IMLebanon

طيارو «ميدل إيست»: عودة عقد العمل الجماعي

PilotMEA
محمد وهبة

أنهت نقابة الطيارين اللبنانيين مفاوضات عقد العمل الجماعي مع إدارة شركة طيران الشرق الأوسط «ميدل إيست». العقد يشمل زيادة على رواتب الطيارين بنسبة 12%، بالإضافة إلى مساهمة بقيمة 100 ألف دولار سنوياً لصندوقي التقاعد والنظام الطبي للمتقاعدين. النتائج وصفت بأنها «ممتازة» نظراً إلى ممانعة إدارة الشركة منذ أكثر من 15 عاماً المشاركة في التقديمات الاجتماعية للطيارين

لا يزال عقد العمل الجماعي في لبنان حيّاً يرزق. ففي الأيام الماضية، وقّعت نقابة الطيارين اللبنانيين عقداً جماعياً مع إدارة «ميدل إيست» لمدّة خمس سنوات وسجّلته في وزارة العمل. المفاوضات استمرّت نحو سنة ونصف سنة، أي منذ انتهاء مدّة العقد السابق في 13 كانون الأول 2013.

وبحسب المعنيين، كانت المفاوضات «شاقة» نظراً إلى الظروف الأمنية والاقتصادية الصعبة التي يشهدها لبنان، إذ كانت التفجيرات متنقلة وهناك حديث عن إمكان دخول الأميركيين إلى سوريا والأجواء السياسية متشنجة. هذه الظروف ولّدت عنصر ضغط على الطيارين الذين لم يكن لديهم رغبة واسعة في التصعيد، ولا سيما أنهم اختبروا معركتين مع إدارة «ميدل إيست». الأولى في نيسان 2010 وهي متصلة بعقد العمل السابق، فيما الثانية كانت في كانون الأول 2011 بسبب صرف طيّار أصيب بمرض السرطان. وبحسب بعض الطيارين، فإن وقف معظم الرحلات في «المعركتين» نجح في ظروف مختلفة، وبالتالي لم يكن ممكناً التصعيد في الظروف الحالية.
ويرى الطيارون أن عدم وجود دعم نقابي فعلي كان عاملاً محبطاً. فليس هناك نموذج يمكن الارتكاز إليه أو التعويل عليه في أي معركة نقابية تتعلق بحقوق الموظفين. فالاتحاد العمالي العام ليس لديه تمثيل فعلي وهو يقدّم ولاءه السياسي على مطالب العمال، فيما النقابات التي تعمل في مطار بيروت الدولي أيضاً تعدّ من بنات هذا النموذج، لا بل إنها لم تحصل على أي مطلب من إدارات الشركات التي تعمل لديها.
في ظل هذا الوضع، لجأت قيادة النقابة ممثلة برئيسها فادي خليل (بعد الانتخابات الأخيرة أصبح في موقع أمين السر) وأمين السر أنطوان أبي نادر (أصبح نقيباً للطيارين) إلى استراتيجية جديدة. لم تضع هذه القيادة أي شروط ولم تقدّم ورقة مطالب، كما درجت عليه النقابات في تعاملها مع الإدارة، بل ذهبت في اتجاه استطلاع شروط العمل الواردة لدى منظمات الطيران والشركات الكبيرة ونقابات الطيارين في العالم.

«ورغم أن محور الجولة الأولى من المفاوضات كان بناء ثقة مع الإدارة» وفق خليل، إلا أن الإدارة أصرّت على مطلب زيادة الإنتاجية. «فأخذنا مطلبها لدراسته وتحديد شروطنا. ثم أنجزنا دراسة شاملة تتضمن زيادة الإنتاجية بنسبة 4%، وهي تساوي عدد ساعات العمل الذي يقوم به الطيارون حالياً مقابل بدلات إضافية، ثم أضفنا زيادة على الرواتب بنسبة 12%، لتصبح إيرادات الطيارين من الساعات الإضافية أكبر مما كانوا يحصلون عليه عندما كانت بدلات إضافية… وبعد ذلك وضعنا نظاماً جديداً للرتب والرواتب».
غير أن نقابة الطيارين لم تكتف بهذه المطالب، بل رفعت سقفها في اتجاه الصناديق التي أسّستها قبل سنتين، أي صندوق التقاعد للطيارين، وصندوق التغطية الصحية للطيارين المتقاعدين.
ويشير خليل إلى أن «السبب الأكبر لحوادث الطائرات التي يكون فيها الطيار مسؤولاً عن الحادث، هو المشاكل الجسدية والنفسية، أي عندما يكون عدد ساعات الطيران مرهقاً بالنسبة إليه، وعندما تكون شروط عمله متدنية فيصبح قلقاً على مستقبله ومصير عائلته. هذا كان حافزاً لنا من أجل تمويل الصناديق التي أنشأتها النقابة قبل سنتين، فطلبنا من الشركة أن تسهم بمبلغ 100 ألف دولار لمدّة خمس سنوات، أي طوال فترة العقد في صندوقي التقاعد والتغطية الصحية للمتقاعدين. وطلبنا أيضاً أن يكون هذا العقد الجماعي بمثابة شراكة لتطوير المهنة وأن يترجم في اتجاه رفع مستوى الطيار مهنياً وتقنياً، ولا سيما بعد إنشاء مركز للتدريب، وبهدف منع هجرة الطيارين إلى الخارج».
لم تكن التوقعات تشير إلى إمكان تحقيق هذا المطلب لأن الشركة كانت ترفض منذ 15 سنة المشاركة في التقديمات الاجتماعية للطيارين ولكل موظفي الشركة، إلا أن ممثلي الطيارين قرروا الإصرار على دراستهم كاملة، فإما توافق عليها الإدارة بكامل بنودها، أو ترفضها كاملة.
وبالفعل هذا ما حصل، فقد وافقت إدارة ميدل إيست على الدراسة التي رفعتها النقابة بصورة كاملة، فنال الطيارون «مكاسب إضافية ستسجّل في عقود العمل المقبلة مثل مساهمة إدارة ميدل إيست في صندوقي التقاعد والتغطية الصحية، وسيكون للطيارين مجال أوسع في تطوير مهنتهم والالتفات أكثر إلى سلامة الطيران بعدما زادت رواتبهم وباتوا مطمئنين أكثر إلى مستقبلهم. لدينا تأمين صحي فاعل مدى الحياة لكل طيار متقاعد وزوجته، وأصبحت مبالغ التقاعد التي يحصل عليها الطيار من الصندوق مهمة وتوازي ما يحصل عليه من تعويض نهاية الخدمة، أي أننا ضاعفنا المبالغ المحصلة وقت التقاعد» وفق خليل.