IMLebanon

الاستثمارات الخليجية في المغرب تتجاوز أزمة النفط

Morocco-tourism
على عكس المتوقع، لم تتأثر الاستثمارات الخليجية في المغرب بتراجع أسعار النفط عالمياً، بعدما سادت في الأوساط الإقليمية فورة من التنبؤات حول تقليص مستثمري الخليج النفقات والمشروعات خارج بلدانهم قدر الإمكان.
وتراهن المملكة، التي تعتمد على الاقتصاد المتنوع، على جذب الاستثمارات في توفير فرص عمل وتعزيز نمو الناتج المحلي، لا سيما تلك التي تأتي من الخليج الثري، بحكم صفاء المناخ السياسي بين الرباط وأغلب عواصم دول مجلس التعاون.
ويرى نائب رئيس الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين بالمغرب، عادل بوحاجة، أن الاستثمارات الخليجية، في العقارات الفاخرة وقطاع الضيافة بالمغرب، لم تتراجع في الأشهر التي أعقبت انخفاض أسعار النفط في العالم، بل سجلت نموا مهمّاً.
وقال نائب رئيس الفيدرالية، التي ينضوي تحت لوائها المطورون العقاريون في المملكة، في تصريح لـ “العربي الجديد”: إن اهتمام الخليجيين بالعقار الفاخر لا يزال يزداد في الأشهر الأخيرة، لا سيما في المدن السياحية مثل مراكش، مشيراً إلى أن هذا الاهتمام يواكب مواصلة السياح الخليجيين الإقبال على المغرب، على اعتبار أن عددهم يرتفع سنويا بحدود 10%.
وفي الوقت الذي أكدفيه على عدم توفر بيانات معتمدة حول حجم استثمارات الخليجيين في العقارات الفاخرة، شدد على أن الخليجيين تجذبهم العقارات المغربية بوجه عام، إذ تستحوذ على أغلب استثماراتهم في المملكة، لا سيما في مدينة مثل مراكش، التي تتميز بطابع تقليدي وأسعار ملائمة.
وبينما يؤكد أحد المطورين العقاريين، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ “العربي الجديد”، أن المواطنين من جنسيات أوروبية والمغاربة المقيمين بالخارج، هم الأكثر إقبالا على هذا النوع من العقارات، يعتقد بوحاجة أن الأسعار التي يقترحها المطورون المغاربة والتقارب الثقافي يغري الخليجيين بشراء العقار الفاخر، خاصة أنهم يبحثون عن عقارات تلبي أذواق الأسر الخليجية.
ويشير تقرير حديث لمكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمال، إلى أن الاستثمارات الخليجية في المغرب بين العشرة أعوام الأخيرة، مثلت سنويا ما بين 5 و30% من التدفقات المالية التي تلقاها المغرب.
ويتجلى، من تقرير المكتب، أن الاستثمارات الخليجية المباشرة، انتقلت بين 2004 و2012، من مليار دولار إلى 4.5 مليارات دولار، بزيادة سنوية في حدود 21%.
غير أن التقرير يشير إلى أن 89.7% من استثمارات مجلس التعاون لدول الخليج العربية في المغرب، في قطاع العقار، مصدرها السعودية، بينما تأتي 41% من الاستثمارات في الطاقة والمعادن من الإمارات.
وتوقع اتحاد الغرف الخليجية في نوفمبر/تشرين الثاني بمناسبة الملتقى الرابع للاستثمار الخليجي المغربي بالدار البيضاء، ارتفاع الاستثمارات بالمغرب من 5 مليارات دولار إلى 120 مليار دولار على مدى العشر أعوام القادمة، حيث ستنصب على قطاعات السياحة والعقار والصناعة.
ويرى الإعلامي المتخصص في قطاع السياحة، أداما سيلا، في مقابلة هاتفية مع “العربي الجديد”، أن الاستثمارات في قطاع السياحة والعقار لم تعد تستحوذ على اهتمامات المستثمرين الخليجيين بالمغرب، حيث سعوا في الأعوام الأخيرة إلى التوجه إلى قطاعات أخرى، مثل الخدمات والطاقة والقطاعات المالية.
ويلاحظ أداما سيلا أن المستثمرين الخليجيين كانوا في السابق يعلنون عن العديد من الاستثمارات في المغرب، دون أن ترى النور. هذا ما تجلى بعد الأزمة الاقتصادية، التي شهدت تأخر إنجاز العديد من المشاريع، بل إن مجموعتي “إعمار” و”القدرة” الإماراتيتين انسحبتا من مشاريع سياحية مهمة، مما دفع المغرب إلى البحث عن مستثمرين آخرين من أجل خلافة هذه الشركات.
غير أن الخبير الدولي ومستشار التمكين الاقتصادي عبر التمويل الإسلامي لدى البنك الإسلامي للتنمية، أنس الحسناوي، اعتبر في تصريح لـ “العربي الجديد”، أنه بحكم اتصاله بعالم الأعمال بالخليج، يلمس اهتماما كبيرا بالمغرب، حيث يعتبر عامل الاستقرار السياسي والأمن حاسما على هذا المستوى.
ويتوقع الحسناوي أن تشهد الاستثمارات الخليجية قفزة نوعية في المغرب مع بدء العمل بالمصارف الإسلامية، على اعتبار أن المغرب تبنى قانوناً للتمويل الإسلامي، الذي يحظى باهتمام العديد من المصارف في الخليج.
ويشير سيلا إلى استثمارات مهمة تنجز في قطاعات غير السياحة، حيث يشير إلى استحواذ شركة اتصالات الإماراتية على 53 % من رأسمال شركة اتصالات المغرب. في الوقت نفسه يلفت إلى الدور الذي يضطلع به صندوق الاستثمار الكويتي “أجيال”، الذي تركز تدخلاته على العديد من القطاعات من قبيل العقار والسياحة والمال، ناهيك عن استثمار “طاقة”، التابع لحكومة أبوظبي، في إنتاج الكهرباء وشركة “أكوا” السعودية في أهم مشروع للطاقة الشمسية بالمغرب.
ويعتبر أداما سيلا أن تعثر بعض الاستثمارات الخليجية بالمغرب، لا يجب أن يخفي أن هناك الكثير من المشاريع التي أُنجزت في وقتها، مثل فندق ” فورسيزن”، الذي يساهم فيه الأمير السعودي، الوليد بن طلال، حيث افتتح قبل ثلاثة أعوام بمراكش.
وتطورت العلاقات بين المغرب وبلدان مجلس التعاون الخليجي إلى إنشاء صندوق استثمار “وصال كابيتال”، الذي يعود إليه تمويل مشاريع كبرى لها علاقة بالتهيئة العمرانية في الدار البيضاء والرباط. وهو ما يعتبره سيلا عاملا يندرج ضمن إنعاش السياحة في هاتين المدينتين.
وتستفيد الاستثمارات المحلية والخارجية من الامتيازات التي تتيحها الدولة، غير أن عدم إنجاز استثمارات من قبل المغاربة والأجانب التي تكون موضوع اتفاقية مع الدولة، دفع رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، في ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى التأكيد على ضرورة التحلي بالحذر تجاه المستثمرين، الذين يحظون بثقة الدولة ولا ينفذون ما التزموا به.