IMLebanon

الحريري يهادن عون ويصوب نحو “حزب الله”

saed-harireh-aoun

لم يغلق الرئيس سعد الحريري في خطابه أمس الأبواب أمام الحلول في مسألة رئاسة الجمهورية وغيرها من الأزمات، إلّا أنه لم يفتح أي باب. مصادر التيار الوطني الحرّ وصفت لصحيفة “الاخبار” كلام الحريري بـ”الجميل”، لكّنها سألت عن الترجمة!

خرج الحريري أمس خطيباً من جدّة السعودية عبر شاشة، أمام المئات من المشاركين في الإفطار السنوي الذي يقيمه تيار المستقبل في مختلف المناطق اللبنانية. ولأكثر من ساعة، بدا الحريري كمن أعدّ جردة للتطورات السياسية في البلاد، وخطابات الفرقاء الآخرين وطروحاتهم، لا سيّما بعد خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله وإطلالات رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، من دون أن يقدّم أي جديد، لا تصعيداً ولا مبادرةً ولا توجيهاً، ولا تلبية للدعوة التي أطلقها نصرالله لعقد حوار بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، يؤسّس لحوار أوسع في البلاد.

ومع أن الحريري كرّر متلازمة خطبه وخطب الفريق المحسوب على السعودية في لبنان والمنطقة، لناحية “المتطلبات الجماهيرية” بالهجوم على “حزب الله” ومشاركته في القتال إلى جانب الجيش السوري، وما يسمّيه “المشروع الإيراني في سوريا والعراق واليمن”، إلّا أن الخطاب في المضمون، وعلى الرغم من فراغ الأفق في الوصول إلى الحلول، كان حاسماً لناحية تأكيد الحريري أن تياره لن “يتأخر عن أي جهد للخروج من هذا المأزق”، أي مأزق رئاسة الجمهورية، مؤكّداً أن “الأبواب ليست مغلقة في وجه أي مخرج واقعي”. وفي استكمال لما قيل في الأشهر الماضية خلال مرحلة الانفتاح الحريري على عون، أشار الحريري إلى أن “لا فيتو على أي اسم”.

اللافت في كلام الحريري هو إشارته إلى أن “الرهان على المتغيرات السورية لا ينفع”، علماً بأن السلوك الذي طبع عمل فريق 14 آذار في لبنان طوال السنوات الماضية، وتحديداً المستقبل، هو انتظار المتغيرات السورية للبناء عليها في الداخل اللبناني، وآخرها ما أشار إليه عون، عن أن الحريري تراجع عن تنفيذ اتفاقه معه حول ملف التعيينات الأمنية بعد تطوّرات الميدان في جسر الشغور وتدمر!

في المقابل، رأت صحيفة “السفير” ان الحريري هادن عون وقالت: “فيما كان البعض ينتظر رداً قويًا من الحريري على عون، لا سيما بعد انتفاضة الشارع البرتقالي في 9 تموز، بدا واضحاً أن الحريري تعمد عدم تصعيد نبرته ضد “الجنرال” والاشتباك المباشر معه، مفترضاً أنه بذلك يحول دون أن تتخذ الأزمة الحالية بعداً سنِّياً- مسيحياً، وبالتالي يخفف من قدرة زعيم “التيار الوطني الحر” على مواصلة الاستقطاب وشد العصب المسيحي من حوله، بعدما نجح مؤخراً في تعبئة جمهوره ضد “المستقبل”.

في الوقت ذاته، تجنب الحريري أن يعطي عون شيئاً في رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب والتعيينات الأمنية، بل حافظ في الجوهر على “لاءاته”، وإن يكن قد غلفها من حيث الشكل بقشرة من المرونة اللفظية، كقوله إنه لا يضع “فيتو” على أي مرشح لرئاسة الجمهورية، شرط أن يتم التوافق عليه.

