IMLebanon

“النفايات” تسير بين ألغام دفاتر الشروط!

beirut-waste

فضّت اللجنة المكلفة الاشراف على المناقصات الخاصة بمعالجة النفايات الصلبة في المناطق اللبنانية عروض المناقصة الخاصة بمنطقة بيروت وضاحيتيها، وأعلن وزير البيئة محمد المشنوق قبول ثلاثة منها، فيما رفضت رابعة لعدم اكتمال ملفاتها التقنية وعدم وجود كفالة مصرفية. وقال ان اللجنة ستدرس العروض يومين او ثلاثة “وآمل ان نقدم للناس الصورة في شكلها النهائي الاسبوع المقبل”.

ومساء، أفاد وزير البيئة أنه “بحسب غرفة العمليات، تلقت شركة سوكلين دعوات من 68 بلدية لرفع النفايات وجمعها ووضعها في أماكن خاصة اختارتها البلديات المذكورة كي لا تبقى النفايات منتشرة في كل الشوارع”.

ودعا المشنوق “باقي البلديات الى الاقتداء بخطوة البلديات الـ 68 وايجاد أماكن لتجميع النفايات حرصاً على عدم انتشار التلوث”.

بينما أعلن وزير الاتصالات بطرس حرب أسماء الشركات التي طلبت المشاركة في المناقصة العالمية لادارة شبكتي الخليوي والتي تقدّمت بالمستندات المطلوبة، وهي ست شركات بريطانية وفرنسية والمانية وماليزية وتركية وكويتية. ورفض طلب شركة “أوراسكوم” المشغّلة لشبكة “ألفا” حالياً.

كتبت صحيفة “الأخبار”: “نتائج الدورة الثالثة من المناقصات لإدارة النفايات المنزلية الصلبة في المنطقة الإدارية (أ) التي تضم بيروت وضواحيها أفضت إلى نتائج تحتاج إلى «عرّاف» لتفسير أبعادها السياسية. النتيجة قبول ٣ ائتلافات، ورفض الرابع، الأعرق والأكثر خبرة، لعدم تقديم كفالة! فيما بقيت شركتا سوكلين والعرب خارج المنافسة.

وأضافت “الأخبار”: “ما تحقق نسجله للحكومة، وهو ردٌّ على من شككوا باحتمال عدم وصول مناقصات النفايات إلى اكتمال دورتها، وبات لدينا اليوم مناقصات وعارضون في كل المناطق اللبنانية». الكلام لوزير البيئة محمد المشنوق، بعد انتهاء أعمال اللجنة المكلفة الإشراف على المناقصات الخاصة بمعالجة النفايات الصلبة في المناطق اللبنانية، التي اختتمت أمس تسلّم عروض منطقة بيروت وضواحيها في الدورة الثالثة بعد عدم تقدم عارضين لهذه المنطقة في الدورتين الأولى والثانية.

وبذلك يكون مجموع العروض المقدمة إلى ست مناطق خدماتية ١٧ عرضاً من قبل ٧ ائتلافات رئيسية تقدمت في أكثر من منطقة مع اختلاف في طبيعة التحالف بين شركة لبنانية وأخرى، وفي الشريك الأجنبي، حيث استقطبت المناقصات شركات من إسبانيا ورومانيا والكويت وإيطاليا وبلغاريا وفرنسا ومصر والنمسا والإمارات العربية المتحدة.

لكن هذا الحشد اللبناني والعربي والدولي، لا يراكم من حيث خبرته التقنية وحجم أعماله، النقاط الكافية التي تقود إلى الاستنتاج أن أكثر من ٦٥٠٠ طن من النفايات التي ينتجها لبنان يومياً قد بات في «إيد أمينة»، لا بل على العكس فإن الأوساط السياسية المتابعة لهذا الملف الذي يشكل كبرى الأزمات التي واجهت حكومة الرئيس تمام سلام منذ نيلها الثقة، أبلغت في السر وفي العلن أن هذه المناقصات ستُلغى في القريب العاجل! وأن عوامل التعطيل والإلغاء موجودة في دفاتر الشروط نفسها، وأبرزها تحديد المتعهد المتقدم للمناقصات مواقع مراكز المعالجة والمطامر ضمن المنطقة الخدماتية التي يتولاها، وهي مهمة، عجزت الحكومة، ومختلف مكونات الطبقة السياسية عن إتمامها، ضمن الحل المرحلي المقترح لطمر النفايات المتكدسة في الطرقات والبالغة قرابة ٧٠ ألف طن بعد إغلاق مطمر الناعمة عين ــ درافيل منذ عشرين يوماً.

