IMLebanon

الدولار والذهب.. علاقة عكسية في “الظروف العادية”

GoldDollar

عزة الحاج حسن
كثيراً ما يتساءَل الأفراد غير المتابعين لمسار السلع والعملات العالمية عن كثب، عن توجّه سعر الذهب، أهو الى الإرتفاع أم الإنخفاض؟ وكذلك هناك من يسأل ويتابع مسار الدولار والنفط، ويتفاجأ البعض بارتفاع سعر أونصة الذهب أو بانخفاضه على عكس ما يأملون. فما هي العناصر التي تتحكم بسعر الذهب؟ وما هي العلاقة التي تربطه بالدولار؟

يكشف مسار سعر الذهب عن علاقة عكسية بين قيمته وقيمة الدولار، وهذه العلاقة لا تنطبق على الذهب فحسب، وإنما أيضا على السلع التجارية كلها في العالم، وأبرزها النفط. فالزيادة في سعر الذهب تنعكس انخفاضاً في قيمة الدولار، والعكس صحيح.
وتعود العلاقة العكسية بين الدولار والذهب إلى اعتماد الذهب كأحدى أهم “أدوات التحوط” في العالم ضد مخاطر تغيرات معدل صرف العملات، أي أنه يمثّل ملاذاً آمناً في وجه تذبذب العملات أو انهيارها، فيعمد المستثمرون والمتعاملون في سوق النقد الأجنبي الى شراء الذهب لتغطية المخاطر الناتجة عن ضعف الدولار، أو أي عملات أخرى.
وتشير الدراسات، التي تمت على محدّدات سعر الذهب في العالم، إلى أن أهم العوامل التي تحدد سعر الذهب هو معدل صرف الدولار الأميركي، ذلك أن الذهب، مثله مثل أي سلعة تجارية في العالم كالنفط والنحاس والألومنيوم وغيرها، يتم تسعيره على المستوى العالمي بالعملة الأولى عالمياً، أي بالدولار. وهذا يعني أن سعر النفط يرتبط بعلاقة عكسية أيضاً مع سعر الدولار، ويقع في خانة الذهب كسلعة عالمية تتأثر بسعر الدولار وتؤثر عليه.
أما بالنسبة الى التطورات والأحداث الآنية فإنها تشكّل تأثيراً مباشراً على سعر الذهب، فيتّجه سعر الأونصة الى الإرتفاع، عندما تبدو في الأفق أي تطورات وأزمات ترفع من مستويات المخاطر الاقتصادية أو السياسية، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، وغالباً ما ينعكس هذا الإرتفاع انخفاضاً في مستوى سعر الدولار وتحوّلاً للمستثمرين إلى الذهب.
وعندما ترتفع قيمة الدولار، وإن لأسباب اقتصادية أميركية بحتة، فإن رؤوس الأموال تتدفق من الدول التي ترتفع فيها مستويات المخاطرة، إلى الأصول المقوّمة بالدولار، وكذلك يتم التحوّل عن الذهب فينخفض سعره تلقائياً، وأحدث مثال على ذلك، عندما اجتاحت الدول الناشئة في السنوات القليلة الماضية، موجة هروب لرؤوس الأموال التي تركت العملات الناشئة متّجهة نحو الدولار الذي ارتفعت قيمته بطبيعة الحال، ما أدى الى انخفاض سعر الذهب نتيجة لذلك.
ورغم إجماع المراقبين الدوليين على العلاقة العكسية بين قيمة الدولار وسعر الذهب، إلا أنهم يحصرون هذه العلاقة، في الظروف العادية فقط، أما في أوقات الأزمات والأزمات الحادة، فليس هناك ما يضمن بالضرورة أن تكون العلاقة عكسية.

ويعزو المراقبون الاضطراب في العلاقة بين قيمة الدولار وسعر الذهب بشكل أساسي الى اتجاهات المضاربة على الذهب في أوقات الأزمات، فنلاحظ أحياناً ارتفاعاً في قيمة الدولار لأسباب اقتصادية، ومع ذلك يستمر سعر الذهب في الارتفاع، وفي هذه الحالة يعود الطلب على الذهب في جانب كبير منه لأغراض المضاربة المرتبطة بالمخاطر الاقتصادية في العالم، والتي تُعد العامل الأساسي في الطلب على الذهب في الوقت الحالي.
وفي أحدث تطورات أسعار الذهب، وانسجاماً مع العلاقة العكسية التي تربطه بالدولار، فقد تراجعت أسعار الذهب نهاية تداولات الأسبوع الجاري، لتقطع موجة صعود استمرت ثلاثة أيام بفعل انتعاش الأسهم العالمية وصعود الدولار بعد صدور بيانات اقتصادية أميركية قوية عززت التوقعات بأن الاحتياطي الاتحادي سيرفع اسعار الفائدة قبل نهاية عام 2015.