IMLebanon

النظام السوري: استراتيجية جديدة لمعركة المصير؟!

syrian-army

اعلن مصدر قيادي كبير في غرفة العمليات المشتركة في دمشق لصحيفة “الراي” الكويتية انه “بعد سقوط أكثر من 50 ألف قتيل من الجيش السوري وحده، وصلت دمشق الى قناعة عسكرية – سياسية مختلفة عما كان متبعاً منذ خمسة اعوام من الحرب في سورية”.

واشار المصدر الى انه مع بروز تنظيمات وفصائل وألوية متشددة ومعتدلة في صفوف المعارضة السورية التي وصل تعدادها الى اكثر من 175 فصيلاً إما مستقلاً وإما متحالفاً مع فصائل اخرى، وفي ظل تصميم المجتمع الغربي والدول العربية المعنية بالملف السوري على دعم المعارضة في مواجهة نظام الرئيس بشار الاسد وتقديم الخبرات والمعدات والدعم المالي والاستخباراتي والتدريبي، ووسط تغاضي الغرب عن توسع تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) جنوباً، وكذلك الحال بالنسبة الى جبهة النصرة، فقد ارتأى النظام السوري وحلفاؤه في معركة المصير المشترك ان الاستمرار باستراتيجية إعادة المناطق الى حضن الدولة هو ضرْب من الخيال ومهمة انتحارية، وتالياً فان القيادة ستتبع ضوابط مختلفة كالآتي:

1 – الإمساك بالمدن الرئيسية مثل اللاذقية وطرطوس وحمص وحماة ودمشق، فهي تمثل العصَب الرئيسي للنظام الذي يستطيع ان يستمر من خلالها، والى ما لا نهاية، مطلاً على المنابر الدولية باسم الحكومة السورية وعاصمة قرارها دمشق.

2 – إعادة توزيع عناصر الجيش السوري وضباطه في شكل يجعل خدمة كل فرد في مسقطه حيث توجد عائلته واقاربه ليدافع كل فرد وعلى نحو مستميت عن أرضه وأفراد أسرته، وتالياً فان اي مدينة لا تقدم ابناءها الى الجيش او تكون في حالة عدائية معه، لن يستطيع الجيش السوري حمايتها كما حصل في درعا وأريافها، ففي منطقة السويداء مثلاً هناك 27 ألف جندي وضابط سوري تخلفوا عن الالتحاق بقطعهم العسكرية وفضّلوا البقاء هناك، وتالياً فإن انكفاء اللواء 52 عن المنطقة يعود أحد أسبابه الى فقدان الحضور الميداني لعدد كبير من الجنود والضباط لمواجهة اي خطر محتمل، مما تسبب بانسحاب اللواء لعدم توافر القدرة على صدّ اي هجوم مرتقب.

ان اي انسحاب للجيش السوري من المدن يليه – بحسب المصدر عيْنه – إنشاء خط دفاع متين ونقاط خلفية تحمي مدناً أخرى، مثل دمشق، وتالياً فإن من المتوقع انسحاب الجيش السوري من السويداء وترْك الساحة ليتصارع عليها كل من “داعش” و”النصرة” اذا لم يلتحق أبناء السويداء بكتائب الجيش السوري.

3 – اقتنع النظام بانه وحلفاءه لن يدخلوا في معركة دون أفق لتحرير ما هو محتلّ من المدن والأرياف السورية. ولذلك فان هذا من شأنه ان يرسم خطة جديدة تُقسّم فيها سورية حيث يمسك تنظيم “داعش” بجزء مهمّ، وكذلك جبهة النصرة والفصائل الداعمة لها بجزء آخر، ويشاركهم النظام السوري بجزء لديه منفذ بحري في اللاذقية – طرطوس ومطارات مدنية وعسكرية، الا ان المشكلة تبقى في مصادر النفط والغاز والمواد المعدنية الثمينة مثل الفوسفات وغيرها والتي يتنازع عليها النظام و”داعش”، فالنظام يريد موارد للطاقة ضمن المدن الخاضعة له.

4 – سيعمد النظام وحلفاؤه الى حماية المدن التي يسيطر عليها وإبعاد أي طرف عنها، وسيكون للنظام وحلفائه هجمات رئيسية لإشغال القوى المناوئة لا سيما في حلب وادلب وجسر الشغور ودير الزور والقنيطرة وريف حلب وريف دمشق بحيث تبقى هذه المناطق مسرح عمليات عسكرية دائمة لإشغال القوى المعادية للنظام من دون ان يستوجب العمل العسكري القيام بمناورات مفتوحة تعرّض قواته للضرب وخصوصاً ان ما يعرف بـ “القوى المعتدلة” تملك قوة نارية لا يستهان بها من عتاد متطور وصواريخ لايزرية.

5 – تكون الغوطة الشرقية وادلب مسرح عمليات يأخذ دور المغناطيس حيث هناك ارض ملتهبة يمكن للنظام إحراز تقدم فيها.

6 – لا يستطيع النظام السوري بعد اليوم التكفل بالنظام العام واحتياجات المجتمع المدني في المناطق التي لا يسيطر عليها، وتالياً فان دمشق لن تدفع الرواتب للمناطق التي تخضع لسلطة المعارضة، لان هذا الحمل الذي يمثل ثلثي جهد الحرب يخرج عن قدرة النظام ونيّته ايضاً، وهكذا فان العبء المتمثل بالطبابة والادارة المدنية والكهرباء والغاز والطرق والتعليم، كلها ستكون من حصة المعارضة التي تريد السيطرة على تلك القرية او تلك المدينة وأخذها من النظام.

7 – ان انسحاب الجيش السوري لن يؤثر سلباً على استراتيجية الربح والخسارة. وتالياً فان سقوط درعا او ادلب او الرقة لا يعني ان النظام سقط او انتهى نفوذه في سورية او في المحافل الدولية، فكل لاعب في سورية أصبح دوره أساسياً وكذلك الحال بالنسبة للقوتين المتمثلتين بـ “داعش” او “النصرة” اللتين كانت وما زالتا لاعبين اساسيين. الا انه وبحسب المصدر فان مدينة ادلب لن تبقى طويلاً في يد “النصرة” حيث تُحضر لها معركة تعيدها الى بيت الطاعة.

8 – ان كلاً من داعش والنصرة وحلفاءهما من المعارضة السورية يعترفون بالليرة السورية ويستخدمونها حتى يومنا هذا، هذه الليرة التي (من فئة الالف) تحمل صورة الرئيس الراحل حافظ الاسد و(من فئة الالفين) تحمل صورة الرئيس بشار الاسد وهي متداولة بين الناس، في كل المناطق. وتالياً فان النظام، حتى ولو خرج من الرقة ودرعا وادلب، فان رمزيّته باقية بين أيدي المعارضين.