IMLebanon

«القوات» تحشد لإنشاء حكومة إلكترونية خالية من الزبائنية السياسية

MearabEGoverment

رائد الخطيب
حشد حزب «القوات اللبنانية» قواه ومعارفه وخبراته، لتشكيل «حكومة الكترونية» خالية من الزبائنية السياسية، والافادة من الوضع السياسي الضائع، خصوصاً وأنَّ مستويات الفساد بلغت حالاً غير مسبوقة، تتجلى في الهدر المالي والزمني. فالارقام تشير الى أنَّ لبنان يخسر من جراءِ ذلك الكثير، اذ باتت تكلفة الفساد على لبنان تشكل 1,6 في المئة من الناتج المحلي أي ما يعادل 800 مليون دولار سنوياً، ويحتل لبنان المرتبة 136 من اصل 175 دولة في سلم الفساد، بحسب منظمة الشفافية العالمية. اما بالنسبة لهدر الوقت، فيمضي المواطن سبعة أيام في السنة في ملاحقة المعاملات الرسمية، مكبداً الناتج المحلي ما يقارب المليار ومئتي مليون دولار، «كان بامكان لبنان الافادة منها في سد جزءِ ولو بسيط من المستحقات المالية المتوجبة عليه«.

حزب «القوات اللبناني بزعامة رئيسه الدكتور سمير جعجع، اعاد الحياة الى «الحكومة الالكترونية»، وهي التي بدأ طرحها منذ العام 1990 مع بدايات حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لتنطلق تشريعياً مع اقتراح القانون الذي تقدمت بهِ في العام 2004 النائب عن كتلة «المستقبل« آنذاك غنوة جلول. إلا أنَّ عوامل عدة أسهمت في إبطاء اقرار هذا المشروع، يأتي في مقدمها العاملان السياسي والأمني ومن ثم الاداري، حيث الفساد يحتل مرتبة مهمة من هذه العوامل ساهم في طي هذا المشروع.

وتكمن اهمية اقرار حكومة الكترونية اطلاق معاملات الحكومة الكترونياً بما يسمح بتقديم طلبات والحصول على التراخيص والمستندات والتعامل مع الجهات الرسمية والحصول على المعاملات عبر الشبكات الالكترونية بما يحقق وفراً في الوقت والمال معاً. وابرز ما يتطلبه اقرار انشاء حكومة الكترونية، توفير اطار قانوني لتطوير قطاع المعلوماتية والاتصالات، واقرار القوانين ذات الصلة، ورفع اليد السياسية عن الشؤون التنظيمية، فيما ابرز مميزاتها منح المواطن والمستثمر الثقة الكاملة بلبنان. لكن البعض يتحدث عن تحديات تواجه اقرار هذه الحكومة لا سيما ايجاد صيغة قانونية لمسألة التواقيع الالكترونية وعدم الاستخدام السيئ للبيانات الشخصية، وهي امور تعكف على دراستها لجنة المعلوماتية النيابية التي انجزت نحو 65 في المئة من مشروع الحكومة الالكترونية.

المؤتمر

في مقرها العام في معراب نظمت «القوات» ندوتها عن «الحكومة الالكترونية نحو مجتمع افضل»، بحضور ممثلة الرئيس ميشال سليمان، وزيرة المهجرين أليس شبطيني، ممثل الرئيس سعد الحريري النائب باسم الشاب، وزير التنمية الادارية نبيل دي فريج، ممثل وزير الداخلية نهاد المشنوق جاد الأخوي، ممثل وزير الاتصالات بطرس حرب مستشاره وسيم ابي صعب، النواب: محمد الحجار، انطوان زهرا، جوزف المعلوف، فادي كرم، نديم الجميل، شانت جنجنيان، ممثل رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل عبد الله ريشا، وعدد من الوزراء السابقين وقيادات أمنية وعسكرية اضافة الى حشد من الفاعليات السياسية والاقتصادية والأمنية والخبراء والناشطين في المجتمع المدني.

وأشار جعجع في كلمته المختصرة، الى الغاية من الحكومة الالكترونية وقال: «التحديات التي يواجهها المواطن اللبناني في ملاحقة المعاملات الرسمية والخسائر الاقتصادية الناتجة عن هدر الوقت والمال، اضافة الى كلفة الفساد». وقدم الحكومة الالكترونية «كحل لمحاربة الفساد وتقليص الهدر وتخفيف الأعباء المترتبة على المواطن نتيجة التنقل بين المناطق لمتابعة المعاملات الرسمية». وأعلن أنه «تم تحضير اقتراح قانون للحكومة الالكترونية، وندوتنا اليوم تهدف كي تكون نقطة انطلاق بخطوة عملية حين تعود العملية التشريعية الى مجراها»، واذ أسف لان «لبنان ما زال في مصاف الدول التي لم تتمكن من ادخال التكنولوجيا بشكل كاف الى الدولة»، أكد جعجع «ان الحكومة الالكترونية تخفف على الدولة كلفة تقديم الخدمات وتحسن انتاجية المواطن من خلال تقليص الوقت والتنقلات وتحقق الانماء المتوازن». وختم جعجع كلمته بالقول «لا هدر، لا طوابير، لا فساد، نحو مجتمع افضل وبهكذا ندوة وخطوات نصل ان شاء الله الى المجتمع الافضل الذي نطمح إليه«.

