IMLebanon

إيران مُطالبة بإنفاق أموالها على الاقتصاد وفك ارتباطها بالأجندات الخارجية

IranEcon
من المؤكد أن الإيرانيين سيطالبون حكومتهم بإنفاق ما يتحقق لها من ايرادات إضافية نتيجة لرفع العقوبات الاقتصادية على تحسين مستوى المعيشة في البلاد الأمر الذي يحد من قدرتها على استغلال أي اتفاق نووي مستقبلي في تمويل حلفاء طهران في معارك الشرق الأوسط.

ومنذ عام 2012 قدمت إيران دعما بمليارات الدولارات لحلفائها في المنطقة ومولت في الأساس المسلمين الشيعة وسلحتهم في صراعات أخذت بعدا طائفيا.

ويقول خصوم طهران إن رفع العقوبات عليها سيتيح لها من الوسائل ما يمكنها من بذل المزيد في هذا المجال.

وقال دبلوماسيون ومحللون إن إيران ستتمكن – في غضون شهور من رفع العقوبات المالية – من تحصيل ديون من بنوك في الخارج ربما تتجاوز 100 مليار دولار أغلبها من مستوردي النفط الذين توقفت مدفوعاتهم بفعل العقوبات.

غير أنه في ضوء الضغوط الشديدة على الميزانية من جراء انخفاض أسعار النفط في العام2014 والتوقعات الشعبية بتحسن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية حال التوصل إلى اتفاق نووي فإن السلطات ستواجه ضغوطا من أجل استثمار الأموال الجديدة في الداخل.

وقال تشارلز هوليس العضو المنتدب للشرق الأوسط في إف.تي.آي للاستشارات “أعتقد أن فكرة أن إيران ستمتلئ جيوبها بسيولة مالية يمكنها استخدامها في أغراض سرية فكرة مبالغ فيها”.

وساءت حالت البنية التحتية في قطاع النفط الحيوي بسبب نقص الصيانة والاصلاح خلال سنوات من سوء الادارة والعزلة وتقول وزارة النفط إن من الضروري ضخ مبالغ طائلة لإعادة الانتاج إلى المستويات التي كان عليها قبل فرض العقوبات.

وقال منصور معظمي نائب وزير النفط في فبراير/شباط في تعليقات نشرتها وكالة شانا للأنباء التابعة للوزارة إن صناعة النفط تحتاج إلى استثمارات تبلغ 30 مليار دولار سنويا من أجل الحفاظ على مستوى الانتاج وتطوير مشروعات جديدة.

ولم يتكهن المسؤولون الإيرانيون علانية بحجم الأموال الذي قد يتدفق على البلاد بفعل إبرام اتفاق نووي أو كيفية توزيع هذه الأموال.

وقال محللون إن أي أموال إضافية تتحصل عليها إيران ستودع على الارجح في البداية لدى بنك إيران المركزي ما سيجعل من الصعب نسبيا على مسؤول العمليات الأمنية السرية في الجمهورية الإسلامية توجيه هذه الأموال إلى ساحات قتال في الخارج.

وقال ديفيد باتر المحلل الاقتصادي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط والباحث في تشاتام هاوس “بمجرد أن يبدأ الاحساس بأن المال متاح ستبدأ كل إدارة حكومية في التطلع للتدفقات المالية”.

كما ستواجه المؤسسة ضغوطا من الطبقة المتوسطة كبيرة الحجم عالية الصوت في إيران والتي شاركت مشاركة واسعة في انتخاب الرئيس حسن روحاني عام 2013 على أمل أن يؤدي برنامجه الانتخابي القائم على تحسين الإدارة في الداخل ونهج دبلوماسي عملي في الخارج إلى تحسين أحوالها الاقتصادية.

وقال غلام رضا بهران الذي يعمل مدرسا في طهران “علي أن أعول أسرة من أربعة أفراد. ولست أملك الوقت للتفكير في السياسة أو المسألة النووية. ما يحتاجه الناس من أمثالي هو تحسين الاقتصاد”.

وأضاف “أملي أن يتحقق ذلك عندما ترفع العقوبات”.

تنافس إقليمي

رغم ما واجهته إيران من مصاعب اقتصادية في ظل العقوبات فقد عمدت إلى زيادة دعمها لحلفائها من أمثال الرئيس السوري بشار الأسد والفصائل المسلحة الشيعية في العراق وحزب الله اللبناني. ويقول خصوم طهران إنها تدعم أيضا الحوثيين الذين سيطروا على مساحة كبيرة من أراضي اليمن.

وتبدي السعودية وحلفاؤها انزعاجا من أنشطة إيران في المنطقة ويصفون هذه الأنشطة بأنها عدوانية وتعمل على زعزعة الاستقرار ويجادلون بأن رفع العقوبات قد يفتح الباب أمام المزيد من هذه التصرفات من جانب إيران.

