IMLebanon

اقتصاد لبنان: فشل محاولات لجم الأسعار

Ministère-de-l'Economie
عزة الحاج حسن
تتأثر بورصة أسعار السلة الإستهلاكية في مختلف دول العالم، بعوامل محلية ودولية، فتتّجه صعوداً أو نزولاً بحسب المعطيات المحيطة، باستثناء لبنان الذي تغرّد بورصة أسعاره الإستهلاكية خارج سرب الأسعار العالمية، وتعيش عزلة عن كل العوامل والمقومات المحلية والدولية التي من شأنها أن تترك أثراً في مستويات الأسعار.
فمَن يراقب بورصة أسعار السلة الإستهلاكية في لبنان لأشهر سابقة يلاحظ اتجاهها التصاعدي المستمر، غير متأثرة بأي من العوامل الواقعة منذ العام الماضي، والتي من شأنها خفض أسعار الإستهلاك، ولعلّ أبرز هذه العوامل، انخفاض سعر النفط عالمياً وبالتالي محلياً وخفضه فاتورة الإنتاج، وهذا يُعد سبباً كافياً لخفض أسعار المواد الإستهلاكية. أما العامل الثاني فهو انخفاض سعر اليورو وهو ما انعكس إيجاباً على فاتورة الإستيراد لاسيما أن معظم فاتورة لبنان الإستيرادية ذات منشأ أوروبي وتقوّم باليورو. ويتمثّل العامل الثالث بإغلاق المعابر الحدودية بين سوريا والعراق، وبين سوريا والأردن، ووقف تصدير المنتجات اللبنانية الى الخارج باستثناء ما يتم تصديره عبر البحر، ما يعني أن معظم المنتجات اللبنانية تواجه أزمة كساد وهو سبب لخفض الأسعار بهدف التصريف. وكل عامل من هذه العوامل كفيل بخفض بورصة أسعار الإستهلاك في أيّ من دول العالم إلا لبنان. فعلى الرغم من اجتماع كل العوامل المؤثرة بالأسعار إلا أن الأخيرة لا تزال مواظبة على الإرتفاع.

يذهب البعض في تحليله لارتفاع أسعار الإستهلاك الى جشع التجار، لاسيما أننا على مشارف شهر رمضان، وهو الشهر الذي ترتفع فيه نسبة الإستهلاك بشكل كبير، لكن الحقيقة أن جشع التجار لم يترافق مع التحضيرات الرمضانية فحسب، بل بات جزءاً من “اقتصاد تافه” بحسب رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو خلال حديث لـ”المدن”.
برو الذي انتقد ارتفاع أسعار الإستهلاك على مدى الأشهر الماضية وحتى اللحظة، وعدم تأثر السوق بانخفاض أسعار النفط واليورو عالمياً، بدا فاقداً الأمل بضبط الأسعار خلال شهر رمضان، “لاسيما في ظل غياب أي مبادرة أو مؤشر على نيّة الدولة ضبط الأسعار ووضع حد لانفلاتها”. وإذ يكشف برو عن مشاركة الجمعية للمرة الأولى في اجتماعات وزارة الإقتصاد، حيث حضر برو اليوم اجتماعاً مع وزير الإقتصاد ألان حكيم، ضم ممثلين عن التجار ومؤسسات تجارية، وخصّص لمتابعة تطور اسعار السلع الغذائية خلال شهر رمضان، والبحث في لجم الأسعار. وفي السياق، رأى برو أن “محاولات ضبط السوق في ظل اقتصاد مركّب لا يُنصف سوى كبار التجار”، ووصف هذه المحاولات بـ “الواهية” ولا يمكن أن تحقق المُراد منها، لاسيما أن قانون المنافسة لم يرَ النور بعد، لأسباب تتعلّق كذلك بمصلحة كبار التجار، وأن الإقتصاد اللبناني يستند بقطاعاته كلها الى منطق الإحتكارات.

وإذا دخلنا في منطق الأرقام نلاحظ أن أسعار السلع الإستهلاكية في لبنان ترتفع عن الدول المحيطة بنحو 30 في المئة، وهي تستمر في الإرتفاع بحسب الجولات الميدانية التي تجريها جمعية حماية المستهلك، ومرد ذلك بحسب برو، إلى فلتان الأسعار وغياب الحكومة والتخلي عن ضبط السوق الخاضعة الى منطق الإحتكار، باسم الاقتصاد الحر، منتقداً المفهوم اللبناني للإقتصاد الحر “الذي جعل منه اقتصاداً متقوقعاً، صغيراً وتافهاً لا يتطور ولا يتوسع ولا يكبر كغيره من الاقتصادات الحرة الحقيقية، لاسيما أن هناك دولاً لا يتجاوز عدد سكانها عدد سكان لبنان لكن حجم اقتصادها يبلغ 600 و700 و800 مليار دولار أمّا في لبنان فلا يتجاوز حجم اقتصادنا الـ23 و24 مليار دولار فقط، فما قيمة الحديث عن لجم الأسعار في ظل هكذا تركيبة اقتصادية؟”.