IMLebanon

الذهب يستعيد بريقه في السعودية

SaudiGold

بدأت أسواق الذهب في السعودية موجة انتعاش بعد أشهر من الركود، لكن عاملين في السوق يرون أن الرياح التي حركت المياه الراكدة لن تدوم، فزيادة المبيعات حالياً مرهونة بموسم الإجازات السنوية للمقيمين في المملكة وهؤلاء يعادلون أكثر من ثلث السكان، فضلاً عن موسمي عمرة رمضان والحج. وما أن تنقضي تلك المناسبات حتى تعاود السوق أدراجها. وأرجع متعاملون في سوق الذهب انتعاشه الحالي إلى سبب آخر يتعلق بموسم الزواج، الذي يتزامن عادة مع عطلات عيدي الفطر والأضحى، فضلاً عن سفر نسبة كبيرة من المقيمين في السعودية إلى بلدانهم حاملين بعض هدايا الذهب لذويهم. ويؤكد كبير تجار الذهب في مكة المكرمة زياد فارسي، أن حركة البيع على الرغم من تحسنها هذه الأيام إلا أنها تظل بعيدة تماماً عن الحركة التي كانت معتادة قبل نحو خمس سنوات، فمازالت الأسواق تعاني ضعفاً في الحركة. ويقول لـ “العربي الجديد”: “من المتعارف عليه في أسواق الذهب أن فترة ما بين رمضان والأعياد هي فترة انتعاش كبير خاصة في مكة المكرمة، بسبب حركة المعتمرين، فهي تنعش كل مناحي الاقتصاد في مكة ومنها الذهب، ولكن في السنوات الماضية هناك انخفاض كبير في الحركة وصل لأكثر من 50% بسبب نقص عدد المعتمرين وارتفاع أسعار مصنعية الذهب”. ويشدد فارسي، على أن نقص عدد المعتمرين بسبب أعمال التوسعة التي شهدها الحرم المكي في السنوات الثلاث الماضية والتي يتوقع أن تنتهي هذا العام، تسبب في ضعف المبيعات بشكل كبير. ويكثر إقبال الزبائن على المصوغات الكورية والسنغافورية والهندية وهي مصوغات شقت طريقها إلى المملكة مؤخراً، فضلاً عن تلك التي تأتي من البحرين وإيطاليا، إذ أن أوزان مصوغاتها تكون محدودة وتتراوح بين 8 و9 و10 غرامات فقط، وكثيراً ما تتناسب مع الهدايا.

ويضيف فارسي، “قبل ثلاث سنوات كنا نبيع بشكل أفضل، السوق مازال يعاني من الضعف حتى مع الانتعاش الحاصل هذه الأيام، فهو أقل من المعتاد، كما أن القدرة الشرائية للمعتمرين قلت كثيراً عن السابق، ولم يعد يُعتمد عليها”، مشدداً على أن كثيراً من التجار انسحبوا من السوق بسبب هذا النقص. ويبين فارسي، أن أسعار الذهب العالمية شهدت خلال الأشهر الماضية تذبذباً ما بين 1100 دولار للأونصة وحتى 1190، طلوعاً ونزولاً، ويضيف: “كان ذلك متوقعاً أن يحدث في الربع الأول من هذا العام، والمتوقع الآن أن يستمر هذا التذبذب وبنفس المستوى خلال الفترة المقبلة، وأعتقد أن هناك ارتفاعاً لأسعار الذهب مع بداية الربع الثاني من العام المقبل، بحيث يكسر الذهب حاجز الـ 1150 دولاراً للأونصة، لما هو أعلى من ذلك”. تذبذب كبير يقول مراقبون، إن أسواق الذهب في السعودية عانت فترة ركود طويلة بسبب ارتفاع أسعار المعدن النفيس حتى العام 2012، وهو ما تسبب في خروج نحو 40% من التجار من السوق، لكن المحلل الاقتصادي المختص في شؤون الذهب عقيل العنزي، يرى أن الانتعاش كان في حركة السوق وليس في الأسعار لكونها مرتبطة بأسعار الذهب عالمياً.