وطرحت هذه الفكرة في الولايات المتحدة حيث تواجه إدارة الرئيس باراك أوباما معارضة لموافقتها على رفع العقوبات مقابل التوصل لاتفاق يحد من القدرات النووية الإيرانية.

وقال ماثيو كرونيج الباحث لدى اتلانتيك كاونسيل “إذا حصلت إيران على تخفيف كبير للعقوبات … فسيعني ذلك تدفق المزيد من المال على الخزائن الإيرانية ودخل غير متوقع يمكن استخدامه في تعزيز نفوذها في المنطقة بدرجة أكبر”.

ويقلل المسؤولون في الحكومة الأميركية من شأن هذه المخاوف. فقد قال وزير الخزانة جاك ليو في أبريل/نيسان إن أغلب الأموال التي ستتلقاها إيران من جراء تخفيف العقوبات لن تستخدم في دعم من يعملون لحسابها في المنطقة وأنشطتهم.

وقال ليو “إيران ستتعرض لضغوط هائلة لاستخدام الموارد التي كانت محتجزة من قبل في تحسين الاقتصاد المحلي”.

وكان التدخل الإيراني في سوريا هو الأكثر تكلفة. وقد طلبت الحكومة السورية الأسبوع الماضي ائتمانا جديدا قيمته مليار دولار من طهران بعد شهور من الانتكاسات في ساحة القتال.

وقال ماثيو ليفيت الباحث بمعهد واشنطن والمسؤول السابق بوزارة الخزانة إن دعم إيران لحلفائها في المنطقة لا يعتمد على توقيع الاتفاق النووي.

وأضاف “إيران لديها الكثير من المال الآن ما يمكنها من تمويل مشروعات السياسة الخارجية تلك التي تعتبرها ذات أهمية أساسية حتى إذا لم تكون كل الأموال لديها في الميزانية”.

ويدير الحرس الثوري الإسلامي الذي تكتنفه السرية أنشطة إيران شبه العسكرية ويمولها خارج إطار الميزانية الحكومية وهو ما يعني أنه لا توجد تقارير محددة عن حجم الأموال التي انفقتها إيران أو ما تبقى منها.

ونشر تقرير في أواخر عام 2013 يفيد أن الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي يسيطر على مؤسسة قابضة تملك أصولا تبلغ قيمتها نحو 95 مليار دولار. ونددت وكالة الأنباء الرسمية في إيران بهذا التقرير ووصفته بأنه “معلومات مضللة”.

وقدر ايميل حكيم المحلل لدى المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن أن إيران قدمت دعما تتراوح قيمته بين 15 و19 مليار دولار لسوريا وحدها على مدى عامين حتى نهاية 2014.

وأضاف أن هذا الرقم يمثل كلفة إبقاء قادة الحرس الثوري في الميدان وشحنات محتملة من الأسلحة والذخائر وتمويلات تتمثل في خطوط ائتمان وقروض ميسرة.

وقد اعتاد الحرس الثوري على العمل في ظل العقوبات ويعرف كيف يتابع أهدافه دون الاعتماد بدرجة كبيرة على احتياطيات إيران المحدودة من النقد الأجنبي.

وكان الرئيس أوباما قال في مقابلة مع مجلة اتلانتيك في الأسبوع الماضي إن أكثر أنشطة الحرس الثوري فعالية في المنطقة لا تكلف كثيرا في الواقع وإنه أوضح ذلك لقادة دول الخليج العربية في القمة التي عقدت في الآونة الأخيرة بالولايات المتحدة.

وقال دبلوماسي غربي إن قدرا كبيرا من دعم إيران لحلفائها العرب بما في ذلك رواتب وكلاء الحرس الثوري تدفع كلها بالريال. وتقدم مساعدات أخرى عينيا مثل الذخائر. كذلك فإن الاتفاقات التجارية يتم التفاوض عليها دون تبادل عملات صعبة.

وأشار بيتر ويزمان خبير الانفاق العسكري بمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي إلى أن انفاق إيران يبلغ جزءا يسيرا من الموازنة العسكرية للسعودية التي تجاوزت 80 مليار دولار عام 2014.

وأضاف أن قدرات الانفاق لدى السعودية ودول الخليج العربية الأخرى والتي تمول أيضا حلفاء لها في المنطقة ستحد على الارجح من طموحات إيران بسبب خطر التصعيد.

وتابع “الدول العربية الرئيسية زادت انفاقها بشدة وإذا رأت أخطارا أكبر من جانب إيران فأنا واثق أنها ستذهب إلى مدى أبعد”.