IMLebanon

مُكافحة عمليّات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب في جمعية المصارف

associations-lebanese-banks

ابراهيم عواضة
يمضي القطاع المصرفي اللبناني في بذل اقصى الجهود في مكافحة عمليات تبييض الاموال وتمويل الارهاب وفي الالتزام بالمعايير الدولية ذات الصلة.
وتلعب جمعية مصارف لبنان دوراً محورياً في السياق المشار اليه اعلاه اذ تم التعاون طوال السنين الاخيرة بين السلطات النقدية والرقابية والجمعية وادارات المصارف من اجل اعتماد افضل الممارسات في هذا الميدان، من تعزيز قوانين المهنة ومواثيقها واخلاقيات العمل المصرفي الى التركيز على عملية إعداد وتطوير الانظمة وتدريب الكوادر البشرية الكفوءة.
وعن الدور الذي تقوم به جمعية مصارف لبنان في مجال مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب والدفاع عن القطاع المصرفي اللبناني قال التقرير السنوي (2014) للجمعية الذي سيعرض على الجمعية العمومية للمصارف في 29 حزيران الحالي :
بعد ان كلفت الجمعية احدى شركات التدقيق الكبرى (شركة ديلويت Deloitte) ان تعد بالتعاون الوثيق مع اعضاء لجنة التحقق ومكافحة تبييض الاموال في الجمعية المواد اللازمة لاصدار دليل السياسات والاجراءات Policies and Procedures Manual في موضوع مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب كلفتها خلال العام 2014 التحضير لدليل العقوبات.
وفي اوائل عام 2015، دعت جمعية مصارف لبنان جميع مسؤولي التحقق ومكافحة تبييض الاموال في المصارف الاعضاء الى اجتماع في مقر الجمعية لمناقشة دليل العقوبات «Sanctions and Embargoes Program -Generic Policy and Procedures Manual» الذي كان قد وزع عليهم في وقت سابق.وقد اعدت شركة Deloitte الدليل المذكور بالتعاون الوثيق مع عدد من اعضاء لجنة التحقق ومكافحة تبييض الاموال في جمعية المصارف.
الهدف من هذا الدليل – الموجه الى المصارف العاملة في لبنان من مختلف الاحجام – هو تعزيز الوعي في ما يخص المخاطر المرتبطة بالعقوبات والقاء الضوء على العمليات المالية المحظرة نظرا للقيود المفروضة من كل من مصرف لبنان، ومكتب مراقبة الاصول الاجنبية Office of Foreign Assets Control التابع لوزارة الخزانة الاميركية US department of the treasury والاتحاد الاوروبي European Union والامم المتحدة United Nations…
وتم التشديد على ضرورة عدم الاكتفاء بمضمون الدليل من قبل المصارف بل تطويره بشكل دوري بطريقة تتلاءم مع حاجات هذه الاخيرة ومع اية مستجدات ذات صلة، فمن المفترض ان يعدل بطريقة تتماشى مع الهيكل التنظيمي الخاص لكل مصرف، وتواجده الجغرافي، وطبيعة منتجاته/خدماته، بمعنى آخر انه يتوجب على كل مصرف اعتبار هذا الدليل حجر زاوية يبنى عليه دليله الخاص، آخذا في الاعتبار ان دليل العقبات هو مكمل لدليل مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب ويجب ان يطبق بالتزامن معه.
من ناحية اخرى، في ما يخص مشروع القرار المتعلق بتنظيم القواعد المسلكية Business Conduct Regulation الصادر عن هيئة الاسواق المالية، اعربت الجمعية عن رأيها بكون العمل محترفا ويتماشى مع المعايير الدولية. وقررت الجمعية اصدار دليل قواعد السلوك Code of Conduct في شأن التعامل مع هيئة الاسواق المالية CMA على ان تقوم باعداده شركة ديلويت Deloitte او غيرها، ويتضمن فقرة حول تصنيف الزبائن، بغية توحيد المعايير وتخفيف الضغط قدر الامكان عن المصارف، على ان يقوم كل مصرف بتطوير دليله الخاص.
