IMLebanon

حكومة ميثاقية بنصاب سياسي مفقود!

serail

 

ذكرت صحيفة “النهار” أن الايام الستة الفاصلة عن جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل ستشهد حركة مساع كثيفة سعيا الى تجنب التمادي في شل الحكومة. ولعل أبرز ما رشح من معطيات في هذا السياق، تمثل في تأكيد أوساط وزارية لـ”النهار” ان سقف الشروط التعجيزية التي تطرح تحت وطأة التهديد بشل طويل للحكومة، بات يفتقر الى قاعدة سياسية واسعة بعد بت موضوع عرسال في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء ونزعه من السجالات والخلافات الوزارية كما التمديد للمواقع القيادية في قوى الامن الداخلي. ولفتت الى ان مجاراة بعض قوى 8 آذار “التيار” في موقفه من تعطيل قرارات مجلس الوزراء بدأت تظهر بعد الجلسة الاخيرة متمايزة في نبرتها عن مواقف وزراء “التيار” وليست بالحدة التي تطبع اتجاهات هؤلاء الوزراء. ومع ان الامر لا يعني بحسب هذه الاوساط ان حلفاء التيار ولا سيما منهم “حزب الله” هم في وارد التراجع عن دعمه، فانه يبدو واضحا ان ثمة ضوابط ثابتة ستبقى مواكبة للواقع الحكومي مما قد يقصّر أمد الشلل.

إلى ذلك، ذكرت “النهار” أن جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل سيوزع اليوم على الوزراء وهو يتألف من بنود جدول الجلسة السابقة البالغة 81 بندا على أن تضاف عليه بنود جديدة.

وصرح وزير العمل سجعان قزي لـ”النهار” بأن وزراء “اللقاء التشاوري” الثمانية الذين اجتمعوا أمس في منزل الوزير بطرس حرب في حضور الرئيسين أمين الجميّل وميشال سليمان قرروا التمسك بجدول أعمال الجلسة، وقال: “لا يجوز أن تنتقم الدولة من الشعب بتجميد قضاياه. ولا نتمسك بجدول الاعمال نكاية، وإنما بسبب غياب رئيس الجمهورية المبرر الوحيد لبقاء الحكومة هو تيسير شؤون الناس والدولة. وعندما نضرب مبرر وجودها فكأننا أسقطناها”.

وفي هذا السياق أبلغ وزير العدل أشرف ريفي “النهار” أنه يتوقع أن “تستمر جلسات مجلس الوزراء مع تعطيل القرارات”. وقال: “لست خائفا على الواقع الحكومي ولا من التعطيل لفترة طويلة، إذ أن هناك على رغم كل الصعاب حكماء ليحافظوا على الحد الادنى من عمل المؤسسات التنفيذية”. وسئل هل يتوقع أن يتكرر في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء ما جرى في الجلسة الاخيرة، أجاب بالايجاب، لكنه رأى أن الامور ستتغيّر خلال أسبوعين أو ثلاثة أسابيع.

صحيفة “السفير” رأت أن لا أبواب حكومية مفتوحة، وما يسري من تمديد في قيادة قوى الأمن الداخلي، سيسري في أيلول على قيادة الجيش، ولمدة سنتين أيضا، وهذا الأمر لا يأتي تعبيرا عن إرادة فريق سياسي لبناني فقط، بل وإرادة دولية عبر عنها مسؤولون أميركيون بتأكيدهم ان الفراغ في المواقع الأمنية اللبنانية غير مسموح، واذا كان متعذرا التعيين، فليكن التمديد، لأن الخيار الثالث، أي القيادة بالوكالة، لا يتناسب مع حجم التحديات ولا موجبات القيادة ولا برامج المساعدات العسكرية للقوى العسكرية والأمنية اللبنانية.

