IMLebanon

هل تفكّ اليونان سبحة اليورو؟

GreeceEuro3
عزة الحاج حسن
ين عجزها المالي “المتفاقم” وعدم قدرتها على تلبية مطالب الدائنين الدوليين، تقف اليونان اليوم على مسافة قريبة جداً من انهيار اقتصادي، قد يشكل نهايتها كبلد أوروبي ينتمي إلى منطقة اليورو.
أزمة العجز المالي في اليونان ليست بجديدة، فالعجز اليوناني يعود الى أواخر العام 2009 مع انتشار المخاوف بين المستثمرين حول عدم قدرة البلاد على سداد ديونها نتيجة الزيادة الحادة في حجم الدين العام، ما أدى الى أزمة ثقة بالأسواق المالية، وبالتالي الى ارتفاع فائدة السندات اليونانية والتأمين عليها، فدخل الإقتصاد اليوناني في نفق الديون وبات من الصعب على أثينا الإستحصال على قروض جديدة لسداد ديونها السابقة.
منذ العام 2009 تعيش اليونان أزمات اقتصادية متواصلة، ناتجة عن تراكم العجز المالي من جهة، وعجز الحكومات اليونانية عن الإلتزام بتسديد ديون عامة في مواعيد استحقاقها من جهة ثانية. هذا الواقع دفع الدائنين (البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي) الى فرض شروط تقشفية على اليونان بغية مدّها بحزمات إنقاذية في سبيل الحفاظ على اقتصادها وتجنيبه الإنهيار، غير أن الإجراءات الأوروبية وعلى الرغم من قساوتها في بعض الأحيان، لم تُفلح بإنقاذ اليونان لا بل ساهمت بإغراقه في مزيد من الديون، بحسب مراقبين ماليين يونانيين.
اليوم وبعد أن تجاوز العجز العام اليوناني نحو 150% نسبة الى حجم الناتج المحلي الإجمالي، ورغم التزام اليونان بشروط الدائنين القاسية، وقفت من جديد عاجزة أمام استحقاق يفوق 1.6 مليار يورو لصندوق النقد الدولي من المفترض تسديده يوم غد. والجديد في أزمتها أن دائنيها رفضوا طلبها بتأجيل موعد إستحقاق الدين، فارضين عليها شروطاً جديدة أقل ما يُقال فيها أنها قاسية جداً، تمثّلت بمزيد من التقشف وزيادة الضرائب ورفع ضريبة الدخل وخفض الرواتب، ما أثار حفيظة الحكومة اليونانية التي تعتزم إجراء استفتاء شعبي في البلاد بتاريخ 5 يوليو/تموز المقبل لتحديد موقف مواطنيها من سياسة التقشف التي يشترطها المقرضون الدوليون لتمديد برنامج الإنقاذ الحالي.

فشل المفاوضات بين الحكومة اليونانية وشركائها الأوروبيين الأسبوع الفائت، أثار الذعر في اليونان على المستويين الرسمي والشعبي. ففي حين اتجّه اليونانيون الى مراكز السحب الآلي ATM لسحب ما أمكنهم من أموال، سارعت الحكومة اليونانية الى إغلاق سوق أثينا للأوراق المالية وكافة المصارف، ابتداء من اليوم وحتى السادس من الشهر المقبل، للحد من سحب المودعين لأموالهم، حماية للنظام المالي اليوناني.
الواقع المستجد في اليونان أحدث خضة في الأوساط الأوروبية تجلّت في التصاريح المتناقضة للدول الأعضاء، ففي حين اعتبرت النمسا أن خروج اليونان بات أمراً حتمياً، رفضت فرنسا هذه الفرضية معتبرة أن قدر أثينا أن تبقى في منطقة اليورو، مقابل ذلك تتجّه العديد من الدول الأوروبية ومن بينها ألمانيا، الى البحث عن مخرج للأزمة اليونانية، لا يترك أي أثر على بقية الأعضاء، غير أن الخيارات في هذا المجال قليلة جداً، وتكاد تكون محصورة بخيار واحد لا ثاني له، وهو قبول اليونان بالشروط الجديدة، وإلا فالنتيجة هي الخروج من منطقة اليورو.
ولسيناريو خروج اليونان من منطقة اليورو الكثير من التأويلات، ومن بينها اعتبار رئيس الحكومة اليونانية أليكسيس تسيبراس، أن خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى انهيار منطقة “اليورو”، وهو ما يتبناه الكثير من خبراء الإقتصاد والمال ومن بينهم الخبير في الشأن الأوروبي وليد أبو سليمان، الذي اعتبر في حديثه الى “المدن” أن “الطريق الوحيد لتجنّب انهيار منطقة اليورو تأثراً بخروج اليونان هو تدارك الأمور مسبقاً، بتشديد الضوابط المالية ورسم السياسات الإقتصادية الواضحة”.
والى حين اتخاذ أثينا القرار بشأن قبولها أو رفضها لشرط المقرضين الدوليين، أو الإتفاق بين أعضاء الإتحاد الأوروبي لإيجاد حل مشترك للأزمة، يبقى مصير اليونان معلّقاً، وكذلك مصير اليورو.