IMLebanon

“اتفاق رباعي” على الترسيم البحري؟

gas lebanon oil sea israel

 

 

 

كتبت صحيفة “السفير”:

عاد الملف النفطي ليعوم على سطح المياه السياسية، تحت وطأة أطماع الاحتلال الاسرائيلي الذي لا يعترف بحدود بحرية أو أخلاقية، بل يحاول انتهاز كل فرصة، أو نصف فرصة، لاقتطاع جزء من «نفطنا».. السائب!

وعُلم أن هذا الملف، وتحديدا من زاوية ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، استحوذ على حيز من لقاء الرئيسين نبيه بري وتمام سلام، أمس الاول.

ويبدو أن الشغور المتعدد الأشكال في مؤسسات الدولة، شجع العدو الاسرائيلي مؤخرا على تكرار تجاربه الفاشلة لفرض أمر واقع نفطي، من طرف واحد، محاولا للمرة الثالثة على التوالي تطوير حقل «كاريش» المتاخم للحدود البحرية مع لبنان، ما يعني تلقائيا – لو نجحت المحاولة – أن المخزون اللبناني سيتعرض للسرقة، بالنظر الى التداخل الجغرافي الحاصل بين هذا الحقل والآبار المكتشفة في الجنوب.

لكن اتصالات عاجلة أجراها بعض المسؤولين اللبنانيين، وبينهم بري، بالمراجع الدولية المعنية أدت الى لجم «المغامرة الإسرائيلية».

وقد أطلع بري الجانب الاميركي والامم المتحدة منذ أكثر من شهر ونصف الشهر على وثائق ومعطيات تؤكد وجود مسعى اسرائيلي لفرض أمر واقع على لبنان، يهدد ثروته النفطية في البحر الجنوبي، وطلب اليهما الضغط على تل أبيب لوقف هذا المسعى، وهذا ما كان.

كما أفادت المعلومات أن شركات أجنبية اتصل بها الاسرائيليون للمساهمة في تطوير حقل «كاريش»، تبلغت بأنها ستخسر لاحقا أي إمكانية للاستثمار في لبنان، إذا تجاوبت مع الطلب الإسرائيلي.

وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ«السفير» ان رسائل وصلت الى اسرائيل، فحواها ان التمادي في الاعتداء على الحقوق البحرية والنفطية اللبنانية لن يمر مرور الكرام، بل سيترك تداعيات قد تتجاوز حدود حقل «كاريش»، ليطال حقل «تامار» المصنف بأنه «استراتيجي» بالنسبة الى اسرائيل.

تجدر الاشارة الى ان «كاريش» يحوي قرابة ثلاثة آلاف مليار قدم مكعب من الغاز، إضافة الى نصف مليار برميل من المكثفات البترولية السائلة، وكان يجب ان تبدأ مرحلة استخراج النفط منه منذ قرابة سنتين، لكن ذلك لم يحصل بسبب استمرار النزاع الحدودي مع لبنان وبالتالي تردد بعض الشركات الدولية في خوض غمار هذه المرحلة.

وأبلغ خبراء نفطيون «السفير» ان اسرائيل تسعى الى إلهاء لبنان بـ «كاريش»، لكن الأخطر والأهم هو حقل «تامار» الذي لا يبعد كثيرا عن الحدود البحرية اللبنانية، ويحوي قرابة 20 ألف مليار قدم مكعب من الغاز، لافتين الانتباه الى ان احتمال التداخل بين هذا الحقل والمياه الاقليمية اللبنانية هو شبه مؤكد، الأمر الذي يشكل تهديدا للمخزون النفطي اللبناني القريب من هذا الحقل.

وعلمت «السفير» ان نائب وزير الخارجية الاميركي لشؤون الطاقة آموس هوشتاين (المكلف بالوساطة بين لبنان واسرائيل بخصوص الحدود البحرية) سيزور لبنان هذا الأسبوع، لاستكمال البحث مع المسؤولين في مسألة ترسيم الحدود.

وإذا كانت اسرائيل قد استفادت سابقا من وجود تباينات بين الاطراف اللبنانية حيال هذه المسألة، لتتمادى في انتهاك الحقوق البحرية والنفطية للبنان، فإن الخبر السيئ لها هذه المرة هو ان تلك الاطراف توصلت الى بلورة موقف موحد سيتبلغه رسميا الموفد الاميركي خلال زيارته المرتقبة الى بيروت، كما أكد بري أمام زواره أمس.

والموقف اللبناني الموحد من الترسيم هو نتاج مشاورات أجراها بري مؤخرا مع سلام والرئيس فؤاد السنيورة، إضافة الى اجتماعات تمت بين مستشاري رئيسي المجلس والحكومة والسنيورة ووزير الخارجية جبران باسيل.

ويمكن القول ان الاستراتيجية المتوافق عليها، تستند الى الثوابت الآتية:

– التشديد على التمسك بكامل الحدود البحرية.

– الخلاف الحدودي المفتعل من قبل اسرائيل لن يكون عائقا أمام حق لبنان في الاستفادة من ثروته النفطية والغازية.

– مع أو من دون تفاهم على الترسيم، سيباشر لبنان فور اكتمال جهوزيته التقنية في استخراج الغاز والنفط من المكامن الواقعة قرب الحدود الجنوبية.

– ضرورة مساهمة الأمم المتحدة في إنجاز الترسيم.

يبقى ان يُحصّن لبنان هذه الاستراتيجية بإقرار المرسومين الحيويين العالقين في مجلس الوزراء، ما يستدعي أولا عودة الحكومة الى العمل، وثانيا الترفع عن الخلافات الجانبية، حتى ينتقل «الحلم النفطي» من القول الى الفعل.