وبعيداً عن دفاتر الشروط وألغامها، فإن العلامة الفارقة في نتائج مناقصة بيروت والضاحيتين أمس، عدم تقدم مجموعة افيردا (سوكلين وسوكومي) المملوكة من ميسرة سكر، وشركة العرب المملوكة من جهاد العرب إلى هذه المناقصة التي تضم المنطقة الخدماتية الأكبر من حيث إنتاج النفايات وعدد السكان، فضلاً عن كونها المنطقة الوحيدة التي تضم مراكز معالجة ومنشآت ومباني وأراضي يفترض تسليمها للمتعهد الجديد. لكن في المقابل، المنطقة التي لا تستطيع أن تطمر النفايات غير القابلة للمعالجة في نطاقها العقاري، هي بالتالي بحاجة إلى نقل عوادم النفايات الناتجة منها إلى مناطق أخرى وفق ما ينص دفتر الشروط بالاستناد إلى قرار اتخذه مجلس الوزراء مطلع العام الحالي.

نتائج مناقصة بيروت التي أُعلنت أمس في مقر مجلس الإنماء والإعمار بحضور وزيري البيئة والداخلية محمد المشنوق ونهاد المشنوق، بيّنت أن أربع شركات تقدمت بعروض قُبل منها ثلاث ورُفضت شركة لعدم اكتمال ملفاتها التقنية وعدم وجود كفالة مصرفية.

العارض الأول يضمّ ائتلاف شركة الاتحاد للهندسة والتجارة CET المملوكة من كبريـال وميشال الشويري وشركة الساحل الغربي لخدمات التنظيف (الإماراتية) وشركة Saubermacher النمسوية. وتفيد المعلومات المتوافرة على الشبكة العنكبوتية بأن الشركة النمسوية قد أسست فرعها الإماراتي بعد أن فازت بعقود عدد من مناطق إمارة أبو ظبي، كذلك إن الشركة الأم تعمل في عدة دول أوروبية، بينها النمسا، سلوفينيا، تشيكيا وهنغاريا.

ويتبين من نتائج الدورة الثانية للمناقصات أن شركة الاتحاد للهندسة والتجارة CET قد تقدمت إلى مناقصة المنطقة الخدماتية الثالثة التي تضم أقضية الشوف، عاليه وبعبدا باستثناء بلديات الضاحية الجنوبية، بالشراكة من شركة Vetalia الرومانية، فلماذا تقدمت إلى بيروت بالشراكة Saubermacher النمسوية.
لم يتقدم ميسرة سكر ولا جهاد العرب إلى مناقصة بيروت والضاحيتين
الأرجح أن السبب يعود إلى شروط المناقصة نفسها التي تنصّ على أن العارض يجب أن يحقق حجم أشغال سنوي بقيمة ٨٠ مليون دولار أميركي خلال السنوات الخمس الأخيرة، حتى يحق له التقدم إلى مناقصة بيروت والضاحيتين، وهو أمر على الأرجح لا يتحقق من خلال الشريك الروماني، فيُبحَث عن شريك آخر.

الأمر نفسه حصل مع العارض الثاني الذي يضم ائتلاف شركة الجنوب للإعمار المملوكة من رياض الأسعد وشركة AMA الإيطالية المسجلة في مصر وتتولى أعمال إدارة النفايات في عدة مناطق من القاهرة. ويتبين من نتائج الدورة الثانية للمناقصات، أن الأسعد قد تقدم أيضاً إلى المنطقة الخدماتية الثالثة، لكن بالتحالف مع شركة Hera الإسبانية، التي يبدو بدورها أنها لم تحقق شرط الأشغال السنوي (٨٠ مليون دولار)، فيستعان بالشركة الإيطالية – المصرية. ويؤكد الأسعد في اتصال مع «الأخبار» أن الشركة الإسبانية ستكون أيضاً استشاري فني في بيروت، لكنها لن تدخل في راس المال.