من جهتها، قالت “الجمهورية” إن التطوّرات الأخيرة أظهرَت أنّ الربط بين عرسال والتعيينات لم يكن واقعياً، بدليل أنّ قضية عرسال تمّ تضخيمُها ومن ثمّ التراجع عن السقوف التي وُضِعت من أجل العودة إلى الحلّ الذي كان معمولاً به وأعادت الحكومة التأكيدَ عليه، وهو الفصل بين بلدة عرسال وجرودها، وأنّ الجيش يتولّى أمنَ البلدة والمسؤوليةَ فيها.

وأمّا الملف الآخر الذي أدخَل الحكومة في التجميد والشَلل والتعطيل هو التعيينات، في ظلّ رفض «التيار الوطني الحر» مناقشةَ أيّ بَند خارج إطار هذه التعيينات وعلى أساس تعيين قائد جيش جديد وقبلَ انتهاء ولايته وفي تكرارٍ للأسلوب الذي اعتُمد مع الانتخابات الرئاسية وأدّى إلى تفريغها. ومِن الواضح أن لا نيّةَ للمكوّنات الحكومية التسليم بمشيئة التعطيل حتى أيلول بذريعة آليّة العمل الحكومية التي أقِرّت بعد الفراغ الرئاسي، خصوصاً أنّ الهدف من هذه الآليّة وأيّ آلية أخرى تنظيم العمَل وتسهيله وتسييره، وعندما ستَتحوّل الآليّة إلى حجةّ للتَلطّي خلفَها من أجل تعطيل، وَجبَ إسقاطها فوراً، لأنّ الهدفَ توفيرُ مصالحِ الناس لا عرقلتُها، وبالتالي في حال الإصرار على التعطيل هناك توجّهٌ لإعادة النظر بهذه الآليّة مجدّداً من خلال العودة إلى قاعدتَي الثلثين والميثاقية، وهما مؤمنّتان، فإذا غابَ وزراء «التيار الحر» و«حزب الله» عن جلسات الحكومة فلن يكونَ هناك مسٌّ بالميثاقية، وبالتالي كلّ المؤشرات تدلّ إلى أنّ المواجهة ستنتقل إلى آليّة العمل الحكومي مجدّداً.

وأضافت “الجمهورية”: “أنه فيما بدا أنّ التعطيل يشقّ طريقَه بقوّة إلى الحكومة، ارتفعَ منسوب الخوف من أن يزحف الشلل إلى الوزارات رويداً رويداً، وخصوصاً الوزارات الخدماتية، ما يهدّد شؤونَ المواطنين الحياتية والخدماتية ويعلّق دورةَ الحياة الطبيعية.

وما عزّزَ هذا الانطباع، غياب الاتّصالات السياسية بين الأطراف المعنية، وتمسّك كلّ طرَف بموقفه، وسط معلومات لـ”الجمهورية” عن تصميم “التيار الوطني الحر” للذهاب في معركة التعيينات حتى النهاية، وهو ما سيتظهَّر اليوم في مواقف رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون أمام وفود “التيار” التي ستَؤمّ الرابية من قضاء بعبدا، ما أوحى بأنّ الافق مسدود وأن لا حلّ أقلُّه في القريب، على رغم تصاعد التحذيرات من أيّ خطوة يمكن أن تؤدّي إلى شَلّ العمل الحكومي نهائياً بما يؤدّي إلى ضمّ مجلس الوزراء إلى لائحة المؤسسات المشلولة، على غرار توقّف العمل التشريعي في مجلس النواب إلحاقاً بالشغور القائم في قصر بعبدا.

بدورها، كتبت صحيفة “الأخبار”: يواجه التعطيل الذي قد يجبه حكومة الرئيس تمام سلام نمطاً مختلفاً غير مسبوق. لا يشبه حالا شهدتها الحكومة الاولى للرئيس فؤاد السنيورة بين عامي 2006 و2008، عندما استقال منها الوزراء الشيعة فخرجت طائفة برمتها من المشاركة في السلطة الاجرائية، وعُدّت حكومة غير ميثاقية. لا يشبه كذلك حالات اخرى اقل اهمية في حكومتي الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي، عندما امتنع وزراء عن حضور جلساتها فحيل دون نصاب الثلثين لالتئامها. لا تشكو حكومة سلام، تحت وطأة ما لوّح به وزيرا التيار الوطني الحر بشل اعمالها، من ميثاقيتها ولا نصاب انعقادها معرّض لخلل.