أما مستشار رئيس حزب القوات اللبنانية للشؤون الاقتصادية ورئيس Cedar Institute للشؤون الاقتصادية والاجتماعية غسان حاصباني، فشرح هدف الندوة، مشيراً الى ان «الحكومة الالكترونية هي عملية تبسيط وتسهيل الاجراءات الحكومية عبر استعمال شبكة الانترنت في اطار الادارة العامة للدولة ولا سيما في نقاط الاحتكاك بين الادارة والمواطن». ولفت حاصباني الى ان «هذه الندوة تشكل نقطة بداية للعمل في سبيل تحقيق الحكومة الالكترونية بناء على رؤية استراتيجية وعملية، حيث اطلق مقترح قانون يرعى الحكومة الالكترونية ليعرض في أول فرصة تشريعية من قبل كتلة الحزب». وقال «اذا كان الحل في الحكومة الالكترونية، فلا بد من تعظيم فرص نجاحها». ورأى حاصباني «ان مكونات النجاح هذه تنسحب على تذليل العراقيل المتمثلة بعدم وجود قانون للحكومة الالكترونية (والحل يقترح اليوم)، فبوجود هذه المقاربة العملية، يمكننا أن نطلق اليوم مشروعاً متكاملاً للحكومة الالكترونية، وهو مؤلف من ست نقاط: تبسيط بعض الإجراءات الحالية وتخفيض متطلباتها لتتماشى مع الحكومة الالكترونية، تقديم جميع المعاملات الرسمية عبر الانترنت، تخصيص مراكز محلية تساعد على اتمام اجراءات الحكومة الالكترونية مثل مكننة المخاتير وكتاب العدل، على سبيل المثال، اتاحة المعلومات والاحصاءات غير السرية أو شخصية عبر الانترنت، وضع المناقصات العامة بشفافية عبر الانترنت وتسهيل تبادل المعلومات بين المراكز والمؤسسات الرسمية«.

الجلسات

وتناولت الجلسة الأولى، التي أدارها الزميل موريس متى، موضوعاً بعنوان «أين لبنان من الحكومة الالكترونية؟». تناول فيها الوزير دي فريج التحديات التي تحول دون تطبيق الحكومة الالكترونية، فأكد ان «كل وزير يعتبر نفسه إمبراطوراً، في حين ان المواطن والدولة هما من يدفعا الثمن»، واشار الى ان «الحكومة الالكترونية تمنح المستثمر الثقة الكاملة بلبنان، ودورنا كوزارة الطلب من الشركات اللبنانية الناجحة في الخارج تقديم خبراتها وتقسيم الخدمات بحسب أنواعها ووضع دفاتر شروط على ان يتم تشكيل هيئة ناظمة مع صلاحيات لأن من شأن ذلك خلق ثقة لدى الشركات التي يجب أن تستمر في عملها وإن تغير الوزراء». وأعلن ان «وزارة التنمية الادارية تنفذ مع شركة ايطالية تجربة لخمس خدمات في المديرية العامة للامن العام والتي من المرتقب ان ترتفع الى عشرين خدمة على ان يكون هناك تجربة أولى مع وزارة الزراعة«.

أما عضو لجنة تكنولوجيا المعلومات في مجلس النواب النائب محمد الحجار فأشار في مداخلته الى ان «مشروع الحكومة الالكترونية كان قد طرح في العام 2004 مع النائب غنوة جلول والذي أخذ حيزاً كبيرًا من النقاشات لأسباب عدة منها تضارب المصالح بين الوزارات والادارات الرسمية»، وأوضح الحجار أنه «في العام 2011 شكل الرئيس نجيب ميقاتي لجنة لدراسة المشروع من قبل الوزارات المعنية ليصل الى الهيئة العامة للمجلس النيابي التي بدورها أعادته الى اللجان المشتركة التي شكلت لجنة فرعية»، لافتاً الى ان «اللجنة المعنية ومنذ 2 شباط 2015 منكبة أسبوعياً على دراسة المشروع بحيث تم انجاز 65 في المئة منه». وكشف ان «ما يؤخر المشروع هو عبارة عن عقبات تقنية وليس رفضاً من الاطراف السياسية»، كاشفاً انه «يتم حالياً العمل لحماية البيانات الشخصية للحؤول دون وصولها الى جهات قد تستخدمها لغايات مشبوهة«.