في السياق ذاته، اصدر مصرف لبنان التعميم الوسيط رقم 371 تاريخ 2014/9/11 الذي يطلب من المصارف تعيين مسؤول عن مراقبة العمليات المالية والمصرفي لمكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب AML/CFT Branch Officer في كل فرع من فروع المصرف كما يطلب انشاء مصلحتين على الاقل ضمن «وحدة التحقق» تشرف الاولى على المركز الرئيسي وفروع بيروت في حين تشرف الثانية على سائر الفروع الاخرى في لبنان.
وفي اوائل العام 2015، اصدر مصرف لبنان التعميم الاساسي رقم 1 الموجه الى «كونتوارات التسليف» طالبا منها تزويده ببعض المعلومات مثل عنوان المركز والفروع، ارقام الهاتف، العنوان البريدي، نوع العمليات التي تمارسها، وذلك تعزيزا لمنحى مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب.
من جهة اخرى، قامت الجمعية في مطلع العام 2014 بتقوية علاقتها مع منظمة الانتربول ومع «مؤسسة الانتربول لعالم اكثر امانا» التي استحدثت مؤخرا وتولت رئاستها شخصية لبنانية باجماع دولي، حيث تشكل هذه الرئاسة اللبنانية فرصة لافادة لبنان، بما فيه قطاعه المصرفي، من الامكانات المتاحة حاليا ومستقبلا ولاستكشاف امكانيات التعاون المستقبلي في مجالات التصدي للجرائم المالية وتبييض الاموال.
وهذا التعامل ليس بالامر الجديد، فالجمعية تعمم على المصارف العاملة بشكل منتظم ودوري كل المعلومات والمستندات المرسلة من الانتربول. والتعاون المستقبلي لن يقتصر على ما كان قائما بل سيتعداه الى تمكين الصارف اللبنانية، عند فتح حساب لأي شخص، من التأكد مما اذا كان اسم هذا الاخير مدرجا او غير مدرج في قاعدة معلومات الانتربول.
ويضيف التقرير: تابعت الجمعية خلال العام 2014 تواصلها مع المصارف والادارة الاميركية عبر زيارتين، تمت الاولى خلال الفترة الواقعة بين 18-21 أيار،والثانية خلال الفترة الواقعة فين 7-17تشرين الاول، وشددت اللقاءات مع الادارة الاميركية وبخاصة وزارة الخزانة ومع اعضاء لجان الكونغرس المعنيين بالشأن المصرفي ومع بنك الاحتياطي الفدرالي، اضافة الى اللقاءات مع المصارف المراسلة، على اهمية استمرارالمصارف في الالتزام بقواعد مكافحة تبييض الاموال المعمول بها في السوق المصرفية الاميركية نظرا لدولرة الاقتصاد والنشاط المصرفي في لبنان.
كما اكد وفد الجمعية التزام المصارف اللبنانية بالعقوبات الدولية التي تفرضها الجهات الاميركية والاوروبية بتلك الصادرة عن الامم المتحدة تماثلا مع ما هو معمول به من قبل المصارف المراسلة. وفي محصلة هذه الزيارات، استطاعت الجمعية توطيد علاقات المراسلة مع الادارة والمصارف الاميركية، والتي تعتبر حيوية لعمل القطاع المصرفي وللاقتصاد الوطني.
وفي اطار مكافحة التهرب الضريبي يقول التقرير:
مذ اصدر الكونغرس الاميركي القانون الاميركي للامتثال الضريبي المعروف بقانون «فاتكا» FATCA والذي فرض معايير جديدة لمنع تهرب المكلفين الاميركيين من الضرائب في الخارج، ووضع مسؤولية تنفيذ هذه التعليمات على المصارف والمؤسسات المالية وغير المالية في مختلف انحاء العالم، اهتمت الجمعية بالموضوع وقامت بخطوات عديدة من اجل تسهيل مهمة المصارف في تطبيق هذا القانون.
