IMLebanon

مضاربات في أسعار الدواء بين «البراند» و«الجينيريك»… وأدوية مزّورة من سوريا

MedicinePrice2

هاجر كنيعو
أيام قليلة معدودة و تبصر «الوصفة الطبية الموحدة» النور، بعدما حدد وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور بقراره رقم 1452/1 تاريخ 27/7/2015، العاشر من آب موعداً لبدء العمل بتنفيذها. هذه الخطوة تأتي بعد مخاضٍ عسير إستمر 5 أعوام، وافق مجلس ادارة الضمان على أثرها تعديل المادة 42 من النظام الطبي المعمول به في الصندوق على نحو يجيز للصيدلي اعطاء دواء جنريك بناء على وصفة الطبيب المتعاقد مع الصندوق.
شكلياً، يبدو أن هذا القرار متجه نحو التنفيذ، ولكن السؤال الأهم هنا : هل ستسمح شركات إحتكار الأدوية التي تسيطر على نحو 90% من السوق في تحقيق الهدف الأساسي لهذه الوصفة عبر تخفيض فاتورة الدواء على المواطن والمؤسسات الضامنة ما بين 30 إلى 40 %، أم أنّها ستنجح في تحوير مسار هذه الخطوة عبر خوض «لعبة الأسعار» والأدوية المزورة على حساب صحة المواطن؟ تماماً كما حصل في العام 1972، حين نجح «اللوبي» ذاته في «تطيير» وزير الصحة الراحل إميل بيطار عندما حاول تخفيض فاتورة الدواء عبر السماح للضمان الاجتماعي باستيراد العديد من الأدوية، في محاولة منها للمحافظة على «إحتكارها» السوق نظراً لما يدره قطاع الأدوية من أرباح هائلة.
ولكن لماذ لا تبذل جهوداً فعلية لإعادة تفعيل المكتب الوطني للدواء المنسيّ اصلاً، وقلة من الناس تعلم بوجوده، إلى جانب إعادة الصلاحية للضمان في استيراد بعض الأدوية، في خطوة كان من شأنها تخفيض فاتورة الدواء في لبنان ما يقارب 50% ؟ يتساءل رئيس الهيئة الوطنية الصحية اسماعيل سكرية.
استغلال صفة دواء «جينريك» générique من البعض ككلمة حق يراد بها باطل، اذ ان السعر ارخص قليلا، ولكن النوعية مجهولة في القيمة الدوائية لبعضها، في غياب مختبر للرقابة إسوة بأميركا والدول الأوروبية حيث تخضع الأدوية إلى فحوصات مخبرية لتأكد من جودتها. ويكشف سكرية عن وجود أدوية مزورة في السوق، عبر تسريب كميات كبيرة من أدوية الجينيريك، من البلدان العربية المحيطة في لبنان مثل سوريا، فاسدةُ من حيث نوعيتها وفعاليتها ومضمونها!
وفي وقت يؤكد أبو فاعور مراراً وتكراراً أن «أدوية الجينيريك مضمونة الجودة، وآمنة وتخضع لآليات التسجيل والاختبارات عينها التي تخضع لها الأدوية الأساسية»، هذه التأكيدات يسخر منها سكرية الذي يشدد على « أن دور اللجنة الفنية في وزارة الصحة يقتصر فقط على متابعة الملف الورقي لشركة الأدوية (المصنع، قدراته، اعداد الموظفين، الأبحاث)، ولا علاقه لها بفحص الدواء وتركيبته، إنما هذه المهمة منوطة بمختبرات الرقابة.
وعلى غرار سكرية، يطالب النائب عصام عراجي عضو لجنة الصحة النيابية، بتفعيل اللجنة الفنية في وزارة الصحة حفاظاً على سلامة وصحة المواطن. ويشير عراجي إلى حدوث مضاربات بين شركات «البراند» وشركات «الجنريك» في اسعار الدواء حتى قبل البدء فعلياً بتطبيق الوصفة الصحية الموحدة. فعل سبيل المثال، إنخفض سعر دواء «LESCOL» وهو دواء للدهنيات من 80 ألف ليرة إلى 22 ألف ليرة، ودواء آخر للإمراض القلبية «plavix» من 150 ألف ليرة إلى 70 ألف ليرة. الأمر الذي ينعكس إيجاباً في خفض فاتورة الدواء على المواطن والمؤسسات الضامنة، هذه الفاتورة الأعلى عالمياً قياساً بالحجم السكاني البالغة ملياراً و300 مليون دولار. والهدف الثاني من الوصفة الطبية الموحدة، هو تغذية صندوق التقاعد للاطباء عبر الزام الاطباء شراء نماذج عن الوصفة من النقابة.
وبما أن الوصفة الطبية الموحدة تشجع على إستهلاك أدوية الجينيريك أو ما يعرف بـ«البراند جنريك» التي لا تتعدى معدلات إستخدامها 15% في وقت ترتفع هذه النسبة إلى 90% في الدول الأوروبية وأميركا، لا يستبعد سكرية ظهور «مافيا» شركات الجينيريك الإحتكارية لاحقاً «خصوصاً ان العديد من أدوية البراند بدأت تفقد في السوق، مستنكراً هذا الهبوط في أسعار أدوية الجينيريك «إذ تمتلك الشركة الأم براءة تسجيل الدواء وحق التصنيع الحصري لفترة زمنية لا تقلّ عن 15 عاماً، يمنع خلالها على أي شركة أخرى تصنيع الدواء. بعد انتهاء تلك الفترة، تبدأ الشركات الأخرى أو الشركة ذاتها بتصنيع دواء الجنريك أي الدواء المثيل للدواء الاساسي الذي يحتوي على المادة الفعالة عينها، من هنا سعر دواء الجنريك أقل بنسبة 30 في المئة من سعر الدواء الأساسي، إذ تنخفض كلفة تصنيعه مقابل تصنيع الدواء الأساسي والكلفة التي تكبّدتها الشركة الأم لإجراء جميع مراحل الاختبارات على الدواء منذ اكتشاف المادة الفعالة حتى تسويق الدواء».
وإذا كان البعض يتحدّث عن «مافيا» ما بين شركات الأدوية والأطباء الذين ينال بعضهم نسباً معينة على الأدوية، فـ «الكرة» اليوم في ملعب الصيدلي وفق ما يقول عراجي. فالضمان يتقيّد بالمادة 47 من قانون مزاولة الصيدلة، حيث تتضمن الوصفة الموحدة خانة تثبت موافقة الطبيب عبر وضعه إشارة «NS» تسمح باستبدال الدواء بآخر جينيريك أولا تسمح باستبداله. والإشكالية بحسب عراجي، تكمن في إمكانية لجوء بعض الصيادلة إلى إستبدال دواء الجينيريك المسجلَ على الوصفة بدواء آخر مماثل، في إطار إتفاقها مع شركات أدوية محددة، عبر بيع أصنافها من الأدوية مقابل حصول صاحب الصيدلية على نسبة معينة.
ملف الدواء في لبنان بحسب سكرية هو موضوع علمي بإمتياز، لذا لا بد من إتباع سياسة دوائية رشيدة تقوم على «تأمين ما يحتاجه لبنان من أدوية باسعار منطقية ورقابة مستمرة، إذ من غير المنطقي وجود أكثر من 7000 دواءً مسجل في لبنان وأكثر من 1000 صنف مسجل ولكن غير موجود في السوق في وقت لا تتعدى لائحة الدواء في بريطانيا وفرنسا 800 دواءً، وتلتزم المؤسسات الضامنة باللائحة الأساسية».