IMLebanon

في البقاع تقنين حتى 20 ساعة يومياً …وزحلة تنعم وحدها بالكهرباء

electricity
سامر الحسيني
يختلف المشهد الكهربائي في البقاع بين منطقة واخرى، ومرد هذا الاختلاف الى ما يصفه بعض البقاعيين بـ «نكبة الكهرباء» عند مشتركي «مؤسسة كهرباء لبنان»، حيث وصلت ساعات التقنين الى عتبة 20 ساعة يوميا، مقابل «نعمة الضوء والانارة» على مدار الساعة عند مشتركي قرى وبلدات تقع ضمن امتياز كهرباء زحلة التي أنهت مسيرة من التقنين العشوائي والظلام يزيد عمرها عن 35 عاما من غياب الكهرباء.
لا يبالغ البقاعيون حين يطلقون على قراهم وبلداتهم التي تتغذى بالتيار الكهربائي من مؤسسة كهرباء لبنان توصيف «بلدات منكوبة كهربائيا»، فساعات التقنين في هذه الايام تجاوزت معدل 20 ساعة في اليوم الواحد، وإذا وصل التيار الكهربائي الى تلك القرى فإن الاستفادة منه دونها عقبات ابرزها ضعف قوة الفولتاج التي لا تزيد عن 120 فولت، فتنعدم معها اية استعمالات منزلية باستثناء انارة المصابيح.
«الكهرباء 24 ساعة انقطاع ولــــيس هناك من ساعات تغذية» وذلك حســـب يوميات حسن المكحل من سكان بلدة ماسا، فالاخير استغنى عن كهرباء الدولة حتى في ساعات التغذية التي تؤمنها مؤسسة كهرباء لبنان، التي تأتي «نواصة»حسب توصـــيفه ومعها يستحيل تشغيل البراد أو الغســـالة أو موتور المياه والغطاس، فيعمد الى فصلها وإعادة تشغـيل مولده الخاص. يتكبد المئات من مشتركي مؤسسة كهرباء لبنان دفع ثلاث فواتيرعن الكهــــرباء في الشهر الواحد، الفاتورة الاولى موقعة من مؤسسة كهـــرباء لبنان، والثانية يحملها جابي الاشتراك بالمـــولد الخـــاص والثالثة تذهب لخزينة صاحب محطة الوقود وبدلات المازوت للمولد المنزلي.
تنسحب معاناة حسن على آلاف من مشتركي مؤسسة كهرباء لبنان التي تعد غائبة في ساعات حضورها وفق ما يشير محمد ابو هيكل من مجدل عنجر الذي يشكو ايضا من ضعف الكهرباء في منزله على الرغم من تركيب ما يعرف بمنظم ومقوٍ للكهرباء، إلا انهما لم يعملا على تحسين قوة الكهرباء بما فيه الكفاية.
يوميات المعاناة
تحمل يوميات مشتركي مؤسسة كهرباء لبنان معاناة ترويها أكلاف المولدات الخاصة والتقنين العشوائي واحتراق الأدوات الكهربائية بفعل عدم وجود فولتاج ثابت وطبيعي، ناهيك عن عدم وجود رقابة رسمية على كيفية احتساب فواتير المولدات وترك المشتركين أسرى ابتزاز هذه المولدات التي تتصاعد سطوتها مع ارتفاع ساعات التقنين وعدم وجود بديل كهربائي على غرار شركة كهرباء زحلة.
وتتضاعف مأساة مشتركي مؤسسة كهرباء لبنان، في غياب الصيانة وخضوع مشتركيها لابتزاز الشركات الخاصة وعدد كبير من الموظفين الذين يتمهلون أياما وأياما لتسجيل أي شكوى. كما ان إصلاح أي عطل يتطلب أقله أسبوعا وليس ساعات وفق ما يجب ان يكون متبعا حسب الاصول الادارية، كما ان مختلف البنى التحتية لمؤسسة كهرباء لبنان لا تستوعب الضغط المتزايد على شبكاتها وعلى محــولاتها التي تحترق باستمرار من جراء قدم إنشائها وقدرتها المتواضعة أمام الطــلب المرتفع.