العارض الثالث في مناقصة بيروت، ائتلاف يضم شركة «لافاجيت ـ بتكو» وشركة Danico الإيطالية، ويرأس ائتلاف شركة لافاجيت ـ باتكو أنطوان أزعور. ويلاحظ أن أزعور قد تقدم أيضاً إلى مناقصة المنطقة الخدماتية الثانية (كسروان، المتن، جبيل) والمنطقة الخدماتية الرابعة (محافظتا الشمال وعكار) بالشراكة مع شركة داني خوري للمقاولات وبالائتلاف مع Danico الإيطالية. كذلك تقدم إلى مناقصة المنطقة الخدماتية الخامسة (محافظتا الجنوب والنبطية) بالشراكة مع شركة الدنش للمقاولات، وبالائتلاف مع Danico الإيطالية. ويبدو أن شركة Danico الإيطالية قد استخدمت «جوكر» في كل المناطق، إذ يتبين من نتائج مناقصة المنطقة السادسة (محافظتا البقاع وبعلبك الهرمل) أن الشركة الإيطالية قد دخلت في ائتلاف يضم شركة داني خوري، إضافة إلى شركة Impainti الإسبانية. علماً بأن دفتر الشروط ينص على أنه بمعزل عن الأسعار التي يقدمها العارضون، يحق لكل عارض الفوز بمنطقتين خدماتيتين من أصل المناطق الست.

المفاجأة غير المتوقعة التي حصلت في نتائج مناقصة بيروت والضاحتين، أن العرض الرابع الذي جاء من شركة Veolia الفرنسية – فرع الشرق الأوسط، لم يُقبَل بسبب عدم وجود الملفات الضرورية التقنية وعدم وجود الكفالة المالية مطلوبة، ولذلك رأت اللجنة وضع هذا العرض خارج المناقصة. هل من المعقول أن شركة بحجم Veolia التي تُعَدّ من أكبر الشركات العالمية العاملة في قطاع إدارة النفايات المنزلية الصلبة، إضافة إلى خدماتها في قطاعات المياه وتكنولوجيا تحلية المياه والطاقة، قد تقدمت إلى مناقصة من دون أن تكمل أوراقها؟ والمفاجأة، لا بل الصدمة، أن هذه الشركة هي نفسها التي أعلنت الحكومة أنها تُجري مفاوضات معها لترحيل النفايات إلى الخارج كحل مرحلي إلى حين تسلّم المتعهدين للخدمات بعد التلزيم!

ولقد حاولت «الأخبار» الاتصال بفرع الشركة في دبي للحصول على توضيحات، لكن أحداً من المتحدثين باسم الشركة لم يكن متوافراً للحصول على إجابة.
يؤكد الوزير المشنوق أن اللجنة الوزارية المعنية بملف النفايات ستعطي اللجنة المكلفة درس العروض الوقت لدراستها، بحيث لا نسلق الأمور، وقد يستغرق الأمر يومين أو ثلاثة إضافية، ليس أكثر، وآمل أن نقدم للناس في الأسبوع المقبل الصورة بشكلها النهائي (…)، ومن يفز في هذه المناطق، نأمل إجراء تعاقد فوراً معه وفقاً للأصول، وسنرفع كل هذا الملف إلى مجلس الوزراء وإلى اللجنة الوزارية المعنية بملف النفايات، آملين أن نكون قد انتقلنا إلى مرحلة تبشّر اللبنانيين بعملية معالجة تنهي الأزمة على المدى الطويل». وسُئل المشنوق عن كيفية استكمال العمل لمعالجة مشكلة غرق لبنان بالنفايات، فقال: «لقد طُلب إلى سوكلين متابعة تسيير المرفق وتوفير النظافة من دون عقود جديدة أو تمديد، والمشكلة هي مشكلة مطمر، ونحن نعمل على إيجاد مطمر، ولدينا أشياء قد نعلنها بعد يومين، ولكن وضعنا اليوم كارثي بيئياً، ونحن في حال طوارئ بيئية ومستنفرون، ونتمنى على كل البلديات أن تؤدي دورها الكامل في كنس ولمّ النفايات وإيجاد أماكن ضرورية في كل قضاء لوضع النفايات، وأدعو المواطنين إلى التعاون لإيجاد مطامر لكل نفاياتنا، ولا يجوز القول إن الدولة قصّرت، لأن الأقضية رفضت إعطاءها مطامر، وفي المناقصات بند يقول إنه إذا عجزت الشركات عن إيجاد المطامر، على الدولة أن تساعدها على توفير ذلك، فلا يوجد تخلٍّ عن هذا الموضوع».

