IMLebanon

رياح معاكسة تعصف بأسواق ماليزيا

MalaysiaStockExchange

جوش نوبل

لأسابيع، كانت العناوين الرئيسية في ماليزيا تُهيمن عليها مزاعم محيطة بصندوق الاستثمار الحكومي 1MDB. وفي مرحلة ما في وقت سابق من هذا العام، كان يبدو أنه سوف يعجز عن سداد التزامات سنداته المقومة بالدولار، وهو الآن قيد التحقيق بشأن مزاعم اختلاس على نطاق واسع.

رئيس الوزراء، نجيب عبد الرزاق، نفسه تم جرّه إلى هذه الملحمة، بعد المزاعم بأنه تلقّى دفعات بقيمة 700 مليون دولار من 1MDB، وهو شيء ينفيه بشدة.

وأجرى نجيب في الأسبوع الماضي تعديلاً وزارياً – أبعد نائب رئيس الوزراء في خطوة يرى محللون أنها محاولة لتعزيز مكانته عن طريق عزل أقوى منتقديه. كذلك تنحّى النائب العام، الذي كان يُشرف على التحقيق في قضية 1MDB، عازيا تنحيه إلى أسباب صحية.

الفضيحة المرتبطة بصندوق الاستثمار الحكومي لم تعد مجرد مسألة سياسة شخصية، مع ربط بعضهم الفضيحة بشكل مباشر بالضعف الأخير في الأصول الماليزية، في وقت يعيد فيه مديرو الصناديق تقييم مخاطر الاستثمار في البلاد.

مؤشر بورصة كوالا لمبور هو الأسوأ أداءً في آسيا خلال العام الماضي، إذ تراجع بمقدار الربع من حيث القيمة بالدولار، في حين أن العملة الوطنية “الرينجيت” انخفضت بشكل حاد إلى أدنى مستوياتها منذ الأزمة المالية الآسيوية في أواخر التسعينيات.

كتب ويليان ويرانتو، خبير الاقتصاد في بنك OCBC: “هناك شعور بأن معنويات السوق تأثرت بالوضع المُعقّد لـ 1MDB”، مضيفا: “يبدو أن سوق العملة تتحمّل عبء التكيّف حتى الآن”.

واستمر ضعف الرينجيت على الرغم من إجراء قوي من جانب البنك المركزي للدفاع عنه. ويشير انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي في البلاد خمسة مليارات دولار في غضون أسبوعين فقط خلال تموز (يوليو) الماضي، إلى أن التدخّل للدفاع عن العملة كان يتسارع. وبعد أن وصلت إلى ذروة بلغت نحو 140 مليار دولار في عام 2013، أصبحت احتياطيات ماليزيا الآن قريبة من 100 مليار دولار ولا تزال تنخفض.

ويحذر جيسون داو، خبير استراتيجية النقد الأجنبي في سوسيتيه جنرال، من أن ذخيرة البنك المركزي يمكن أن تنفد بسرعة، وقد يضطر قريباً للسماح بتخفيض قيمة الرينجيت إلى “أقل بكثير” من المستوى الحالي البالغ نحو 3.80 مقابل الدولار.

وتضررت ماليزيا بشدة من انخفاض أسعار السلع الأساسية في العالم، ولا سيما النفط. وماليزيا واحدة من أكبر الدول المُصدّرة للنفط الخام في آسيا، وهي على عكس إندونيسيا، لا تستفيد من واردات الوقود الأرخص عندما تنخفض أسعار الطاقة العالمية.

وعلى الرغم من أنها لا تدير عجزا ثابتا للحساب الجاري، مثل إندونيسيا والهند، إلا أن ميزانها التجاري ظل يتدهور منذ شهور. وفي العام الماضي حققت فائضا يبلغ 1.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، يتوقع أن ينخفض إلى 1.1 في المائة العام المقبل. وتظهر أحدث بيانات التجارة، عن نيسان (أبريل) وأيار (مايو) مجتمعة، أن صادرات ماليزيا انخفضت بما يُقارب 8 في المائة مقارنة بالعام الماضي.

وتقول شركة كابيتال إيكونوميكس في تقرير صادر عنها: “نحن نعتقد أن التهديدات الأكبر على اقتصاد ماليزيا ستكون (…) على شكل التراجع في العملة، الذي قام بتسليط الضوء على تراكم الديون السريع بالدولار الأمريكي في البلاد، والانخفاض في أسعار السلع الأساسية، الذي تسبّب في انهيار عائدات التصدير”.

وعندما يأتي رفع أسعار الفائدة الذي طال انتظاره من الاحتياطي الفيدرالي، يمكن أيضاً أن يخلق متاعب لماليزيا. فهي تملك ثاني أعلى نسبة من السندات الحكومية المملوكة من قِبل أجانب في آسيا ـ نحو الثُلث ـ ما يجعلها عُرضة لارتفاع تكاليف التمويل في حال حدوث تدفّقات خارجة في رأس المال على نطاق واسع.

وعلى الرغم من أن العوائد على السندات الحكومية الماليزية بالكاد تحرّكت هذا العام ـ لا تزال ترواح عند 3.5 في المائة ـ إلا أن تكلفة الحماية ضد العجز عن السداد ارتفعت أكثر من الثُلث.

وبعد الإعلان عن تسجيل نمو قوي في الربع الأول يتوقّع كثيرون أن يتباطأ الاقتصاد بشكل كبير خلال بقية العام، إذ ألحق انخفاض الصادرات ضررا بالأرباح، والآثار المؤقتة على الإنفاق قبل فرض ضريبة مبيعات جديدة تتضاءل. ويعترف بنك إتش إس بي سي بأن من المرجح تخفيض أسعار الفائدة مرة واحدة على الأقل بسبب تباطؤ النشاط.

وعلى الرغم من هذه الرياح المُعاكسة المتزايدة، إلا أن بعضهم اتخذ موقفا أكثر تفاؤلاً. وأكدت وكالة فيتش أخيرا التصنيف الائتماني للبلاد عند A-، وغيرت توقعاتها من سلبية إلى مستقرة.

وظلت الأسواق الناشئة على مستوى العالم تُعاني هذا العام بسبب تعديل المستثمرين ميزان تعرضهم للولايات المتحدة وبقية العالم. وكثير من العملات والبورصات في البلدان النامية انخفضت بشكل حاد هذا العام، وكانت البرازيل وأوكرانيا وتركيا على وجه الخصوص أسوأ أداءً بكثير من ماليزيا وأي اقتصاد آسيوي آخر.

ساشا تيهاني، خبير استراتيجية الصرف الأجنبي في بنك سكوتيا، يعتقد أن المزيد من ضعف الرينجيت على المدى القصير أمر لا مفر منه، لكن هذا القدر من الأخبار السيئة حول الاقتصاد قد تم احتسابه بالفعل.

وقال: “الخطر السياسي هو الذي يلحق الضرر بالعملة. السوق ستتفوّق وتقدم فرصة. سيكون الأمر مجرد مسألة وقت وتوقيت”.