IMLebanon

حسابات الربح والخسارة في “معركة قيادة الجيش”

kahwaji-mokbel-nakoura

 

 

حصل ما كان متوقعا، التمديد للعماد جان قهوجي في قيادة الجيش.

عنصر المفاجأة ربما يكمن في أن التمديد حصل لسنة لا لسنتين، ومن خلفية أن انتخابات الرئاسة ستجري في خلال العام المقبل الذي يصنف بأنه عام التسويات الإقليمية.

التمديد للعماد قهوجي أضحى أمرا واقعا ولم يعد من الممكن تغييره وإعادة الأمور الى الوراء وأيا تكن الوسائل والطرق المعتمدة سواء كانت قانونية أو «عبر الشارع».

وأما النتائج الواقعية والعملية المباشرة لهذا القرار فهي:

ـ بقاء أو إبقاء العماد قهوجي على لائحة المرشحين الجديين لرئاسة الجمهورية، ويمكن القول ان هذا كان واحدا من الأهداف والأسباب غير المعلنة لـ«التمديد».

ـ سقوط أسماء ضباط من لائحة المرشحين الجديين والبارزين لقيادة الجيش مثل العميد شامل روكز (صهر العماد ميشال عون) والعميد مارون حتى، وكلاهما يحالان الى التقاعد تباعا خلال الأشهر المقبلة.

ـ تعطيل لغم التعيينات في طريق الحكومة، فالتمديد في قيادة الجيش يفترض أنه طوى صفحة التعيينات الأمنية والعسكرية وأزال بند التعيينات الذي اشترط وزيرا تكتل الإصلاح والتغيير أن يكون على رأس جدول الأعمال وكشرط للبحث في الملفات والقضايا المطروحة على طاولة مجلس الوزراء.

من الواضح أن العماد ميشال عون خسر هذه الجولة.

والمشهد السياسي بعد تمرير قرار التمديد جاء معبرا: خصوم عون في قوى 14 آذار وخصوصا تيار المستقبل يحتفلون بانتصار سياسي.

وحلفاء عون، بعضهم، تحديدا حزب الله يتحدث عن «الانكسار» وعدم السماح به، وليس عن الانتصار والسعي إليه، وبعضهم الآخر تحديدا الرئيس نبيه بري (وحليفه النائب سليمان فرنجية) يتحدث عن أخطاء ارتكبها العماد عون في إدارة معركته السياسية وعن خسارة يتحمل مسؤوليتها بالدرجة الأولى.

العماد عون خسر معركة ولم يخسر الحرب ولكنها معركة فرعية مهمة لأنها جزء لا يتجزأ من المعركة الأساسية، معركة رئاسة الجمهورية.

عون أصيب بانتكاسة وخيبة ولكن لم تلحق به هزيمة سياسية، لذلك فإن الكلام عن انتهاء عون سياسيا بعد محاصرته ووقوعه في الفخ الذي نصب له بإحكام، هو كلام فيه مبالغة وتضخيم للواقع الذي يفيد بأن تيار المستقبل سجل نقاطا وربح تكتيكيا وأن عون خسر بالنقاط (حيث لا مكان للضربة القاضية)، وعلى مستوى التكتيك السياسي وإدارة المعركة وارتكب أخطاء في التقدير والتصرف وأبرزها:

1 ـ إهمال المعركة الأساسية، رئاسة الجمهورية، والتحول الى معركة فرعية، هي قيادة الجيش، وتحويل كل الأنظار والاهتمام إليها وإعطائها أولوية مطلقة.

2 ـ الإفراط في التفاؤل والثقة بتيار المستقبل والمدى الذي يمكن أن تبلغه العلاقة الجديدة والدخول في رهانات خاطئة على اكتساب تأييد «المستقبل» في رئاسة الجمهورية، وعلى إبرام صفقة معه في موضوع التعيينات الأمنية والعسكرية.

3 ـ عدم قراءة المزاج المسيحي العام الذي لا يستحسن في هذه المرحلة، فكرة النزول الى الشارع لأسباب كثيرة يتشارك في أكثرها مع المزاج اللبناني العام، ولا يتقبل فكرة الاصطدام مع الجيش اللبناني وفكرة أن تكون المواجهة مع قيادة الجيش مهما كان السبب وأيا يكن قائد الجيش.

4 ـ حصر العلاقة في معسكر الحلفاء مع حزب الله ووضع كل البيض في سلته، وإهمال العلاقة مع الرئيس نبيه بري الذي في يده مفتاح اللعبة السياسية، وأيضا إهمال العلاقة مع النائب سليمان فرنجية والتصرف معه كمنافس وليس كحليف.

5 ـ عدم التنبه الى حدود الدعم الذي يقدمه حزب الله الذي على ضوء موقفه يتحدد السقف السياسي للمواجهة.

مما لا شك فيه أن حزب لله داعم للعماد عون ولا يتخلى عنه ولا يقبل بانكساره، لأن في ذلك انكسارا له والتفافا عليه، ولكن لحزب الله أولوياته واستراتيجيته الشاملة وأجندته الإقليمية ومعركته الأساسية في سورية التي على ضوئها يتحدد مستقبل لبنان والمعادلة فيه.

حزب الله يؤيد عون في مطالبه ويرى أنها محقة ومشروعة، ولكنه من جهة لا يتحكم بكل مفاصل القرار الحكومي والنيابي، ومن جهة ثانية لا يجاري عون في أي اندفاعة تقود الى زعزعة الاستقرار الحكومي والأمني الذي هو بأمس الحاجة اليه في ظل انشغاله في الحرب الى جانب النظام السوري، ومن جهة ثالثة لا يقصر حرصه على عون وإنما هو حريص أيضا على تحالفه مع بري وعلى حواره مع المستقبل.

لذلك، يبدو موقف حزب الله بالنسبة لكثيرين ملتبسا ومشكوكا به الى حد القول ان حزب الله يدعم عون بالأقوال وليس بالأفعال، أو أن حزب الله يستخدم عون للتعطيل لتجميد الوضع اللبناني بانتظار التسوية الإقليمية، والآن يدفع به الى التصعيد في إطار المبارزة الإيرانية السعودية التي تدور حاليا على ساحتي اليمن ولبنان وعلى الساحة السورية دائما.

6 ـ عدم الأخذ في الاعتبار الموقف الإقليمي الدولي الذي رغم كل اختلافاته في المنطقة، يتقاطع على أرض لبنان ويترجم قرارا مازال ساري المفعول بتحييد لبنان عن أزمة سورية رغم تدخل حزب الله هناك، وبحفظ استقرار لبنان ومنع حصول انهيارات سياسية وأمنية فيه رغم الفراغ الرئاسي المتمادي.