بل تبدو طريقة إعطاب جلساتها مختلفة هذه المرة، وان باستخدام الصلاحيتين الاكثر حساسية في توجيه نظام عمل مجلس الوزراء مذ تولى صلاحيات رئيس الجمهورية بعد الشغور: جدول الاعمال وتوقيع القرارات. المشكلة المزمنة مذ ذاك حملت رئيس الحكومة على الاعتكاف لاسابيع، بعدما تعاقب اكثر من وزير على التلويح برفض توقيع قرارات ما لم يُستجب طلبه، وهو يمسك بين يديه فيتو مزدوجا حيال الصلاحيتين هاتين.

وقالت الصحيفة: “تبعا لما اعلنه وزير الخارجية جبران باسيل، الخميس الفائت، من ان لا جلسة لمجلس الوزراء لا يتصدر جدول اعمالها تعيين قائد جديد للجيش، فإن اي جلسة يُدعى اليها مجلس الوزراء لا تتضمن هذا الشرط ستكون مرشحة للتعطيل، من جراء رفض وزيري التيار الوطني الحر والوزراء الحلفاء في حزب الله وتيار المردة وحزب الطاشناق توقيع القرارات. يكتفى بامتناع وزيري الرئيس ميشال عون عن التوقيع، كي تذهب تواقيع الوزراء الآخرين هباء”.

وأضافت: “نوقشت المفاعيل الدستورية والسياسية لهذا التوجه في دوائر ضيقة في السرايا، وابرزت ملاحظات:

أولاً: بعدما انتقلت اليها صلاحيات رئيس الجمهورية، لا يسع حكومة سلام التعامل مع الكتل الممثلة فيها بالجملة، على انها تنتمي الى قوى 8 و14 آذار ووسطيين، بل يقتضي التعامل مع الكتل تلك بالمفرق: ان يكون الافرقاء جميعا داخل الحكومة عند اتخاذ القرارات وتوقيع المراسيم. ذلك ان تحوّل مجلس الوزراء هيئة رئيس الجمهورية عند توقيع القرارات يفكك الائتلاف الحكومي الواسع، وتتحوّل الكتل الكبرى شأن الكتل الصغرى شأن الوزراء المستقلين كيانات مستقلة في ذاتها، تستمد دورها من توقيعها. وهو مغزى المراعاة التي يلح عليها سلام في تعاطيه مع كل فريق على حدة.

ثانياً: لا مجال للخوض في ميثاقية جلسة لمجلس الوزراء غاب عنها وزيران مسيحيان ووزيران شيعيان، ما دام ثمة وزراء مسيحيون او شيعة آخرون لا يزالون يحضرون الجلسة. بل الاصح ان القياس هنا ليس ميثاقية جلسة يحضرها وزراء الطوائف المشاركة في السلطة الاجرائية، بل غياب وزراء منوط بهم توقيع قرارات مجلس الوزراء تمهيدا لاصدارها بمراسيم واحالتها على المراجع المعنية.

ثالثاً: منذ شغور الرئاسة، يُنظر الى النصاب القانوني في حكومة سلام على انه سياسي اكثر منه حسابيا. لم تكن هذه حال حكومة الحريري عندما اسقطها الثلث +1. لم تكن كذلك تجربة حكومة السنيورة من قبل بعد شغور عامي 2007 و2008 بسبب اقتصارها على فريق سياسي واحد يترأسه رئيس الحكومة نفسه. في واقع حكومته، يتصرّف سلام على انه فريق ثالث بين اثنين يحاذر ــــ مقدار ما يتمكن ــــ الإنحياز الى احدهما، ولا يضع نفسه في صف وزراء الرئيس ميشال سليمان والنائب وليد جنبلاط.

