IMLebanon

مؤسسات سيادية تسحب استثماراتها من الوقود الأحفوري

MoneyDollarsOil
جون أوثرز

عمليات سحب الاستثمارات في الوقود الأحفوري فكرة حان وقتها، لكن هل هي فكرة جيدة؟
هذا الأسبوع جلب خبرا مفاده أن صندوق الثروة السيادية في النرويج، الأكبر في العالم، سيسحب استثماراته في الفحم. وفي الوقت نفسه، تسحب مؤسسات وقفية كبيرة في جامعات ومؤسسات دينية الاستثمارات من شركات الوقود الأحفوري، بعد أن تعرضت لضغوط في الحرم الجامعي على نحو يُذَكِّر بحركة سحب الاستثمارات من جنوب إفريقيا قبل ثلاثة عقود. ستانفورد تسحب استثماراتها من الفحم. وكنيسة إنجلترا لن تستثمر بعد الآن في رمال القطران.

تصدت شركة شيفرون لقرار يفرض دفع أرباح أسهم أعلى، في خطوة تهدف إلى حرمانها من النقود لمواصلة إنفاق المال. مديرو صناديق التقاعد في كافة أنحاء العالم يناقشون سياستهم، تحت ضغط من النشطاء، في حين إن الحي المالي في لندن ووول ستريت زادا إنفاقهما على الأبحاث في مجال الاستثمارات منخفضة الكربون. وشركات النفط العالمية تُلاحظ ذلك.

هذا ليس المكان المناسب لتكرار الحجج حول ما إذا كانت انبعاثات الكربون وظاهرة الاحتباس الحراري هي من المشكلات الخطيرة على النحو الذي يؤكّده كثير من العلماء. السؤال هو ما إذا كانت هذه المحاولات لاستخدام روافع رأسمالية المساهمين يمكن أن تحد من الانبعاثات. الأدلة من عمليات سحب الاستثمارات السابقة الآن تعد أدلة لا يستهان بها. وفقاً للتحالف العالمي للاستثمارات المُستدامة، 61 في المائة من الأصول المُدارة مؤسسياً في العالم تتم إدارتها وفقاً لبعض التفويضات البيئية أو الأخلاقية.

وحتى الآن، الاستراتيجيات الأخلاقية الأكثر شعبية، التي تقضي باستبعاد الاستثمار في الكحول والتبغ، لم يكن لها أثر مالي يذكر. والأسهم في هذه القطاعات استمرت في تحقيق أداء مثير للإعجاب. هذا العام، أظهرت الأبحاث التاريخية أن التبغ كان القطاع الأقوى أداءً في البورصة في الولايات المتحدة منذ عام 1900، في حين إن الكحول تفوّق في المملكة المتحدة. هذا يمكن تفسيره بسهولة. عمليات سحب الاستثمارات هي لفتة أخلاقية، لكن من الناحية المالية، كل ما تحققه هو جعل الأسهم أرخص بالنسبة لمساهمين آخرين لا تهمهم الاعتبارات الأخلاقية في كثير أو قليل. عمليات سحب الاستثمارات الناجحة استطاعت بسهولة تحقيق الأهداف. حملة سحب الاستثمارات من جنوب إفريقيا ربما عجلت بالتخلّي عن نظام الفصل العنصري – لكن تحقيق هدف إجبار الشركات الغربية على قطع العلاقات مع جنوب إفريقيا كان أسهل بكثير من إقناع شركات النفط بإيقاف التنقيب عن النفط. هناك أساليب بديلة. بإمكان المساهمين شراء أسهم الشركات سيئة السمعة، وزعزعتها من خلال استخدام أصوات المساهمين فيها. كما ثبت أن استراتيجيات حوكمة الشركات القوية تغلبت على السوق.

