IMLebanon

هل حُسم الاتفاق “نووياً”؟!

nuclear-negociations

 

لاحظت مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع عبر صحيفة “المستقبل” أنّ الدول الكبرى لديها مصلحة حتى اللحظة الأخيرة من الموعد الأقصى لتوقيع الاتفاق حول النووي مع إيران، أن لا تعلن أي شيء حول حسم هذا التوقيع. والطرفان الغربي والإيراني يناوران حتى 30 حزيران الجاري بسبب رغبة كل فريق في تحسين موقعه التفاوضي في مرحلة من التغلب على العقبات لتسهيل التوقيع الذي يريده الطرفان.

فالرئيس الأميركي باراك أوباما يعتبره استحقاقاً مهماً قبل انتهاء ولايته، وإيران تريده بسبب ضعف اقتصادها، إلى حد الانهيار. وإذا وجد الطرفان أنهما أحرزا تقدماً جوهرياً في اتجاه الاتفاق فسيتم التمديد للتفاوض أياماً معدودة ليس أكثر.

مبدئياً، وفقاً للمصادر، بات التوقيع محسوماً، وهو كناية عن اتفاق سياسي، في حين أنّ الجزء التقني سيستمر التفاوض حوله حتى اللحظة الأخيرة، وقد يمدّد ذلك إلى ما بين عشرة أيام وخمسة عشر يوماً.

الأمر الأساسي بالنسبة إلى الطرفين، هو المضمون في التفاوض أو الخلاصة التي سيتوصل إليها المفاوضون، وليس الوقت. الآن يتم العمل في التفاوض المكثف الحاصل على الملاحق الخاصة بالاتفاق. بحيث تتم تعديلات في مشروع الاتفاق من أجل تقريب وجهات النظر لحصول الاتفاق والنقاط التي لم يحصل توافق عليها، سيصار الى إعادة التفاوض حولها، إلى حد المساومة السياسية. وسيصل الطرفان إلى حل سياسي أولاً، أي أنّ الاتفاق سيكون مبنياً على توافق سياسي على الخطوط العريضة. والهمّ الأساسي هو الوصول إلى نتيجة في التفاوض.

الأولوية في البحث بين الغرب وإيران هي التفاوض حول النووي، ونجح الطرفان في الابتعاد عن المواضيع الاقليمية ما عدا بعض التبادلات في وجهات النظر بصورة عرضية حولها. والتفاوض كان انطلق على أساس هذا الابتعاد حتى أنّ التطورات الاقليمية إن كان في سوريا والعراق واليمن وليبيا، لم تؤثر على مجرى التفاوض الغربي مع إيران.

وتوقفت المصادر عند موقف كل من إسرائيل وإيران الذي يقول إن الاتفاق لن يوقف عمل إيران لتحقيق القنبلة.. إذ تشير إلى أنّ من الصعب في الأساس العودة إلى الوراء في مسيرة التفاهم مع إيران حول النووي، هذا أولاً. وثانياً، الاتفاق لدى حصوله سيجمّد البرنامج النووي على مدى 10 سنوات، تصل أيضاً إلى 15 سنة. أي أنّه حتى وقت طويل، لن تتقدّم إيران على الاطلاق في هذا الموضوع، والآن لم تصل إيران بعد إلى القنبلة النووية. حتى لو قامت بعد 15 سنة باستئناف نشاطها النووي لأغراض عسكرية، فإنّه يلزمها وقت لتصل إلى إنجاز القنبلة.

وتقول المصادر ان الرقابة التي ستفرضها الوكالة الدولية للطاقة الذرية بموجب الاتفاق الذي سيوقع، ستبقى سارية المفعول، ولن تنتهي في سنوات محدودة. بمعنى آخر، إذا قررت إيران أن تنجز القنبلة بعد السنوات ال15 الواردة في الاتفاق فستكشف الوكالة ذلك. والاتفاق الموقّع سيكون جيداً، لأنّ إيران كانت وقعت على اتفاقية منع الانتشار النووي وعلى البروتوكول الإضافي، الذي يسمح للوكالة بأن تفتش أينما أرادت ورأت ذلك واجباً، وفي أي وقت تشاء. والبروتوكول تحديداً، يعطي القدرة على التفتيش بشكل أوسع بكثير، من اتفاقية منع الانتشار النووي، ما يشكل ضمانة لسنوات طويلة ما بعد السنوات التي سينص عليها الاتفاق. وبالتالي، سيتم كشف أي تحرك مستقبلي لإيران على هذا الصعيد.

كل ذلك للدلالة على انه لا يمكن لإيران القيام بإنجاز القنبلة بصورة سرية.

لكن هناك مسألة مهمة يعمل الغرب من خلال الاتفاق الذي سيوقع على ان لا تخل إيران به، انه تخوّف من عدم التنفيذ وعدم السماح للمفتشين بالتفتيش، تماماً كما كان يفعل الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي استمر في التلاعب عشر سنوات. من هنا يجري في عملية التفاوض العمل لضمان تنفيذ إيران التزاماتها. ويتم العمل على وضع بنود ذات صلة برد العقوبات في حال المخالفة واعتماد طريقة محددة لذلك.

ان رفع العقوبات يحتاج إلى سنتين أو ثلاث وفقاً لتنفيذ إيران للاتفاق. وفكرة الغرب تعليق العمل بالعقوبات وليس رفعها كلياً لدى تنفيذ حيز كبير من الاتفاق من جانب إيران، هو ورقة ضغط دولية، لضمان العودة سريعاً إلى العقوبات، تحسباً لأي إخلال بالاتفاق، هذه النقطة بالذات تشكّل ليس ناحية تقنية فحسب، إنما أيضاً لها بُعدها السياسي في عملية وقف البرنامج النووي الإيراني.