IMLebanon

الإيرانيون يتلهفون إلى مرحلة ما بعد رفع العقوبات

Iranians shop in Tehran's old main bazaar
ينتظر المستهلكون الإيرانيون بفارغ الصبر رفع العقوبات عن بلدهم بموجب الاتفاق النووي المبرم مع القوى الكبرى لتفتح امامهم اسواق المنتجات الغربية لا سيما عبر الانترنت بعد سنوات من اللجوء الى السوق السوداء.
لم يكن بمقدور المستهلكين الإيرانيين كغيرهم من الملايين حول العالم الدخول الى المواقع الالكترونية الاميركية الضخمة يوميا لشراء ما يريدونه من منتجات. فهم الى جانب افتقارهم لبطاقات الائتمان، ممنوعون عن شبكة المصارف العالمية بسبب العقوبات.
وفي حال رغبتهم في شراء منتج ما، عادة ما كان الإيرانيون يلجأون الى السوق السوداء. وبالطبع فان انباء رفع العقوبات ليست بالخبر الجيد لمهربي السوق السوداء، هؤلاء الذين استفادوا لفترة طويلة من جيوب الإيرانيين.
وفي معرض الكتاب في طهران، ليس موقع “امازون” الشهير الذي كان يروج للكتب، بل شركة محلية تعرض الكتب الانكليزية الاكثر مبيعا مؤخرا، ولكن باسعار تفوق ثلاث مرات السعر الاصلي المعروض على الانترنت.
الامر لا يقتصر على الكتب، بل ينطبق على المنتجات الغربية الاخرى من الهواتف الذكية الى مستحضرات التجميل الى الثياب، فالتجار يفتقرون المنافسة الحقيقية ولذلك يعمدون الى رفع الاسعار.
وبالنسبة الى محمد غالي يوسفي، استاذ الاقتصاد في جامعة العلامة الطبطبائي في طهران، فانه لن يكون للاتفاق النووي سوى تأثير اجابي، فهو يفتح المجال امام صفقات افضل وخيارات اكثر.
ويقول يوسفي “الاقتصاد يشبه خط التلفون، فكلما كان لديك اتصالات اكثر مع الدول، ستجد في المقابل تجارة افضل”. وتابع “اذا تم استيراد المنتجات بكل حرية، سيكون لدينا علاقات بناءة مع الدول المصنعة لها في اوروبا واميركا، وبالتالي سنتخلص من الوسطاء”، اي سماسرة السوق السوداء.
الامر ذاته تطرق اليه الرئيس الإيراني حسن روحاني في دعمه للتوصل الى اتفاق نووي، اذ قال في نيسان/ابريل ان المستفيدين من العقوبات في السوق السوداء “عليهم ان يبحثوا اليوم عن وظيفة جديدة”. وعزلت عقوبات فرضها كل من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة والامم المتحدة إيران عن العالم الاقتصادي منذ العام 2006. وهي عقوبات يصفها خبراء بانها الاكثر تعقيدا في العالم.
ومنذ اطلاق المحادثات النووية في العام 2013، وخاصة بعد الاتفاق الاطار في تشرين الثاني/نوفمبر الذي خفف من من نظام العقوبات، بدأت الشركات الغربية بزيارة إيران، بلد الـ78 مليون نسمة، لاعادة العلاقات مع شركائها المحليين. وبعد الاتفاق النووي، يتوقع ان تشهد البلاد على عقود تجارية جديدة اذ ان العديد من تلك الشركات كانت تنتظر هذا الاتفاق لتبدأ عملها.
ولدى إيران مواقع الكترونية لبيع المنتجات خاصة بها، مثل موقع “ديجيكالا”، فضلا عن نظام بطاقات ائتمان محلي اظهر فعالية ومن شأن رفع العقوبات ان يسمح باطلاقه.
وفور رفع العقوبات، ستنفتح إيران ايضا على التكنولوجيا الحديثة ومعدات كانت ممنوعة عنها سابقا، فالشباب دون الثلاثين عاما يشكلون 56 في المئة من الشعب الإيراني، وجميعهم يتشوقون لاستخدام التكنولوجيا الغربية الحديثة.
وعلى سبيل المثال يبلغ سعر هاتف “اي فون 6” المستورد من تركيا او دبي 28,5 مليون ريال اي 850 دولارا في إيران، في حين يمكن شراؤه في الولايات المتحدة بـ750 دولارا ويشمل ذلك الضرائب. ولكن المشكلة الاساس تبدأ فور تشغيل الهاتف.
وتشرح سارة ديراكشان، استاذة اللغة الانكليزية في الـ30 من العمر، “ليس بامكاننا ان ندفع ثمن التطبيقات بسبب العقوبات، ولذلك من الافضل ان تنتهي”.
وواجه احد اصدقائها صعوبات جمة في اصلاح هاتفه كونه لا يوجد في إيران متجر حصل على كفالة هواتف شركة “آبل”. وتروي سارة ان “صاحب المتجر طلب منه مئة دولار مقابل كفالة محلية الا ان شركة التأمين قالت انها ليست صالحة. وبالتالي، عليه ان يقاضي صاحب المتجر للحصول على هاتف جديد”.
وبالرغم من ان بعض المسؤولين في طهران يقللون من اهمية تأثير العقوبات، اقرت حكومة روحاني بالضرر الذي لحق بالاقتصاد، واشارت الى ان رفع تلك العقوبات وحده من شأنه ان يسرع الاستثمارات الاجنبية الضرورية في البلاد.
وفي المقابل، وفي وقت تراكمت العقوبات في ظل حكم الرئيس السابق محمود احمدي نجاد، اعتمدت إيران اكثر على ما اطلق عليه “الاقتصاد الثوري” اي الانتاج المحلي.
وفعليا شهد الاقتصاد الإيراني نموا بنسبة ثلاثة في المئة العام الماضي. الا ان ذلك لا ينفي الازمة، اذ ان 25 في المئة من المتخرجين يعانون من البطالة، ونسبة التضخم ما زالت 15 في المئة، كما ان انعاش الاقتصاد لا يزال مرتبطا باسعار النفط المنخفضة.
وخلال السنوات الماضية وجدت إيران اقتصادها يتهاوى خاصة بعد الانقطاع عن شبكة الاتصالات المصرفية العالمية (سويفت) في العام 2012، ما عزل القطاع التجاري الإيراني عن الشبكة المالية العالمية.
وبعد رفع القيود عن النظام المصرفي بفضل الاتفاق النووي، فان الشركات الإيرانية، والكثير منها لديها ارصدة مجمدة في مصارف حول العالم، ستستعيد اموالها لتستفيد ايضا من تبادلات تجارية اسهل.