 2006 بإصدار هذا المؤشر، وقد لُحظ من خلاله إستمرار إرتفاع أسعار هذه السلع على الرغم من إنخفاضها عالمياً، كانخفاض أسعار النفط واليورو وبعض السلع الأساسية خصوصاً الحبوب والسكر وفق مؤشر الفاو”.
من ناحيته يجد مستشار وزير الإقتصاد جاسم عجاقة، في حديث لـ “المدن”، أن “أرقام تقرير جمعية المستهلك لا تمت إلى الحقيقة بصلة، فالأسعار لم تشهد إرتفاعاً، فيما ارتفع بعضها ارتفاعاً طفيفاً، كما أن سلّة السلع والتي تعتمد من قبل الوزارة تختلف عمّا جاء في مؤشر الجمعية”.
وإذا ما وضعنا جميع تلك التقارير جانباً، وألقينا نظرة على الواقع الذي يعيشه المواطن اللبناني، نجد أنه أكثر معاناة من السابق، لناحية كلفة الفاتورة الإستهلاكية المرتفعة، لاسيما وأن العدد الاكبر من المواطنين اللبنانيين يعيشون دون المستويات الإجتماعية المتوسطة. ما يعني أنّ المستهلك اللبناني لم يلحظ الإنخفاض الذي أشارت إليه تقارير وجداول وزارة الإقتصاد، لا بل على العكس فهو لا يزال يشكو من ارتفاع أسعار مختلف السلع لدى مقارنتها مع فاتورة مشترياته السابقة.
ارتفاع أسعار السلع، بما فيها الخضار التي سجلت إرتفاعاً بنحو 33.97 في المئة، وفق مؤشر جمعية المستهلك للفصل الأول من 2015 (أي للأشهر الثلاث الاولى من السنة)، يتوقع أن يستمر بعد النصف الثاني من الشهر المقبل، بمناسبة حلول شهر رمضان، ما يعني أن التجار سيستفيدون هذا العام كما في كل عام من التلاعب بالأسعار خلال هذا الموسم المربح بالنسبة إليهم. وهذا ما أشارت إليه نعمة في حديثها مع “المدن” بقولها إن “أسعار السلع ولاسيما الخضار ستشهد إرتفاعاً في الشهرين المقبلين، على الرغم من انخفاض أسعار الخضار في شهري نيسان وأيار”.
وهو أمر نفاه عجاقة، بقوله إنّ اسعار السلع لن تشهد إرتفاعاً في شهر رمضان هذا العام، كما حصل في العام الفائت، بعد أن تم التواصل مع نقابات التجار في مختلف مناطق لبنان، وإبلاغهم بمعاقبة كل من يحاول رفع الاسعار أو إحتكار السلع”. لكن ماذا عن سعر “اللوبياء” الذي وصل الشهر الفائت إلى 11 ألف ليرة، ولم يسأل أحد عن السبب؟ في حين يرجع عجاقة السبب إلى “حركة العرض والطلب في أول مواسم الإنتاج”، إلا أن المشكلة أن العرض والطلب يتم بشكل إحتكاري وليس بشكل تنافسي. ما يطرح التساؤلات حول إمكانية إلتزام هؤلاء التجار بطلب الوزارة، مع غياب التشريعات الضرورية لحماية المستهلك، كقانون المنافسة وقانون سلامة الغذاء، بالإضافة الى تحديد هوامش الأرباح. ويستند عجاقة الى المرسوم الإشتراعي 73/83 لمعاقبة المتلاعبين بالأسعار ومحتكري السلع، على اعتبار أنه يجيز معاقبة من يقوم بمضاعفة أسعار السلع. ويقول: “ستتم مقارنة العرض والطلب قبل واثناء شهر رمضان، وبالتالي مقارنة إرتفاع الاسعار نسبة الى الكمية، وسيتم معاقبة كل من يرفع الأسعار”، كما يعلن عن وجود خطة تحولُ دون التلاعب والإحتكار الحاصلين من قبل التجار، مع الأخذ في الإعتبار أن التجار تجاوبوا مع الوزارة العام الماضي، ويتوقع أن يتجاوبوا هذا العام”.
الحديث عن أنّ أسعار السلع لن ترتفع خلال شهر رمضان، أو في الأشهر المقبلة، لا يكفي كي يصبح حال اللبنانيين أفضل، إذ يعاني هؤلاء يومياً من إرتفاع كلفة المعيشة باختلاف جوانبها، هذا وقد أجمع جميع الخبراء والإقتصاديين على أن لبنان هو البلد الأغلى عالمياً، على الرغم من مختلف التغيرات العالمية التي طرأت أخيراً.
ما يجري اليوم يجعلنا نطرح التساؤلات مرة أخرى عن مصير المراسيم والقوانين المختلفة التي حال التجار دون إقرارها خوفاً على مصالحهم، كقانون المنافسة الذي هو إقتراح قانون لا يزال في مجلس النواب، ومرسوم تحديد هوامش الأرباح الذي لا يزال يقبع في أدراج مجلس الوزراء، بعدما طعن به التجار فتم توقيفه بذريعة موجبات “الإقتصاد الحر”.