ومعروف ان لبنان اختار المنحى التعاقدي، اي انه يتوجب على كل مصرف القيام بالتسجيل على سبيل انفرادي. هذا الخيار هو الاصعب، ومن الممكن ان يتغير في فترة لاحقة، بحيث يجوز اعادة طرح موضوع تطبيق الفاتكا من خلال اتفاقية توقع بين الحكومتين (IGA) بعد الاستحقاقات الدستورية، وكان مصرف لبنان قد اصدر اعلاما للمصارف تحت رقم 897 (وليس تعميما) طلب فيه منها اتخاذ الاجراءات المناسبة لتطبيق الفاتكا.
وبما ان المهلة القصوى المحددة للمصارف للقيام بالتسجيل لدى دائرة ضريبة الدخل الاميركية IRS هي حزيران 2014، فقد تمنى جانب الجمعية على المصارف العاملة في لبنان التقيد بهذا التاريخ، الامر الذي يحسن صورتنا امام المصارف المراسلة. وفعلا، في تموز 2014 اعلنت جمعية مصارف لبنان ان جميع المصارف العاملة في لبنان انضمت الى اتفاقية «فاتكا» FATCA.
وقد اصرت الجمعية على التأكد من عدد المصارف الذي تسجل من خلال الموقع الالكتروني لدائرة ضريبة الدخل الاميركية والذي ينشر لائحة المؤسسات المالية المسجلة. وتمنت الجمعية على المصارف بعد مرحلة التسجيل ان تركز على كيفية التعامل مع اي نقص او ضعف متعلق بموضوع الفاتكا، اي معرفة اذا كان ثمة خلل في تطبيق العقد ومعرفة طبيعته وكيفية ادارة البرنامج بشكل مستمر.
هذا الموضوع اصبح اساسيا وحيويا للبنان، فالمصارف المراسلة تتعرض من قبل سلطاتها الرقابية لضغوط، انعكست على تعاملها مع المصارف في العالم، ومنها لبنان. لذلك، المطلوب من مصارفنا ان تتجاوب مع المتطلبات الاضافية في تعاملها مع المصارف المراسلة، ويكون ذلك من خلال زيادة التشدد داخليا في مجال الرقابة، وفي تقديم التفسيرات اللازمة والمستندات المطلوبة عن عمليات الزبائن، والعمل على وقف استعمال الحسابات الفردية لاهداف تجارية.
وعن العلاقات المصرفية الاقليمية: حالة قبرص يقول التقرير:
مع اندلاع ازمة قبرص وتفاقمها في العام 2013، اصبح معروفا ان القطاع المصرفي اللبناني حاول التعامل بمرونة مسؤولة مع المشاكل التي يعانيها هذا البلد المجاور ومساعدته على تخطي هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها. فبين لبنان وقبرص ثمة روابط تاريخية قديمة اضافة الى التقارب الجغرافي. وقد فتحت قبرص ابوابها للبنانيين وللمصارف اللبنانية خلال فترة الحرب الضارية في لبنان، فيما يوجد الان في قبرص مصرفان قبرصيان يملكهما مصرفان لبنانيان، وثمة 9 مصارف لبنانية لها فروع في قبرص.
وبقيت السلطات النقدية تسعى الى المحافظة على افضل العلاقات مع قبرص، فحثت المصارف اللبنانية المتواجدة هناك على عدم اللجوء الى سحب السيولة من هذا البلد، بناء لطلب المودعين الساعين الى تحويل اموالهم، بل الالتزام التام بالقوانين القبرصية في انتظار التسويات التي ستمنح للمصارف الاجنبية.
وفي العام 2014 بادرت ثلاث جمعيات هي جمعية مصارف لبنان وجمعية مصارف قبرص وجمعية المصارف الاجنبية في قبرص الى تنظيم يوم مصرفي قبرصي – لبناني في ليماسول بتاريخ 14 شباط 2014 وبمشاركة السلطات النقدية والرقابية في البلدين وحضور اكثر من 70 شخصا، بينهم 32 مصرفيا ومسؤولا لبنانيا جاؤوا من بيروت لهذه الغاية.
