IMLebanon

الشرق الأوسط: مخاوف من انفجار اجتماعي ـ أمني في المخيمات الفلسطينية

Ain-Helwe

نشط القيادات الفلسطينية، كما المسؤولين اللبنانيين، وعلى رأسهم رئيس الحكومة تمام سلام، في حراك إقليمي – دولي للضغط على الدول المانحة للاستمرار بتمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وكانت الوكالة قد قررت أخيرا وضع حد للمساعدات التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا من سوريا وتقليص مساعداتها للاجئين في لبنان، وتلويحها بإيقاف هذه الخدمات بشكل كامل في شهر (أيلول) المقبل بعدما بلغ العجز في تمويلها أكثر من 100 مليون دولار أميركي.

مجموعة العمل اللبنانية حول قضايا اللاجئين الفلسطينيين، التي تضم ممثلين عن معظم الكتل النيابية ولجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني، حذرت من “انفجار اجتماعي” مسرحه المخيمات الفلسطينية، وأبدت تخوفها من أن يتسع نطاقه ليطال المناطق اللبنانية كافة. وحثّت المجموعة وزير الخارجية جبران باسيل والرئيس سلام في بيان أصدرته عقب اجتماعها به قبل يومين للمسارعة إلى التدخل مع الأمم المتحدة والدول المانحة من أجل تأمين سد العجز في موازنة “الأونروا”، والذي يتهدد بوقف تقديماتها وخدماتها للاجئين الفلسطينيين سواء منهم المقيمون في لبنان أو النازحون إليه من سوريا.

وكانت مجموعة العمل قد تبلغت من وكالة “الأونروا” مباشرة وكذلك من السفارة والفصائل الفلسطينية احتمال توقف الوكالة الدولية عن تقديم خدماتها نهائيا في شهر ايلول المقبل إذا ما استمرت أوضاعها المالية على ما هي عليه من تدهور، وذلك بعدما بلغ العجز في تمويلها 100 مليون دولار أميركي بفعل تلكؤ الدول المانحة عن تسديد حصصها.

وبالفعل بادرت “الأونروا” إلى وقف بدلات الإسكان للاجئين النازحين من مخيمات سوريا، وهي تتوجه الآن إلى رفع عدد التلامذة في الصف الواحد إلى 50 تلميذا لتقليل الحاجة إلى معلمين إضافيين، ووقف التوظيف في المجالات التي تنشط فيها، ومعه برنامج الطوارئ المواكب لمشروع إعادة إعمار مخيم نهر البارد.

ولتوضيح الوضع أفادت زيزات دركزلي، مسؤولة الإعلام والتواصل في “الأونروا” بلبنان، بأن “العجز المالي الذي تشهده الوكالة حاليا لم تعرف له مثيلاً منذ تاريخ إنشائها”، لكنّها شدّدت على وجوب التمييز بين الخدمات العادية التي تقدمها أي خدمات التعليم والاستشفاء وغيرها التي لن تتأثر نتيجة العجز وبين الخدمات الطارئة التي بدأت تطالها التداعيات. وقالت دركزلي لصحيفة ”الشرق الأوسط”: “نحن ننتظر ما ستكون عليه الأمور نهاية شهر سبتمبر فإذا لم يكن هناك تمويل جديد، فذلك لا يعني أن خدماتنا ستتوقف إنما هي ستتأثر”. وردّت دركزلي سبب العجز المالي التي تشهده الوكالة لجملة أسباب أبرزها “الفرق بالعملة بين الدولار واليورو، الوضع المالي الاقتصادي العالمي، وازدياد أعداد اللاجئين، وتفاقم نسبة الفقر، وارتفاع كلفة الإيجار والاستشفاء في لبنان”.

وأدى شيوع نبأ الشروع في تطبيق “الأونروا” إجراءات تقشفية جديدة إلى حدوث سلسلة من الإشكالات والاعتصامات والتحركات الاحتجاجية في أكثر من مخيم. ونبّه اللواء منير المَقدح، نائب قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، من أن “توقف خدمات (الأونروا) سيؤدي تلقائيا لتدهور الوضع الاجتماعي والأمني على حد سواء، ما ستتحمل مسؤوليته الدول المانحة”.

واعتبر المَقدح في حديث لصحيفة ”الشرق الأوسط” أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الوكالة تندرج ضمن إطار “المساعي الدولية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وتهجير قسم منهم”. وقال: “كأن القرار بوقف مساعدة اللاجئين الذين نزحوا من سوريا قرار سياسي له خلفيات عدة”. ثم أشار إلى أن “القيادات الفلسطينية تقوم بتحركات على المستويات كافة في لبنان والدول المحيطة بمسعى لاستيعاب التطورات الأخيرة والضغط على الوكالة للاستمرار بتأمين الخدمات للاجئين إن كان من خلال تأمين الأموال أو تقليص رواتب موظفيها لسد العجز”.

وبموازاة الجهود الفلسطينية لحل الأزمة، تنكبّ الجهات اللبنانية المعنية على محاولة تحسين الأوضاع الاجتماعية للاجئين من خلال التخفيف من القيود القانونية التي تحول دون ممارستهم الكثير من المهن المحصورة باللبنانيين.

وأشارت لينا حمدان، المسؤولة الإعلامية في لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني، إلى أن الجهود الرسمية اللبنانية تنصب على معالجة الشؤون الإدارية للاجئين لتحسين ظروفهم المعيشية، لافتة إلى “سلسلة خطوات تنظيمية تم اتخاذها للتخفيف من العوائق التي كانت تمنعهم من كسب رزقهم”. وقالت حمدان لـ”الشرق الأوسط” في حوار معها “الرئيس سلام ترأس الأسبوع الماضي اجتماعا لممثلي الدول المانحة في لبنان وقد تم إبلاغهم بوجوب تحمل مسؤولية أي اضطرابات أمنية في المخيمات الفلسطينية في حال لم يسرعوا لدعم (الأونروا) للاستمرار بالقيام بمهامها”.

وحقًا، قررت مجموعة العمل اللبنانية تنظيم إصدار إجازات العمل للاجئين الفلسطينيين وفقًا لتعديل قانون العمل القاضي بإلغاء مبدأ المعاملة بالمثل لعام 2010، وحصر مساهمة رب العمل في اشتراكات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بـ8.5 في المائة بدلاً من 23.5 في المائة من الراتب، علمًا أن العامل اللاجئ لا يستفيد سوى من صندوق نهاية الخدمة الذي يتوجب أن يدفع عنه رب العمل 8.5 في المائة فقط. وشدّدت اللجنة على وجوب إجراء مسح سكاني شامل للاجئين الفلسطينيين في مخيمات وتجمعات لبنان، لتأمين إحصاء دقيق لعدد اللاجئين وجملة أوضاعهم من النواحي المختلفة.