IMLebanon

عيد الجيش بحصرية سلاحه! (بقلم رولا حداد)

lebanese-army

كتبت رولا حداد

إحتفلنا كلبنانيين في الأول من آب 2015 بعيد الجيش اللبناني السبعين. الاحتفال بعيد الجيش وتهنئة قيادته وضباطه وجنوده الأبطال واجب على كل مواطن في وطن يحافظ فيه جيشه على حدّ أدنى من الاستقرار في منطقة تشهد غليان غير مسبوق في تاريخها المعاصر.

ولكن التعاطي مع الجيش اللبناني أصبح لدى بعض الأطراف تعاطياً استنسابياً غير مسبوق أيضاً. فمن غير المقبول على سبيل المثال الفصل بين الجيش وقيادته إن فشلت مكونات الحكومة اللبنانية في التوافق على تعيين قائد جديد للجيش، لأن المؤسسة العسكرية كلّ متكامل وتلتزم بقرار الحكومة اللبنانية مجتمعة وليس بقرار أي فريق فيها. وبالتالي فإن الجيش يلتزم بالتعيينات التي تصدر عن الحكومة اللبنانية، أو أيضاً بأي قرار مغاير للتعيين إذا تمّ على سبيل المثال تأجيل تسريح أي ضابط وإبقاؤه في منصبه. والجيش على سبيل المثال أبقى على أدائه المميز في كل المهمات الموكلة إليه في حفظ الأمن وفي مواجهة الإرهاب، رغم أنه تمّ تأجيل تسريح قائده في صيف الـ2013. ومن غير المقبول من أي طرف أن يشنّ حملة على المؤسسة العسكرية على خلفية طموحات شخصية أو عائلية.

والتعاطي الاستنسابي يكمن أيضاً أحياناً في محاولة استغلال الجيش للتلطي وراءه لإطلاق النار سياسياً على أفرقاء سياسيين. هكذا مثلا يتم استعمال يافطة “أصدقاء الجيش” وفقاً لأجندة سياسية محددة حين يحصل حادث معيّن، ويغيب “أصدقاء الجيش” إياهم في عشرات الحوادث الأخرى، لا بل يهاجمون الجيش بأنفسهم ويعتدون على جنوده ويخوّنون قيادته كما حصل في التظاهرة الشهيرة أمام السراي الحكومية.

لكن الأهم يبقى أن دعم الجيش يعني دعم الشرعية والسلاح الشرعي ورفض أي سلاح غير شرعي. هنا الأساس في منطق الدولة التي تقوم على قاعدة احتكار السلاح لتطبيق القوانين وحماية الحريات. لا يمكن لمدعي “حب الجيش” أن يقبلوا بأي سلاح ميليشيوي أو مذهبي أيا يكن شعاره وعنوانه. ولا يمكن لـ”أصدقاء الجيش” أن يعيشوا انفصاماً في صداقتهم، فيدعمون الجيش على خلفية حادثة الكويخات ومقتل الشيخ أحمد عبد الواحد، ويهاجمون الجيش وضباطه يوم استشهاد النقيب سامر حنا، ويوم حادثة مار مخايل الشهيرة أو حتى يوم تظاهرة السراي.

والأساس يبقى في الإصرار على الجيش اللبناني كقوة مسلحة وحيدة تحمي لبنان واللبنانيين بكل أطيافهم، وتكون خاضعة لمساءلة السلطة السياسية الممثلة بالحكومة اللبناني إذا وقعت أخطاء. فلا يمكن بأي شكل من الأشكل ادعاء حبّ الجيش والقبول بشريك له في حمل السلاح.

ثمة من يصرّ عن سابق تصوّر وتصميم على محاولة استخدام الجيش اللبناني في معاركه السياسية. وادعاؤه حبّ الجيش إنما يأتي بهدف استعمال هذا الادعاء الكاذب لمحاولة استخدام الجيش في مناوراته ومغامراته السياسية.

في العيد السبعين للجيش اللبناني يجدر بنا جميعاً الانحياز الى جانب مؤسستنا العسكرية التي تبذل الشهداء في معركتها المفتوحة بوجه الإرهاب. وعندما ننحاز الى جيشنا لا يمكننا الطعن بقيادته وبضبّاطه أو التمييز بينهم على قاعدة الأواصر العائلية.

وفي العيد السبعين للجيش، لا يسعنا إلا أن نؤكد أن كرامة البذّة المرقطة لا يمكن أن تكتمل إلا حين لا يبقى أي سلاح خارج عن أمرة الجيش اللبناني.

أمّا للمغرومين بـ”الرينجر” العسكري لناحية تقبيله الدائم والمطالبة بأن “يحكم” فنقول: إن أكبر إساءة للجيش اللبناني هو تصويره وكأنه يمكن أن يقبل بأن ينقلب على النظام الديمقراطي البرلماني في لبنان، رغم كل سيئاته، وأن يقيم حكماً عسكرياً على قاعدة لعق الأحذية. هؤلاء تحديداً ينتمون الى المدارس العسكرية والبعثية الساقطة الى غير رجعة، وهم أكثر من يسيء الى تضحيات الجيش اللبناني وبطولاته!

في العيد السبعين، سنبقى نقول سبعين مرةً وكل المرّات: ألف تحية لجيشنا البطل ولشهدائه الأبرار، وصلاتنا تتجه لجنوده المخطوفين أعادهم الله سالمين إلينا والى ذويهم والى المؤسسة العسكرية.