استقطبت المناقصات شركات من إسبانيا ورومانيا والكويت وإيطاليا وبلغاريا وفرنسا ومصر والنمسا والإمارات العربية المتحدة

يلفت مصدر متابع لأعمال اللجنة المكلفة دراسة العروض، أن عملية التقويم والدراسة تنقسم إلى قسمين: الأول تقني يتولاه الاستشاري الألماني فتشنر، وقد بدأ بدرس ملفات العارضين في المناطق الخدماتية كافة، وسيتولى من الغد البدء بدرس ملفات العارضين في بيروت. أما القسم الثاني المتعلق بعروض الأسعار، فلم يفتح بعد، تمهيداً لانتهاء مهلة مناقصة بيروت، ومن المفترض فضّ عروض الأسعار والبدء بدرسها منذ يوم غد أيضاً. وعلى عكس ما أعلن المشنوق، أن الأمر سينتهي في غضون أربعة أيام، يؤكد المصدر أن الأمر يحتاج إلى ما لا يقل عن أسبوع ونصف لدراسة جميع الملفات وكتابة تقرير شامل يغطي الجانبين التقني والمالي تمهيداً لرفعه إلى مجلس الوزراء. وهنا يدخل أكثر من عامل سياسي على الملف، ويُطرَح العديد من الأسئلة. لماذا لم يتقدم جهاد العرب إلى مناقصة بيروت؟ وهل هناك من لا يزال يراهن على إفشال المناقصات وإبقاء الوضع الحالي على ما هو عليه؟ وماذا عن مواقع الطمر والمعالجة التي اقترحتها الشركات الجديدة والتي سترفضها بالتأكيد البلديات والأهالي، وأولى مؤشرات الرفض أتت من الشوف، حيث علمت «الأخبار» أن وفداً من بلدة ديربابا الشوفية زار تيمور جنبلاط في قصر المختارة وأبلغه رفض أهالي البلدة للعقد الموقع بين صاحب أرض في البلدة مع شركة الاتحاد للهندسة والتجارة CET لإقامة مركز معالجة للنفايات. وستبرز في الأيام المقبلة اعتراضات مماثلة حالما تُعلَن بقية العقارات والمواقع التي تفاوضت الشركات مع أصحابها لإقامة مراكز معالجة أو مطامر. وحينها سيكون أمام مجلس الوزراء خياران: إما إعلان فشل المناقصات، وهذا ما هو مرجَّح، وإما تطبيق قرار مجلس الوزراء بمساعدة العارضين على توفير المواقع. لكن ما طبيعة هذه «المساعدة» وشكلها؟ وهل تشمل استخدام القوى الأمنية لفرض المواقع الجديدة أم التوافق على إصدار مراسيم منفعة عامة باستملاكها؟ وماذا عن التوافق السياسي في كل منطقة؟ أسئلة تعيد اللبنانيين إلى النقطة الصفر في القريب العاجل. وسيكون شعار «طلعت ريحتكم» الذي سيرفع في التظاهرات التي ستجوب العاصمة اليوم الشعار الأكثر تعبيراً عمّا أوصلتنا إليه حكومة «المصلحة الوطنية» في واحد من أكثر الملفات تعقيداً وتداخلاً.