بدوره، فند النائب جوزف المعلوف الخطوات العملية لتحقيق الحكومة الالكترونية في لبنان عبر منهجية متكاملة بعد إزالة العقبات المتواجدة، داعياً الى اعتماد نموذج شركة Libanpost في إنجاز المعاملات. ورأى ان «المطلوب اليوم الاسراع في اصدار تشريعات تتعلق بالمعاملات وضرورة طرح قانون يسهم في اطلاق المعاملات الحكومية الكترونياً ويسمح بتقديم الطلبات والحصول على التراخيص والمستندات والتعامل مع الجهات الرسمية والحصول على المعلومات عبر الشبكات الالكترونية«.

أما النائب نديم الجميل، فتطرق الى موقع لبنان اليوم من الحكومة الالكترونية والخطط الحالية لتطويرها والتحديات التي كانت تحول دون اطلاقها، اضافة الى الفرص المتاحة أمام الدولة لتطوير اجراءاتها ومكننة معاملاتها والتحديات أمام اقرار القوانين المتعلقة بالتكنولوجيا والخطوات العملية لتحقيق الحكومة الالكترونية في لبنان«.

أما الجلسة الثانية فتمحورت حول «لماذا الحكومة الالكترونية وما هو دورها في بناء مجتمع أفضل؟»، وقد ناقش المشاركون خلالها تجارب الحكومة الالكترونية الناجحة في دول أخرى وقدموا اقتراحات عملية لتطوير الحكومة الالكترونية. وشارك في هذه الجلسة منسقة الاستراتيجية الوطنية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في رئاسة مجلس الوزراء سلام يموت، مستشار وزير الاتصالات وسيم ابي صعب، والمدير العام لشركة NETWAYS رولا موسى، والمدير العام لشركة OmniSystems ونائب رئيس مجتمع الانترنت ISOC في لبنان غبريال ديك.

أما الجلسة الثالثة، التي أدارها الإعلامي مارون مسلم، فكانت بعنوان «الخطوات المطلوبة لإنجاح الحكومة الالكترونية في لبنان»، ناقش خلالها المشاركون الاستاذ في القانون الدولي انطوان صفير، رئيس منظمة جوستيسيا الحقوقية بول مرقص، ورئيس لجنة المعلوماتية والتكنولوجيا الحديثة في نقابة المحامين شربل القارح، في مقترح القانون والأطر القانونية والاجرائية المطلوبة لإنجاح وتنظيم الحكومة الالكترونية في لبنان.

التوصيات

وتلخصت التوصيات التي أصدرها المؤتمرون، بضرورة بلورة استراتيجية عملية للوصول إلى الحكومة الالكترونية في المدى القصير، وبضرورة التواصل والتعاون بين اختصاصيي المعلوماتية في الوزارات والإدارات العامة للتنسيق واعتماد معايير موحدة لتطبيق الحكومة الالكترونية. تعزيز دور لجنة المعلوماتية النيابية لتصبح لجنة أساسية لتفعيل العمل التشريعي في ما يتعلق بمجتمع واقتصاد المعرفة عموماً، والحكومة الالكترونية خصوصاً. القيام بورشة تشريعية لتوفير الإطار القانوني اللازم لتطوير قطاع المعلوماتية والاتصالات لأن هذا القطاع أساس اقتصاد المعرفة الذي يرتكز عليه مستقبل لبنان. لذا يجب العمل على تطبيق القوانين غير المنفذة وإقرار مشاريع قوانين التي ما زالت قيد الدرس في مجلس النواب، ومنها: قانون الاتصالات 431/2002، قانون الرقم الوطني الموحد، قانون الإعلام، مشروع قانون المعاملات الالكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي، مشروع قانون انشاء وتنظيم وحدات المعلوماتية في الإدارات العامة، مشروع/اقتراح قانون حق الوصول الى المعلومات، اقتراح قانون الحكومة الالكترونية.

– إنشاء شبكة وطنية حكومية (gov-net) آمنة تربط جميع الوزارات والإدارات مع مركز معلومات واعتماد الادارات العامة سياسة موحدة لكيفية بناء وتحصين النظم المعلوماتية وحمايتها من الخروقات الأمنية والكوارث، وتحديد معايير التشفير (encryption) وتحديد سياسات لتخزين البيانات (data centers hosting) تمهيداً لتطوير سياسة للتخزين والأرشفة على الحسوبة السحابية Public Cloud.

ـ تشكيل فريق عمل لمتابعة التوصيات والتطبيق والمبادرات على المدى المنظور«.

يبقى أنَّ المؤتمر، الذي جاء ليملأ الفراغ السياسي القائم كما قال الدكتور جعجع «لانه وقت ضائع وعلينا ان نحضر انفسنا للعمل، ولو اننا مكرهون على هذا الوقت الضائع»، سيكون منصة انطلاقٍ سياسية جدية داعمة لمشروعٍ اجتماعي-اقتصادي، ستكون له تداعياته على سائر الأحزاب الأخرى في لبنان، لجهةِ اعطاءِ الأولوية للمشاريع التي تتحسس هموم الناس عن قرب، في بلدٍ أصبحت فيهِ السياسة هي أن نبني مجتمعاً أفضل… وأكيد خالٍ من الفساد.