وهدف هذا اللقاء المصرفي الى مناقشة سبل تعاون القطاع المصرفي سواء في لبنان او عبر تواجده في قبرص مع المصارف القبرصية. اولا، في مجال تمويل تجارة قبرص الخارجية علما ان المصارف القبرصية كانت قد خرجت من الازمة المالية العاتية التي اجتاحت الجزيرة خلال العام 2012 مسجلة معدل قروض/ودائع يفوق 100% ما يعني انعدام السيولة لديها، اي فقدان القدرة على فتح اعتمادات الخارج، واصدار خطابات ضمانات، وثانيا تتطلع المصارف القبرصية نحو مصارفنا لتواكب قطاع المؤسسات القبرصية الكبيرة التي تكسب التزامات او مشاريع خارجية خصوصا في قطر وسائر دول الخليج كي يوفر لها تعاوننا مستلزمات التمويل من خلال الادوات المعهودة Performance bonds&bids bonds الخ…. ثالثا واخيرا تطرح المصارف القبرصية على مصارفنا الدخول في قروض مجمعة Syndicated loansلمصلحة قطاع الغاز والنفط في قبرص.
وبحصيلة اللقاءات والنقاشات، اكدت المصارف اللبنانية ان امكانات التعاون مع المصارف القبرصية كبيرة وقائمة من خلال رؤية تتلخص بثلاث ركائز: اولا ان يتم التعاون حالة حالة (case by case) بحيث يتسنى للمصرف اللبناني دراسة ملف العميل المطلوب تمويله وبشرط ان يحول المصرف القبرصي للمصرف اللبناني الملف كاملا، اي بما فيه الضمانات التي يشتمل عليها او المطلوب تقاسمها من قبل المصرفين المعنيين. وطالبت المصارف اللبنانية ثانيا ان يرفع المصرف المركزي القبرصي القيود الموضوعة على التحويل الى الخارج في حال التمويل. فوعد الاخير باعطاء الاذن في حال تمويل التجارة الخارجية عندما تفوق المبالغ المليون يورو. كما تمنت المصارف اللبنانية على هذا الصعيد ان ترفع القيود عن فتح المقيمين. مؤسسات وافرادا. حسابات لدى فروع المصارف اللبنانية العاملة في قبرص بما فيها تلك العائدة للحصول على الاقامة الدائمة او الجنسية القبرصية. فوعد المركزي بدرسها والسماح بها اذا كانت مرتبطة هي الاخرى بتمويل الاقتصاد القبرصي… وابدت اخيرا المصارف اللبنانية النية بالدخول في عمليات قروض مجمعة ليس لقطاع النفط والغاز بل لتمويل المؤسسات الكبيرة في المشاريع التي ترسو عليها في دول الخليج. شرط ان يكون القرض المجمع ذا بنية جيدة وان يقوده او يديره طرف مصرفي موثوق. اما صناعة النفط والغاز، فشأن اخر يتطلب خبرات خاصة واحجاما ضخمة من التمويل لا تملك مصارفنا وحدها الطاقة على ترتيبها. وتم الاتفاق في نهاية اللقاء على تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة سبل ومضامين التعاون.
وهكذا، جاءت هذه الاطلالة المصرفية اللبنانية على قبرص مبادرة مشجعة للاقتصاد القبرصي بحيث لقيت اهتماما وترحيبا وتغطية كبيرة من وسائل الاعلام المحلية. ومن جهتنا كمصارف وكلبنانيين بشكل عام، ندين لقبرص باحتضان مصارفنا ومواطنينا خلال الحرب اللبنانية في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. وربما يكون هذا اللقاء فرصة سانحة لمد يد المساعدة ضمن النظم والقوانين اللبنانية التي ترعى عمل المصارف لدينا. وفي جميع الاحوال، تبقى قبرص جارة للبنان، وبلدا اوروبيا على بعد مئات الكيلومترات فقط من حدودنا، ومن الجيد والايجابي ان نستثمر للمستقبل هناك.