باسكال صوما
شيوخٌ، كبارٌ في السن، شبّانٌ من مناطق مختلفة، يجمعهم قطاع تربية النحل. يحاولون الحفاظ على هذا الإرث المتناقل أباً عن جدّ، جيلاً بعد جيل. وعلى الرغم من الصعوبات التي تفوق قدرة المربين اللبنانيين، استطاع هؤلاء أن يحافظوا على هذه المهنة التي تكاد تكون حرفة أو «هواية»، كما يسمّيها البعض.
أمس، جمعت الجامعة اللبنانية عدداً من النحالين في مؤتمر من أجل تسليط الضوء على التحسينات في صناعة إنتاج العسل في لبنان، نظمه مشروع «تنمية القطاعات الإنتاجية في لبنان» المموّل من الوكالة الاميركية للتنمية الدولية، وذلك بحضور السفير الأميركي ديفيد هيل ووزير الزراعة أكرم شهيب.
ومن نتائج المشروع خلال العامين الماضيين ارتفاع الصادرات بنسبة 52 في المئة في الحجم في العام 2014 من 26 طناً إلى 50 طناً.
ومع بدء برنامج LIVCD في العام 2013، ازداد عدد مربي النحل 794 (14 في المئة) وازدادت قيمة إنتاج العسل 11 مليون دولار سنوياً، مع تضاعف قيمة الصادرات من العسل. واستفاد 1728 نحالاً حتى الآن من تحسين ممارسات التكنولوجيا وتربية النحل في أكثر من 70 قرية في لبنان، وحصل هؤلاء النحالون الـ 1728 على انخفاض 5 في المئة في تكلفة الإنتاج وزيادة في قيمة المبيعات. هذا بالإضافة إلى زيادة إنتاج العسل لـ642 مربي نحل من خلال الاستثمارات في 3825 خلية نحل في قرى متعددة في الجنوب والشمال والبقاع وجبل لبنان.
ووفق بيانات وزارة الزراعة زاد عدد النحالين بنسبة 14 في المئة من نهاية العام 2011 إلى منتصف 2015 (من 5546 إلى 6340 نحالاً)، وزاد عدد خلايا النحل 41 في المئة 2011-2015 (من 194520 إلى 274390)، الى جانب زيادة إنتاج العسل بنسبة 35 في المئة 2011-2015 (من 1360 طناً إلى 1920 طناً). كما زادت قيمة العسل المنتجة بنسبة 42 في المئة 2011-2015 (من 27 إلى 38 مليون دولار).
وقد استثمر مشروع LIVCD نحو 1.1 مليون دولار في هذا القطاع منذ العام 2012. ونتيجة لذلك، تحسن قطاع العسل منذ العام 2011: 794 نحالاً جديداً، المزيد من خلايا النحل (79870)، وإنتاج 560 طناً إضافياً من العسل تقدّر قيمتها بـ11 مليون دولار.
وهذه الأرقام لا تشمل التأثير على سلسلة القيمة بأكملها (إنتاج النحل وإنتاج خلايا النحل، وتوريد المدخلات، والحلويات، والخدمات، والشمع وغيرها من المنتجات).
المطلوب جهود رسمية
يقول المربي حسين قضماني لـ «السفير» إنّ «المطلوب إضافةً الى جهود الوكالة الأميركية، جهود رسمية، فلدى مربي النحل مطالب كثيرة، ربما يكون أبرزها في الوقت الحالي تأمين الدواء الذي نفع في مكافحة مرض الفاروا، وعدم القبول باقتراح ديوان المحاسبة حول دواء آخر، لا يتمتع بالجودة والفائدة نفسها في مكافحة هذا المرض». كما أمل من وزارة الزراعة أن «تعمل لجعل مراكز تأصيل الملكات التي افتتحتها الوكالة الأميركية، مراكز دائمة لا مؤقتة تنتهي مع انتهاء المشروع، نظراً لأهميتها بالنسبة للقطاع ولدعم المربين».
وشدّد شهيب على أن «تطوير إنتاج العسل أولوية في عمل وزارة الزراعة، فلولا التطوير لتركت المعوقات تفعل فعلها في تقليص الإنتاج»، مشيراً الى أنّ «أبرز المعوّقات التي تواجه القطاع هي تغيّر المناخ والتلوّث وتدنّي المساحات الخضراء، اضافةً الى الأمراض وموت النحل التي هي ظاهرة عالمية». ويبرز أهمية النحل بالنسبة لسكان الأرض، مؤكداً أنه «لولا النحل، لانتهت الحياة فوق سطح الأرض»، لافتاً الانتباه الى أن «المطلوب هو المزيد من التنظيم والعمل لمزيد من التعاون لتحقيق المزيد من الإنجازات بالتعاون مع وكالة التنمية الاميركية».
كما كانت كلمة لعميد كلية الزراعة في الجامعة اللبنانية سمير مدوّر شرح فيها «أهمية التواصل بين الجامعة والمزارعين، ووضع أطر أكاديمية لتربية النحل». وتطرّق الى تفاصيل القطاع في لبنان، مشيراً الى أن «دعم القطاع هو ضرورة للحدّ من الهجرة الريفية وتثبيت المزارع في أرضه».
وأوضح هيل في كلمته أن «حكومة الولايات المتحدة ساعدت على بناء صلات بين أكثر من 650 مزارعاً، وموضباً، ومعالجاً للبضاعة، وموزعاً لها، من أجل توسيع صادرات المنتجات الزراعية المصنّعة في لبنان».
وقال: «إن مساعداتنا لصناعة تربية النحل وإنتاج العسل تشمل كل القطاع ابتداء من توفير المعدات وإدخال الممارسات الزراعية الابتكارية والتدريب حتى الوصول إلى الأسواق. وعلى سبيل المثال، فقد قدّمنا المساعدة في إنشاء أول مركز لتربية ملكة النحل في لبنان، وعملنا على تعزيز القدرة التنافسية والإنتاجية لـ 1700 مربّ للنحل من خلال تزويدهم بالمعدات والتدريب والدعم. والأهم من ذلك، أننا ساعدنا في بناء علاقات بين مربّي النحل المحليين والمشترين والمصدرين، كما نعمل مع السلطات اللبنانية على وضع الأنظمة التي تحكم جودة إنتاج العسل. وقد تضاعفت صادرات العسل وازداد عدد مربّي النحل 14 في المئة».
وعرضت مديرة سلسلة إنتاج العسل في برنامج تنمية القطاعات الإنتاجية في لبنان الدكتورة نادين شمالي لأبرز إنجازات المشروع خلال العامين الفائتين، مؤكّدةً «الاستمرار في العمل لتطوير قطاع النحل خلال العامين المقبلين».
وكانت كلمة لرئيسة المشروع جاين غلايسر، وعرض تجارب عدد من النحالين في هذا المجال.