IMLebanon

أداء القطاع المصرفي في مواجهة التحديات

associations-lebanese-banks

غازي وزني

قدّم صندوق النقد الدولي في تقريره في أيار 2015 تحذيرات عن المخاطر والتحديات الاستثنائية، التي تواجه لبنان نتيجة عوامل سياسية وأمنية داخلية وخارجية وعوامل اقتصادية مقلقة، على صعيد النمو واضرار قطاعات اقتصادية (السياحة، العقار) وتدهور المالية العامة… في المقابل جدّد تأكيده على متانة ومرونة القطاع المصرفي وقدرته على جبه التحديات، حيث سجّل في السنوات الاخيرة معدلات نمو جيد، وحافظ على استقرار معدلات الفوائد، واستطاع تغطية احتياجات القطاعين العام والخاص.

يواجه القطاع المصرفي تحديات عديدة أبرزها:

1- تباطؤ النشاط الاقتصادي: تراجع النمو الاقتصادي في السنوات الاخيرة بشكل لافت من 7 % الى أقل من 2 % نتيجة تقلص نشاط القطاع السياحي حوالي 40 % والقطاع التجاري حوالي 30 % والقطاع العقاري حوالي 25 % اضافة الى تقلص الاستثمارات الاجنبية المباشرة حوالي 42 %، من 4.9 مليار دولار الى أقل من 2.8 مليار دولار، والصادرات حوالي 23 % من 4.3 مليار دولار الى 3.3 مليار دولار.
في الوقت عينه تحوّل ميزان المدفوعات من فائض يقارب 3.3 مليار دولار الى عجــز يقـارب 1.2 مليار دولار.

2- تدهور المالية العامة وتنامي الدين العام يعتبران التحدي الاكبر للقطاع المصرفي بسبب انعكاساتهما على التصنيف الائتماني للمصارف المنكشفة على الديون السيادية (حوالي 59 % من الدين العام اي ما يقارب 39.2 مليار دولار) وعلى معدلات الفوائد وعلى ثقة المستثمرين والمودعين.
نلحظ في هذا السياق زيادة انكشاف المصارف على الديون السيادية نسبة لإجمالي الودائع بالعملات الاجنبية من 13.4 % عام 2012 الى 15.7 % عام 2013 ، وبالليرة اللبنانية من 39.6 % الــى 41.5 % ، ما دفع بمؤسسات التقييم العالمية الى خفض التصنيف الائتماني لبعض المصارف الكبرى، خفضًا غير مستند على المتانة المالية لهذه المصارف.
كما نلحظ في العام 2015 تنامي العجز في المالية العامة الى 10.5 % من الناتج المحلي، والدين العام الى 143 % من الناتج المحلي.

3- تزايد ثعثــّر المؤسسات الاقتصادية نتيجة انعدام الاستقرار وتراجع النشاط الاقتصادي وارتفاع كلفة التشغيل وصعوبة تغطية الالتزامات المالية ما دفع بالمؤسسات بمطالبة مصرف لبنان والمصارف التجارية بتسهيلات لسداد قروضها. تمثل القروض المتعثرة نسبة 5.4 % من اجمالي التسليفات مغطاة بمؤونات بنسبة 76 % . تعتبر هذه النسبة مرتفعة مقارنة مع النسبة في المنطقة التي تقارب 4.6 %.
يخشى في الوقت عينه تزايد تعثر القروض الشخصية البالغة حوالي 27.8 % من اجمالي التسليفات، ومن ضمنها 16.1 % كقروض سكنية نتيجة تزايد المشكلات المالية التي تواجه الاسر.

4- الحفاظ على وتيرة نمو القطاع المصرفي:
– الموجودات تراجعت وتيرة نموها من 8.5 % عام 2013 الى 6.6 % عام 2014
– الودائع تراجعت وتيرة نموها من 9 % عام 2013 الى 6.1 % عام 2014 . ويحتاج القطاع الى نمو يفوق 6 % سنويا لودائعه لتغطية احتياجات القطاعين العام والخاص.

– التسليفات تراجعت وتيرة نموها من 9.5 % عام 2013 الى 9.3 % عام 2014 ، رغم حوافز دعم الفوائد والقروض التي خصصها مصرف لبنان في العام 2014 ، والتي بلغت حوالي 1600 مليار ليرة، القسم الاكبر منها حوالي 60 % لقطاع السكن.
– الربح: سجّل في العام 2014 تراجعًا طفيفًا نسبته 1 % ليبلغ حوالي 1630 مليون دولار مقابل نمو نسبته 4.9 % في العام 2013.

5- ضيق السوق المحلّي وضآلة فرص الاستثمار ووجود فائض سيولة لدى المصارف (30 % من اجمالي الودائع): يعود الى تراجع الاستثمارات الاجنبية المباشرة، وتباطؤ النشاط الاقتصادي ووصول حجم القروض العقارية والاستهلاكية الى مستويات لا يمكن تجاوزها.
دفعت هذه الاوضاع المصارف الى زيادة حصة التسليفات للقطاع الخاص غير المقيم من 12.4 % من اجمالي التسليفات في العام 2013 الى 13.5 % في العام 2014. يدفع ضيق السوق الداخلي المصارف الى البحث عن أسواق خارجية.

6- مخاطر الانتشار الخارجي خصوصا الاقليمي: تزيد الاحداث الاقليمية من مخاطر الانتشار المصرفي (سوريا، تركيا، العراق)، وتُعيق من قدرته التوسعية، وتؤثّر على نشاطه وربحيته وعلى نشاط اللبنانيين ومداخيلهم في هذه الدول. يشير تقرير جمعية المصارف الى تواجد 17 مصرفًا لبنانيًّا لديها موجودة في 31 بلدًا.

7- المنافسة على الصعيد الاقليمي: أصبحت المصارف الاقليمية قادرة على منافسة المصارف اللبنانية، اذ أصبح لديها المعرفة والخبرة والانتشار الواسع، ولديها القدرة على تقديم الخدمات المصرفية الحديثة والمتطورة لزبائنها.

8- التشريعات والقوانين الدولية: تحدّ من نشاط القطاع المصرفي اذ تقيدّه بالمتطلبات الدولية على صعيد الالتزام بالعقوبات الدولية (سوريا، ايران…)، والرقابة الذاتية للتحاويل والايداعات، وقوانين FATCA ومكافحة تبييض الاموال والمعايير الدولية المتعلقة بـ ” بازل ” ( رأس المال، الملاءة، السيولة) كما تقيّد تدريجيًّا السرّية المصرفية، خصوصًا بعد اقرار قانونَي تبادل المعلومات الضريبية بين لبنان والخارج، وإلزامية التصريح لانتقال الاموال النقدية عبر الحدود.