رابعاً: لا يزال الثلثان مؤمّنين في حكومة سلام كي تنعقد دستورياً، كذلك طبيعة تأليفها من ثلاث ثمانات بين قوى 8 و14 آذار والوسطيين، ما يحول دون تمكين فريق واحد من الحصول على الثلث +1 لشل انعقادها ما لم يتواطأ فريقان على ثالث او يتمكن فريق من الائتلاف مع بعض من الفريق الآخر بغية الامساك بنصاب التعطيل. مع ذلك يكفي غياب وزير التيار الوطني الحر وحزب الله ــــ بما يعنيه تمثيلهما في الحكومة ــــ كي تتسرب الشكوك في امكان التئام جلسة لمجلس الوزراء.

خامساً: خلافا لرئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يعتقد ان في امكان الحكومة الالتئام ما دام نصابا الثلثين والنصف +1 متوافرين للانعقاد واتخاذ القرارات، يتمهّل سلام في تقدير موقفه الى ان يصطدم بالمشكلة في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء الخميس. مذ انتقلت اليها صلاحيات رئيس الجمهورية، اضفى سلام على حكومته نمطاً مختلفاً يكاد يكون على صورته، المطبوعة بالتوافق وطول الاناة واستنفاد الجهود والمرونة. ربط اعداد جدول الاعمال بالتوافق المسبق عليه بين الوزراء جميعاً، وسلّم بتوقيع الوزراء الـ24 قرارات مجلس الوزراء ما ان يتحوّل هيئة رئيس الجمهورية، وخصوصا في القضايا المهمة. على طرف نقيض منه، قالت وجهة نظر بري منذ 25 ايار 2014 بقصر تواقيع الوزراء المختصين على قرارات يتخذها مجلس الوزراء مجتمعا، على ان يوقع الوزراء الـ24 القرارات التي تتخذ خارج مجلس الوزراء.

واستناداً إلى المعلومات المتوافرة لصحيفة “اللواء”، من مصادر في تكتل “التغيير والإصلاح” فإن وزيري التكتل سيتخذان موقفاً تصعيدياً في جلسة الحكومة الأسبوع المقبل ولن يقبلا بمناقشة أي بند على جدول الأعمال، إذا لم يتضمن بند تعيين قائد جديد للجيش، مشيرة إلى أن النائب عون سيحدد المسار الذي ستسلكه الأمور بعد اجتماع التكتل الثلاثاء المقبل ووضع النقاط على الحروف، في ما يتصل بملف التعيينات وغيره من الملفات، معتبرة أن التمديد للواء ابراهيم بصبوص سنتين، زاد الأمور تعقيداً وفتح الباب على شتى الاحتمالات.

ولفتت إلى أن التكتل يدرس خطواته بدقة وقد تم التشاور مع الحلفاء في الخطوات التي سيتم اتخاذها رداً على رفض مجلس الوزراء تعيين قائد جديد للجيش، حيث يتذرع البعض بأنه من المبكر تعيين قائد جديد للجيش قبل انتهاء ولاية العماد جان قهوجي في أيلول المقبل، في محاولة تضليلية لذر الرماد في العيون وصرف الأمور عن مسارها، كاشفة أن كل شيء موضوع على الطاولة وسيصار إلى اتخاذ كل ما يلزم لتحقيق الأهداف التي يعمل التكتل من أجلها.

وعما إذا كان “التيار الوطني الحر” يلجأ إلى استخدام الشارع، شددت الأوساط على أن كل خطوة ستتخذ ستكون مدروسة بتأنٍ وتحظى بأكبر قدر من التأييد، وعندها فليتحمل المعطلون لعمل الحكومة مسؤولياتهم، لأنهم يرفضون تعيين قائد جديد للجيش وإبقاء الوضع غير القانوني لقائد الجيش الحالي على  حاله وهذا ما يشكل إساءة كبيرة للمؤسسة العسكرية ودورها الراهن، وبالتالي فإن المطلوب إعادة تصويب الوضع وتصحيح الخلل الحاصل لما فيه مصلحة الجيش ولبنان.