IMLebanon

“أخبار اليوم”: قراءة إعلامية في بربرية جريمة الجميزة وتصفية حسابات سياسية واضحة

gemmayze-crime

كتبت وكالة “أخبار اليوم”: جاء وقع جريمة الصيفي، والتي ذهب ضحيتها المواطن اللبناني جورج الريف، كالصاعقة على اللبنانيين بمختلف فئاتهم. ضجّت وسائل الإعلام بالخبر المفجع، واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بجريمة لم تكن عادية بفعل عوامل عدة، وأهمها كما يشرحها خبراء في الإعلام:

ـ طبيعة حصول الجريمة ووجود أكثر من فيلم فيديو صوّر وقائعها، إضافة الى عدد من الصور. هكذا ظهرت فظاعة الجريمة ووحشية الجاني الذي أعاد الى أذهان اللبنانيين صوراً من القرون الوسطى عن بربرية ظنّوا أنها باتت من الماضي، فإذا بها تقفز الى الواجهة من قلب عاصمتهم، ومن منطقة الصيفي ـ الجميزة المشهورة بحاناتها الليلية ومقاهيها وبأنها مقصداً أساسيا للسهر وللسواح في بيروت.

ـ طبيعة الضحية جورج الريف الذي بدا ضعيفا أمام المجرم طارق يتيم الذي بدا كوحش يفتك بضحيتها بطعنات السكين والضرب المبرح. والضحية ربّ عائلة مؤلفة من زوجة و4 أطفال، 3 منهم من زواج سابق للزوجة. وهذا يعني ما يعنيه من مسؤوليات عائلية للضحية، وكيف تيتّمت العائلة بفقدان معيلها بطريقة وحشية. وهذا ما دفع أيضاً مؤسسات تلفزيونية الى إطلاق حملة تضامن انسانية ومالية مع العائلة المفجوعة.

ـ طبيعة الجاني الذي له سوابق جنائية، ولو كانت في حوادث فردية. ولكن سجلّه دفع ويدفع الى المطالبة بأن تأخذ العدالة مجراها وأن تُطبّق أقسى العقوبات بحقه وخصوصاً أن الجريمة هذه المرة باتت جريمة قتل في وضح النهار وبأسلوب وحشي.

ـ طبيعة الدور الذي لعبته وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في تحريك الرأي العام الذي تضامن بشكل كلي وكامل مع الضحية في وجه القاتل، ما يجعل بالإمكان المراهنة على دور مستقبلي للراي العام اللبناني في الوقوف في وجه أيّ جريمة تُرتكب، والضغط على الدولة ومؤسساتها الأمنية والقضائية للقيام بواجباتها في كل مرة لمحاسبة المرتكبين أيا كان انتماؤهم، ومن دون أي حصانات حزبية أو طائفية أو مذهبية.

لكنّ الخبراء أنفسهم يلفتون الى عوامل مقابلة سلبية أدواراً سلبية رافقت حيثيات هذه الجريمة وما تلاها، ويشرحون هذه الأدوار السلبية كالآتي:

ـ ظهور ملامح تسييس للقضية منذ اللحظة الأولى تمثلت في مسارعة الوزير السابق نقولا صحناوي الى محاولة استثمار الجريمة لأغراض سياسية بحت، تتعلق بتصفية حسابات مصرفية وسياسية وعائلية مع ابن عمّه أنطون صحناوي. وهذا الأمر ارتد سلبا على نقولا صحناوي في اليوم الأول ما دفعه الى محو أول “ستاتوس” على صفحته على الفايسبوك.

ـ تجنّد الإعلام التابع لـ”التيار الوطني الحر” منذ اللحظة الأولى للجريمة لمهاجمة أنطون صحناوي وليس المرتكب طارق يتيم. والمفارقة أن أول خبر أورده الموقع البرتقالي حمل عنوان: “خاص ـ جريمة أخرى تضاف الى رصيد أنطوان.ص”! فبأي منطق مهني وأخلاقي يتم اتهام أنطون صحناوي الموجود خارج لبنان منذ اللحظة الأولى لوقوع الجريمة؟ وعن أي جرائم ارتكبها صحناوي يتحدثون وخصوصاً أن المرتكب مطرود من الفريق الأمني لصحناوي منذ أكثر من سنتين؟ وهل تجوز تصفية الحسابات السياسية والتشهير الشخصي على دماء المغدور جورج الريف؟

ـ مسارعة شريك صحناوي في الترشح في الأشرفية على لائحة “التيار الوطني الحر” عن المقعد الأرثوذكسي زياد عبس الى محاولة استغلال الجريمة النكراء لدفع العائلة الملتزمة بـ”التيار الوطني الحر” كون المغدور كان ناشطاً سياسياً، الى التصويب على رجل الأعمال أنطون صحناوي والتوجه للاعتصام مساء الجمعة 17 تموز أمام منزله في الأشرفية، في حين أن المجرم تم توقيفه بعد أقل من 24 ساعة على الجريمة وأحيل الى القضاء المختص. وبالتالي إن كان من ضرورة للاعتصام فقد يكون أمام قصر العدل للضغط على القضاء للتشدّد في محاسبة المرتكب طارق يتيم!

ـ سلسلة تصاريح لمسؤولين عونيين توّجهها العماد ميشال عون بالاتهام بأن “ثمة أجهزة تحمي هذا المرتكب دائما”، في إشارة الى الإصرار على تسييس القضية، مع العلم أن مدير المخابرات في الجيش اللبناني في بيروت العميد جورج خميس معروف بقربه الشديد من “التيار الوطني الحر”، وهو الذي تولى توقيف طارق يتيم، فعن أي أجهزة يتحدث عون؟ ولماذا لا يسمي بالاسم؟

وتختم المصادر الإعلامية بأن الجريمة الوحشية التي حصلت تستوجب أقسى العقوبات بحق الجاني من دون أدنى شك أو تردّد، لكنّ محاولة الاستثمار في الجريمة ودماء المغدور لتحقيق أهداف سياسية واضحة تشكل جريمة سياسية وإعلامية أيضاً، وخصوصاً أن “التيار الوطني الحر” لا يملك في سجلّه أي تضامن مع أي جريمة مماثلة وقعت من اغتيال النقيب الشهيد سامر حنا، مرورا بجريمة عين الرمانة التي قُتل فيها المواطن جورج أبو ماضي، المناصر للتيار الوطني الحر، على يد مجموعة دخلت من منطقة الشياح ولم يتم اعتقال الفاعلين، وصولا الى جريمة بتدعي. وهذا دليل آخر على أن التضامن العوني مع ضحية الجميزة والهجوم على أنطون صحناوي سياسي بامتياز. ولذلك تؤكد المصادر أن في مثل هذه الجريمة التضامن الانساني مع العائلة المفجوعة، والمحاسبة القضائية الحازمة للمجرم من دون أي تردّد، وليس الاستغلال السياسي الرخيص!