IMLebanon

الاقتصاد اللبناني نحو منعطف جديد: تدهور المالية العامة وارتفاع العجز 26.4٪

EconomicFiguresStat

دخل الاقتصاد اللبناني مع بداية شهر حزيران 2015 منعطفاً جديداً ومفصلياً، وذلك بتأثير مباشر من جملة من المؤشرات السياسية والاقتصادية المحلية والدولية.
محلياً يتأثر الاقتصاد بارتفاع وتيرة التجاذبات السياسية المحلية، المتمثلة بحملة التصعيد التي هدّد بها مكوّن سياسي رئيسي لجهة تهديده برفع منسوب تحركه ضد جلسات مجلس الوزراء، الذي حاول يوم أمس الأوّل الخميس معاودة الانطلاقة بعد تعطيل قسري دام ثلاثة أسابيع.
دولياً اضاء المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في ختام مشاورات المادة الرابعة لعام 2015 مع لبنان على الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي، ووجه في هذا السياق أكثر من رسالة سلبية، مع ابقائه على فسحة أمل لتصحيح هذا الوضع في حال تمّ انتخاب رئيس جديد للبلاد، واستقام عمل المؤسسات الدستورية، وتم تنفيذ جملة من الإصلاحات المالية.
ومحلياً، أيضاً وجه مؤشر الأعمال لشهر حزيران الذي يعده بنك لبنان والمهجر للاستثمار إشارات إيجابية إزاء نشاط القطاع الخاص، فأشار إلى ان المؤشر سجل أعلى مستوى له في خمسة أشهر 39.4 نقطة في مقابل 48.0 نقطة في الشهر السابق ليحقق بذلك ابطأ وتيرة انكماش له خلال العام 2015.
وفي التفاصيل، رأى صندوق النقد الدولي في تقريره النهائي الخاص بلبنان ان الصراع القائم في سوريا الذي دخل عامه الخامس لا يزال مهيمناً على لبنان حيث يشكل اللاجئون حالياً أكثر من ربع السكان، وتتسبب أزمة اللاجئين في اجهاد المجتمعات المحلية، وتزيد من الفقر والبطالة وتضغط أكثر على المالية العامة والبنية التحتية الضعيفة اصلاً، إضافة إلى ذلك يواجه لبنان وضعاً سياسياً داخلياً صعباً فلا يزال منصب الرئاسة شاغراً منذ شهر أيّار 2014، كما ان عدم توافق الآراء بين الأحزاب الرئيسية يعيق تمرير التشريعات الرئيسية.
ويضيف التقرير: وفي ظل هذه الأجواء لا يزال النمو ضعيفاً منذ العام 2011، وينتظر تحقيق مستوى مماثل من النمو المتواضع في 2015 بعد ان تعرّضت تحركات النمو التقليدية في لبنان – أي السياحة والعقار والبناء – لصدمة كبيرة.
ولا ينسى التقرير الإشادة بسياسات مصرف لبنان التي حافظت وتحافظ على الاستقرار النقدي، وكذلك بقوة ودور القطاع المصرفي لينتهي إلى النصح بضرورة اجراء إصلاحات هيكلية في الاقتصاد والمالية العامة، في تكرار لتقارير الصندوق السابقة منذ سنوات.
وفي مقابل تقرير المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي الذي تمت صياغته وترتيب جمله ومضامينه على الطريقة اللبنانية «تسوية بين من يتحدث عن انهيار اقتصادي، وبين من يقلل من المخاطر»، جاءت نتيجة مؤشر الأعمال لشهر حزيران الذي يعده بنك لبنان والمهجر للأعمال لتخفف من وتيرة الانكماش الاقتصادي، حيث أشار المؤشر إلى ان شهر حزيران سجل أعلى مستوى له في خمسة أشهر (49.3 نقطة)، وابطأ وتيرة انكماش له خلال العام 2015.
وقال المؤشر ان هذا التحسّن يدل على تباطؤ التراجع في اقتصاد شهر حزيران مقارنة بشهر أيّار، وساهم كل من انخفاض وتيرة تراجع الطلبيات الجديدة وزيادة طلبيات التصدير لدى شركات القطاع الخاص اللبنانية في شهر حزيران في دعم المؤشر، بالإضافة إلى ذلك تراجع متوسط التكليف على شركات القطاع الخاص للمرة الأولى منذ شهر آذار، مدعوماً بانخفاض متوسط الأسعار المدفوعة للمشتريات، كما أظهرت سوق التوظيف تحسناً للمرة الثانية خلال عدّة أشهر، مظهراً أعلى معدل لخلق الوظائف منذ شهر ايلول من العام الماضي.
وفي مؤشر آخر سلبي – إيجابي – أظهرت نتائج المالية العامة عن الفصل الأوّل من عام 2015، واستناداً إلى الأرقام التي اصدرتها وزارة المال تدهوراً في الإيرادات الإجمالية مقارنة مع الأرقام المحققة في الفصل الأوّل من عام 2014. وتُشير النتائج إلى تراجع الإيرادات بنسبة 11.5 في المئة لتبلغ 3349 مليار ليرة، فيما تراجعت النفقات بنسبة 2.5 في المئة لتبلغ 4257 مليار ليرة، اما العجز الإجمالي فقد سجل ارتفاعاً بنسبة 26.4 في المئة.
مصدر التراجع في الإيرادات ناجم بصورة أساسية عن تراجع ايرادات الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 12.1 في المئة أو ما قيمته 102.2 مليار ليرة، كذلك تراجعت ايرادات ضرائب الدخل والارباح ورؤوس الأموال بنسبة 8.2 في المئة.
وكان صندوق النقد الدولي قد تعرض لوضع المالية العامة «غامزاً» من قناة الفائض الأوّلي في 2014، اذ رأى «ان هذا الفائض عائد لعوامل استثنائية، فهذا الفائض الذي يقدر بـ2.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي يعود بدرجة كبيرة إلى التحويلات الاستثنائية من قطاع الاتصالات وإلى حدّ ما إلى المدفوعات المحتجزة أو المتأخرة، ولكن من المتوقع ان يسجل الرصيد الأوّلي عجزاً قدره 1.25 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في 2015».