أو بإمكان المساهمين تجربة تصنيف إيجابي، والاستثمار فقط في الشركات التي تقوم بمعالجة هذه المشكلة. “الاستثمار حسب أفكار معينة” هو مجال واسع للأعمال، مع قيام المصارف في وول ستريت بإنتاج قوائم من الأسماء التي تستفيد من بعض الأفكار، مثل نقص المياه. بما أن هناك نقصا حادا في الاستثمارات في مجال التكنولوجيا اللازمة لجعل الطاقة المُتجددة تنجح، هناك نهج إيجابي قد يعمل على حل المشكلة أكثر من مجرد سحب الاستثمارات.

المساهمون الذين يسحبون الاستثمارات يجب أن يسألوا أيضاً عن الفئات التي يحتاجون إلى الوصول إليها بالفعل. في أوروبا، هذه الفئة لا تزال صناديق التقاعد العامة الكبيرة. ذلك أن عليها تأمين أعضائها عند التقاعد، ويمكن القول إن هذا يتضمن العمل على ضمان أن الأجواء لا تزال قابلة للتنفس عندما يتقاعدون. في الولايات المتحدة، ثورة برامج التقاعد المعروفة باسم 401(k) وصعود الاستثمار السلبي من خلال متابعة المؤشرات يعني أن أهدافها ينبغي أن تكون مديري الصناديق الأكبر. جميع شركات تزويد المؤشرات الرئيسية، وعلى رأسها ستاندرد آند بورز، وداو جونز، ومؤشر مورجان ستانلي المُركّب، وفاينانشيال تايمز، كرست موارد ضخمة لدمج العوامل البيئية في مؤشراتها. مؤشر مورجان ستانلي المُركّب وحده يقوم بتوظيف أكثر من 200 شخص للعمل حصراً على العوامل البيئية. وهذا أنتج بعض الهندسة المالية الرائعة التي تسمح لنا بالحصول على حصتنا وأخذها – أو على نحو أكثر دقة، الحد من آثارها من انبعاثات الكربون وفي الوقت نفسه الحصول على عائد السوق. مؤشر مورجان ستانلي المُركّب منخفض الكربون يحتفظ بكافة الأسهم في مؤشره لعموم الأسهم العالمية، لكن يقوم بإعادة توزيع أهميتها وفقاً لآثارها من انبعاثات الكربون.

النتيجة النهائية، بعد بعض التحسين البارع، هي أنها تأتي ضمن 0.3 نقطة مئوية من مطابقة المؤشر وفي الوقت نفسه الحد من تعرّض الكربون بنسبة ترواح بين 70 و90 في المائة. ومؤشر ستاندرد آند بورز في كفاءة الكربون، باستخدام أسلوب مماثل، لديه ارتباط يبلغ 99.93 في المائة مع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 على مدى خمسة أعوام، مع استبعاد أسوأ 100 شركة في انبعاثات الكربون. إذا كانت حملات سحب الاستثمارات لا تُلحق الضرر بالموارد المالية لشركات النفط، والاستراتيجيات الأخرى هي أكثر إيجابية، فما الداعي إلى القيام بها؟ الجواب سياسي وليس اقتصاديا. إذا استشهدنا بما يقوله كارثيك جاناباثي، من موقع 530.org، الذي يقوم بتنسيق الحملات، فإن عمليات سحب الاستثمارات “هي طريقة لتحدّي الترخيص الاجتماعي المعطى لصناعة النفط وجعل الأمريكيين ينظرون إليها كما ينظرون الآن إلى صناعة التبغ”. كانت أمور المساهمين في قطاع التبغ جيدة؛ لكن النقطة المهمة، بالنسبة للنشطاء، هي أن التدخين أقل انتشاراً، وأن شركات التبغ الكبرى تمارس الآن تأثيرا أقل من قبل. عمليات سحب الاستثمارات تبقى قراراً أخلاقياً. إذا أردت التخلّص من الوقود الأحفوري، يمكنك القيام بذلك بدون الإضرار بثروتك. من الناحية الاقتصادية، هناك طرق أفضل للتعامل مع هذه المشكلة.