IMLebanon

في لبنان: السياسة منعت درس موازنة 2015 وكل الحكومات خالفت الدستور في الإنفاق

FInanceMinistryLeb

عصام شلهوب

تستكمل وزارة المال درس موازنات الإدارات الرسمية لعام 2016، تمهيداً لوضع الموازنة العامة قبل نهاية شهر آب المقبل تمهيداً لإحالتها إلى مجلس الوزراء. ومع هذا الإجراء تسقط أهمية موازنة عام 2015. ولم يعد التركيز على إقرار موازنة 2015 ضرورياً لأنه من الصعوبة بمكان اقرارها في الوقت الحاضر.
والموازنة بشكل عام ملف اقتصادي مالي، اجتماعي، تحتاج إليه الدولة. وهو ملف حيوي وضروري للحفاظ على مصداقية لبنان في الخارج، وبالتالي الحفاظ على الوضع المالي والاجتماعي في الداخل، خصوصاً وأن دور الموازنة هو اقتصادي ومالي، وليس سياسي.
فالموازنة تحفّز النمو وتحسّن التقديمات الاجتماعية وتصلح اوضاعها، وتحاول معالجة البطالة والفقر، وتزيد من الانفاق الاستثماري، أي ان لها دورا مساعدا للمواطنين على مختلف الأصعدة، في ظل تردّي الأوضاع السياسية والأمنية.
«اللواء» كان لها جولة عامة حول موازنة 2015 وأسباب التأخّر في اقرارها واحالتها إلى مجلس النواب، مع الخبير الاقتصادي الدكتور «غازي وزني» الذي أكّد ان مجلس الوزراء تأخّر أكثر من تسعة أشهر لدرس وإقرار الموازنة التي يفترض قانون درسها في شهر أيلول الماضي واحالتها في 15 تشرين الأول إلى مجلس النواب لمناقشتها، وبالتالي فإن مجلس الوزراء يتحمّل مسؤولية تأخّر درس الموازنة وعدم احالتها إلى مجلس النواب طوال هذه الفترة.
وأوضح وزني: حتى وأن تمت إحالة الموازنة اليوم إلى المجلس النيابي، فهناك تحدّيات ومعوقات سياسية أمام البدء بدرسها أبرزها: اجتماع المجلس النيابي للتشريع مع عدم فتح دورة إستثنائية، عدم إقرار قطع الحساب لعام 2013، غياب الآلية الدستورية للاقرار.
كل هذه المعوقات تؤكد ان مشروع موازنة 2015 تحيط به العقبات والصعوبات لاقراره. فإذا افترضنا انه أقرّ في مجلس الوزراء، سيكون اقراره شكلياً، وكل المواد الخلافية ستؤجّل، منها: تمويل المحكمة الدولية، ضم سلسلة الرتب والرواتب مع اجراءاتها الضريبية، والذي يجري اليوم هو تقطيع للوقت وإضاعته من قبل الحكومة الممنوعة من الاجتماع وهي وأن اجتمعت لن تتمكن من متابعة درس الموازنة.
ولفت إلى ان على لبنان استحقاقا مهما ذكره تقرير صندوق النفط الدولي ويشير إلى ضرورة إقرار موازنة عام 2015، بهدف المحافظة على صدقية لبنان وصورته في الخارج.
وأسف وزني لما تعانيه الحكومة اليوم من ضعف شديد وعدم فعالية وانتاجية الحكومة. لذلك فهو لا يتوقع إنجاز أي مشروع طوال الفترة المقبلة، حتى تتأمّن ظروف إعادة الحياة إلى الحكومة. معتبراً ان التركيز على موازنة 2015 ليس في محله لأن من الصعوبة في ظل الأحوال المعاشة اليوم اقرارها.
وشدّد على ان الموازنة أصبحت تعتبر من الضرورات غير الضرورية، فإذا كانت بندا توافقياً يستمرون في درسها، وإذا كانت بنداً خلافياً يتم تأجيلها، وطالما ان الانفاق اليوم يتم على قاعدة الاثني عشرية والمخالفات القانونية والدستورية مستمرة، لذلك لم تعد الموازنة ملحّة، ولم تعد الإدارات المتعاقبة منذ عشر سنوات تعرف أهمية الموازنة. لذلك أصبحت الموازنة بنظرها أرقام تتضمن إيرادات وانفاق وعجز. وبالتالي لم تعد الحكومة تجد ان الموازنة شأن حيوي وضروري لها وحتى دستوري خطير جداً. وباتت تنظر إليها نظرة سياسية بامتياز ولم تعد تهتم بدورها وتداعياتها الاقتصادية والمالية والاجتماعية وبعدها الداخلي والإقليمي والدولي.
وأكّد وزني اسفاً ان الموازنة لم تعد اليوم ملفاً من الملفات على الحكومة درسها، لكنها أصبحت مادة من المواد التي يجب وضعها على جدول الأعمال.
وكذلك فإن نظرتها للموازنة التي تعتبر دستورياً مادة ضرورية وحيوية وأساسية، وعدم اقرارها يعتبر مخالفة، تحوّلت إلى مادة عند الوصول إليها تدرس إذا تمّ الاتفاق السياسي بشأنها، وإذا لم يأتِ هذا التوافق لا تبحث. يعني ان درس الموازنة يرتبط بالتوقيت السياسي، ولم تعد مرتبطة بمواعيدها الدستورية أو بمفهومها ودورها الاقتصادي والمالي.
ولفت إلى ان المادة 58 من الدستور تنص على أن ترسل الموازنة إلى مجلس النواب في الدورة العادية، وإذا لم يقرّها بإستطاعة رئيس الجمهورية حل المجلس النيابي، أو تستطيع الحكومة اقرارها بمرسوم غير ان ذلك لم يحصل، لأن الحكم في لبنان توافقي بين القوى السياسية، وبما ان الحكومة تتشكّل من قوى سياسية متعدد، لذلك فإن أي قرار يحتاج إلى توافق بين هذه القوى، من هنا جاءت بدعة النظام التوافقي الذي طبق على القضايا المالية وغيرها واستمرت المخالفات القانونية والدستورية طوال عشر سنوات وهي مرشحة للاستمرار.
وأكّد على ان كل الحكومات المتعاقبة ارتكبت مخالفات بالانفاق وفق القاعدة الاثني عشرية، وحتى انها تجاوزت المجاز لها أو حتى أقدمت على ارتكاب مخالفات دستورية مهمة، إذ لا تستطيع الحكومة مثلاً تعزيز القطاع العام من دون أن تؤمّن له الرواتب والأجور من دون إجازة مجلس النواب على الانفاق. الحكومة زادت اعداد الموظفين من دون أن يجيز لها مجلس النواب زيادة الرواتب والأجور، وأن كل الخطوات التي قامت بها الحكومات المتعاقبة من إجراءات انفاقية إضافية هي مخالفة دستورية.
واعتبر وزني ان الحل اليوم هو تفعيل عمل مجلس النواب ووقف عملية التعطيل تحت مسميات كثيرة لأنه في ظل الفراغ الرئاسي التي بدأت تظهر مفاعيله السلبية دولياً وداخليا، وضعف انتاجية الحكومة الحالية وتوقفها عن العمل، كل ذلك لا يجوز تحت أي عذر، ويجب إبقاء الاستمرارية كحد أدنى بين المؤسسات الدستورية وإلا نكون في اتجاه اندثاره أو انهيار المؤسسات الدستورية وسيكون لها تداعيات كبيرة في المرحلة المقبلة.