IMLebanon

تَحالُف عون – “حزب الله” يضع الحكومة أمام أزمة مفتوحة!

tamam-salam-government

 

 

تصاعدتْ مخاوف جهات سياسية عدة في لبنان من المنحى الذي اتخذته في الساعات الأخيرة الأزمة التي تواجهها حكومة الرئيس تمام سلام، والتي بدأت تشي بتَعذُّر التوصّل الى مخرجٍ وشيك لها، ما ينذر بتَحوُّلها الى أزمة مفتوحة بلا أفق زمني، ولا سيما في ظل الطريق المسدود في استحقاق الانتخابات الرئاسية المتعثر منذ أكثر من عام، والذي كان البارز على خطه أمس، الاستنجاد بـ «سيّدة فاطيما» التي أُدخل تمثالها الى مقرّ البرلمان علّ بركتها تنهي الفراغ.

وبرزت هذه المخاوف خصوصاً، عقب مجموعة معطيات ومؤشرات كنتيجة لجولة من المشاورات المباشرة التي بدأها رئيس الحكومة مع الوزراء في اليوميْن الأخيريْن، والتي اتسمت في حصيلتها الأولية الواضحة بانسدادٍ سياسي. ولعلّ اللقاء الذي جمع سلام مع وزيريْ «التيار الوطني الحر» (يقوده العماد ميشال عون) جبران باسيل و«حزب الله» محمد فنيش، أول من أمس، ترك الأثر القوي في إشاعة أجواء زيادة التأزم، إذ ان الوزيريْن اللذيْن تعمّدا الاجتماع معاً برئيس الحكومة، أرادا من ذلك التأكيد بما لا يقبل جدلاً بأن الحزب يدعم بقوّة موقف حليفه المسيحي في تصعيد حملته المتعلقة بفرض ملف التعيينات الأمنية والعسكرية كأولوية وحيدة على مجلس الوزراء ومنْع بحث أيّ بند آخر قبل بتّ هذا الملف تحت طائلة تصعيد متدرّج.

وفيما تابع سلام الثلثاء، لقاءاته مع عدد من الوزراء الآخرين، عشية سفره اليوم مع وفد وزاري الى مصر في زيارة رسمية ليوم واحد، أعربت مصادر وزارية لصحيفة «الراي» الويتية عن تشاؤمها في إمكان التوصل الى وضع حد قريب وسريع للأزمة الحكومية في ظل ما برز من توجهات متشدّدة لدى فريق العماد عون مدعوماً من «حزب الله» من جهة، وبدء تَصاعُد ردود فعل متصلبة لدى فريق «14 آذار» من جهة اخرى، مشيرة الى ان «هذه الصورة للمشهد المأزوم برزت من خلال ما سمعه سلام في لقاءاته مع الوزراء بما كشف عمق المأزق الذي بات يتوجب معه على رئيس الحكومة التزام مزيد من التروي قبل الإقدام على توجيه اي دعوة جديدة الى مجلس الوزراء للانعقاد».

وتحدّثت المصادر عن «نبرة تهويل ضمنية تتصاعد من جانب الفريق العوني، بالتكافل والتضامن مع (حزب الله)، إزاء اي دعوة يمكن ان يوجّهها سلام الى مجلس الوزراء ولا يكون موضوع التعيينات بنداً وحيداً فيها. وفي الوقت الذي تبلغ رئيس الحكومة من الوزيريْن باسيل وفنيش الإصرار على هذا الموقف من دون إقرانه بالإفصاح عما يمكن ان ينجم من مضاعفات في حال لم يؤخذ به، سارعت بعض أطراف(8 آذار) الى تسريب معلومات تؤكد ان اربعة مكونات في الحكومة تقف وراء الموقف نفسه وهي (التيار الوطني الحر) و(حزب الله) و(تيار المردة) بزعامة سليمان فرنجية و(حزب الطاشناق) الارمني، اي كل أفرقاء(8 آذار) باستثناء رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يبدو واضحاً، كما تؤكد المصادر الوزارية ان (حزب الله) ترك له هامش المناورة مفتوحاً لإبقاء صِمَام أمان يحول دون انهيار الحكومة في الظرف الحالي على الأقلّ. ولم يقف الأمر عند حدود هذا الاصطفاف فحسب، بل ان بعض قوى (8 آذار) بدأ يعلن جهاراً وبلا تحفظ توقعاته بان تتمدّد حالة تعطيل الحكومة الى شهر وأكثر».

في المقابل تضيف المصادر الوزارية نفسها ان «فريق (14 آذار) وحلفاءه من المستقلّين، وإن كان يبدي للرئيس سلام دعمه في سياسة التروي التي يتبعها، فانه بدأ بدوره يضغط في اتجاه مطالبته رئيس الحكومة بوضع سقف زمني محدود لهذه السياسة وتالياً عدم الرضوخ للشروط والضغوط التي يمارسها الفريق الآخر واللجوء الاسبوع المقبل الى توجيه الدعوة الى مجلس الوزراء باستعمال صلاحيته الحصرية في الدعوة كما في وضع جدول الاعمال».

وتشير المصادر الى ان «قوى (14 آذار) التي يشكل الأكثرية مع وزراء كتلة النائب وليد جنبلاط تسعى اساساً الى إفهام الفريق الآخر بانها ليست في وارد السكوت عن منحى بات يتهدد الحكومة والبلاد بتصعيد سياسي يخرج معه فريق (8 آذار) عن توافُق أساسي تجسّده الحكومة كآخر معقل دستوري وسياسي، وانه إذا كان فريق (8 آذار) يزمع المغامرة بتخطي هذا السقف فان ذلك ينطوي على أجندة اقليمية سيعمد فريق (14 آذار) الى مواجهتها».

وتلفت المصادر هنا، الى مضامين تصريحات ادلى بها وزير العدل اشرف ريفي اخيراً ورفض عبرها بقوة وبحدّة اي تساهل مع تقدم المشروع الايراني في لبنان ومن ضمنه معادلة «حزب الله» حول انتخاب العماد ميشال عون او لا رئيس للجمهورية، معتبرة ان «هذه التصريحات تعكس المعطيات العميقة لدى فريق تيار (المستقبل) وقوى (14 آذار) عموماً بما يعني ان الأزمة الحكومية ربما تؤشر الى بداية مقلب خطر جديد في لبنان كانعكاس للتراجعات الكبيرة المتعاقبة للنظام السوري التي تُسجل تباعاً. ولذا سيكون من الأهمية بمكان رصْد تطورات المشاورات الجارية داخلياً تجنباً لبلوغ الأزمة حدوداً يصعب العودة معها الى ما كان عليه الوضع الحكومي باعتبار ان نتائج هذه المشاورات والمساعي سترسم ما يهيأ للبنان في المرحلة المقبلة».