كما أن الحريري الساعي إلى تبرئة نفسه من تهمة “الاستئثار المذهبي” وتهميش “حقوق المسيحيين”، استعان بأكثر من “صديق” و”مسؤول” لنفي ضلوعه في قطع الطريق على تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش، مستشهداً بمواقف غالبية القوى في الحكومة ورئيس المجلس ووزير الدفاع لتبرير المسار الذي يسلكه ملف التعيينات الأمنية.. نحو التمديد.

وفي مقابل محاولته عدم الانزلاق الى مواجهة “طائفية” مع عون، في المكان والزمان اللذين يختارهما “الجنرال”، تجنباً لتحريك العصبية المسيحية ضد “المستقبل”.. نجح الحريري مجدداً في شد عصب تياره وبيئته من خلال التصويب في العديد من مفاصل كلمته على “حزب الله”، مخصصاً جزءاً لا بأس به من مساحتها للرد على خطاب أمينه العام في “يوم القدس العالمي”، ما دفع أحد السياسيين الظرفاء إلى القول: “ماذا كان سيفعل الحريري، لولا خطاب نصرالله الأخير”؟

وبلغ الحريري في حملته على الحزب حد اتهامه بتحريض “التيار الحر” على “المستقبل”، الأمر الذي ردت عليه أوساط في “8 آذار” بالتساؤل: “من وعد ونكث؟ أليس الحريري هو الذي وعد عون بالتجاوب مع طروحاته في ملفي رئاسة الجمهورية وتعيين قائد الجيش، ثم تراجع تباعاً، فأين مسؤولية “حزب الله” هنا”؟

كما اعتبر زعيم “المستقبل” أن الحزب يحمل “الرقم القياسي في الخروج على الإجماع الوطني منذ قيام دولة لبنان”.

وبرغم الافتراق الحاد في الخيارات بين الحريري و “حزب الله”، إلا أنه كان لافتاً للانتباه تسليمه بمبدأ الحرب الاستباقية ضد الإرهاب، وإن اختلف مع الحزب حول طريقة خوضها.

وعلى مستوى الوضع الداخلي في “تيار المستقبل”، كان الحريري واضحاً وحازماً في دعم وزير الداخلية نهاد المشنوق، في مواجهة الحملة التي يتعرض لها، وشارك فيها بعض وزراء التيار ونوابه، بعد تسريب شريط الاعتداء على سجناء في رومية.

وقالت مصادر في “التيار الحر” لـ “السفير” إنها لم تلمس أي جديد في كلمة الحريري، مشيرة إلى أن الطابع الدفاعي طغى عليها، وأن خلاصتها تؤكد أن الحريري ليس جاهزاً بعد لتقديم تنازلات أو تسهيلات لمعالجة القضايا الخلافية المتصلة بحقوق المسيحيين.

اعتبرت مصادر سياسية عبر صحيفة “اللواء” ان “الرئيس سعد الحريري أبقى أبواب المعالجات قائمة، سواء عبر الاتصالات أو الحوار، وأن لغة التهدئة التي اعتمدها تساهم في تبريد الأجواء والبحث بعيداً عن التوتر عن مخارج للأزمات القائمة، من دون التمسك بأحادية الطرح أو تنفيذ اجندات خارجية لا تخدم لبنان في هذه المرحلة”.

ووصف مصدر نيابي في قوى 8 آذار مواقف الرئيس الحريري بأنها “تفتح الباب أيضاً امام التفاهم على سلّة متكاملة من المسائل الوطنية، بدءاً من فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، وصولاً إلى ادراج القوانين الملحة والتي تطالب بها بعض الأطراف كقانون الانتخاب على جدول الأعمال، على ان يتركز الجهد على منع تعطيل الحكومة، وصولاً إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية في فترة لا تتعدّى العقد التشريعي العادي لمجلس النواب، مع الإشارة وفقاً للمصدر نفسه، إلى ان محطة Otv، تولت النقل المباشر لكلمة الرئيس الحريري في افطار البيال”.