زحلة تستعيد حقها في الإنارة والإنتاج
الواقع المرير الذي يقض مضاجع البقاعيين في قرى مؤسسة كهرباء لبنان يبدو مختلفا ومعاكسا في قرى امتــياز شركة كهرباء زحلة التي تضم كلا من مدينة زحلة وبلدات علي النــــهري، ماسا، النبي ايلا، المرج، حزرتا، حارة الفيكاني، رياق، الفرزل، ابلح، نيحا، سعدنايل، تعلبايا، بر الــــياس، تعنايل والروضة، وهي قرى باتت تؤمن تـــغذيتها بالتـــيار الكهربائي بمعدل 24/24 ساعة في اليوم الواحد.
تأتي استــعادة الحق في الانتاج لشركة كهرباء زحــلة بعد مرور 88 عاما على بداية إنتاج الكهرباء في البقاع وصدور اول اشتراك بالانارة سجــل آنــذاك باسم «مقاولة اشــتراك الخواجا هيكــل ابو يارد»، الذي يعد أول مشترك في الكهرباء في البقاع.
يستفيد من عودة الكهرباء في قرى امتياز زحلة التي تتركز في قضاء البقاع الاوسط أكثر من 54 الف اشتراك يحظون بالتيار الكهربائي على مدار الســاعة وبفاتورة واحدة تحـــمل انخفاضا في القيم المالية وتراجعا في الفاتورة الكهربائية يتراوح ما بين 25 الى 35 في المئة من مجمل ما كانوا يدفعونه سابقا من فاتورتي المولد الخاص والفاتورة الرسمية.
حكاية الكهرباء في قرى امتياز زحلة باتت مختلفة في هذه القرى التي استعادت حقها الطبيعي الذي حُرمت منه طوال سنوات طويلة، والاهم ان عودة الانتاج ترافقت مع انخفاض في الكلفة يصل الى حدود 30 في المئة عن مجمل فاتورتي المولد الخاص والكهرباء الرسمية، وهذا ما يتلمسه اليوم ما يقارب 200 الف بقاعي.
يعمل مشروع كهرباء زحلة عبر مجموعات توليد تصل قوتها الانتاجية الى ما يزيد عن 45 ميغاوات، وهي كمية انتاجية كفيلة بتأمين التيار الكهربائي لأكثر من 54 الف مشترك، وذلك حصرا خلال ساعات انقطاع التيار الكهربائي وابان التقنين المفروض من مؤسسة كهرباء لبنان.
المشروع اليوم يلقى ارتياحا كبيرا في قرى البقاع الاوسط، ففي تعلبايا استطاعت احدى المؤسسات السياحية ان تحرز وفرا في فاتورة الكهرباء وصل الى قرابة 800 الف ليرة في الشهر الواحد بعدما اعتادت على فاتورة مولد خاص كانت تصل قيمتها الى حدود مليوني ليرة شهريا، وفي علي النهري لم تصل قيمة فاتورة احد المنازل أكثر من 52 الف ليرة لبنانية، علما ان قيمة فاتورته السابقة كانت تتراوح ما بين 75 الف ليرة و100 الف ليرة. وفي زحلة يسرد العشرات من أصحاب المؤسسات التجارية والمكاتب عن انخفاض يتجاوز عشرات آلاف من الليرة اللبنانية في الفاتورة الشهرية الحالية من مجمل القيم المالية العائدة لفاتورتي أصحاب المولدات والاشتراك الرسمي.
فوائد مشروع إنتاج الكهرباء الذي تديره كهرباء زحلة لا ينحصر في القيم المالية أو الوفر المالي الاقتصادي الذي يستفيد منه البقاعيون، بل يتوسع ليطال مختلف التفاصيل الحياتية اليومية، بدءا من الانارة التامة لكل شبكات مصابيح الكهرباء التي تنتشر على مختلف الطرق الواقعة ضمن قرى امتياز زحلة، يضاف الى الفولتاج الثابت والقوي على عكس كهرباء المولدات وما كانت تسببه من أعطال واحتراق الكثير من الادوات الكهربائية داخل المنازل والمؤسسات، عدا تأمين التيار الكهربائي المستديم لمصلحة محطات ضخ المياه التي كانت تعاني ســـابقا من انقطاع التيار الكهربائي وبالتالي التسبب بأزمات مياه وعطــــش، وهذا الامر بات من الماضي، والاهم ان الكهرباء باتت مؤمنة اليــــوم على مدار الساعة بدون انقطاع ســـوى فترة الثـــواني التي تستهلكها عملية التحويل بين مشروع كهـــرباء زحلة وكهرباء لبنان التي نوزعها.