ويقول لـ “العربي الجديد”: “لا علاقة لأسعار الذهب بانتعاش حركة البيع والشراء الحالية، فالأسعار تحدد يومياً من خلال السوق العالمية للذهب، وهي من يتحكم بالأسعار وليس حركة البيع والشراء”، مشدداً على أن الصناعة الداخلية هي انعكاس للحركة العالمية للذهب. ويبلغ عدد محال البيع قرابة ستة آلاف محل منتشرة في جميع المدن السعودية، إلى جانب 250 مصنعاً مختصاً بمشغولات الذهب، وهو عدد مرشح للزيادة مع نهاية العام الحالي إلى نحو 300 مصنع متخصص. ويضيف العنزي، أن الأسعار تختلف بحسب اختلاف المصنعية، ولكنها تعتمد بالدرجة الأساسية على الأسعار العالمية التي تشهد حالياً مرحلة انخفاض ساهمت في انتعاش السوق أيضاً. لكنه يرى، أن هناك بعض التجاوزات من التجار خاصة في أسعار المصنعية، وهذا أمر لا بد أن يوضع له حد من خلال توثيق السعر والمصنعية في الفاتورة، والبيع بالوزن، فعدا ذلك يعتبر غشاً تجارياً يعاقب عليه التجار، فتلك ممارسات أضرت بسوق الذهب في الفترة الماضية، وفق العنزي.

أكثر من سعر

ويقول تاجر الذهب مراد صبحي، إن أكثر الأنواع المطلوبة في موسم الأعياد هي الأطقم ضعيفة الوزن التي تتراوح ما بين 10 و20 غراماً والمكونة من قطعتين أو ثلاث على الأكثر.

وأضاف لـ “العربي الجديد”، أن أسعار الذهب تختلف باختلاف المناطق والمحال التجارية، حيث تكون أقل في الأسواق الشعبية من مثيلاتها في الأسواق الكبيرة، وذلك لاختلاف أسعار الإيجارات، إضافة إلى أن الأنماط المعروضة في هذه المحال تكون عادة حديثة. ويضيف: “هناك بعض المشغولات اختفت من السوق كأساور الثعبان لأنها ثقيلة وغالية الثمن، بينما هناك أنماط وأشكال لا تزال تحتفظ بمكانتها كالعقد والسبحة وحزام الوسط الذهبي، وهي مصوغات رخيصة ومطلوبة لدى قطاع كبير من السكان”.

تجارة رائجة

تعتبر سوق الذهب السعودية من أكبر أسواق الذهب في العالم من حيث الاستهلاك، والأولى في المنطقة العربية، وفقاً لمجلس الذهب العالمي، حيث تستحوذ على ثلث الطلب في الشرق الأوسط. وبحسب دراسة حديثة لمجلس الذهب العالمي أجراها بالمشاركة مع شركة (دي بييرز) للألماس، يبلغ حجم السوق السعودي من الذهب والمجوهرات نحو 4 مليارات دولار، ويبلغ حجم التعامل بالذهب في السعودية نحو 220 طناً سنوياً بنسبة زيادة 10% سنوياً. كما تمثل السعودية بنية أساسية في تجارة الذهب العالمية، حيث تنتج مناجمها أكثر من 12 طناً من الذهب سنوياً. وذكر صندوق النقد الدولي في تقرير صدر مؤخراً، أن السعودية تحتل المرتبة 17 عالمياً والأولى عربياً باحتياطي الذهب في عام 2015، بنمو يقدر بنحو 1.60% وباحتياطي يقدر بحدود 322.9 طناً، فيما احتلت الولايات المتحدة الأميركية المرتبة الأولى عالمياً بـ 8.133.5 طن، بينما حلت ألمانيا المرتبة الثانية عالمياً.