IMLebanon

الجمود والفراغ السياسي يضربان نشاط المؤسسات ويقلّصان فرص العمل

LebanonEcon4

عدنان الحاج

عندما تتراجع المؤشرات في القطاعات الاقتصادية، بشكل عام، يبقى التحسن موجوداً في بعض النشاطات، ولو بمعدلات قليلة، قياساً إلى أحجام التطورات المرتقبة او المقدرة. لكن الظروف المتسارعة في النواحي السياسية والأمنية على صعيد لبنان، وانعكاسات تطورات أزمات المنطقة، فالحركة السياحية وحركة الصادرات الزراعية والصناعية اللبنانية، وكذلك حركة الاستثمارات والرساميل الوافدة على لبنان هي العنصر الأساسي في تحديد وتحسن حجم النمو الاقتصادي في لبنان، إذا لم نقل إنها تشكل حتى الآن مثلث النمو الاقتصادي في لبنان .
في عناصر تفعيل النشاط لا بد من التوقف أمام حركة الاستثمارات والتوظيفات الداخلية، التي تخلق فرص العمل، حيث تلامس البطالة معدلات تشكل الخطر الأكبر على الوضع الاجتماعي واستكمالاً تهديداً للاستقرارين الأمني والاجتماعي، وبالتالي الاستقرار المعيشي النابع من ضمان الحد الأدنى من فرص العمل، واستمرار التقديمات الاجتماعية والصحية، التي بدأت تقــــلّص بالفعل، نتيجة ارتفاع وتيرة الصرف للمال من جهة، وتراجع القدرة الشرائية لمداخيل الأسر. أما تردّي الخدمات من قبل المؤسسات العامة وارتفاع قيمة هذه الخدمات على الأســــر فهي قصة بحـــد ذاتها بفعل تراجع منسوب الخدمة العامة، بفعل انتشــــار التشرذم داخل المؤسسات والزاحف إلى الحكومة، بعــــد تعطيل المجلس النيابي ومحاولات تكريس الفـــــراغ الرئاسي، وهو العنوان الأول لضرب المؤسسات العامة ومرجعيات البلاد التي تخسر يومـــياً مصداقيتها الخارجية وفرص تحسّن المؤشــــرات والإشارات إلى المؤسسات الخارجية.
لكن رغم كل هذه التراجعات هناك بعض القطاعات التي مازالت تحافظ على الحد الأدنى من النمو، ولو بوتيرة أقل من السنوات الماضية، ومنها القطاع المصرفي اللبناني الذي خسر بعض اسواقه الاقليمية، نتيجة الظروف الاقليمية، وهو مازال يقوم بعمليات التسليف للقطاعين العام والخاص بأكثر من 87 مليار دولار، أكثرها للقطاع الخاص بحوالي 51.5 مليار دولار مقابل حوالي 38.1 مليار دولار للقطاع العام عن طريق الاكتتابات بسندات الخزينة لتمويل احتياجات الدولة.
اللافت للانتباه في الأمر، أن التسليفات للقطاع الخاص زادت منذ بداية السنة وحتى بداية النصف الأول حوالي 450 مليون دولار، بما نسبته حوالي واحد في المئة، في حين زادت القروض للقطاع العام حوالي 800 مليون دولار. وهذا مؤشر على تراجع تمــــويل الاقتصاد من جهة، وتمويل الدولة الذي زاد حوالي 2.18 في المئة. وهذا الأمر يعود إلى تزايد تسلـــيفات مصرف لبنان للدولة بأكثر من 4 مليارات دولار منذ بداية العام، مما يعني أن مصرف لبنان يأخذ ودائع من المصارف ويتولى عملية تسليف الدولة وتمويل احتياجات الخزينة من مستحقات وتسديد فاتورة النفط للكهرباء.
تكفي الإشارة إلى أن الإقبال على القروض الفردية والاستهلاكية، مقابل تراجع الإقبال على القروض والتسليفات الإنتاجية، لكي نتعرّف على وجهة التطوّرات في مجال خلق فرص العمل، وبالتالي تنمية القطاعات الاستثمارية. حتى أن بعض المصارف يملك سيولة للتوظيف، ولا توجد حركة طلب عليها، وهذا أمر تعكسه المصارف العاملة التي تملك سيولة. تكفي الإشارة إلى طبيعة توزع التسليفات وتمركزها لمعرفة طبيعة توجه النفقات. يلاحظ أن 84.8 في المئة من المقترضين هم من أصحاب القروض الفردية يحصلون على حوالي 28.6 في المئة من اجمالي التسليفات نظراً لقلة قيمة القروض التي يتراوح متوسطها بين 48 مليون ليرة للقرض الفردي وحوالي 146 مليون ليرة لقرض السكن، وهي الكتلة الكبرى من القروض والتسليفات من حيث العدد البالغ حوالي 520 الف مقترض من أصل حوالي 615 الف مقترض من القطاع المصرفي، والذين حصلوا على قروض تقارب قيمتها اليوم 87740.5 مليار ليرة (حوالي 57 مليار دولار). ويمكن التوقف عند توزع التسليفات لمعرفة توجهها.
توزيع التسليفات على القطاعات الاقتصادية
توزعت التسليفات على القطاعات الاقتصادية في بداية نيسان 2015 على الشكل الآتي:
1 ـ قطاع التجارة والخدمات 33.80 في المئة موزعة على 10.67 في المئة من الزبائن.
2 ـ المقاولات والبناء 16.88 في المئة موزّعة على 1.36 في المئة من الزبائن.
3 ـ قطاع الأفراد 28.60 في المئة موزعة على 84.75 في المئة من الزبائن.
4 ـ قطاع الصناعة 10.89 في المئة موزعة على 2.84 في المئة من الزبائن.
5 ـ القطاعات المختلفة 2.43 في المئة موزعة على 3.46 في المئة من الزبائن.
6 ـ قطاع الوساطة المالية 6.20 في المئة موزعة على 0.61 في المئة من الزبائن.
7 ـ قطاع الزراعة 1.19 في المئة موزعة 1.02 في المئة من الزبائن.
هذا وقد استحوذت منــــطقة بيروت وضواحيــــها على نسبة 76.75 في المئة من إجمالي القروض الممنوحة للقطاع الخاص، تليــــها منطقة جبل لبنان 10.47 في المــــئة، ثم مناطق لبنان الجنوبي 4.10 في المئة والشـــمال 3.99 في المئة والبقاع 3.11 في المئة، وأخـــيراً غير المقيمين 1.57 في المئة. علماً أن عدد الزبائن في منطقة بيروت يشــــكلون نســــبة 56.30 في المئــــة من إجمالي عدد الزبائن المدينين في القطاع المصرفي.
تمركز النشاط يعكس تمركز التسليفات، حيث تحصل بيروت وضواحيها على حوالي 76 في المئة من القروض لحوالي 56.3 في المئة من المقترضين البالغ عددهم حوالي 347 الف مستفيد من القروض. وهذا الأمر يعتبر طبيعياً نتيجة تمركز النشاط في بيروت وضواحيها أكثر من المناطق الأكثر بُعداً والأقل تجهيزاً بالبنى التحتية.
ببينما تبلغ حصة جبل لبنان وهي المنطقة الأكبر كمحافظة فتحصل على حوالي 10.5 في المئة من قيمة التسليفات لحوالي 17 في المئة من المستفيدين على صعيد العدد، ثم الجنوب بحوالي 4.2 في المئة من القروض لحوالي 8.8 في المئة من المستفيدين.