IMLebanon

تحويلات اللبنانيين في دول الخليج إلى تراجع!

Money-Transfer

نور هاشم

لطالما شكّلت تحويلات المغتربين اللبنانيين، خصوصاً من الدول الخليجية، عصب الاقتصاد اللبناني. إذ يعيش في دول مجلس التعاون الخليجي مئات الآلاف من اللبنانيين، فبرغم غياب الاحصاءات الدقيقة، إلا أن الأرقام تشير إلى وجود أكثر من 500 ألف لبناني في هذه الدول.
تشكل التحويلات المالية للبنانيين العاملين في الخارج نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي، علماً بأن نحو 60% من هذه التحويلات هي من دول الخليج. اليوم وفي ظل انخفاض أسعار النفط، والتضييق على اللبنانيين في بعض الدول الخليجية، انخفض حجم التحويلات الى لبنان، وفق ما أشار إليه تقرير لـ”البنك الدولي” حمل عنوان: “تدهور حاد في نسبة نمو تحويلات المغتربين حول العالم خلال العام 2015″، مما يثير علامات استفهام حول مدى إمكانية استقطاب لبنان لرؤوس أموال جديدة.
وبحسب التقرير فإن الأداء الاقتصادي لدول العالم، سيؤدي إلى انخفاض نسب التحويلات المالية. وتوقع البنك أن تزيد تحويلات المغتربين حول العالم بنسبة 0.4% سنوياً إلى 586 مليار دولار في العام 2015، إلا أنه معدل النمو الأبطأ منذ الأزمة المالية العالمية في العام 2008. أما بالنسبة إلى لبنان فقد كشف التقرير أنّ تحويلات المغتربين إليه زادت 9 مليارات دولار خلال العام 2014، اي بنسبة 13%، مصنّفاً بذلك لبنان في المرتبة العاشرة عالمياً لجهة حجم تحويلات المغتربين إليه، لكن في الوقت عينه، حذر من التداعيات السلبية لتراجع أسعار النفط على تدفق التحويلات المذكورة من دول الخليج إلى لبنان على الأمد المتوسط والطويل.
في السياق، يؤكد الخبير المصرفي نسيب غبريل أن توقعات البنك الدولي في ما خص تحويلات المغتربين حول العالم صحيحة في المدى المتوسط، بسبب أداء الاقتصاد العالمي، لكنّه يخالفه الرأي في ما خص وضع لبنان. ويقول غبريل لـ”المدن” أنه “في العام 2008، وبسبب الأزمة المالية العالمية، عاش الاقتصاد وضعاً صعباً، وبالرغم من ذلك، فإن تحويلات المغتربين إلى لبنان لم تتأثر، بل على العكس من ذلك زادت بنسب كبيرة. واليوم وفي ظل انخفاض أسعار النفط، فإن الضغوط على الاقتصاد اللبناني ليست بحجم الضغوط التي تعرض لها لبنان في العام 2008، مما يعني أن أسعار النفط لن تؤثر على تحويلات المغتربين في العام 2015”. ويضيف: “بالرغم من تدني أسعار النفط عالمياً، إلا أن دول الخليج لم تتأثر حتى اليوم، ويمكن ملاحظة حجم الميزانيات التي وضعت بداية العام في هذه الدول، كما يمكن ملاحظة حجم المشاريع التي تقام يومياً في أكثر من قطاع في هذه الدول، وبالتالي فإن أسعار النفط لم تترك آثارها على الاقتصاد الخليجي، ما ينعكس إيجاباً على حجم التحويلات التي لن تشهد أي انخفاضات في المدى القريب والمتوسط”.
إلى ذلك، يشير غبريل الى أن بعض الإجراءات التي قامت بها دول الخليج تجاه بعض اللبنانيين، “محدودة الأثر، إذ أن أعداد اللبنانيين في الخليج تفوق الـ500 ألف لبناني، متوقعاً أن تشهد تحويلات المغتربين، ارتفاعات حتى نهاية العام”.

وسجّل لبنان، وفق التقرير، ثاني أعلى نسبة نمو للتحويلات بين الإقتصادات النامية الـ15 الأكثر تلقّياً لتحويلات المغتربين في العام 2014. وعزا “البنك الدولي” ارتفاع التحويلات نحو لبنان إلى التحويلات المرسلة إلى اللاجئين السوريين من ذويهم في الخارج، فضلاً عن تحسّن النشاط الإقتصادي في بعض البلدان الرئيسية التي تستضيف المغتربين اللبنانيين، مثل الولايات المتحدة، وهنا تطرح أيضاً علامات استفهام حول حقيقة الأموال المرسلة إلى لبنان.
إذ يخالف الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي رأي غبريل في ما خص استمرار تدفقات المغتربين، ويرى أن تحويلات المغتربين إلى لبنان خلال السنوات الماضية وإن بدت مرتفعة، لكنها ليست بالنسب المتوقعة، “فمنذ ثلاث سنوات، بدأت تنحصر تحويلات المغتربين، ويعود السبب في ذلك إلى ارتفاع ميزان المدفوعات من جهة، وتنامي العجز إلى أكثر من 15 مليار دولار من جهة أخرى، ما يعني غياب البيئة التشجيعية لجذب الأموال، ولذا تراجعت التحويلات المالية من جميع دول العالم إلى لبنان”. من جهة أخرى، يؤكد يشوعي لـ”المدن” أن “هذه العوامل ليست وحدها وراء انخفاض التحويلات المالية إلى لبنان، إذ أن انخفاض أسعار النفط أثر على تحويلات اللبنانيين في دول الخليج، حيث انخفضت الأجور، وتوقف العديد من المشاريع”.
من جهة أخرى، يلفت يشوعي إلى أن “التراجع في التحويلات لم يقتصر على تلك المحوّلة من دول الخليج، فكذلك التحويلات من دول الغرب تشهد تباطؤاً بسبب تراجع سعر صرف اليورو من جهة، والركود الاقتصادي الذي لا يزال يخيم على اقتصادات العديد من الدول الأوروبية من جهة ثانية، ولعل ضخ البنك المركزي الاوروبي مئات ملايين اليورو في اقتصادات الدول الاوروبية خير دليل على الركود الذي تعيشه الدول الاوروبية، والذي ينعكس سلباً على حجم التحويلات المالية من الدول الغربية إلى لبنان”.

أما بالنسبة إلى مدى تأثر المغتربين اللبنانيين بالأوضاع السياسية القائمة في لبنان، يقول يشوعي إن الأوضاع المتأزمة صفة من صفات لبنان، وبالتالي لا يتأثر اللبناني المغترب بالأوضاع القائمة. وهنا يميز يشوعي بين تحويلات المغتربين بحسب سنوات الهجرة، حيث يشير إلى أن “المغتربين الذين يعيشون خارج لبنان منذ نحو 20 عاماً لا يزالون يرسلون الأموال إلى ذويهم ولم تتأثر تحويلاتهم، فيما المهاجرون الذين خرجوا من لبنان منذ أكثر من 30 عاماً، فلم يعد يربطهم بلبنان أي رابط، وبدأت تحويلاتهم المالية بالإضمحلال منذ سنوات”.